خارطة الطريق ناصر بابكر المريخ بين المجد والمال (2-2) * (وحول أزمة المستحقات المالية وعدم حصول اللاعبين عليها ومدى تأثير ذلك على الفريق، قال مدرب الريان الأورجوياني خورخي فوساتي: (أعتقد أن هذه المشكلة ليست في نادي الريان فقط، وإنما في أكثر من نادٍ قطري، وعموماً وبغض النظر عن عدم الحصول على المستحقات إلا أننا سنواصل البحث عن الإنجازات في الفترة المقبلة). * وتصريح فوساتي أعلاه لا يؤكد فقط على حقيقة أن المشاكل المالية باتت مشكلة موجودة في الغالبية العظمى من الأندية.. بل يؤكد أيضاً على قيمة مهمة من القيم التي يفترض أن تكون حاضرة وموجودة لدى لاعبي كرة القدم والأجهزة الفنية كذلك وهي أن مشاكل المستحقات لا تمنع تحقيق البطولات وحصد الألقاب متى ما كان إرادة الفوز حاضرة والرغبة في المجد موجودة. * كرة القدم تحولت منذ زمن بعيد لصناعة ودخلت عصر الإحتراف لتصبح بمثابة مهنة ومصدر الدخل الوحيد للاعبين والأجهزة الفنية وهذه حقيقة.. والحقيقة المرادفة أن الأزمة الإقتصادية التي ضربت العالم أثرت على كل شيء بما فيها صناعة كرة القدم نفسها وبنظرة سريعة لمتابعة أخبار الأندية في مختلف الدول تضح حقيقة أن وجود مشاكل مالية وأزمة مستحقات باتت هي الأصل والوضع العام في الغالبية العظمى منها. * وفي عالم كرة القدم، الكثير من النماذج لنجوم ضحوا من أجل أنديتهم بموافقة بعضهم على تخفيض أجورهم لمساعدة ناديهم على تجاوز مشاكله المالية.. ونماذج لآلاف من لاعبي كرة القدم (المحترفين بحق وحقيقة) صبروا على تأخر مستحقاتهم دون أن يتوقفوا عن ممارسة نشاطهم.. ولاعبون لم تمنعهم المشاكل المالية من الفوز بالألقاب فكانوا سبباً في مساعدة أنديتهم على تجاوز معاناتها ببطولات ساعدت على دعم خزائن أنديتهم من ناحية وحصولهم علي مستحقاتهم المتأخرة من ناحية أخرى. * التوقف عند تلك النماذج يفتح الباب واسعاً أمام الحديث حول قضية (الإحترافية والمشاكل المالية) ويقود لتساؤل مهم عما يبحث عنه لاعب كرة القدم المحترف إذا ما كان المال فقط أم المجد؟ والإجابة بكل تأكيد هي (كلاهما معاً) وهنا يبرز سؤال إضافي: (هل تأخر المال وتأخر الحصول على المستحقات يمنع تفكير اللاعب في المجد؟). * المؤكد والبديهي أن أي إنسان أياً كانت مهنته يريد الحصول على حقوقه في مواعيدها ويرغب في تحسين دخله وظروفه المعيشية.. لكن المؤكد أيضاً والمفترض أن طموحات أي إنسان في الحياة أياً كانت مهنته لا تقتصر على الجانب المالي فحسب.. فالنجاح في حد ذاته هدف من الأهداف الرئيسية التي يتم البحث عنها والسعي لتحقيقها.. والمعروف أن طريق النجاح دائماً شاق ومضنٍ وأن ظروف الحياة تضع أمامك متاريس وعقبات يمكن أن يكون من بينها العقبات المالية على غرار مشاكل تأخر المستحقات التي تواجه الكثير من الأندية ومن يفكر في المجد لا ينبغي أن يسمح لتلك الظروف أن تكون سبباً في منعه من الوصول إلى هدفه. * المريخ حالياً يمر بأزمة مالية شأنه شأن الكثير من الأندية في مختلف قارات العالم.. شأنه شأن واري وولفز الذي أطاح به الأحمر.. شأنه شأن وفاق سطيف الذي تأهل لمجموعات الأبطال رغم مشاكله المالية.. شأنه شأن منافسه القادم الكوكب المراكشي الذي يعيش نفس الوضعية.. ومن يتابع ما يسطر في الصحف هذه الأيام يعتقد أن اللاعبين عبارة عن (مرتزقة) لا يقاتلون إلا من أجل (المال والمال فقط) أو أنهم بلا طموح شخصي ولا يملكون ذرة من القيم التي جعلت لاعبين مثلهم يقاتلون في ظروف أسوأ من أجل الألقاب ولاعبين مثلهم يساعدون أنديتهم على تجاوز معاناتها المالية بالفوز بالبطولات. * عقود اللاعبين مع النادي تضمن لهم الحصول على مستحقاتهم عاجلاً أم آجلاً.. القانون يحفظ لأولئك اللاعبين حقوقهم ويضمن لهم الحصول عليها مهما تأخرت.. لكن البطولات التي تذهب لا تعود.. المجد لا ينتظر ويحتاج لعمل متواصل وقبل ذلك لتضحيات ولقوة إرادة وقدرة على الصبر والتحمل في الأوقات الصعبة. * عمر لجنة التسيير الحالية ينتهي بعد شهر من الآن والمؤكد أن تسديد متأخرات اللاعبين والأجهزة الفنية سيكون على رأس أولويات المجلس المنتخب.. لكن مصير المريخ في الوصول لمجموعات الكونفيدرالية يتضح بعد عشرة أيام لا أكثر يوم أن يستقبل المريخ المراكشي في موقعة تتطلب قدراً كبيراً من التركيز وتحتاج لإرادة وروح من اللاعبين.. إرادة لا يمكن أن تكون حاضرة لو لم تكن رغبة اللاعبين في المجد أكبر من رغبتهم في المال الذي يعتبر (حق يحفظه لهم القانون).. إرادة لن تكون حاضرة ما لم يفكر اللاعبون في جماهيرهم التي تقتطع من قوت يومها وتتداعى من كل الدول ومن كل شرائح المجتمع من أجلهم ومن أجل أن تسهم في حصولهم على مستحقاتهم.. وإن كان الطالب والعامل البسيط والعاطل والموظف والمغترب يفكرون في راحة لاعبي المريخ فأبسط ما يستحقه الأنصار من نجوم فريقهم التفكير في رد الدين للبسطاء بإهدائهم فرحاً هو أقل ما يستحقونه. * حتى ب(حسابات مالية).. تخطي الكوكب المراكشي يضمن للاعبي المريخ (حافز تأهل بالدولار) ويضمن لهم بعد ذلك (حافز ست مباريات أفريقية في المجموعات بالدولار أيضًا) وبالتالي فإنه يضمن للاعبين جني قدر كبير من الأموال في الموسم الحالي على غرار ما حدث الموسم الماضي وهي أموال كما ذكرنا وبالقانون سينالونها.. لكن مع ذلك أتمنى أن يكون تفكير اللاعبين في المجد أكبر.. في مجد شخصي لهم.. في مجد لناديهم.. أن يستلهموا من نفرات جماهيرهم التي تقام من أجلهم روحاً وطاقة وإرادة تدفعم للعب من أجل إسعادهم وتقودهم لهزيمة المعاناة المالية قبل المنافسين.