كشفت حكومة جنوب السودان عن أزمة جديدة مع الخرطوم قبيل ساعات من بداية إجراء استفتاء تقرير مصير الجنوب، واتهمت البنك المركزي بتأخير تحويل عائدات النفط التي تخص الإقليم في وقت دعت فيه منظمة دولية مهتمة بالنفط الشمال والجنوب لإبرام اتفاق نفطي جديد لتفادي تجدد الحرب بين الدولتين بعد الانفصال. وواصلت السلطات السودانية قراراتها الاقتصادية، وأصدرت منشورات بحظر استيراد بعض السلع لتخفيف الضغط على العملات الصعبة. واشتكى البنك المركزي بجنوب السودان من تأخير التحويلات المالية لعائدات النفط (نسبة 50%) المقررة بموجب اتفاقية السلام المبرمة عام 2005. وقال نائب محافظ البنك المركزي لجنوب السودان كورنيليو كوريوم إن التحويلات المالية (حصة الجنوب من عائدات النفط) لم تصل منذ بداية ديسمبر (كانون الأول) العام الماضي، وأكد أن عملية التحويل تستغرق فقط 3 أيام إلا أن الجنوب انتظر أكثر من شهر حتى الآن. ووصف إمساك أموال الجنوب بالمركز حتى هذا التاريخ ب«الأمر غير المبرر»، وأضاف أن الأسباب التي ساقتها الحكومة المركزية لتبرير تأخير دفع نصيب الجنوب من عائدات النفط غير منطقية. وقال كوريوم إن وصول هذه الأموال في مواعيدها كان سيفيد تغطية تكاليف عملية الاستفتاء وأكد أن تأخيرها تسبب في عدم صرف الرواتب. وأكد مدير بنك الجبال للتجارة والتنمية حسين قطر أن تأخير نصيب الجنوب من عائدات النفط منذ التوقيع على الاتفاقية مرتبط بالعامل السياسي أكثر من كونه إجراء مصرفيا، وقال قطر إن السودان يحتفظ بالاحتياطي النقدي العادي، وإن معظم البنوك في الشمال تحتفظ بأرصدة نقدية في دولة البحرين. إلى ذلك قالت مؤسسة «غلوبال ويتنس» إن أي اتفاق جديد لتقاسم الثروة النفطية بين شمال السودان وجنوبه يجب أن يتسم بالشفافية ويكفل الرقابة الخارجية لتفادي انعدام الثقة بين الطرفين. وقالت «غلوبال ويتنس» وهي منظمة تشن حملات على الفساد المتصل بالموارد الطبيعية إن أي اتفاق جديد يجب أن يستفيد من الاتفاق السابق ويطالب بالشفافية مع نشر جميع الأرقام بصفة دورية ووجود مراقبين ومدققين مستقلين وآلية لفض النزاع لتفادي انعدام الثقة. وأضافت في تقرير نشرته الخميس أن توقيع «اتفاق نفطي جديد بين الشمال والجنوب أمر ضروري لتفادي تكرار نشوب حرب شاملة». وقالت المنظمة «آخر مرة نشرت فيها الحكومة السودانية أرقاما تفصيلية لقسمة عائدات النفط كانت في يونيو (حزيران) 2009. منذ ذلك الحين انخفضت المعلومات المتاحة للجمهور بشكل كبير». وأضافت «هكذا فإن إجمالي المعلومات المتاحة اليوم يمثل خطوة للوراء من حيث الشفافية فالحكومة السودانية تنشر حاليا إلى معلومات أقل بكثير مما كانت تنشره في 2008 والنصف الأول من 2009 والذي لم يكن حتى في ذلك الحين كافيا لمراجعة قسمة إيرادات النفط». وأضافت «إلى جانب ذلك لم توفر الحكومة السودانية أو شركات النفط البيانات التي كان يمكنها توفيرها لتأييد تفسيراتها».