الناطق الرسمي للحكومة: قضية الأمة السودانية ضد دولة الإمارات لن تتوقف عند محطة المحكمة الدولية    ما هي "الخطة المستحيلة" لإيقاف لامين يامال؟ مدرب إنتر يوضح    ((منتظرين شنو أقطعوا العلاقات واطردوا سفيرهم؟؟))    تركيا تعلن استنكارها استهداف المرافق الحيوية ببورتسودان وكسلا بمسيرات المليشيا المتمردة    كيف سيواجه السودان حرب الصواريخ والمسيّرات؟!    494357480_1428280008483700_2041321410375323382_n    شاهد بالفيديو.. عريس سوداني يغمر المطربة مروة الدولية بأموال النقطة بالعملة المصرية وساخرون: (الفنانة ما بتغني بمزاج إلا تشوف النقطة)    أموال طائلة تحفز إنتر ميلان لإقصاء برشلونة    وزير الطاقة: استهداف مستودعات بورتسودان عمل إرهابي    شاهد بالصورة والفيديو.. وسط سخرية الجمهور.. خبيرة تجميل سودانية تكرم صاحبة المركز الأول في امتحانات الشهادة بجلسة "مكياج"    شاهد بالفيديو.. أفراد من الدعم السريع بقيادة "لواء" يمارسون كرة القدم داخل استاد النهود بالزي الرسمي والأسلحة على ظهورهم والجمهور ينفجر بالضحكات    شاهد بالفيديو.. أفراد من الدعم السريع بقيادة "لواء" يمارسون كرة القدم داخل استاد النهود بالزي الرسمي والأسلحة على ظهورهم والجمهور ينفجر بالضحكات    عبد الماجد عبد الحميد يكتب: معلومات خطيرة    تشفيره سهل التحرش بالأطفال.. انتقادات بريطانية لفيسبوك    باكستان تجري تجربة إطلاق صاروخ ثانية في ظل التوترات مع الهند    بعقد قصير.. رونالدو قد ينتقل إلى تشيلسي الإنجليزي    ((آسيا تتكلم سعودي))    "فلاتر التجميل" في الهواتف.. أدوات قاتلة بين يديك    ما هي محظورات الحج للنساء؟    شاهد بالفيديو.. هدى عربي وحنان بلوبلو تشعلان حفل زواج إبنة "ترباس" بفواصل من الرقص المثير    المريخ يواصل عروضه القوية ويكسب انتر نواكشوط بثنائية    شاهد بالصورة والفيديو.. بالزي القومي السوداني ومن فوقه "تشيرت" النادي.. مواطن سوداني يرقص فرحاً بفوز الأهلي السعودي بأبطال آسيا من المدرجات ويخطف الأضواء من المشجعين    تشيلسي يضرب ليفربول بثلاثية ويتمسك بأمل الأبطال    توجيه عاجل من وزير الطاقة السوداني بشأن الكهرباء    وقف الرحلات بمطار بن غوريون في اسرائيل بعد فشل اعتراض صاروخ أطلق من اليمن    الجيش يوضح بشأن حادثة بورتسودان    الأقمار الصناعية تكشف مواقع جديدة بمطار نيالا للتحكم بالمسيرات ومخابئ لمشغلي المُسيّرات    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (ألف ليلة و....)    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إنقلاب مايو على لسان نميري(1)
نشر في كورة سودانية يوم 25 - 05 - 2022


من وحي الذاكرة
كان إستدعائي إلى الخرطوم من موقع عملي بالقياد الشرفية في 1965م قد تم
بطريقة غريبة لم تصلني إشارة وإنما وصلت طائرة فيها ضابط يحمل نفس رتبتي
وضابط آخر وعدد من الجنود وضباط صف .
حياني الضابط الزميل ولخص مهمته في كلمات حرجة ، سلمت مهماتي ولم أحوال
حتى أن أسأله عن أسباب الإعتقال .
وفي الخرطوم عرفت أن الضابط برتبة الملازم يدعى خالد الكد قام بعمل
صبياني قبل ساعات في محاولة لا أشك لحظة في أنه قبل غيره كان يعرف حتمية
فشلها .
التحقيقات بدأت على الفور والأدلة كانت ساذجة قدم قائمة بإسم ضباط وأنا
على رأسهم بإعتبارهم قادة حركة الإنقلاب الفاشلة .
سألني المحقق ما رأيك؟؟
قلت له يجوز أنو يكن إعجابا ولا أعرف سببه فارق الرتبة فضلاً عن فارق
السن يحول دون أن يكون صديقي كل ما ذكره أنه عمل تحت قيادتي في حامية
الشجرة وكثير من الضباط الذي يعملون معي وتحت قيادتي كنت أحرص على أن
اكون لهم صديقاً وشقيقاً إلى جانب أنني كنت منهم معلماً ومرشداً ناجحاً
ومقوماً أيضاً . كان المحقق القائم المقام عمر الحاج موسى قائد القيادة
الشمالية في ذلك الوقت إلتزم بالوقائع وإستمع لشهادة الشهود وإستخرج
خلاصة البيانات وحدد قراره وأعلن برائتي .
أثناء وجودي في التحفظ الشديد وهو يعني الإحتجاز في المعسكر مقيد الحركة
في إطار جدران غرفة مريحة متوسطة الحجم كنت أفكر في دوافع الضابط
الصغير بعد أن عدت إلى عملي . واصلت التفكير بعد قيام الثورة كنت أفكر
ولم أصل إلى نتيجة إلا بعد شهور .
بعد مؤامرة يوليو جاءني عمر الحاج موسى في مكتبي بالإتحاد الإشتراكي ذات
ليلة تنحى بي جانباً ليهمس (جائني اليوم شقيق ضابط من إشتركوا في مؤامرة
يوليو وهو يحمل رسالة من شقيقه الهارب يعرض فيها أن يسلم نفسه بشرط أن
اضمن له شخصياًَ تحقيق العقوبة عليه إذا ما أصدرت المحكمة العسكرية حكماً
بالإعدام وقبل أن أسأل حتى عن إسمه سألت عمر الحاج موسى من أشترك في
مجزرة قصر الضباط) .
.
كانت مسئولة في حماية المطار وقد بقى فيه من يوم 20 يوليو إلى
يوم 23 يونيو حيث كان اول الهاربين .
هناك ما يشير إلى أنه إشترك في قتل الجنود وضباط الصف يوم إقتحامه
القيادة العامة ؟لا اعتقد ذلك فمعلوماتي تؤكد أنه إستعار ملابس عسكرية
صباح يوم 20 يوليو وذلك لأنه لم يكن في الخدمة قبل إنقلاب هاشم العطا هل
كان من المخططين والمنفذين الرئيسين ؟ لا أعتقد أنه مجرد آداء ولكن وقلت
لكن ماذا ؟ قال هو ابن خالة عبدالخالق محجوب وفهتفت خالد الكد .
قال نعم جائني شقيق طه الكد فما رأيك .
قلت مادام غير ماذكرت فأنا أعد سلم خالد الكد نفسه وصدر عليه الحكم
بالسجن لسنوات طويلة ثم العفو عنه بعد شهور من إدانته وعمل في وظيفة
إدارية في مسشفى الخرطوم.
المهم إني بعد الحوار مع عمر حاج موسى توقفت كثيراً أمام ما وصفه به من
أنه مجرد إرادة رجعت الذاكرة للعام 1965 بل إلى قبل ذلك بعد الدور الذي
قمت به أثناء ثورة أكتوبر وكان قريباً أن أعلم أن المعارضة في مجلس
الوزراء تعمل على تطهير قيادة الجديش من العناصر التي سادندت عهد عبود
وتولاها الوزراء الشيوعين كما كان قريباً أن أعلم أن التيار الذي كان
قداماً في مجلس الوزراء يعمل على محاولة تشريد الضباط الذين قاموا بدور
أساسي في إنجاح الثورة وإن لم يكن من بين عناصر الضباط الواعية .
في سنة 1965 كان تحرك خالد الكد مهزلة بالمقياس العسكري عبس . فهو إستعان
بعدد من المستجدين حين فقد السيطرة في اللحظة الأولى عن مسار تحركه حين
كان مكشوف منذ بداية محاولته وإستقطاب عناصر إلى أن تم القبض عليه
بالإضافة أنه هو الذي تطوع كما علمت بتقديم قائمة بأسمتاء الضباط بعضاً
لم يراه في حياته بإعتبارهم شركاء في محاولته الصبيانية والاكثر إثارة
للدهشة أن القائمة تضم الضباط الذي أقاموا بدور في إكتوبر وإشتهروا داخل
الجيش بأنهم عناصر وطنية نظيفة ومع هذا فقد ظل السؤال للجواب . هل تحرك
خالد الكد عام 1965 هدفه الأول والأخير هو توجيه ضربة للضباط الوطنين في
الجيش والإيقاع بهم مبكراً قبل أن يقوموا هم بمحاولة يكتب لها النجاح؟
السؤال حتى الآن لم أجد له إجابة وقد نجد له يوماً وقد لا نجد أبداً .
في الأسابيع الثلاثة التي سبقت يوم 25مايو 1969م كان الدراسات قد إكتملت
والتعميم قد إنتهى والقوات التي تقوم بدور الطليعة في حامية الثورة قد
تحددت بل كان تحركها السابق في الليلة المجيدة قد تم تحديده أيضاً .
تاثر القوة الرئيسية وهي قوة المدرعات وقد دبرنا قيامها في مهمة تدريبية
في معسكر منطقة خور عمر إلى الشمال من الخرطوم وذلك حتى لا تبدأ تحركها
من قاعدها الأساسية منطقة الشجرة حين كان يتعين عليها إختراق أحياء شعبية
سكنية بالإضافة إلى أن الإتصال لها في مرحلة التمهيد يكون اكثر أماناً في
منطقة خور عمر عنها في قاعدة الشجرة . كذلك كانت القوة المساعدة لها وهي
قوة المظليين قد تم تحديد وتوقيت تحركها بحيث تتجه لمنطقة فتاشة في ضواحي
أمدرمان وفي منتصف الطريق تغير من إتجاهاها وتتجه إلى منطقة خور عمر حين
تتلتقي بقوة المدرعات المعسكرة هناك . كانت القوة المبدئية قد قمت بوضعهاوحضرت إلى الخرطوم من جبيت شرق السودان تحت ستار وعكة مرضية للعلاج
إنقلاب مايو على لسان نميري( (2)
فئة كانت منذ البداية وحتى النهاية تأييداً كاملاً للتحرك وإيماناً
بأهدافه ووعياً بالمنحدر الذي وصلت إليه البلاد سياسياً وإقتصادياً
وإجتماعياً ومن هؤلاء خالد حسن عباس والذي أوكلت إليه مهمة تحريك القوات
المدرعة . وأبو القاسم محمد إبراهيم وزين العابدين محمد أحمد عبدالقادر
الذين قاموا بالسيطرة على سلاح المظلات وبعض الضباط والقوات المساعدة
كالنقل والإشارة وهؤلاء أبو القاسم هاشم بالإضافة إلى مامون عوض أبوزيد
مع بعض الضباط الآخرين الذين أوكلت لهم مهام ثانوية .
توالت إجتماعات التحضير النهائي والتي إقتصرت على ضباط هذه المجموعة
بالإضافة إلى فاروق حمد الله والذي كان مبعداً من الجيش إلا أنه كان يقوم
بدور كفء ونشط في التحضير للثورة خارج القوات . عقدت عدة إجتماعات بعضها
في منزل أبو القاسم إبراهيم وبعضها عند أبو القاسم هاشم ولم تكن
الإجتماعات للتحضير فحسب بل قصدت منها أن تكون إختباراً لصلابة المجموعة
بعد التأكد حددت ساعة الصفر وبدأ العد التنازلي في هذه المرحلة كان علي
أن أقابل بابكر عوض النور للمرة الأولى كان بابكر عوض النور واحد من
المبادرات التي قام بها فاروق حمدالله دون علم التنظيم وبالطبع دون
موافقته وإن كنا سلمنا بها بعد ذلك وقبلناها .
المبادة الثانية وإنه تعبير من جانبنا وبغير موافقة أيضاً وإنه كان في
إيطار مسئولية عن طبع نشرة الضباط الأحرار السرية وكان يعمد أحياناً إلى
طبعها في مطابع الحزب الشيوعي وقد علمنا بهذه الحقيقة في وقت لاحق إلا أن
الوقت كان قد فات لإيقاف هذا الإتصال وخاصة أن فاروق أكد أكثر من مرة
بانه لم يبوح بأسرار التنظيم ولا أسماء أعضائه ولا توقيت تحركهم ولا
اهدافه الإستراتيجية لأي من العناصر التي يتصل بها في الحزب الشيوعي .
بالنسبة لبابكر عوض الله كان خبر إتصالي به له واقعاً طيباً في نفسي
فبابكر عوض الله من العناصر الوطنية التنظيمية والتي لم يرتبط مطلقاً
بتنظيمات حزبية من اي نوع كما له دوراً مشهوداً قي ثورة اكتوبر كذلك فهو
قد ضحى بوظيفته وهي من أخطر المناصب بالسودان حين كان رئيساً للقضاء وذلك
في سبيل ما إعتقد أنه حق وإنصاف وإنه تصادم مع الحزبية صداما مشهوداً
ومسجلاً في تاريخ السودان بالإضافة إلى أنني كنت رشحته لواحد من ثلاثة
لتولي رئاسة الوزارة في أكتوبر 1964م . كنا علي أجري إتصالاً ببابكر عوض
الله تاكد لي في المقابلة الاولى إن فاروق لم يبيح له حتى بإسمه وإنما
كان يشير إلي في أحاديثه بأنني القائد الذي سيراه في الوقت المناسب .
نعم وضعت اللمسات الاخيرة التي قمت بوضعها للتحرك في صباح السبت 24 مايو
1969 توجهت إلى منزل أحد أقارب بابكر عوض النور بحي المطار وهو أستاذ
بجامعة الخرطوم حين قمنا بتسجيل البيان الأول بصوتي وسجل بابكر عوض الله
بياناً ثانياً بتشكيل الوازرة كما سجل فاروق بياناً موجهاً للقوات
المسلحة وإنتهت عملية التسجيل حوالي الساعة الواحدة ظهراً خرجنا من
المنزل متفرقين بعد خروجي صادفت محمد أبراهيم نقد الذي تربطني به صلة
صداقة وثيقة إذ أنه زميل دراسة بحنتوب الثانوية تعانقنا تحدثنا في مختلف
المواضيع العامة العابرة وقبل أن أصافحه مودعاً قال إنه في الواقع إنه
كان يبحث عني وهنالك من يريد أن يراني على الفور لأمر بالغ الخطورة سألته
عن الشخص أجاب بصورة أثارة فضولي أنني لا أستطيع أن أبوح بإسمه وإنني
سأراه لو ذهبت معه .
كنت أعلم أن نقد يشغل منصباً قيادياً في الحزب الشيوعي وكنت أعلم أنه
يعرف موقفي من الشيوعية والشيوعين فكثيراً ما تناقشنا كأصدقاء وأبناء
دفعة حول هموم السودان وكان الخلاف بينا لا أمل في تجاوزه ولكن العادة
السودانية فالإختلاف في الراي لا يفسد للود قضية .
قررت الذهاب معه لرؤية المجهول لأعرف ماذا يريد وعلى الأقل سأكون في
الصورة بدلاً من عيشي الساعات القادمة وسط إحتمالات لم أضعها في حسابي
ركب معي في السيارة وإتجهنا إلى سوق الخرطوم وفي أحد الشوارع الجانبية
توقفنا ودخلنا منزل وهناك قابلت المجهول
[
انقلاب مايو بلسان نميرى3
والا لما حولوا لقائى .واثناء وجودى مع الشفيع وحتى اثناء حديثه كنت
اعيد وزن الحوار الدائر في ذهني بسرعة وما هي الثغرات فيه .
كانت كثيرة وانني في البداية انكرت باي نية تحرك ثم بضغط المعلومات التي
كانت مسجلة له عن اجتماعات قمت ، اعترفت بانني شاركت فيها وان كنت قد سقت
تبرير ضعيف ثم ان المعلومات عن الاجتماعات قد تكون تسربت لهم عن العناصر
التي تم استبعادها في المرحلة الاولي لاجتماعات الضباط الاحرار وهي
معلومات التي تشير إلي نية التحرك وان كانت تنفي احتمال التحرك ثم ان
هناك احتمال بان يكون احد العناصر التي صمدت وواصلت معنا لآخر الشوط
مزروعة وسطنا من جانب الشيوعين وان هو الذي ابلغ المعلومات المفصلة .
ذلك كله دار في ذهني بسرعة قررت ان التقي بعبد الخالق محجوب في هذه
الليلة وبكل وسيلة وان تكون وسيلتي معه ، تختتلف عن اسلوبي مع الشفيع ،
المصارحة المشفوعة بالتهديد ولكن لماذا عبد الخالق وليس الشفيع لانني كنت
اعرف ان النظام الداخلي للحزب الشيوعي هو نظام انسبه مايكون بالماسونية
وان ادعاءات الديموقراطية هي وهم لااساس لها من الصحة فاللجنة المركزية
للحزب لم تجتمع ولخمس سنوات متتالية والمكتب السياسي يجري فصل اعضائه
بارادة السكرتير وحدهوحسب تقيمه وهواه وان سلطته مطلقة ونفوذه بلاحدود
وتخرجات وتفسيراته مها كانت فهي موضع رضا وقبول ، وتحرك الكل باشارته
لايختلف عن تحرك قواعد الطائفية بالاشارة . الشفيع إذاً لن يتجاوز في
تبليغ السلطة حتي لو توكد من نوايانا في التحرك وحتي ولو كان لقد اقتنع
فاننا لن نتحرك فلقد كان دوره ان ينقل محتوي الحديث حرفياً لعبد الخالق
ليقرر وحده وحتي لو استعملت مع الشفيع اسلوب التهديد فهو في اطار شخصية
عبد الخالق المسيطرة لن يكن لم يملك سوي ان يفصح له عن كل مادار .
التعامل المباشر مع عبد الخالق هو الاجدي والتاثير فيه هو الانفع .
حينما رجع العقيد جعفر محمد نميري إلي منزله بودنوباوي وجد انتظاره
الرائد مامون عوض ابو زيد ساله اين كنت اجابه العقيد ضاحكاً وهو يرتدي
ملابسه العسكرية في زيارة الاصدقاء وطوال الطريق الي خور عمر كانت عربة
العقيد تقطع الطريق الصامت في رحلة كان ومن معه بالعربة يدركون ان حالة
النجاح او حتي الفشل فلسوف تظل معلما ً في تاريخ السودان .
وصلت السيارة الي اطراف المعسكر ودارت حوله واخترقته وتوقفت في مركزها
هبط العقيد نميري وتقدمه خالد حسن عباس والتفت حوله الضباط والجنود تحدث
خالد حسن عباس في البداية للمرة الاولي قائد الثورة خاطب جنوده هذا هو
القائد الذي سيقود خطانا الي النصر او الشهادة وفي ضوء العربات تبين ان
للجنود وجه قائدهم كلهم يعرفه منهم بالخدمة تحت قيادته ومنهم بما سمع عنه
وتحدث العقيد نميري الي جنود طلائع الثورة قائلاً
العامة
انقلاب مايو على لسان نميرى 4
تحدث العقيد نميرى الى جنود طلائع الثورة قائلا
تحدث معكم قائدكم وضابطكم حول هدف تحركنا هذه الليلة
اننا نخطوخطوات نسجل بها لتاريخ السودان صفحة اخرى مجيدة من صفحات تاريخه العظيم اننا نتحرك نحو غدا افضل للسودان .انتم ابناء المزارعين اشقاء العمال الكادحين .انتم ابناء واشقاء الطلاب .انتم ابناءهذه الارض والتى ما فجرخيراتها الا المحرمين من خيراتها
انتم على موعد هذه الليلة لتشقوا للمحرومين
طريق الكفاية للمظلومين.درب العدل تعيدون للسودان مجده تحررون انائه من سيطرت الطائفية والحزبية والفساد الذى انتشر واستشرى انتم الموعدين بشرف الانتصار للشعب او الشهادة فى سبيله .سوف نتحرك بعد قليل فى اتجاه واحد اما ان نعيش فى سودان نعمل على تحريره ودفعه الى التقدم والعزة واما نموت فى سبيله ممهدين الطريق لثوار يا تون من بعدنا يحملون راية حاولنا رفعها وسقطنا دونها فى سبيل اشرف وانبل غاية هى مجد السودان ووحدة السودان وعزة السودان
ثم اعلن الرئيس نميرى بان التحرك سيتاخر عن موعده ساعة .حتى لا يتعرض الساهرون فى ساحة المولد بامدرمان لاى احتمال .ذلك ان الثورةهدفها حماية الجماهير وليس تعريضها للخطر
ثم انهى كلمته طالبا ان يسمع اسئلة من يريد ان يسال
تفدم البعض شاكيا من انه اثناء توزيع الواجبات .فرض عليهم البقاء فى المعسكر لحماية بعض المعدات وهم لا يريدون ان يتخلفوا عن المشاركة فى تفجير الثورة .امر على الفور ان يتحرك الجميع بكل معداتهم على ان يبقى المرضى فى الخيام وقد ترك عربته ة الخاصة معهم معلنا انها هدية خالصة مقرونة بتمنياته بالشفاء فى حالة عدم عودته
تحركت القوات من خور عمر .وبعد ان انضمت اليها قوات المظلات حيث اتجه بعضها الى الخرطوم خن طريق كبرى شمبات الى الخرطوم بحرى واتجه الاخرون عبر كبرى النيل الابيض الى الخرطوم وفى الطريق, كنت القوات يجرى توزيعها حسب الخطة الموضوعة بحيث وصلت القوة الرئيسية التى تسلمت القيادة العامة بعد ان حتلت باقى القوات المرافق الهامة والكبارى والاذاعةوالتلفزيون والهاتف
بوصول الرئيس نميرى الى القيادة العامة واحتلاله مكتب القائد العام بدات تصل تباعا بلاغات باقى القوات والتى نجحت جميعها فى اداء مهامها فى سهولة ويسر ,ما عدا القوة التى قادها الرائد زين عابدين محمد احمد عبد القادر والتى صادفة مقاومة محدودة من احد كبار الضباط عند اعتقاله ,والرائد خالد حسن عباس والذى لم يتمكن من اعتقال اللواء حمد النيل ضيف الله رئيس الاركان والذى صادف عدم وجوده بمنزله ,
جرت الاتصالات على الفور ,بالقوات المسلحة فى الاقاليم والتى اعلنت تايدها الفورى .
فى السادسة صباحا بدا راديو امدرمظان اذاعته بالقران الكريم تلاها موسيقى عسكرية ثم بيانات الثورة الاولى وكانت البداية
انقلاب مايو على لسان نميرى 5
دخل بابكرالنور مجلس الثورة ,رغم انه لم يشترك فى التحرك ليلة 25 مايو 1969قضى تلك الليلة فى بيته ,فوجى بقيام الثورة كما فوجى باحتياره عضوا فى مجلس قيادتها .
هاشم العطاء ايضا لم يكن من المشاركين فى التحركات التى ادت نجاح الثورة تلقى الخبر فى بون حيث كان يعمل مساعدا للملحق العسكرى بسفارة السودان بالمانيا الغربية فاروق حمد الله اقرب المقربين الى جعفر نميرى منذ عمل تحت قيادته اى ان طردمن القوات المسلحة وعمل بوظيفة مدنية ببلدية امدرمان .وتولى بتكليف من الرئيس نميرى مسئولية التحضير للثورةفى صفوف المدنيين لم يكن ملتزما بالفكر او بالانتماء للحزب الشيوعى ..كنت القضايا الفكرية لا تشغله كثيرا ,كان مشهودا له بالقدرة على تنظيم واجراء الاتصالات .
اول علامات الخطر ,فى اتجاهات فاروق حمد الله ونواياه ,كنت فى اتصالاته المبكرة بعناصر من الحزب الشيوعى ,وهى اتصالات بررها العقيد نميرى فى ذلك الوقتبان الغرض هو استغلال امكانيات الحزب الشيوعىفة طباعة نشرة الضباطالاحرار السرية 'تماما كما كان الحال بالنسبة للصحف الحزبية والتى كنت تتولى نشر الاخبار التى كان يسربها الضباط الاحرار اليها 'عن تدهور الاحوال داخل القوات المسلحة .
وكما كنت الصحف الحزبيةلا تظاهر الضباط الاحرار ولا تعرف شئا عن تنظيمهم ,وانما تنشر الاخبار التى تصل اليها نكاية فى الحزب الحاكم 'كذلك بالنسبة للحزب الشيوعى ,والذى كان يتولى طبع النشرة السرية من نفس المنطق .
تسربة العناصر الثلاثة الى داخل مجلس القيادة الثورة ..
اثنان يحملان فكر ماركسيا وانتماءاعقائديا,والتزاما حزبيا نجحا فى التستر عليه طوىلا وهما بابكر النور ..وهاشم العطاءوالثالث فاروق حمد الله ,تداخلت عوامل عدة فى تحولات موقف فاروق حمد الله ,بدا متدرجا وعبر مراحل الاتصال بعناصر من الحزب الشيوعى والتنسيق معها بغير علم تنظيم الضباط الاحرار قبل الثورة ,وتلك المرحلة الاولى .
سقوطه فى شبكة تقرير الامن والتى كنت توزع اتهامات التامر على الثورة على قيادات وقواعد الاحزاب المنحلة بغير تميز ,الامر الذى افقده الثقة بالقاعدة الجماهيرية الاوسع ,والنظر اليها من خلال انتماءتها الحزبية السابقة ,باعتبارها خطرا على الثورة وليس سندا لها وتلك مرحلة ثانية .
قدرة الشيوعيين التقليدية فى احتواء اى تحرك جماهيرى عفوى ,والادعاء بانهم القوة القادرة على مساندة الثورة ,فى مواجهة (الرجعية)المتمثلة فى احزاب قيادات وقواعد ,جعلته يحاول نشطا استقطاب تايد الشيوعيين باى ثمن واى وسيلة .
ما توهم انه نجح فيه ,حين استطاع استقطاب عناصر قيادية ونصف قيادية من الحزب الشيوعى والتى تطوعت للعمل معه فى جهاز الامن باعتبارها عناصر قادرة من الناحية التنظيمية على تحريك الجماهير والعمل وسطها اكثر من غيرها
كنت مجموعة العمل ,التى احاطت بفاروق حمدالله فى وزارة الداخلية تمثل جزاء من المجموعة الخارجة على قياددة عبد الخالق محجوب سكت الحزب الشيوعى ,الا ان الخلاف كان خلافا تنظيميا اكثر من خلاف عقائديا ,كانو بالفكر والممارسة التزاما بخط الحزب الفكرى وبرنامجه وممارساته رغم اعتراضاتهم على اسلوب قيادة عبد الخالق محجوب وما اتهموه به ,من نزعة ديكتورية تسلطية .
التعاون مع فاروق حمدالله من جانب هذه المجموعة تم اما على اساس علاقات شخصية قديمة به او على اساس التعاون المرحلى معه او على اساس امكانيات تحويله فكريا وكسبه فى صفوف الفكر الماركسى بغض النظر عن التنظيم الحزبى الذى كان يتراسه عبد الخلق محجوب .كان فاروق حمدالله يواجه ضمن مسئولياته كوزير داخلية تامر الحزب الشيوعى جناح عبد الخالق محجوب ,
……. ……………………… …… ……….
25 مايو اليوم ………..
لمن تكن ثورة مايو عند القائد الملهم جعفر نميرى امرا معينا فى واقعه المعيش.فيما يبدر عنه من سلوك وتصرفات
فالرجل كان يميل الى الاصلاح الهادئ ذات الطبع الوديع ويختار مامون العواقب من الافعال والاشياء.وينفر من الدم والارباك قدر نفوره من نزعة التسلط التى تتنتاب بعض فى التغير الجذرى والجائح تحت مظلة ثورة الشرعية الثورية او مواجهة الثورة المضادة عبر الاقصاء والتطهير .هكذا بان فى موقفه من ثورة اكتوبر حسبما تجلى فى ثنايا رواياته او فى تعليقاته المقتضبة التى نقلت عنه ونسبت اليه لكن جعفر محمد نميرى هو ابن شرعى لثورة عظيمة فى تاريخ السودان وما ابدعه من اعمال سردية هبة لهذه الثورة ليس لانها انعكست فى اعمال عديدة موضوعا ومضمونا وسياقا وشخصيات ورؤى ومشاعر .بلانها شكلت وعيه بالمجتمع العالم وعاشت معه طيلة حياته ينهل منها ويحن اليها ويقيس عليها انه ثورة 25مايو 1969التى احبها واحبها الجميع حبا جما وارتبطت فى ذهنه بالتحرر والراحة وهو يعبر عنه دعوت الى الثورة مع بعض الضباط من اجل مستقبل قادم للسودان
ظل جعفر نميرى هو الزعيم السياسى والرمز الوطنى المكتمل فى نظر الشعب السودانى فما صوره الا فى ابهى الصور وما اتى ذكرهالا بانبلوافضل الكلمات فى الغالب الاعم هكذا يحصى ويجلى لنا من ابناء جيله فى قوات الشعب المسلحة .وهكذا نعرف من تتبعنا لما يقوله عنه ابطال الستينات
نافذة
ومع اندلاع ثورة مايو ننتنقل مع احد معاصريه حين يقول عنه اثبت دائما بانه جدير باعجاب كل الضباط لما يمتاز بقوة الشخصية العسكرية .
احتفالنا بثورة مايو يوم عيدها اليوم 25مايويعبر عن مدى تمسكنا به داخل وجداننا واحسيسنا ومدى عشقنا لقائده الملهم نميرى الذى تغنى يوما ما كل الوطن باسمه فى الفروسية والحنية والجودية الذى افنى شبابه لاسعاد الامة السودانية .احتفالنا بها اليوم يمثل لنا عمرنا السابق وايام الطفولة
احتفالنا بها اليوم بمشاريعها وكباريها وكل جميل باقى
احتفالنا بها اليوم يجسد سمحة شعب وحاكم حرص بان يظل بيننا حتى بعد زوال حكمه معززا مكرما .
احتفالنا بها بعد بعد ان توارى جثمانه الطاهر بتلك الارض الطاهرة فى اكبر تشيع شهدته البلاد
نافذة اخيرة
ثورة مايو التى انطلقت بالافراح والاحتفالات والمشروعات ثورة مايو الطلائع والكديت
ثورة مايو تغنى لها كثير من الفنانين والحكامات والفنانات
اليوم نحتفل ومن دواخلنا ونعبر عبر اقلامنا بعيد ثورة مايو المجيد ونترحم على كل مفجريها وندعوا لهم بالرحمة والمقفرة .
خاتمة
نظل اوفياء لهذه الثورة التى انطلقت وفجرت شلالات الفرح لكل منسوبيها ذكرة عطرة باقية تعودنا ان نحتفل بها فى تاريخا المجيد 25مايومن كل عام ونظل اوفياء لهذ البطل الشجاع والقائد الملهم جعفر محمد نيرى وندعوا له بالمقفرة والرحمة كل صباح الهم ارحم عبدك جعفر نميرى واسكنه فسيح جناتك مع الصديقين والشهدا وحسن والئك رفيقا
فى الذكرى الحادي. عشر لرحيل المشير جعفر نميرى
لم يسافر عنا .. لكنه سافر فينا روحا ونبضا وفكرا .. فكيف اذن ننعيه ونجدد ذكرته السابعة فلا رثاء
ولا نعى للخالدين يؤكد المعنى والحضور المهيب لذكرى القائد الملهم المشير جعفر نميرى
تبارى الكل فى تعداد مآثر فقيد الوطن وقائد النظام المايوى فكيف نستطيع ان نلقى الضوء على قائد فى مكانة نميرى .. واى ضوء هذا الذى يمكن ان يكتشف قائدا محنكا ورئيسا شجاعا تخطى حدود المحلية الى الآفاق العالمية وصنع تاريخا سياسيا امتد لسنوات وسنوات كان فيه ماهرا فى قيادة الوطن .. عفيفا فى محتوياته .. امينا على شعبه .. مهتما بمصلحته
ما قام به الكل وتسابقوا فيه من تعداد روايات ومواقف يعتبر ومضة من شعاع الفقيد ومحاولة لعلهم يستكملون بها الحقيقة ولعلنا نضيف بها بعض الاجلال لتاريخ قائدنا الملهم .. وتلك الحقيقة وذلك الاجلال يكمنان داخل جانب من جوانبه الشخصية وهذا الجانب الاخلاقى فى قيادته لامة احبته وسعدت به وحزنت لفراقه ولكي نستكمل الحقيقة لابد ان تكون محاولتنا هذه هى استخلاصا لرؤيه اخلاقية للوصول الى سمة هذه الشخصية المتفردة .
والقيادة كما نعرفها اولا واخيرا خلق واخلاق.. لا لانها تقيم من نفسها واعظا بل لانها تتجاوز ما هو
قبيح الى كل جميل ولا يكفى ان تعطينا القيادة شكلا جميلا غنيا بالقيم القيادية بل لابد ان يكون
المحتوى يصل بنا الى حد الكمال او يكاد
ولكى نستكمل الحقيقة لابد ان تكون محاولتنا هذه هى الوصول الى الفعالية الحقيقية التى تقوم
على استراتيجية حكم مايو فى الاطار السياسى والاجتماعى الذى يعايشه ويتفاعل بداخله
والجدير بالذكر ان نميرى ابن للقرية السودانية ود نميرى بدنقلا العجوز نزح منها وهو يحمل طبيعتها
وطبايعها مدركا كقائد العلاقة الوثيقة بين التقليد الاجتماعى والقيم الاخلاقية من ناحية وبين العمل
السياسى من ناحية اخرى لذلك اتخذ لنفسه موقفا فكريا متميزا من مجتمعه فقد نظر الى القيم
الاخلاقية على انها شيئا كونيا غير محدود بالزمان او المكان شانها فى ذلك شان الانسان ايا كانت
هوايته او لونه او انتمائه السياسى وهذه مسؤلية كل قائد عظيم وهذا ما نعنيه بالتاصيل الاجتماعى
ان عبقرية قائدنا الملهم جعفر نميرى تمكنت من تذويب هذا التاصيل داخل حس راعى وشكل جمالى
لذلك فاضت ملكته بمحتوى رائع يجمع بين روح القيادة والحياة الاجتماعية وهو فى كل هذا يؤمن
كقائد بانه محاصر فكريا وعاطفيا بالعالم الذى يعيش فيه وله وهو فى محوره الانسان بكل صراعاته
وهمومه .
السؤال الان ما هو الدافع الذى حدا بقائدنا ان يختار المادة التاريخية حين كتب المنهج الاسلامى؟؟
لكي يطرحه على الساحة السياسية ؟؟ .. لم يكن الدافع بالدرجة الاولى هو مقدرته الكتابية او عبقريته القيادية التى يتميز بها ولكنه فى حقيقة الامر هو ذلك المحتوى الرائع الذى خاطب وجدانه الصادق وهز مشاعره وهو المبدأ السامى والشرف الرفيع الذى يذهب الانسان وراءه حتى اخر العالم او يهلك دونه
ويجدر بالذكر الاشارة هنا الى ميزة ينفرد بها جعفر نميرى بين الروساء الذين مرو على
السودان الا وهى التحكم الواعى فى انطلاقاته السياسية والقرارات التى يتخذها فهى انطلاقة
متزنة فكما هى بعيدة عن القيد المتزمت .. فهي بعيدة ايضا عن التطرف الزائد وهذه حالة يصعب التحكم فيها بالنسبة للقائد خاصة حيث انه يموج دوما بالاحاسيس والانفعالات الوقتية وهذه الحالة من التدفق الدائب .تحتاج الى قوة ارادية وتقويم اخلاقى اصيل حتى يحفظ القائد بهذا الاتزان .
فاذا تناولنا ظاهرة حب الوطن عند نميرى نجد ان عاطفته ليست بالعاطفة المتاججة الرعناء .بمعنى
انها ليست اندفاعية فى سريانها تدفعه الى مزالق الاهواء والغرائز فلقد كانت لديه القدرة على امتلاكها وهى ايضا لها القدرة على امتلاكه والتملك فى الحالتين تملك وعى متذن
ومما شك فيه ان الوطنية التي كانت عند قائدنا الملهم جعفر نميرى من اعلى سلوكيات الانسان والاعلي بين كل القيم الاخلاقية فلقد استوعب الرئيس نميرى ابان فترة حكمه او بعده تاريخ هذا الشعب الجميل فحمل همومه واهتزت مشاعره بالاحداث الجسام التى حلت بوطنه السودان
هكذا كانت ايام حكمه نغمة ترددها كل الاجيال من بعده حين تقترب ذكراه فى 25 مايو من كل
سنة عند محبيه وزملائه وتلاميذه وابنائه وعند عامة الشعب
القيادة عنده لا تعدو ان تكون مجهودا موصولا لا يتوقف الا بالموت ولقد كانت حياة جعفر نميرى
جهادا مستمرا لا يتوقف عند حد وانما ظل دائما هكذا حتى لفظ انفاسه الاخيرة وهو مرتاح البال وهو
يؤدى رسالته السامية كقائد عظيما عرفته كل الميادين السياسية فى العالم
وبكل الحب اعبر عن خالص مودتى وشكرى اصالة عن نفسى اولا وعن الجمع الطيب الذى امتلات به جوانب منزل القائد الملهم جعفر نميرى طيب الله ثراه وهى تحى ذكراه السابعة
هذا القائد الفذ الذى رحل فى يوم انطلاقة ثورته فى نهاية شهر مايو تاركا وراءه ثروة كاملة
ضخمة تحتاج الى من يهتم بنشرها وهى مبادئ ثورة مايو التى جمعتكم اليوم لتخليد ذكراه السابعة
بعد ان جاء كل واحدا منكم وهو يحمل فى مشاعره ودواخله ذكريات طيبة مع هذا الراحل المقيم فى
قلوبنا وجعلتم تتبارون فى حكيها وان طال الوقت ومددناه ولكن بلاشك عاد الكثيرون منا بماثر لم يجد
فرصة ليرويها فقد حكى الضابط كيف كان معه .. وحكى المواطن كيف كان يعامله.. وحكي الفنان كيف كان يلاقيه.. وحكى الاعلام كيف كانت مرافقته له.
انى اشكركم لهذا الوفاء والعرفان وانتم تعيدون شريط الذكريات الخصبة امام الفضلي حرمه بثينة
خليل التى التزمت الصمت لتسمع كيف يكون الصديق وزميل المهنة والمواطن والفنان والرياضى
والاعلامى وهم فى تسابق محموم عن ماثر من كان يوم غطائها وسترها وخاضت معه الكثير
كانت البرفسير فاطمة عبد المحمود متوهجه كما عهدناها وكانت خير من توصف القائد وتتحدث
عنه طيلة الفترة التى قضتها معه وهى تحمل هموم شعب طيب فى كل المواقع السياسية . ترنم
الدكتور عوض ابراهيم عوض بكلمات ابت والا ان تنزل دمعوع الحاضرين من انسيابها عبر احرف تمجد
هذا البطل الملهم جعفر نميرى
تحدث الزملاء واجادو فى كلماتهم عنه وعن فترته التى كانت من ازهى ايام الحكم فى السودان
تحدث من كانو حوله عن نزاهته وشفافيته حتى بعد الانتفاضة كان سبيله مثل سبيل الاخرين من
الحكام ان يقدم الى محاكمة ولكن عنوانها خرق الدستور وليس المال العام
شهد الكل بانه كان عفيفا وصاحب يد عليا يعطى الفقير والمسكين وكان ديدنه الكفاءة وليس الجهوية
او التعصب القبلى .
تحدثت المراة عنه وقالت انه اول من اعطي المراة حقوقها فى عهده وتحدث الرياضى بكيف كان يشحذ الهمة من اجل الانتصار للوطن ويكفيه فخرا بان اول كاس رياضى رفع باسم السودان كان فى عهد حكومة مايو الاغر بعد ان تولى رعاية الفريق القومى الحائز على كاس افريقيا 1970 وكان بنفسه حضورا بين اشاوس السودان اسوة بابنائه فى القوات المسلحة لان الانتصار يعنى انتصارا للوطن حتى تحقق له ما اراد
تحدث اهل القوات المسلحة عن شجاعته فى ميادين القتال فى جبيت وغيرها من المعارك التى
خاضها وكتب له الانتصار
وتحدث اهل السياسة عن انه كان محاور سياسيا لا يشق له غبار اخمد كثير من الثورات لدول شقيقة
وكان الميزان لعودته الى التعايش السلمى
جاءت فى ليلة ذكراه العطرة كل الطرق الصوفية وفاء وعرفانا لاهتمامه بها إبان حكمه
لقد ظل جعفر نميرى يقاتل بالكلمة من خلال الحوار ويقاوم بالفكرة والعقيدة اعداء الحياة فهو لا
يزال وهو لم ينته سيرة بيننا فهل انتهى جمال عبد الناصر وحافظ الاسد والملك فيصل وانور
السادات فلا زلنا نحاورهم فكرا ووجدانا ولا ذالوا بيننا كلمات مستنيرة تفتح مغاليق الحية السياسية
يوم بعد يوم وهاهو المشير والقائد الملهم جعفر نميرى يقف بينهم ليكون خالدا مع الخالدين.. الهم ارحم عبدك جعفر نميرى رحمة واسعة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.