اليوم الجمعة 3 ديسمبر 2010م …. استيقظت في الصباح الباكر وقد انشغل تفكيري كثيراً في أبنائي والصدمة التي سيتلقونها عندما يستيقظون من نومهم ويعرفون أنه تم منعنا من الزيارة!!!!!!!!، إذ كان من المفترض أن أذهب اليوم برفقتهم إلى زيارة أبوذر بالسجن، وأعلم أنهم يعدون الدقائق والثواني لأجل هذه الزيارة التي تبهجهم كثيراً وتجعلهم في حالة من الفرح العارم والسعادة!!!!!!!. تحيرت في أمري، ولم أعرف كيف يمكنني أن أجد المدخل المناسب لإقناعهم بأننا لا يمكن أن نذهب لزيارة والدهم، وفكرت في كلام معقول لمحاولة إقناعهم بمنعنا من الزيارة، وعلمت أن هذه هي بعينها المهمة المستحيلة!!!!!!. ونسبة لارتباط أبنائي بالمدارس، فقد حددنا سابقاً يوم السبت للزيارة ولأن يوم الجمعة نسبياً قصير لتداخل وقت الصلاة وأن إدارة السجن توقف الزيارة لأكثر من ساعة ونصف نسبة لصلاة الجمعة، وخاصة أن أبنائي يريدون أن يقضوا وقتاً طويلاً مع والدهم، قررنا أن تكون الزيارة يوم السبت!!!!!!!!، ولكن ابني (أحمد) أبدي رغبته بالذهاب يوم الجمعة بدلاً من يوم السبت لأنه أصبح يذهب يوم السبت إلى المعسكر الأكاديمي الذي يقام بمدرسته!!!!!!. فقررنا أن نزور أبوذر كل يوم جمعة!!!!!!!. وهيأ أبنائي أنفسهم لزيارة الجمعة رغم قصر فترة الزيارة، فقد كانت تفرحهم كثيراً!!!!!!!. قررت أن أفاتحهم بالأمر وأحاول أن أشرحه لهم، وترددت كثيراً ولم أعرف من أين يمكنني أن أبدأ!!!!!!! انتظرت إلى أن انتهوا من شرب الشاي وبدأوا يرتدون ملابس الذهاب!!!!!!. قلت لهم، أن إدارة السجن منعتني من الزيارة وأنه لا يمكننا الذهاب إلى السجن!!!!!!!. أصابهم الذهول جميعاً وتسمروا في أماكنهم، وصرخ أحمد قائلاً، ولكن كيف يحدث هذا ونحن نذهب أسبوعياً لرؤية (بابا)!!!!!!!. وقالت رؤي، هذا غير عادل، فكيف يتم حرماننا فجأة من زيارة والدنا!!!!!!!!، وسالت دموعها على خدها وانزوت بعيداً، دون أن تشاركنا في بقية الحديث!!!!!!. سألني أحمد، هل تم منع الجميع من الزيارة؟؟؟؟؟ قلت له، لا، بل تم منعي!!!!!!!. قال، يا ماما، لابد أن تكون هناك طريقة أخرى تمكننا من الذهاب لرؤية بابا ولا يمكن أن نفّوت مواعيد الزيارة!!!!!!!!. وعرفت أن أحمد لا يتقبل فكرة منعنا من الزيارة وأن رؤي لا ترغب حتى في استيضاح الأمر، ووقف (علي) أصغرهم سناً وهو ما زال يحمل ملابس الخروج ويزمع في ارتدائها متأهباً للخروج، كأنه لم يعي ما قلناه!!!!!!. قلت لهم، في محاولة لجعل الأمر أكثر وضوحاً حتى يفهمونه، ربما يكون أمر منعنا من الزيارة، أمر مؤقت وسوف نتحرك ساعين للبحث عن سبل أخرى كأن نستأنف لجهات أعلى عسى ولعل أن يتفقوا ووجهة نظرنا، ويسمحوا لنا مرة ثانية بالذهاب!!!!!!!. وأضفت، وسوف يعمل أخرون معي حول هذا الأمر حتى نعيد الأمور إلى نصابها!!!!!!!. أحسست أنني بذلت مجهوداً خارقاً لأقول هذا الكلام، إذ كان لابد أن أقول شيئاً في المقابل!!!!!!!. نظرت إلى أبنائي ووجدت أنهم غير عابئين بما أقوله لهم وعرفت في اللحظة أنني كمن يُحدث نفسه، وليس هنالك أُذناً صاغية لتسمعني!!!!!!!!، فقد شرد كل منهم بتفكيره، رافضين قبول فكرة منعنا من الزيارة!!!!!!!. ووجدت نفسي متنازعة بين إصرار أبنائي (أحمد) و(علي) للذهاب إلى السجن، وبين انسحاب (رؤي) وأزمتها النفسية التي تعيشها منذ أن سُجن والدها!!!!!!!!!!. لم أعرف كيف أواجه هذا الموقف القاسي تحيرت ولم أدرِ كيف يمكنني أن أجعل أبنائي يقبلون هذه الفكرة الفجائية التي نبعت من عبقرية إذارة السجن، والتي أجدها متناقضة وغير مستساغة أو عقلانية إلا في ذهن إدارة سجن كوبر!!!!!!!. وفشلت كل محاولاتي التي بذلت فيها جهداً مضاعفاً للإقناع من أن يتفهم أبنائي أمر المنع من الزيارة!!!!!!!. كنت أعرف أن الأمر له وقع الصاعقة على أنفسهم، فبعد أن تجاوزوا بصعوبة بالغة صدمتهم في سجن والدهم، وكانت الزيارات الأسبوعية بمثابة البلسم الشافي لجراحهم، رجعنا مرة ثانية للمربع الأول!!!!!!!. لم أجد شيئاً أقوله أو أفعله إلا أن اتجه بدعائي لله رب العالمين متضرعة أن يفرج همومنا وكربنا!!!!!.