الجمعة 7 يناير 2011م….. استيقظ أبنائي مسرورين وتملأهم الفرحة لأنهم سوف يزورون والدهم اليوم بسجن كوبر، وعلى غير العادة لم أنبههم لدخول الحمام والاستعجال في ذلك!!!!!!!!، فقد هرعوا من أنفسهم وبدأوا يلبسون ملابس الخروج!!!!!!!!!. وفي كل يوم عادة ما يتلكأون في ذلك، وأحتاج إلى أن أنبههم إلى دخول الحمام حالما أستيقظوا من النوم، ولكنهم اليوم بات لديهم دافع لذلك!!!!!!!!. عرفت سبب همتهم واهتمامهم لمقابلة والدهم، فقد كانوا يحثونني على الخروج باكراً والوصول إلى السجن قبل فتح الباب حتى لا تزدحم الأماكن ونستطيع أن نجد مكاناً للجلوس عليه!!!!!!!. وصلنا إلى سجن كوبر قبل المواعيد المحددة لبدء الزيارة، ووجدنا عدد من الناس ينتظرون، ووقفنا إلى جانبهم!!!!!!!، ودعوت ربي ألا يطول انتظارنا حتى لا نشعر بالغضب والسأم من تأخيرهم في بدء الزيارة!!!!!!!!. وبينما نحن كذلك، أتتني سيدة في الثلاثينات من عمرها، حيتني واتجهت لأبنائي وكانوا يلعبون بجانبي، وأخذت تستفسر منهم وتسألهم عن بعض الأشياء!!!!!!، راقبتهم من بعيد وكانوا يردون على أسئلتها!!!!!!!!. ثم أقبلت السيدة نحوي وقالت: علمت منهم أن والدهم محبوس وأنكم تحضرون بانتظام للزيارة!!!!!!!!!!. قلت لها، نعم!!!!!!!. قالت والحيرة تكسو ملامح وجهها: إن زوجها محبوس بالسجن، وهي تحضر لزيارته من حين لأخر!!!!!!، وواصلت قولها، أنا عندي أبناء في مثل سنهم، ولم أخبرهم يوماً أن والدهم بسجن كوبر، فقد كنت أقول لهم دوماً، أن والدهم مسافراً وسيحضر قريباً، وأعتقد أن ذلك أفضل لهم!!!!!!!!!!، ثم أضافت قائلة، قناعاتي تذهب إلى أنه ليس من العدل إخبار أبنائي بسجن والدهم، فهذه مشكلة، والأسوأ أن يزوروا السجن!!!!!!!. صمتت برهة، ثم استطردت قائلة: ولكن لاحظت أن أبنائك يبدوا طبيعيين ولم أشعر أن سجن والدهم وزيارتهم له يشّكل مشكلة بالنسبة لهم!!!!!!!!. وأضافت، ولخوفي الشديد على أبنائي من أن يصيبوا بالاحباط أو بصدمة نفسية أخفيت عليهم أمر سجن والدهم !!!!!!!!. قلت لها، ما زالت لدي شكوك كثيرة تجاه نفسية أبنائي، وما زلت أعتقد أن سجن والدهم سيظل مشكلة وهاجس بالنسبة لهم، ولا أعلم هل سيتجاوزون ذلك في يوم من الأيام!!!!!!!!، وهل سيستطيعون التعايش معه بصورة طبيعية أم لا!!!!!!!!. وجهت إليّ سؤالاً مباشراً وقالت: هل تعتقدين أن من الأفضل إحضارهم إلى السجن ورؤية والدهم؟؟؟؟؟ قلت لها، أعتقد أن هذا هو الأمر الوحيد الذي يجدون فيه سلوى ويجعلهم يعتقدون أنهم قريبون من والدهم، فهم يرونه ويحادثونه، وربما عن طريق ذلك، يتجاوزون محنة السجن!!!!!!!!!. نظرت إليها وأحسست بالحيرة تتنازعها، فخوفها الشديد على أبنائها يدفعها أن تجنّبهم معايشة تجربة السجن وهمومه والآثر السلبي الذي يخلفه على نفسيتهم، ومن ناحية أخرى، ترغب في مصارحة أبنائها بسجن والدهم وجلبهم لرؤيته ومحادثته!!!!!!!!!!!. راقبتها، وشعرت أنها لم ترفع عينها من الأطفال الذين يتوافدون حضوراً إلى السجن!!!!!!!!!. وجدت لها العذر فيما فعلته، فإحساسها كأم من واجبها حماية أبنائها ربما كان مبالغ فيه بعض الشئ، ولكن لا يمكنني أن أصفه بالخطأ، فإحساس الأم بالحماية لأبنائها حين تحس باقتراب الخطر، يفوق كل حسابات المنطق!!!!!!!!. وقلت في نفسي، فربما يعرف أبنائها يوماً بحقيقة ما حدث لوالدهم ويتقبلونه ويتعايشون معهم وقد لا يفوتهم شئ من ذلك، ويحمدون لها ما فعلته!!!!!!!!، وربما لن يسامحونها على ما أخفته عنهم من حقيقة سجن والدهم!!!!!!!!، وربما لن يعرفوا بذلك في يوم من الأيام ويعيشون على أن والدهم غاب عنهم بحجة السفر!!!!!!!!!!. تألمت لرؤية الحيرة والقلق الذي يتنازعها، ولأمارات الخوف التي تكسو وجهها، وتمنيت لو أستطيع مساعدتها!!!!!!!، وما إلا لحظات حتى نبهني أبنائي، بفتح الباب للزيارة، وغادرتها مسرعة بالدخول إلى السجن!!!!!!!.