هاجر جمال الدين [email protected] من ضمن الاخطاء السياسية العظيمة التى توضح بجلاء ، ان حكومة البشير مجرد زوبعة فى فنجان ، هو وقوعها فى الاخطاء الدبلوماسية المتكررة ، فهذه الحكومة ومنذ ان فعلت فعلتها التى فعلتها بالديمقراطية وسرقت السلطة من ايدى الشعب ، فشلت تماما فى ان تمد حبال الوصل والصداقة مع كل العالم ، ذلك لانها لاتمتلك الرؤى البرامجية الذكية فى مسايرة العالم وفق متطلباته ، وثانيا لان خطابها السياسى ومنذ مطلع الايام الاولى من اغتصابها للسلطة كان خطاب ثورى يضج بالغباء السياسى وينضح بكل الجهل العسكرى الذى يختزل مقومات السلطة فى البندقة والدبابة ؟ فوزير الاعلام كان عسكرى ، والناطق باسم الحكومة عسكرى ، وكل الاصطاف فى التشكيلة الوزارية من العسكر ، وجميع هولا فى جعبة اتقى مثقف فيهم الخلفية البطولية الفذة للثائر المرحوم جعفر النميرى ، ففى تلك الحقبة كان الضباط من الجهل وتدنى المستوى الاكاديمى ما يجسد الاطار العملى لنظرية افلاطون فى المدينة الفاضلة ، فقادة الجيش كانوا ولا زالوا من حملة الشهادة السودانية ، ولايمتلكون فى خضم مشغولياتهم العسكرية الوقت الكافى للاطلاع على الصحف ناهيك عن مجلاسة الكتب الفكرية ، لهذا نظرتهم تجاه كل شى نظرة تقوم على الجهل وتعتقد فى القوة سبة الخلاص المناسبة لكل المعالجات الجزرية لاصل الصعوبات ، وعندما تم ايعاز منصب الناطق باسم الحكومة ليونس محمود فالاختيار الذى صادف اهله تم بناء على فصل الخطاب الذى تتميز به قبيلة يونس محمود ، والرجل لم يخيب طويلا ظن المجلس العسكرى فعاث الفساد وشنف اذان الملوك والامراء بالسب والشتيمة واتهامات العمالة ، ووصلت به الجرئة حد وصف خادم الحرمين بهادم الحرمين الشريفين ، وتطاول بكل شجاعة عسكرية على امريكاء وقال بصراحة يحسد عليها بأن روسيا قد دنى عذابها ، وتفسح بمنتهى الراحة على اثير الاذاعة ، ومن شدة ضحالة العسكر اعتقد المجلس بأثره ان كل العالم ارتعب لحد الجنون من الامكانيات الخطابية الهائلة التى تميز الثورة ، ولم يدرك مغبة ذلك احد فى السلطة الا بعد ان تسلق المدنين وباتوا من العسكر بمنذلة هارون من موسى ، ولكن هل يصلح العطار ما افسده الدهر ؟ فكانت الخطيئة التى لازالت حتى اللحظة تكلف السودان الاثمان الباهظة ، فلا العرب استطاعوا ان يغفروا لهم مرارات الماضى ولا الغرب استطاع ان يصدق بأنهم كانوا مجرد شباب اغرار يقولون مالا يفعلون ؟ فأغلقت ابواب الحياة فى وجوههم ، وبلغت بهم القلوب الحناجر ، ولانهم عساكر وجدوا فى ادب الاعتزار علانية للعالم انتقاص من مقدارهم امام الراى العام المحلى ، فمارسوا الانبطاح بالخفاء ، وقبلوا اقدام ( البسوى والمابسوى ) ، فلم يجدوا الغفران ، ووجدوا افضل الحلول فى مولاة ايران الشيعية ، فكانت بداية الاخطاء العظيمة ، فأيران محور الشر الاساسى لكل العرب قبل امريكاء ، وتطبيع العلاقات معها وترفيعها الى درجة التعاون المشترك فى الدفاع والامن والصناعات العسكرية ، امر يشكل مصدر ازعاج لكل العالم ، ومرد ذلك ان الطموح الشيعى فى الشرق الاوسط ، طموح توسعى يجند كل الامكانيات بغرض تقويض الحكومات العربية واحلالها بأخرى شيعية تتحد من اجل تحرير القدس والتنكيل بالسنة الكفار فى نظر الشيعة ، وهو ما يدعوا كل العرب السنة للاتحاد واللالتفاف ضد المشاريع الايرانية فى المنطقة ، فالخطر الشيعى ادهى وامر على العرب من الواقع اليهودى فى فلسطين ، فاليهود لايمتلكون على الاقل فى الوقت الراهن الطموحات التوسعية الكبيرة عكس الايرانين الذين يجاهرون بأفتعال الفتن فى الكويت والبحرين ولبنان وسوريا ، وللاسف الشديد يجدون المساندة من النظام السنى فى السودان ، فى دلالة قوية على ان النظام فاقد للبوصلة السياسية ، ولا يستطيع ابدا ان ينشئ تحالفات وصداقات دبلوماسية مع محيطه العربى ، وحتى عطية (المزين )الى يتلقاها من حين لاخر من امير قطر ، هى لاتعنى بالضرورة وجود منفذ مشروع يضخ اوكسجين الانعاش لرئة السلطة المصابة بضيق التنفس ، ولعلى مسار التصحيح فى ذلك ينبع من ضرورة الاعتراف بوجود القصور الحقيقى الذى يستوجب منهم الاعتزار علانية لكل العرب الذين تضرروا من لسعة خطابهم الاعلامى ، وثانيا يفترض على كل العسكر الذين تبقوا من الفئة الباغية ان يرحلوا بصمت بليغ ويقوموا بتسليم السلطة طواعية للشعب .