خارطة الطريق ناصر بابكر البوليس وفيتالو * عكّس المستوى الفني لمباراة البوليس الرواندي وفيتالو البورندي التي جرت مساء الأول التطور الكبير لكرة القدم في شرق ووسط القارة بشكل يدعو للإعجاب ويفرض على المهتمين بالكرة السودانية تأمل ودراسة ما يحدث في دول الإقليم لمعرفة الكيفية التي جعلت كثير من أندية سيكافا التي كانت حتى سنوات قريبة ماضية مثار تندر وسخرية تقدم مستويات فنية أفضل بكثير من مستويات أنديتنا.
* فالمباراة التي جمعت بين ناديين إبتعدا لأشهر عن خوض المباريات التنافسية، وناديين ما زالا في مرحلة إعداد للموسم الجديد وناديين لم يلعب أي منهما سوى تجربة ودية وحيدة قبل أن يشارك في سيكافا، شهدت أولاً مردود بدني عالٍ ورهيب من الفريقين اللذان أظهرا إستنادهما إلى مخزون لياقي لا تتوافر عليه أنديتنا إلا بعد خوض عشرات المباريات التنافسية. * وإلى جانب الأداء البدني العالي والذي تبلور في تأدية اللاعبين للواجبات الدفاعية والهجومية بشكل مميز طوال الدقائق التسعين، فإن المباراة تميزت بإيقاع سريع من الطرفين بشكل جعلها عبارة عن سجال مميز في تبادل الهجمات في ظل القدرة العالية على الإنتقال السريع من الحالة الدفاعية إلى الهجومية والعكس دون أن ننسى الإشارة إلى الجماعية في أداء الواجبات والضغط القوي والسريع كمنظومة على حامل الكرة من المنافس. * المباراة لعبت على تفاصيل صغيرة تعكس في حد ذاتها مقدار تطور كرة إقليم سيكافا عما كانت عليه في الماضي ويكفي الإشارة إلى كيفية تعامل لاعبي الفريقين مع الكرات الثابتة من ركنيات ومخالفات على طرفي الملعب والتي كانت تنفذ بطريقة نموذجية و(زي ما الكتاب بقول) عبر عرضيات أي منها بمثابة (نصف هدف) مع إنتشار وحركة مثالية للعناصر المتمركزة داخل منطقة الجزاء. * تلك الوضعية تفسر حقيقة أن ثلاثة من أهداف المباراة الأربعة نتجت من كرات ثابتة بعد أن إستفاد البوليس مرتين من الضربات الثابتة مقابل تسجيل فيتالو لهدفه الوحيد منها غير العديد من الكرات الثابتة الأخرى التي شكلت خطورة بالغة على مرمى الفريقين الأمر الذي يعكس إجادة التعامل مع تلك الكرات وهو ما يعكس من ناحية أخرى قيمة تعلم كرة القدم عبر الأكاديميات والمدارس السنية. * بصراحة شديدة، الأداء الذي قدمه حامل اللقب فيتالو أمام البوليس أفضل من أداء المريخ أمام المنافس نفسه في الجولة الأولى على الرغم أن البورندي خسر بثلاثية لكن النتيجة كما أشرت لعبت فيها (الكرات الثابتة) دوراً بارزاً ولكن مجريات اللقاء بشكل عام شهدت تقاسم الفريقين للسيطرة والهجمات والندية ولم تشهد أفضلية مطلقة لطرف على آخر عكس ما حدث في مباراة المريخ التي مالت فيها كفة الأفضلية بشكل واضح وكبير لمصلحة الفريق الرواندي الذي تفوق على بطل السودان في الكثير من الجزئيات. * ما سبق يؤكد أن مهمة المريخ ستكون غاية في الصعوبة أمام فيتالو وذلك على الرغم من أن الأحمر يدخل اللقاء بفرصتي الفوز أو التعادل لكنه يظل مطالباً بإظهار وجه أفضل بكثير مما كان عليه في الجولة الإفتتاحية أمام البوليس إذا أراد التأهل لربع النهائي مع ضرورة تكثيف العمل على تفادي خطورة فيتالو في الكرات الثابتة العرضية خاصة وأن البوليس كان قد سجل هدفه الوحيد في المريخ من كرة عرضية من ضربة ثابتة إلى جانب العمل على إيجاد حلول للتعامل مع الضغط السريع والقوي على حامل الكرة الذي سيفرضه الفريق البورندي على غرار ما صنعه البوليس ويومها عجز عناصر الفرقة الحمراء عن إيجاد أي حلول. * مباراة الجمعة وبغض النظر عن نتيجتها ستكون بمثابة إختبار حقيقي جديد ومفيد للمريخ مثلها مثل مباراة البوليس الأولى ومن شأنها منح بطل السودان فوائد عديدة سواء على الصعيد البدني أو الفني أو التكتيكي بما يخدم الغرض الذي شارك من أجله المريخ في البطولة وهو القرار الذي يتأكد يوماً تلو الآخر أنه كان موفقاً للحد البعيد سواء خرج الفريق من الدور الأول أو تأهل وإن كنا نتمنى بشدة أن ينتقل الأحمر للمرحلة المقبلة ليضمن أداء مباراة رابعة على أقل تقدير أمام منافس لن يقل في مستواه بأي حال من الأحوال عن البوليس وفيتالو حيث يلعب ثاني مجموعة المريخ (المريخ أو فيتالو) مع ثاني المجموعة الأولى والمؤكد أنه لن يخرج من رايون سبورت الرواندي أو عزام التنزاني والأخير يعتبر من الأندية الصاعدة بسرعة الصاروخ في الكرة الأفريقية رغم أنه تأسس قبل سبع سنوات فقط وتحديداً في العام 2007 والطريقة التي يدار بها تؤكد أنه سيكون من الأندية التي تفرض نفسها بقوة في القارة السمراء خلال السنوات القليلة القادمة. * قناعتي أن الفوائد التي يجنيها المريخ من خوض ثلاث أو أربع مباريات ببطولة سيكافا تساوي مقدار فائدة عشرات المباريات المحلية في الدوري والكأس والتي ينتصر خلالها بأقل مجهود وأي مستوى دون أن يحقق كبير فائدة بدنياً وتكتيكياً وفنياً ودون أن يتعرف جهازه الفني على السلبيات ونقاط الضعف وقبل ذلك على درجة قدرة الفريق على مقارعة الأندية الأفريقية في السباق القاري وموقعه الحقيقي بين أندية القارة السمراء الذي يمكن أن يحدد على ضوئه هدفه في المشاركة القارية بعيداً عن نهج الإسهاب في التفاؤل والأمنيات الذي ظل سائداً إستناداً إلى عروض محلية لا تسمن ولا تغني من جوع.