خرج مئات الآلاف من المتظاهرين المصريين يوم الجمعة للاحتفال بالذكرى الثانية لثورة 25 يناير 2011. وهيمن على التظاهرات الحاشدة – التي عمت أغلب ميادين العاصمة والمدن الكبرى وخاصة الإسكندرية والمحلة وبورسعيد – الهتافات المناهضة لجماعة “الإخوان المسلمين” والرئيس المصري محمد مرسي والمطالبة بالقصاص للشهداء وإعادة محاكمة رموز النظام السابق. وعكست التظاهرات الضخمة انقساماً واضحاً في الشارع المصري، حيث لم يشارك تيار الإسلام السياسي بل تحولت رموزه إلى هدف للتظاهرات والاحتجاجات ووصل الأمر الى انسحاب “الإخواني السابق” عبدالمنعم أبو الفتوح من أحد المظاهرات بعد هتاف “لفظي عنيف” ضد المرشد العام للإخوان المسلمين. وأشار المراقبون إلى أن الذكرى الثانية لثورة 25 يناير كانت تدشيناً لرفض أبناء الطبقة الوسطى الحضرية لحكم التيار الإسلامي وخروج هذا التيار من حركة الشارع بالمدينة وانحصاره بشكل واضح في الريف. وكان فشل المجموعات الإسلامية المتشددة والسلفية في تنظيم مظاهرة ضخمة أمام مدينة الانتاج الإعلامي بمثابة تعبير على عدم قدرة التيار على الحشد داخل الحيز الحضري في مصر بعد وصول مرسي للسلطة وفشله في تحقيق انجازات تدفع ابناء المدينة لتأييده. بالتوازي، فإن تظاهرات الجمعة مثلت “حلقة وصل” بين اسبوع شديد العنف ويوم السبت (26 يناير) الذي يتوقع ان يكون يوماً شديد العنف مع اعلان الاحكام النهائية في قضية قتل مشجعي النادي الاهلي باستاد بورسعيد في فبراير 2012. وأفادت وكالة أنباء الشرق الاوسط المصرية الرسمية ان شخصا لقي مصرعه في محافظة السويس خلال اشتباكات مع قوات الامن خلال مظاهرات اليوم. وارتفعت حصيلة المصابين في مظاهرات الجمعة في أنحاء مصر لتصل إلى 9 قتلى و 252 جريح بحسب بيانات رسمية . واطلقت قوات الامن قنابل الغاز في محيط قصر الرئاسة لمنع المتظاهرين من الاقتراب من المنطقة بحسب مكتب بي بي سي في القاهره. و شهدت القاهرة والاسكندرية والمدن المصرية خلال الأسبوع المنصرم تظاهرات عنيفة ومتواصلة. ففي يوم الأربعاء 23 يناير قام الالاف من رابطة “التراس أهلاوي” بقطع خط مترو الأنفاق وقطع الطرق بعدد من الكباري وحصار البورصة المصرية. ورفع “الالتراس” – الذي يضم عشرات الألاف من الشباب الصغير – سقف مطالبه وتحديه للدولة باعلان أن يوم السبت (26 يناير) سيكون بمثابة نهاية لعدد من الأشخاص ومهدداً صراحة بسيناريو الفوضى. وهي التظاهرات التي وصفتها عدد من الصحف المصرية ب”إعلان دولة الالتراس”. وقبل تظاهرات الألتراس بثلاث ايام ، شهدت منطقة شبرا الخيمة –المتاخمة للقاهرة – في 20 يناير احداث عنف لقي فيها 5 لأشخاص مصرعهم في اشتباكات وقعت أمام مركز للشرطة. وجاءت احداث العنف عقب مقتل شخص برصاص الشرطة خطأ خلال ملاحقة أحد المسجلين خطر. وفي نفس اليوم شهدت الأسكندرية – ثاني أكبر المدن المصرية – اشتباكات عنيفة أمام مقر إحدى المحاكم فور اعلان هيئة المحكمة تنحيها عن نظر قضية قتل المتظاهرين في ثورة 25 يناير. واستمرت اشتباكات الأسكندرية لنحو يومين لتتجدد خلال تظاهرات ذكرى الثورة يوم الجمعة. وسياسياً، برزت في خضم التظاهرات ضغوط جمهور المدينة على تيار “جبهة الانقاذ” المعارضة لرفع سقف المطالب في مواجهة النظام الحالي والسعي للمواجهة المفتوحة مع “الإخوان” وتيار الإسلام السياسي. وتبرهن الاحداث المتتالية أن قدرة النظام على ضبط العنف والغضب الشعبي في المدينة ضعيف للغاية وتأكل قواعد التأييد الشعبي للخطاب السياسي للإخوان والسلفيين في المناطق الحضرية الرئيسية. وهو ما يدفع مصر إلى صراع سياسي وشعبي مستمر خلال الفترة المقبلة.