زووم ابوعاقله اماسا مزرعة المريخ..! هنالك قيم إنسانية ومعنوية كثيرة جداً ترتبط بشكل مباشر وغير مباشر بالزراعة، وكل من عاش في مجتمع يعتمد في حياته عليها يحيا حياة مليئة بالحكم والمواعظ ابتداءً بمصدر التشريع في كل المجتمعات المسلمة، وهو القرآن والسنة، حيث ورد في سورة البقرة قول الله تعالى: (( مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم ( 261 ) ) .. صدق الله العظيم.. وقد ذكرت قيم الزراعة لتقريب الأمور إلى مفاهيم الناس في مواضع كثيرة جداً في القرآن الكريم، وفي حياتنا العامة نجد الكثير من الأمثال التي ترتبط بالزراعة كأن يقال: أزرع طيب تحصد طيب.. وقديماً قيل فيما ينسب للشيخ الحكيم فرح ود تكتوك: إيد البدري.. قومي بدري.. وازرعي بدري.. واحصدي بدري.. شوفي كان تنقدري.. هذه الحكمة التي تنسحب على كل ما يتطلب الإجتهاد والعمل والمثابرة.. وبالنسبة لنا كأبناء مزارعين، نشأنا في مجتمعات زراعية، ندوزن حياتنا بمزيج من تلك القيم هنا وهناك، ونعتقد أن هذه الحياة عبارة عن زراعة.. وكل يتخيل فيها أنه يملك (حواشة) في إحدى تفاتيش مشروع الجزيرة، أو (جبراكة) في قيزان وجبال كردفان الغرة يتوجب عليه أن يزرعها بجهد ومثابرة، وينظفها ويسقيها وبعد أن يفعل كل ذلك يرفع يديه للمولى عزوجل طلباً للتوفيق والرزق.. حتى يحصد ما يسعده ويرح باله.. وحتى لا يخيب أمله يوم (الحصاد). كل هذه المقدمة إجتهدت فيها لكي أضع المريخ كنادي في هذا الفهم الكبير.. أو لنقل كل ما يخص الوسط الرياضي السوداني، لأن المريخ جزء من منظومة كبيرة تتأثر به سلباً وإيجاباً.. ولنعتبرهما (حواشة) كبيرة بالفهم الدارجي ونسأل أنفسنا: ما الذي زرعناه؟.. وكيف رعيناه واعتنينا به.. وبماذا سقيناه حتى نحصد مع الآخرين في يوم الحصاد.. وبمعنى آخر.. كيف نمارس نحن هذه العملية الرياضية بكل تفاصيلها الدقيقة حتى نحلم بنتائج جيدة تفرح القاعدة وتحفز القيادات التي تقودها لمزيد من العطاء، وعلى ضوء هذه المفاهيم نرى أننا نخطيء في كثير من التقديرات في هذا الشأن، وأحياناً نزرع شوكاً وننتظر بكل سذاجة أن نحصد عنباً.. نزرع شوكاً ونقنع القاعدة الجماهيرية بأن ما زرعناه ليس سوى تقاوي مميزة لعنب الشام.. ونرفع طموحاته بشكل مخيف.. حتى إذا جاء يوم الحصاد لم نحصل على شيء.. لا على عنب اليمن ولا بلح الشام.. فيحدث الإحباط في نهاية كل موسم. بين كل هذه العمليات نلاحظ أن هنالك عدم مصداقية، في تسجيل اللاعبين أولاً كبداية لعملية الزراعة التي نعنيها، حيث أن معظم المعلومات التي يعتمد عليها الناس في تقييم المستويات الفنية خاطئة، وبالتالي فإن كل ما يترتب عليها لن يخرج من دائرة الإعداد للنهايات المحبطة تلك، ففي أعمار اللاعبين لا نجد معلومات صحيحة يمكن الإعتماد عليها في بناء قاعدة بيانات تساعد النادي على امتلاك فريق مستقبلي، وببساطة يمكن خصم ست أو سبع سنوات من عمر اللاعب ليكون ناشئاً بينما عمره الحقيقي يتجاوز الثامنة والعشرين في الحقيقة، وفي أسعار اللاعبين نرى الهرج والمرج والعجب العجاب.. حيث ضاعت مئات الآلاف من الدولارات وتوزع دمها بين (القبائل).. وبينما كانت الآمال والأحلام تتحطم وتدمر كانت الأعمال الخاصة تنمو وتزيد.. والقصور تنبت من باطن الأرض لتشمخ كبنيان (ذات العماد).. والحرب تنشب بين الأفراد والجماعات في هرج ومرج بحيث لم نعرف من قتل من.. ولأجل ماذا.. مثل جيوش نزلت إلى أرض المعركة دون تنظيم للصفوف.. فيقتل الجندي رفيقه دون أن يميز ملامحه.. فتنتهي المعركة كل مرة ونحن لا نعرف من الذي فاز بها ومن الذي خسرها..! أهل المريخ.. ونحن منهم بكل تأكيد.. لم يجتهدوا في تنظيف الأرض قبل زراعتها، ولم يهتموا بالزرع حتى ينمو بشكل طيب.. ولم يحرسوا زرعهم من الطيور والآفات.. وفي كل مرة يخرجوا من موسمهم خاليي الوفاض.. ومع ذلك لم يستوعبوا الدرس..! حواشي مثلما هنالك علم ينظم العمليات الزراعية، ويرسخ لمفاهيم مهنية عميقة مثل: الحزم التقنية ومحاربة الآفات النباتية والحشرية.. هنالك علوم تنظم العملية الرياضية منها ماهو خاص بالإدارة.. وأخرى تتعلق بالتجارة.. وثالثة ذات صلة بالعلوم الإجتماعية والإنسانية ورابعة بالطب الباطن وعلم النفس.. وكلها تؤدي إلى نهايات مرضية..! مايجري بالمريخ يشبه بالضبط وضعية رجل يختار أرضاً شاسعة يبذل جهدا في زراعتها.. ثم يهملها بعد ذلك ويعود بعد أشهر طويلة ليجمع محصوله..! المريخ الآن به من لا يتقنون ما يكلفون به لأنهم ليسوا أهلاً للمسؤولية.. ومنهم من لا يعرف ما هو المطلوب منه بالضبط حتى يسهم في بناء مستقبل مشرف.. وفي المقابل نرى أن الكفاءات تهرب وتبتعد في كل مرة كما تبتعد الآمال والأحلام عن أرضنا.. وفي هذا يكمن السر في أن مريخ اليوم أقل من مريخ المصري حسام البدري والذي كان بدوره أقل من مريخ كروجر 2008 ومريخ أوتوفيستر 2007 وهكذا.. ما يعني أننا نتراجع..! حتى على مستوى تكوين المجالس كماً وكيفاً حدث تراجع مخيف.. فها نحن في 2014 بمجلس إدارة منقسم ما بين مستقيل و(حردان) وخامل وخميرة عكننة يريد أن يعكر الأجواء لينفرد هو بالقرار. أستاذي كمال حامد.. من أبجديات العمل الصحفي وأعرافه المألوفة أن يتم الرد على أي موضوع في مكانه الذي نشر فيه.. ولكن طالما أن ذلك الرد لم يصلني فأنا أعتبر نفسي غير معني به.. مع فائق إحترامي لكم وتقديري الذي لا يحده حدود..!