أ. الطيب محمد الفكي آدم ونحن نتداعى لوضع الدستور الدائم للسودان الذي استمر دستوراً مؤقتاً منذ الاستقلال والذي ظل مع التغيير والتعديل والحذف والإضافة والجرح والتعديل ظل دائماً يعجز ويفتقد أن يؤمن كيف يحكم السودان ؟ بالديمقراطية والحرية والتبادل السلمي للسلطة. وهو الأمر الذي أدخل السودان في حالة عدم استقرار سياسي منذ الاستقلال وحتى الآن بسبب الصراع الدائم على السلطة صراعاً حزبياً وصراعاً عسكرياً بسبب عدم وضع قواعد وأسس راكزة للحصول على السلطة وتبادلها سلمياً . لذلك وتلبية للنداءات الوطنية الصادقة من السيد رئيس الجمهورية المشير عمر حسن أحمد البشير للجميع بالمشاركة بالرأي في وضع الدستور الدائم للبلاد ومن مبدأ الوطنية والمواطنة أبت نفسي بنفس مستوى صدق السيد الرئيس إلا أن تدفع بهذه المداخل للمفوضية الدائمة للدستور لتكون مضمنة في أضابير الدستور الدائم . لنتمكن من عبور الجسر في كيف يحكم السودان والانطلاق إلى ممارسة التبادل السلمي للسلطة بالديمقراطية والحرية والشفافية وننتهي تماماً من ممارسات إقصاء الآخر وإسقاط النظام والالتفاف والاحتواء بالقوانين وأجهزة الدولة الاقتصادية والأمنية والإعلامية والعدلية كعوامل تقوية شكيمة النظام باستغلالها كآليات للهيمنة على السلطة والاستمرار فيها . وهذه المداخل أو البنود الدستورية التي أتقدم بها لمفوضية الدستور أرجو أن يمهد لها الطريق ويعبد ، لتمكينها من ان تضمن في وثيقة الدستور الدائم لحكم السودان بالتبادل السلمي للسلطة والحرية الكاملة والديمقراطية والشفافية وبهذه البنود نضمن عدم وصول الفكر الشمولي للسلطة وبها سنضع الحدود ونقطع الطريق لكل طامع في إقصاء الآخر وكل طامع في الاستمرار في السلطة بالالتفاف والاحتواء والاستقواء بأجهزة الدولة وكل طامع في اسقاط النظام بغير النظم الديمقراطية وتتلخص هذه الموجهات الأساسية في الآتي: 1- الدستور يُؤمن ويضمن ممارسة الديمقراطية والحرية بالشفافية الكاملة بعيداً عن الالتفاف والاحتواء بالقوانين المقيدة للحريات والخادمة لمصلحة الحزب لمنع ممارسة الدكتاتورية والشمولية الحزبية – وحذف عبارات (ماعدا) و (ما تقتضيه الضرورة) و(ما يراه المشرع ) و (ما إلى ذلك) . 2- كيف يحكم السودان ؟ يحكم السودان بالديمقراطية والحرية والشفافية بالتبادل السلمي في تداول السلطة على أساس المواطنة . 3- الديموقراطية والحرية لا يمكن الحصول عليها إلا بتوصيف وتحديد مهام جهاز الأمن وتضمينها الدستور لتخدم أمن الوطن والمواطن ومراقبة مصالحه السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتأمينها من الأضرار والمحافظة عليها داخلياً وخارجياً لا خدمة الحزب او النظام الحاكم وتسخيره لخدمة مصالحه وحجر الحريات وإقصاء الآخر . 4- والديمقراطية والحرية لا يمكن الحصول عليها إلا بتوصيف وتحديد مهام القوات المسلحة وتضمينها في الدستور لتخدم الحفاظ على حدود الوطن والدفاع عنه وحمايته من الأعداء لا لخدمة الحزب الحاكم والحفاظ على بقاء النظام وحمايته من الخصوم السياسيين . 5- والديمقراطية والحرية لا يمكن الوصول إليها إلا بإطلاق يد القضاء واستقلاله وتضمينها في الدستور لبسط العدل والمساواة بالقانون والإشراف على الانتخابات ومحاربة الفساد بكل انواعه والحفاظ على تطبيق الدستور لمصلحة المواطن ومصالح الوطن لكي لا يكون مطية يستخدمها الحزب الحاكم او النظام لحسم خصومه والمعارضين وإقصائهم . 6- والديمقراطية والحرية لا يمكن الحصول عليها إلا بتحديد وتوصيف مهام الشرطة وتضمينها في الدستور لحفظ أمن المواطن وممتلكاته وامواله الخاصة والعامة لكي لا تسخر لخدمة المكاسب السياسية للحزب الحاكم وتوجهاته وقمع المعارضين والمخالفين للرأي . 7- والديمقراطية والحرية لا يمكن الحصول عليها إلا بتحديد وتوصيف إستراتيجية وموجهات السياسة الاقتصادية وأوجه صرف المال العام وولايته وضبطه وتضمينها في الدستور لضمان عدم استغلال الحزب او النظام الحاكم للسياسات الاقتصادية وصرف المال العام لخدمة مصالحه وتقوية قبضته وتسخيرها لخدمة مصالحه ومصلحة المنتمين والموالين لتكون السياسات الاقتصادية مبسوطة لمصلحة كل الشعب ، وهذه من اهم البنود الدستورية التي تؤمن العدل في اقتسام الثورة . 8- والديموقراطية والحرية لا يمكن الحصول عليها إلا بوضع استراتيجية إعلامية تسمح وتجوز إطلاق حرية الإعلام والنشر والكلمة وتضمينها بالدستور لنتحاشى سياسة تكميم الأفواه وتقبل الرأي الآخر والحجة المقنعة وحرية التعبير والنقد على كل وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية والندوات بالقاعات والاحتفالات والمهرجانات والمسيرات والمظاهرات ونتمكن بذلك من كشف المهالك والعيوب والمزالق السياسية وتداركها بالرأي السديد قبل أن تتحول إلى معضلة يستعصى حلها . ليتحول العمل الإعلامي إلى إعلام الدولة وليس إعلام النظام وإعلاماً لخدمة الاقتسام العادل للسلطة ويجب أن يضمن بالدستور حق الحصول على المعلومات للإعلام والإعلاميين والصحافة ومعاقبة المسؤول أو الجهة التي تخفي المعلومة او يعطي معلومة مضللة أو خاطئة . أرجو أن تجد هذه الموجهات الرضا والقبول من السيد الرئيس ومن قادة المؤتمر الوطني إذا كانوا صادقين النية في التحول إلى منطقة التبادل السلمي للسلطة بالديمقراطية النزيهة الشريفة الشفافة والحرية الحقة الكاملة غير المنقوصة . وأرجو أن تجد الرضا والقبول من كل جماهير الشعب وأن تتحول إلى مطالب وشعارات جماهيرية وشعبية من كل المنظمات والتكتلات الفئوية والاتحادات والنقابات والأحزاب السياسية الموالية والمعارضة والأحزاب السياسية المنقسمة والمتحدة واهم من ذلك أن تجد القبول من الحركات المتمردة المقاتلة والمسالمة والجبهة الثورية . هذه البنود لو تبنتها المعارضة ونادت بها لقادت الجماهير كما يقود الرعاة القطيع ولو تبناها المؤتمر الشعبي لسحب البساط من المؤتمر الوطني وأخرجه من دائرة السلطة وكشف عورته السياسية . ولكن يبدو أن المعارضة والمؤتمر الشعبي جميعهم يحلمون بعد وصولهم للسلطة استعمال واستخدام واستغلال هذه البنود لإقصاء الآخر والانتقام منه . إن هذه الموجهات هي التي ستحقق الاستقرار السياسي عن طريق التبادل السلمي للسلطة بالديمقراطية وصناديق الانتخابات لأن الديمقراطية محروسة دستورياً بالقانون وستنتهي عبارة (الانتخابات مزورة) لأن أجهزة الدولة كلها مجيدة بالدستور ومحصنة دستورياً بسلطة القضاء المستقل . إن هذه الموجهات هي الطريق المعبد للسلام الاجتماعي والاستقرار السياسي المستدام ونتلهف لنرى ونسمع رأي مفوضية الدستور ونتلهف لنرى ونسمع رأي الجماهير الشعبية بجميع تصنيفاتها ومسمياتها بالمسيرات والمواكب المطالبة بها .إن عدم الاستقرار السياسي سببه القبضة المحكمة على السلطة من الإنقاذ ومؤتمرها الوطني مستغلة ومستعملة هذه البنود المذكورة للبقاء في الحكم والاستمرار فيه بما لا يتيح الفرصة لمجرد التفكير فيه ناهيك عن الوصول إليه الأمر الذي خلَّف هذا الوضع المتنامي والمستمر من الصراعات والحروب والتمزق الوطني الداخلي سياسياً واجتماعياً الذي بات يعرف الآن (بعدم السلام الاجتماعي). لذلك فإن تبني هذه البنود يخرج البلاد من محنتها ويعيد العافية للوطن ويحقق مفهوم التبادل السلمي للسلطة . والله المستعان