لجان مقاومة النهود : مليشيا الدعم السريع استباحت المدينة وارتكبت جرائم قتل بدم بارد بحق مواطنين    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    جامعة ابن سينا تصدم الطلاب.. جامعات السوق الأسود والسمسرة    من رئاسة المحلية.. الناطق الرسمي باسم قوات الدعم السريع يعلن تحرير النهود (فيديو)    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    بحضور عقار.. رئيس مجلس السيادة يعتمد نتيجة امتحانات الشهادة السودانية للدفعة المؤجلة للعام 2023م    إعلان نتيجة الشهادة السودانية الدفعة المؤجلة 2023 بنسبة نجاح عامة 69%    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    احتجز معتقلين في حاويات.. تقرير أممي يدين "انتهاكات مروعة" للجيش السوداني    هجوم المليشيا علي النهود هدفه نهب وسرقة خيرات هذه المنطقة الغنية    عبد العاطي يؤكد على دعم مصر الكامل لأمن واستقرار ووحدة السودان وسلامة أراضيه    منتخب الشباب يختتم تحضيراته وبعثته تغادر فجرا الى عسلاية    اشراقة بطلاً لكاس السوبر بالقضارف    المريخ يواصل تحضيراته للقاء انتر نواكشوط    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



منبر اجراس الحرية (الاسلام والعلمانية – الدكتور عبد الله النعيم) 3-3
نشر في حريات يوم 03 - 01 - 2011


رصدت الندوة وأعدتها للنشر: رشا عوض ….
محمد جلال هاشم: المخرج الوحيد من العبث باسم الاسلام هو ابتناء خط علماني داخل الدين نفسه وهذا ممكن.
أسماء محمود محمد طه: سداً لباب الفظائع التي ترتكب باسم الدين نحتاج لاقامة الدولة العلمانية
الحاج وراق: الدولة الدينية بطبيعتها الجوهرية تنتهي الى قمع الحريات
استضاف منبر أجراس الحرية مساء الأحد 21/12/ البروفسير عبد الله أحمد النعيم في ندوة بعنوان (الاسلام والعلمانية) قدم فيها أطروحته حول علمانية الدولة، ادار الندوة الأستاذ الحاج وراق وعقب على الأطروحة الدكتور عمر القراي متبنياً وجهة نظر مختلفة، وشارك في النقاش عدد كبير من الحضور الذين يمثلون تيارات فكرية مختلفة، البروفسير عبد الله أحمد النعيم هو استاذ كرسي القانون بجامعة أموري بولاية أتلانتا الأمريكية تخرج في جامعة الخرطوم كلية القانون ونال درجة الماجستير والدكتوراة من بريطانيا ثم عمل محاضراً بجامعة الخرطوم ثم عمل أستاذاً زائراً بعدد من الجامعات في أمريكا وكندا والسويد، في الجزء الأول من هذا العرض استعرضنا
ملخص أطروحة البروفسور عبد الله النعيم:
استعرضنا الأطروحة تفصيلا في الجزء الأول وخلاصتها أن المسلمين في حاجة لتجاوز فكرة إقامة دولة إسلامية ليس بسبب الفشل المتكرر للتجارب والتطبيقات المرتبطة بهذه الفكرة بل لأن الفكرة نفسها باطلة تماما وليس لها أساس موضوعي، ولكن في ذات الوقت الذي تدعو فيه الأطروحة للدولة العلمانية(المحايدة تجاه الأديان على اختلافها) دعت الأطروحة لعدم إقصاء الدين من الحياة العامة والسماح للمتدينين بالتأثير في السياسات والتشريعات العامة من منطلق عقائدهم وقيمهم الدينية ولكن بشرط أن يقدموا المبررات الموضوعية التي يقبلها العقل وتناقش وفق منطق المصلحة العامة، وكل ما يطرحون من قوانين وسياسات وإن كانت مستمدة من الإسلام أو غيره تعامل كاجتهادات بشرية لا قدسية لها ويمكن تغييرها دون حرج متى ما اقتضت المصلحة ذلك.
في الجزء الثاني استعرضنا تعقيب الدكتور عمر القراي وبعضا من مداخلات الحضور وفيما يلي نستكمل مداخلات الحضور ثم التعقيب النهائي لكل من د. القراي وعبدالله النعيم د. نصري مرقص: ما طرحه د. عبد الله اشعرني بالاطمئنان وبأن ذاتيتي تتشكل في الدولة التي طرحها، وذلك من موقعي كمسيحي، فالمسيحية والاسلام واليهودية والبوذية والزرادشتية كلها أديان تشكل وجدان واخلاقيات الانسان، والانسان في سعيه التاريخي الطويل لتكوين الدولة التي يدير بها شأنه بمكوناتها ووظائفها كان يضع النظم والقوانين، وكل من وضعوا نظماً وقوانين الدولة في العالم كانت مرجعيتهم جزءاً من وجدانهم ودينهم ولكن وضع هذه النظم والقوانين يجب ان يتم دون الاشارة لنص ديني اسلامي او مسيحي او يهودي، وفي العالم توجد نظم حكم في غاية العظمة بما فيها من حريات وديمقراطية ولا نجد هذه النظم تنسب نفسها لنصوص دينية رغم ان تعداد المسيحيين هو الغالب في الدول الغربية، وتعداد اليهود هو الغالب في اسرائيل وتعداد الهندوس هو الغالب في الهند، ولكن تطور الفكر والوعي الانساني في تلك المجتمعات جعلها تقيم دولاً ذات نظم عظيمة تكفل الحريات والديمقراطية وحقوق الانسان دون الاشارة لأية نصوص دينية، وهذا الوعي هو ما نفتقده في مجتمعنا السوداني مما أدى للمزايدات وأبرزها المزايدة حول قوانين سبتمبر واستخدامها للاستقطاب في الاوساط محدودة الوعي التي تعتقد ان الحزب الذي لا يطرح الشريعة في برنامجه كافر، فالشريعة ممثلة في قوانين سبتمبر لم تكتسب ارضيتها وقاعدتها باعتبارها تمثل أعلى القيم الانسانية بل لان مستوى الوعي متدني، كمسيحي أرغب ان اشارك في دولتي السودانية في التشريع واضع تصوري الواضح لكل الحقوق التي من المفترض ان يكتسبها الفرد السوداني بغض النظر عن المذهب والدين والعنصر واشارك بوجداني الذي تشكل بمسيحيتي وفيه فضائل وقيم ومبادئ رفيعة كتلك الموجودة في الاسلام دون ان أرجع الى نص ديني اغلق به باب الحوار.
جيمس ماكول: اتفق مع طرح البروفيسور عبد الله النعيم، ولو كانت هناك مناقشات نظرية لمثل هذه القضايا منذ الاستقلال لما كانت احداث توريت ولما انهارت اديس ابابا ولاصبح السودان دولة موحدة وعظيمة.
أود ان اوجه سؤالاً الى د. القراي الذي طرح قيام (دولة علمية انسانية) تلتقي فيها كل الاديان والمعتقدات، كيف تقوم هذه الدولة والناس على مستوى الدين الواحد مختلفين، فمن الصعب جداً ان يتفق الناس على دولة دينية حتى في الدين الواحد نظراً لوجود التعصب، واتفق مع د. عبد الله ان النبي محمد هو حالة خاصة لانه اذا اخطأ يقومه الوحي.
عماد عمر موسى: كان من الافضل ان يكون عنوان الندوة الدين والعلمانية لأن الدولة في تطورها التاريخي كانت لها علاقات مختلفة مع الدين، والدين المعني ليس الدين السماوي بل الدين كأيديولوجيا (أفكار وآراء) تستخدم للسيطرة، ونرى تجليات ذلك في الاسلام السياسي سواء عند أبو الأعلى المودودي او الترابي، ومنظور السودان الجديد هو قبول التعددية والتنوع، والمعتقدات لا يمكن ان تنفصل من حياة الناس نريد تنظيم الدين والدولة.
الأستاذة عواطف: انني أتفق مع المتحدث والمعقب واختلف معهما في ذات الوقت، د. عبد الله أحسن الظن حينما قال ان عدم الغاء قوانين سبتمبر سببه اعتقاد من أتوا بها شريعة من عند الله ولذلك هم يخشون تغييرها، وفي الحقيقة هم رفضوا الغاءها لانها تمثل مصالحهم ومكاسبهم الدنيوية ولذلك يوهمون هذا الشعب المتدين بانها هي الدين وهي الشريعة حتى لا يتمكن من مقاومتها فهؤلاء يستغلون الدين وهم على وعي بذلك، فقد قال حسن الترابي (كنا نكذب على الشعب كثيراً سامحنا الله)، وذكر الدكتور ان فرنسا منعت الحجاب، وفي اعتقادي ان فرنسا أحسنت صنعاً بمنعها له، فهي دولة لها قوانينها ونظمها والمسلمون هناك ليس من حقهم فرض نظمهم في بلاد ليست بلادهم، وليس من حقهم تصدير هوسهم وعليهم ان يحتملوا تبعات الحرية في تلك المجتمعات او يعودوا الى بلادهم.
ودعا دكتور القراي للدولة العلمية الانسانية وفي اعتقادي ان هذه الصورة الجميلة للدولة غير ممكنة في واقعنا هذا، فقد قتل داعية هذه الدولة الاستاذ محمود محمد طه بالرغم من انه أكثر الناس تسامحاً ومسالمة، ومع ذلك قتلته اجتهادات المسلمين، فبعد ما خضناه من تجارب ليس لدينا استعداد للمغامرة، نريد فصل الدين عن الدولة ومن (لدغه الدبيب يخاف من الحبل) حتى لا يتم قتلنا وقهرنا باسم الدين، ولا يؤدي الاختلاف في الرأي الى التكفير.
محمد جلال هاشم: في الدولة العلمانية يمكن ان يقوم حزب ديني ويدعو الى تطبيق احكام دينية دون ان ينفي ذلك علمانية الدولة طالما لا ينص على ذلك في الدستور وطالما لا ينص عليه في مؤسسة، فلو افترضنا ان طائفة الختمية قالت ان المرشد محمد عثمان الميرغني هو رأس الدولة والخلفاء هم الوزراء وعلى هذا الاساس المؤسسة الدينية الخاصة بالختمية شغلت مؤسسة الدولة في هذه الحالة فقط يمكن ان نقول الدولة دينية ولكن اذا جاء تنظيم علماني وبراغماتي كحركة الاخوان المسلمين واتخذ من تمسك الناس العاطفي بالدين أداة للوصول للسلطة ووضع قوانين دينية يطبقها على من يشاء ويستثني منها من يشاء ويصل الفساد في عهده الى الدرجة المشاهدة الآن في نظام الانقاذ فلا يمكن ان نقول هذه دولة دينية هذه دولة علمانية باطشة وفاسدة ومثل هذه الدولة أول من تبطش به هم المسلمين انفسهم، وانا اختلف مع د. عبد الله يمكن ان تكون هناك دولة دينية اذا قامت مؤسسة دينية يشغل مؤسسة الدولة.
المخرج الوحيد من العبث باسم الاسلام هو ابتناء خط علماني داخل الدين نفسه وهذا ممكن.
اسماء محمد عبد الحليم: ألاحظ ان النقاش مضى في الاتجاه الذي حذر منه د. عبد الله النعيم في بداية حديثه، فالمشكلة ليست بين المتدينين وغير المتدينين، فالدول العلمانية نفسها اقامها اناس لهم اديانهم، في الدولة العلمانية الباب مفتوح امام الفرد المسلم ان يطرح خياراته، فليأت مسلم ويقول الضريبة ربع العشر ولكنه لا يطالب بقبول ذلك لانه يمثل الاسلام، بل عليه ان يشرح المصالح المترتبة على طرحه في تنمية الاقتصاد، هذا على سبيل المثال.
مجتبى عرمان: طالما ابتدرنا هذا الحوار فلابد ان ينفتح الباب على مصراعيه لمناقشة ما بين ايدينا من (تركة مثقلة) من التراث الديني، فهناك نصوص دينية موجودة بين ايدي المسلمين وكل المتطرفين الذين يكفرون الآخر ويعتقدون بوجوب (قطع رأسه) يستشهدون بهذه النصوص، فعلينا ان نحدد كيفية التعامل مع النصوص التي تعطي المشروعية الدينية لامثال الطيب مصطفى والزرقاوي وغيرهم، وعلينا ان نناقش لماذا فشلنا في تقديم نموذج كابن عربي والحلاج الذي رفض الدنيا بأسرها وزهد فيها وقال: دنيا تخادعني وكأنني لست أعرف حالها حظر الإله حرامها وأنا اجتنبت حلالها فلو كان أهل الاسلام السياسي وأهل منبر السلام العادل مسلمين حقيقيين لقدموا لنا نموذج الحلاج، فالدولة التي نريدها هي الدولة التي لا تلتفت الى دينك او منبتك الاجتماعي او لونك، الدولة التي تتجاور فيها الكنائس المساجد بصورة سلمية كما هو الحال في الدول الاوروبية.
اسماء محمود محمد طه: بداية حديثي هي الاجابة على السؤال الذي طرح في المداخلة السابقة، واعتقد ان العالم اليوم مهدد بصورة كبيرة جداً بصور من الهوس الديني تشل حركة التطور، وأي دعوة الى دولة دينية الآن تصب في اتجاه هذا الهوس ولذلك سداً لباب الفظائع التي ترتكب باسم الدين نحتاج لاقامة الدولة العلمانية التي تكفل الحقوق المتساوية لكل الناس دون قيد او شرط او تمييز، وفي ظل هذه الدولة تتوفر فرصة قيام المنابر الحرة التي تناقش فيها افكار د. القراي وأرى ان الاختلاف بين د. عمر القراي ود. عبد الله النعيم ليس جذرياً، فنحتاج في المرحلة الحالية الى سحب البساط تماماً من الادعاءات الدينية. د. ناهد محمد الحسن: فكرة الدولة العلمية الانسانية التي طرحها د. القراي لا أشك في انسانيتها، ولكن مشكلة هذه الفكرة كما لاحظنا في المداخلات انها أدخلت د. القراي الى (حوش الانتباهة) حيث اتفق معه اهل منبر السلام العادل في ان هناك دولة في الاسلام، ونستطيع ان نستنج مآلات هذا الاتفاق، فهم في البداية يرحبون بك عندما تقول هناك دولة في الاسلام ولكنهم بعد ذلك سيحتكرون تفسير الاسلام وفهمه وفي ظل هذه الدولة يمكن ان يقتلوك باسم الاسلام كما فعلوا مع محمود محمد طه، والاطار الفكري الفلسفي الذي طرحه د. عبد الله النعيم للدولة ليس خارج الدين، بل فيه اعتراف بالدين كمكون معرفي واخلاقي، وبعد كل تجاربنا لا مجال لتكرار تجربة الدولة الدينية.
شمس الدين ضو البيت: تجربتنا في السودان هي أقوى دليل على ضرورة التحول الى الدولة العلمانية، فقد توفرت للمشروع الاسلامي في السودان كل مقومات النجاح من كوادر بشرية تعلمت في احدث الجامعات في العالم، وتوفرت له موارد مالية ضخمة جداً هي موارد التنظيم الاسلامي العالمي، وظهر البترول، وتوفرت لهذا المشروع السيطرة التامة على جهاز الدولة، ومع ذلك وبعد عشرين سنة لم تقم الدولة الاسلامية، بل انتهت محاولات الاسلمة والتعريب في الجنوب الى قيام دولة علمانية في الجنوب وفي الشمال لم يستطع النظام اقامة الحدود فالتجربة شاهد على عدم امكانية تطبيق الشريعة, تعقيب الدكتور عمر القراي على مجمل المداخلات: الاخ من الانتباهة عندما دعا العلمانيين لان يقولوا نحن لا نؤمن لا بالاسلام ولا المسيحية ولا العلمانية اعتقد ان دعوته منافقة لانه اذا كان يعتقد ان الناس حتى اذا كانوا ضد الدين فلهم ان يقولوا رأيهم بشجاعة مع حفظ حياتهم واحترامهم فكان عليه ان يعترض على مادة الردة الموجودة في القانون الجنائي وعليه ان يعترض على قوانين سبتمبر التي شرعت لقتل الناس بسبب ارائهم، الاخ عبد الله سيد احمد من منبر السلام العادل قال ان القراي وعبد الله النعيم مختلفان نعم نحن مختلفان ومع ذلك نحترم بعضنا البعض وعلى الاسلاميين ان يتعلموا ثقافة الاختلاف دون تكفير وسجن.
قال احد المتداخلين ان الاستاذ محمود محمد طه لم يدرس الدين واقول له ان الدين لا يتأتي بالدراسة فنبيه امي وامته امية والاستاذ محمود في كتابه عن النبي صلى الله عليه وسلم (محمود محمد طه في طريق محمد) قال ان الامية تعني سلامة الفطرة من زلل التحصيل وتعقيد التفلسف والتنطع الذي يصاحب التعليم، فالطريق الى كسب المعرفة الدينية التقوى وليس القراءة وفي القرآن (اتقوا الله ويعلمكم الله والله بكل شئ عليم).
فالعبرة ليست بحفظ الايات بل بفهمها فمثلاً اورد أحد الخوة المناقشين قوله تعالى (لو شئنا لاتينا كل نفس هداها ولكن حق القول مني لأملأن جهنم من الجنة والناس اجمعين) في سياق ان من الناس من لا يهتدي ابداً لأن الله إن شاء ذلك فعله ولكن الله لم يشأ ذلك لذلك لن يفعله، والصحيح ان كل الناس سيهتدون (انا علينا للهدى) وبمعرفة حقائق الدين نصل إلى أن كل الوجود سوف ينتهي الى الله (الى ربك المنتهى) المنتهى ليس الى الجنة او النار بل الى الله وهذا خارج الزمان والمكان وهذا النوع من العلم لا تجدوه في (القراية)!! وردا على استنكار البعض على فكرة أن الرسالة لم تختم أقول النبوة ختمت لان هناك نص صريح في ختمها ولكن الرسالة لم تختم لان النبي نفسه بشر برسول بعده حيث قال (كيف انتم اذا نزل فيكم ابن مريم حكما عدلاً).
الولاية اكبر من النبوة والرسالة والنبي صلى الله عليه وسلم صاحب ثلاثة مقامات (ولي ونبي ورسول) وهو في ولايته اكبر منه في رسالته وفي نبوته اكبر من رسالته، النبوة هي تلقي العلم عن طريق جبريل والرسالة مخاطبة الناس من النبوة بقدر ما يطيقوا والولاية منطقة علم لم يحضرها جبريل، واضاف الاخ ان الدين ليس دين بشر وأقول الدين دين بشر لانه نشأ في الارض وادركته السماء فهذبته، الدين الذي جاء من الله هو دين التوحيد ولكن اديان التعبد جاءت من البشر هل اديان التعبد يعتبرها الله ديناً نعم ولذلك قال تعالى مخاطباً الكفار (لكم دينكم ولي دين) كذلك قال الاخ نحن لم ننفتح على افكار ابن القيم وابن تيمية وهذا غير صحيح فانا كنت من الاخوان المسلمين واطلعت على كتابات سيد قطب ومحمد قطب والمودودي وقرأت الطبري والزمخشري وغيره ولكني لم اجد في ذلك علماً بل وجدت ان ذلك هو الجهل بالدين! وعندما اقتنعت بخطأ هذه الافكار ذهبت الى الاخوان المسلمين في مدينة عطبرة في مؤتمر فيه 300 شخص وقلت لهم انني وجدت كتاباً فيه ان الاسلام برسالته الاولى لا يصلح لانسان القرن العشرين واقتنعت به واود ان تناقشونني فيه، فقالوا لي ان لهذا المؤتمر موضوعاً اخر فقلت لهم انا ليس لي موضوع سوى هذا الموضوع وهذا اخر يوم لي معكم.
د. حيدر قال انني دعوت الى دولة علمية ولم اعرفها، لقد دعوت الى دولة انسانية وقلت ان اطارها الفكري والفلسفي اطار علمي والدولة العلمية تتميز بقدرتها على التوفيق بين حاجة الفرد للحرية وحاجة الجماعة للعدالة الاجتماعية الشاملة وهذا ما عجزت عنه الحضارة الغربية في شرقها وغربها وهو موجود في المستوى العلمي للدين اما مسألة عدم مقدرتي على طرح ارائي في جامع الخليفة فغير صحيح انا اقول ارائي في كل السودان ولي مقالات في نقد الخليفة نفسه ونقد المهدي ولو دعيت الى هناك لذهبت ولكن الذي لا يستطيع مخاطبة الناس بفكرته هو د. حيدر نفسه فهو لا يستطيع ان يخاطب المجتمع بفكرة العلمانية لانها ضعيفة الحجة .
ذكر بعض الاخوة ان النبي محمد حالة خاصة لان الله يكلمه، قال الله تعالي (ما كان لبشر ان يكلمه الله الا وحيا او من وراء حجاب او يرسل رسولا فيوحي باذنه ما يشاء) وحيا أي عن طريق جبريل ومن وراء حجاب من خلف حجاب العقل فاذا كان الله يكلم محمداً فقط فهذا يهزم فكرة الدين.
حاول احد الاخوة من المؤتمر الشعبي ان يقول ان لديه حل لكل مشكلة باستخدام الايات وفيما يتعلق بقتال الكفار قال ان ضرب الرقاب يكون في ميدان المعركة فقط وهذا غير صحيح فالاية (اذا انسلخ الاشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث ثقفتموهم ) اي حيث وجدتموهم وعلي هذه الاية جاء الحديث (امرت ان اقاتل الناس حتي يشهدوا ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله وان يقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فان فعلوا عصموا مني دماءهم واموالهم الا بحقها وامرهم الى الله) والنبي صلى الله عليه وسلم ارسل لكسرى وخاطبه (اسلم تسلم) وخيره بين الإسلام ودفع الجزية أو القتال،وكذلك خرجت الجيوش من الجزيرة العربية الى الصين، فالقتال من اجل إعلاء كلمة الله هو الشريعة الاسلامية فهل هذا المستوى هو اصل الدين؟ الاجابة لا، وهل اذا طبقت ذلك اليوم تكون مجاهداً وتدخل الجنة؟ الاجابة ايضاً لا لأن زماننا الان هو زمان آيات الأصول وذلك الزمان كان زمان آيات الفروع ومن النصوص صاحبة الوقت الان قوله تعالى (قل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ) (وادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة) وتطوير التشريع الذي دعا له الاستاذ محمود محمد طه يقوم على نصوص الاصول.
الحاج وراق: من اسباب التباس المفاهيم في اذهان بعض الناس عدم وضوح معني الدولة الدينية او الثيوقراطية ففي هذه الدولة يدعي الحاكم سواء كان فرداً او مؤسسة او جزب القداسة وانه يحكم باسم الله وادعاء القداسة هذا يبرر القهر والطغيان والفقر بان ما يحدث هو ما يريده الله! وفي الجوهر فان هذه خيارات بشرية وليست دينية ولكن تتم تغطيتها بالدين لتبريرها ومنع المحاسبة عليها ولذلك اعترض ابوذر رضي الله عنه عن تسميه المال مال الله ودعا الى ان يسمى مال المسلمين لان الذين يقولون المال مال الله يريدون سرقة المال ومنع المساءلة عن ذلك! وكذلك من يقول ان الحكم لله فهو لا يعني ان الله حاكم للوجود كله انه يريد ان يسوغ تحكمه في الناس واستغلاله لهم باسم الدين لذلك الدولة الدينية في جوهرها ضد المساءلة وضد الشفافية وكل القيم الاساسية ولذلك فالدولة الدينية بطبيعتها الجوهرية تنتهي الى قمع الحريات وجوهر العلمانية هو ان تكون الدولة شأن بشري وخيارات بشرية حتى لو كانت مستندة للدين وبالتالي فالبداية الصحية لاية دولة هي ان نقول ان هذه الدولة تمثل افكارنا كبشر فاسوأ الدكتاتوريات هي التي تتلفح بالدين، مسك الختام نستمع إلى تعقيب الدكتور عبد الله النعيم.
التعقيب الختامي:البروفسيور عبد الله النعيم: أتفق تماما مع ماذكره الأستاذ الحاج وراق ، وكل ماذكره الدكتور القراي هو طرف من الأفكار التي أؤمن بها ولم أقلها في هذه الأمسية، ولكن المسألة ببساطة هي حتى يجد عمر القراي الفرصة لكي يقول ما يقول لابد ان تكون الدولة محايدة تجاه الدين فانا لا اختلف مع ما طرحه د. القراي ولكن من واقع التجربة اتضح لي ان الدولة لو سمحنا لها بان ترعي أية صفة دينية لما وجد أصحاب الآراء المختلفة فرصة لطرح آرائهم فالدولة الدينية تبدأ بالقمع وهو أساسها الوحيد، لم يرد هنا دفاع عن الدولة الدينية وكان الاختلاف حول تسميتها بالعلمانية او المدنية وانا اسميت كتابي بالاسلام والدولة المدنية فانا لا اهدف للعراك حول المصطلح بل اهدف إلى ان تكون الدولة محايدة تجاه الدين فيما يتعلق بما ذكره د. حيدر عن العلمنة فهناك منهج فلسفي اوروبي اسمه العملنة وانا ضده ولا ادافع عنه فانا اطالب بان تكون الدولة محايدة تجاه الدين حتى اكون انا كمسلم صادقاً في ممارستي لديني وعندما قلت ان للدولة وظائف محددة لا يصح ان يجادل احد بان هناك نصوص تناولت وظائف الدولة فالمسلمون غير متفقين على تفسير تلك النصوص فالصحابة انفسهم اقتتلوا أي اختلفوا حول النصوص، وكل جماعة إسلامية عندما تستشهد بالنصوص القرآنية تنطلق من إطار تفسيري معين ولذلك ينشأ الاختلاف.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.