كلمة عماد الدين عمر الحسن هل تطالب الخرطوم بأيلا والياً عليها… في بدايه التسعينيات من الألفيه الماضيه والإنقاذ وافد جديد يتحسس مساراته بين الناس غض البنان لا زال ومبهم الأهداف والرؤي في أكثرها ، لمع نجم عدد من رموزها وقياداتها الوسطي تحديدا من أمثال العقيد يوسف عبدالفتاح والعميد الطيب ابراهيم محمد خير . وكثيرون لايزالون يذكرون للأول بعض المواقف أو قل المغامرات التي اشتهر بها في ذلك التوقيت ، ومنها علي سبيل المثال مطاردته الشهيرة بالمروحيات لتجار المواشي والضأن الذين حاولوا اخفائها قبل عيد الاضحي بقليل بهدف رفع الأسعار ، وأجبرهم حينها علي جلبها للأسواق ، وكذلك بحثه عن عربات التاكسي التي تقف أمام المنازل ولا تساهم في حل مشاكل النقل المتفاقمة في تلك الفترة مستخدما ذات الوسيلة التي استخدمها في مطاردة الخرفان ، كما لا أنسي شخصيا موقفه مع عدد من سائقي مركبات النقل العام ( الحافلات ) عندما شاهد تكدسا لحافلاتهم أمام أحد المطاعم لتناول وجبة الغداء والناس لا يجدون ما يصلون به الي منازلهم في وقت من أوقات الذروة ، وأذكر انه جاء علي ظهر دراجه ناريه وأرغمهم علي ترك الوجبة والتوجه لنقل الناس المتكدسين بالمواقف وقد تشدد جدا مع بعضهم لدرجة انه سكب ما كان أمامهم من طعام وأجبرهم علي التوجه لعرباتهم وهي الحادثه التي اكتسب بعدها لقب رامبو الذي اشتهر به عندما كان نائبا لوالي الخرطوم . أما الثاني وهو الطيب ابراهيم محمد خير فقد اشتهر وقتها بزياراته الميدانية المفاجئة للكثير من المرافق العامة والوزارات للوقوف علي سير العمل ومتابعة التزام العاملين فيها بمواعيدهم علي مستوي القيادات والادارات العامه . تذكرت كل ذلك الان والرجلين علي حواف النسيان وخارج كل منظومات الإنقاذ ربما بسبب تخطيها للمراحل الثورية وانتقالها الي ممارسه العمل السياسي بعد أن استقر لها الأمر ، أو ربما بسبب استنفاذهما لأغراضهما أو لأي أسباب اخري يعلمها الخالق وحده ، غير أني تزكرته بسبب شائعة إنتشرت في مواقع التواصل الاجتماعية في الأيام الماضية تفيد أن والي الجزيرة الجديد السيد محمد طاهر ايلا قد قام بزيارة ميدانية فجائية لمستشفي مدني العام وهو متنكرا ومخفيا شخصيته ، فتفاجأ بارتفاع ثمن تذكره الدخول للمستشفي كما تفاجأ أيضا بالتردي الكامل للبيئة والصحة بداخله ، ووفرة ملحوظة للقطط في مقابل شح للكوادر الطبية والادارية بالمستشفي ، ويبدو أنها تتوفر بسبب مجانيه دخولها للمستشفي أو بسبب أنها لا تكلف أجورا ولا مرتبات كما تفعل ذلك الكوادر البشرية . علي العموم – تمضي القصة أو الشائعة مفيدة أن الوالي حاول مقابلة المدير الطبي للمستشفي ولكنه اصطدم برفض الأخير المطلق لذلك لأنه كان في الوقت الرسمي والمقدس للاستمتاع بوجبة الفطور والتي امتدت لساعتين كاملتين من عمر الزمان ، فرجع ايلا الي مكتبه غضبان أسفا ثم أصدر قرارا يقضي بإعفاء المدير الطبي من منصبه بالاضافة الي إعفاء الطاقم الاداري للمستشفي . إنتهت القصة التي أعادت الي ذاكرتي قصه المسلسل السوري يوميات مدير عام والتي حاول فيها المدير العام أن يقف علي مواضع الخلل والقصور في ادارته بنفسه فكان يتنكر في كل مرة بزي مختلف يتيح له التعامل مع موظفيه دون أن يتعرفوا علي شخصيته فيخرج بالكثير من المعلومات ثم يعود لمكتبه ويصدر القرارات الصحيحه بعد أن يشاهد كل شئ بنفسه وليس نقلا عن أصحاب هواية نقل الأخبار والتي يكون بعضها صحيحا وأكثرها موضوعة ومكذوبة للعديد من الأسباب أو الأغراض في نفوس الناقلين . ورغم أن كثيرون قاموا بتكذيب تلك القصة ونفيها واستدلوا علي استحاله حدوثها بأن الوالي الجديد لم يزاول عمله بشكل رسمي بعد ، وأنه عاد الي مدينه بورتسودان ربما لحسم بعض الملفات الأخيرة قبل توجهه الي ولايته الجديدة بشكل نهائي ، إلا أن القصة في مجملها تشير وبشدة إلي مدي وحجم الأشواق عند الناس للشخصيه العمليه المباشرة التي تقف علي همومهم علي أرض الواقع وتدير شئونهم بعد التعرف علي مشاكلهم ومعاناتهم في المرافق العامه والوزارات والمصالح الحكوميه وهو أمر قد ابتعد عنه المسئولون تماما مؤخرا ولم يعد مرورهم علي مواطنيهم إلاّ تحت التغطية من كاميرات التلفزيونات والقنوات الفضائية ، وهو الأمر الذي يتيح كل الوقت لتجهيز وترتيب كل ما هو جميل لابرازه أمام أعين المسئول وكاميراته المرافقة وإخفاء كل ما هو قبيح وفيه قصور . ايلا قد يكون نموذجا جيدا لذلك النوع من الشخصيات ، وتشهد علي ذلك انجازاته الظاهره جدا للعيان وحجم التطور والنماء الذي شهده الشرق عموما ومدينة بورتسودان علي وجه التحديد ، وهو يتمتع بسمعة جيدة للغايه وقد سبقته تلك السمعة الي ولايته الجديده وهو الأمر الذي جعل مواطنو الجزيرة يصطفون علي الطرقات لاستقباله كما يستقبل الفاتحين ، وهم يحمّلونه أحلامهم وأمالهم الكبيره مما يضع علي عاتقه مسئولية ضخمة وتحد عظيم يدفعه لمنافسه نفسه من أجل تقديم أفضل ما يمكن أن يقدمه لهم ولو من باب رد الجميل . ولو أنه فعل ذلك وظهرت إنجازاته أو بعضها علي الأقل بشكل ملموس علي ولايه الجزيره وإنسانها وعمرانها ، وقبل ذلك مشروعها ، فلربما يطالب الخرطوميون بايلا واليا عليهم ومنقذا حقيقيا لهم ، بل.. الخوف أن يطالب السودانيون كلهم بذلك…