دهشت للدعوة التي أطلقها رئيس حزب الأمة القومي الإمام الصادق المهدي وهي إمهال الحكومة بعد انفصال جنوب السودان إما أن تتراجع عن النهج المعلن لديها وتقوم بعقد مؤتمر دستوري لمناقشة الترتيبات الدستورية الجديدة بالشمال وإذا لم يحدث ذلك فإنه سوف ينضم أو يتبع أسلوب الإطاحة بالنظام أو التخلي عن قيادة حزب الأمة وعلى أجهزة الحزب حينها اختيار قيادة جديدة.. هذا هو ملخص ما نادى به الإمام الصادق!! ووجه دهشتي هو كيف لزعيم مثل الصادق المهدي حتى إذا وصل إلى هذه المرحلة من اليأس أن يعلن عنها بهذه الطريقة.. أمّا إذا كان قد أعلن ذلك لكي يرسل رسائل إلى الجهات المعنية داخل النظام لكي يراجعوا أنفسهم فإنّ النظام قد ردّ بعنف وعنجهية معروفة عنهم وهي… (ورينا عرض أكتافك) وهم سعيدون بالأمر وإذا حدث فعلاً وتنازل الصادق المهدي فهو في الأصل مسعاهم ويا حبذا إذا تنازل الترابي ونقد ومولانا الميرغني.. إنّه شيء لا يصدق بأن يقدم الصادق المهدي خبرته إلى هذه المجموعة التي تفتقر إلى العقل والمنطق والإحساس بالمسؤولية الوطنية، مجموعة يقودها حزب يحترف اللصوصية والاستهبال والفهلوة.. حزب الأمة من أكبر الأحزاب التي تضررت من هذا النظام!! إنّه شيء يؤسف له من إمام الأنصار بأن يخلي الساحة لمثل هؤلاء؟! ولدينا أسئلة نطرحها للأمام الصادق المهدي بهذا الخصوص وهو هل في الأصل تخلى عنك الأنصار ولم ينتهجوا ما نهجته أو لم يسيروا خفلك؟؟ هل طلبت من الانصار يوماً أن يفعلوا كيت وكيت ولم يفعلوا ذلك؟؟.. هل رجعت إلى قاعدتك ونورتهم بالموقف السياسي الراهن والمستقبلي ولم يتجاوبوا معك.. أي ما المقترحات التي بسطتها لهم؟؟ سيدي الإمام.. عندما طالبت الأنصار بعد خروك للتصدي لهذا النظام.. أنظر كم من الشباب والشابات الذين خرجوا خلفك؟؟. تصدوا لهذا النظام بكل القوة الممكنة والمستحيلة.. وقدموا الشهداء.. ولكن عندما اتفقت أنت مع النظام في جيبوتي أي (الفيل الذي اصطاده حزبك بدلاً من الأرنب) فهذا الفيل عدت إلى الخرطوم ومن خلفك الأنصار عادوا.. الذين اكتشفوا فيما بعد أنّهم اصطادوا ظل فيل!! ولكنهم أيضاً صبروا على ألاعيب النظام ولعبة القط والفأر التي قام بها النظام فاستطاع أن يشق حزبكم الى أكثر من نصف دستة حزب أمة.. وعلى الرغم من ذلك كان أغلبية الأنصار وحزب الأمة بخلفك ملتزمون بالجهاد والجهاد الإيه ما عارف كده… أرغب أن أقول بدقة أنّ الأنصار لم يخذلوك في الأصل يوماً بل أنت الذي خذلتهم بالقراءات الخاطئة للواقع أو بالتراضي وعدم الشد مع من لا يمكن أن يفهموا إلا هذه اللغة.. إذن ففي هذه الحالة كان المطلوب منكم العودة بهدوء للأنصار وقل ليهم الحل شنو؟ واستمع إليهم.. فإذا قالوا لك أنك فشلت في إزاحة هؤلاء وعليك أن تمكث بقية عمرك بمحراب المسجد أماما فاحمد ربك وصلي ركعتين شكراً لله وأفسح الطريق إذا كان ذلك هو مسعاك وترى أنك فشلت في زحزحة هذا النظام من مواقفه. أمّا إذا طلبوا منك أن تتصدى للنظام بالطريقة التي يفهمها هذا النظام فعليك طاعة إرادة حزبك وعليك التحزم والتقدم إلى الصفوف الأمامية لمجابهة هذا النظام.. هكذا تكون الأمور.. ولا يمكن أن ترفع الراية خلف جماهير حزبك. إن إعلان الصادق المهدي نيته التخلي عن قيادة الحزب (زهجة وقرفة ويأس) إنه أمر غير مقبول على الإطلاق من منطق أنّ الأنصار مثلهم مثل السودانيين الآخرين الذين تأذوا من هذا النظام.. وصبروا وصابروا على هذا النظام بتقييد من أجهزة حزبهم الذي يرأسه الصادق المهدي.. مثلما يصبر الآخرون ويتحملون أذية النظام تقيّداً بأوامر أحزابهم.. فلماذا ترغب في أن تقبر حزباً عملاقاً كحزب الأمة وتجعله قزماً.. تصرخ قيادته صباح مساء بتهديد ووعيد لا يتعدى صداه الموقع الذي قيل فيه.. وإن تعداه فإن الرد دائماً يأتي على شاكلة (أدينا عرض أكتافك) كما فهمنا من نافع… وإن كنت لا تعرف قدرات شباب وشابات حزبك وكهولهم فيجب أن تراجع نفسك، ويجب أن تراجع نضالات حزبك لمقاومة الأنظمة الغاصبة للديمقراطية.. يجب أن تراجع ذلك حتى تتمكن من أن تقود حزبك بالشكل الذي يتناسب مع إمكانيات جماهيرك النضالية… أمّا إذا كان الأمر زهجة لأنو البلد اتقسمت وما عندك نفس للعمل في بلد ورثته من جدك الأمام عبد الرحمن بمليون ميل مربع فإنني أقول لك بأنّ ذهاب الجنوبيين ليس مسؤولية الانقاذ وحدها كما بيّنت هذا الأمر سابقاً بل المسؤولية هنا تبدأ من حزبك تاريخياً، وأنت شخصياً في فترات حكمك تتحمل بعض الأخطاء التي كرّست لهذا الأمر.. إذن (ما في داعي تقرف من أوضاع أنت ساهمت فيها بشكل أو آخر).