أول أمس قلنا هنا ماذا يحمله البشير إلى جوبا… وهذا جزء من مقتطفات مما قلناه هنا أرغب هنا اليوم أن نراجع ما إذا كنا قد ذهبنا إليه جابه الحقيقة أم أنه بعيد عن ذلك… والحقائق هنا عن زيارة البشير لجوبا لم تعلن عنها كل مخرجات الزيارة بل الأشياء التي أعلنت عنها معممة ومعروفة للكل بل هناك العديد من الأشياء ( تحت التربيزة) سوف يعلن بعضها قريبا وبعضها تمّ تحويلها إلى اللجان المشتركة لكي يتم فيها التشاور بالشكل اللائق بتفاصيلها المختلفة حتى تكون جاهزة للتوقيع. ماذا قلنا أمس تحت عنوان (ماذا يحمل البشير إلى جوبا ؟) على طريقة الأستاذ أحمد البلال الطيب .. قلنا :- *(يزور الرئيس عمر البشير غداً جوبا وتعتبر هذه الزيارة الأخيرة قبل أن يذهب الجنوبيون إلى صناديق الاستفتاء ليعلنوا الاستقلال كما هو واضح.. وقد اهتمت حكومة جنوب السودان بهذه الزيارة وحاولت أن توفر لها الأجواء الصحية، أعني أن تكون الأجواء السياسية غير متوترة بين الحزبين حتى يصل البشير إلى جوبا “رايق المزاج” طبعاً سياسياً… على الرغم من وجود العديد من القضايا التي يمكن أن تعكر صفو هذه الأجواء خاصة القضايا السياسية والاقتصادية والأمنية وحتى الاستراتيجية التي تناقش تحت بنود قضايا ما بعد الاستفتاء..) *( فلماذا يا ترى تهيئ حكومة الجنوب الأجواء وتهتم بهذه الزيارة أكثر من السابقات التي كان يُستقبل فيها البشير باليافطات العدائية التي كانت ترفعها المنابر الانفصالية المتعددة التي لم تكن الحركة الشعبية من ضمنها. لماذا يا ترى شكلت حكومة الجنوب لجنة وزارية لهذا الأمر ولماذا طلبت من حكومة الولاية بأن تعتني بهذه الزيارة وتحشد لها المواطنين؟ هل هناك رسائل ترغب حكومة الجنوب في أن ترسلها للخرطوم.. مثلاً كالجيرة الطيبة والآمنة التي يمكن أن تعود بالنفع للأطراف جميعها بدلاً عن المؤامرات التي كانت تقوم ولازالت تقوم بها الحكومة في الخرطوم لدعم المتمردين أو لخلق متمردين آخرين ضد حكومة الجنوب، ولإظهارها بأنها لا تستطيع أن تتحكم في الإقليم وأن تصنع اضطرابات في الإقليم حتى لا يقوم الاستفتاء ). * (هل ترغب حكومة الجنوب في أن يأتي البشير إلى الجنوب ويقدم ما هو مطلوب الآن أن يقدمه وفي أجواء صحية حتى تنفرج العلائق المحتملة بين البلدين إلى علائق صحيّة وجيّدة؟؟) * (لقد حاولنا أن نعرف ما يحمل البشير معه إلى جوبا الآن؟؟) *( المؤتمر الوطني الذي يرغب في أن تتنازل الحركة الشعبية له في ملفات أخرى مثل البترول وهي أهم قضية….) *( … فقد أصبح الأمر واضحاً الآن بعدم إمكانية إجراء الاستفتاء في أبيي لاستحالة قيامه في 9 يناير فإنّ الخيار الصحيح والمطروح هو أن يتم إرجاع أبيي إلى الجنوب بقرار رئاسي كما تمّ ذلك في عام 1905م.. فالكل يعلم بأنّ إتباع أبيي إلى الشمال في عام 1905م لم يتم باستفتاء بل فقط كان مجرد قرار إداري….) * (المؤتمر الوطني الذي وافق مبدئياً على ذلك يرغب في أن يكون له مقابل ذلك بترول أبيي، وكذلك بترول الجنوب..) *( الحركة الشعبية لها الاستعداد بأن تقدم تنازلاً عن بترول أبيي ولكنها في ذات الوقت ليس في استطاعتها فعل ذلك في بترول الجنوب على الإطلاق.) *( إن أغلب المتفائلين “يشطحون” بأنّ البشير في زيارته الأخيرة يحمل معه ما يمكن أن يدفع بالعلاقات المستقبلية بين الدولتين إلى الأمام.. فهم يحلمون بأنّه سوف يعلن من جوبا حل معضلة أبيي بتبعيتها للجنوب بقرار رئاسي أو إداري كما ضمت للشمال) *( … وكذلك القبول بالحقائق والوقائع المثبتة بالوثائق بتبعية مناطق جودة وشالي الفيل وكاكا وخرسانة وحفرة النحاس إلى الجنوب، وأنّها عربون لكي يفتح الجنوب حدوده للرعاة وحرية التنقل…) *( … وقيل إنّ المؤتمر الوطني قدم مقترحاً أيضاً بأن تتم مراقبة الحدود المشتركة بالجيش المشترك إمعاناً في اطمئنان الجانبين ولكني أقول لكم…) *( أعني الحالمين احلموا كما تشتهون.. ولكن هذه القضايا لا يمكن أن يتوقع من المؤتمر الوطني أي حسنة نية فيها مهما كان… فهم تجار سوق كما هم تجار دين.. وما إذا لم تدفع حكومة الجنوب مقابل ذلك- ولا أعتقد ذلك- فهل حكومة الجنوب جاهزة للدفع؟؟…) *(… فإذا كانت الإجابة بنعم فإننا نتوقع خيراً…) هذا جزء مما كتبته بالأمس الأول هنا … وإذا رجعنا لنتائج الزيارة العلنية فقد كانت إيجابية وكذلك النتائج غير المعلنة فقد كانت في نفس الاتجاه الذي ذهبنا له بالأمس. وهي ملخص للآتي: 1- كرر المؤتمر الوطني موافقته المبدئية بضم ابيي إلى جنوب السودان… وينتظر الآن نصيبه في بترول أبيى وبترول الجنوب ولو لفترة معلومة …. فهل سيقبل الجنوب بذلك علماً بأن الحركة الشعبية موافقة مبدئياً على التنازل عن بترول أبيي للمسيرية وليس للشمال.. (والمسيرية يشدو حيلهم مع حكومتهم) 2- طلب المؤتمر الوطني شرف الاعتراف بدولة جنوب السودان كأول دولة.. وهو الاعتراف الصريح (الخالي من أي لولوة) (مثلما فعلت مصر كأول دولة اعترفت باستقلال السودان… ومن بعده برطانيا وقد كانوا يستعمرون السودان). 3- قدم المؤتمر الوطني عرضاً في المساهمة في بناء الدولة الجديدة بتوفير الكوادر… والحركة قبلت مبدئياً بخبراء في مجالات محددة من السودانيين ولكن هناك مخاوف من أن يزرع المؤتمر الوطني جواسيس من خلال الخبراء المزعومين. 4- أبدى المؤتمر الوطني تنازلاً في الحدود وأن تحول المناطق المختلف حولها إلى تحكيم دولي ملزم… وهي مناطق جودة وكاكا وخرسانة وهجليج وكافيكينجي-حفرة النحاس، وقال إنه رغب في أن يخفف على نفسه الحرج الداخلي. 5- طلب المؤتمر الوطني التعاون الأمني في تبادل المعلومات على الحدود خاصة ضد متمردي دارفور على أن تسلم لحكومة الجنوب كل ملفات المعارضين الجنوبيينبالخرطوم ويتم طردهم من الخرطوم. 6- المؤتمر الوطني التزم بأنه سوف يتحمّل الديون الخارجية إذا وافقت الحركة على إعطاء الشمال نصيب في بترول الجنوب وأن يعمل الجنوب مع أصدقائه في شطبها 7- التزم المؤتمر الوطني بحماية الجنوبيين في الشمال على أن تقوم حكومة الجنوب بالمثل وكذلك حماية الرعاة الشماليين في الجنوب بعد نزع أسلحتهم.. وهذه قضية متفق عليها مع اختلاف بسيط في أمر ضرائب القطعان وحركة الأتيام البيطرية في الحدود لمراقبة أمراض الحيوان. 8- حرية اختيار الجنسية لدى (شماليي الجنوب وجنوبيي الشمال). لا جديد فيها. فالمواقف كما كانت وتمّ إنزالها إلى اللجان المعنية للمزيد من ( اللت والعجن) في تقديري. هذا هي التفاهمات التي خلصت لها زيارة الرئيس إلى جوبا بالأمس وهناك بعد القضايا العسكرية والأمنية أيضاً كانت فيها تفاهمات مقبولة للطرفين وأنّ اللجان المعنية سوف تقوم (بتسبيك) هذه التفاهمات. هكذا كان تقديراتنا قبل يومين وإلى حد بعيد صدق المعلومات التي كانت بطرفنا مما حدث فعلياً بجوبا أمس. أخير إنه من الضروري فعلا وقولا بأن يعيد المؤتمر الوطني حساباته المختلفة وتأسيس علاقات استراتيحية مع الجنوب حتى لا يطلع من المولد بلا حمص ولا ترمس حتى!! عليه أن يبعد الهتيفة والمهرجلين من صفوف المفاوضين وألا يقترب من ميكرفونات الإعلام إيّاهم الذين يرغبون في أن ترجع البلاد إلى عهودها المظلمة من الاقتتال وهي عودة مستحيلة، فانظروا الآن مشروع (كفاية) الذي يلتقط الصور الحيّة من سماء السودان والأدهى حتى المكالمات أيضاً.