محمد الجزولي 72 ساعة في تنزانيا..!! سمحت لي الظروف بمرافقة الهلال إلى دار السلام لتغطية مباراته والشباب التنزاني عصر السبت في ذهاب دور ال32 من دوري أبطال أفريقيا. اعتقد إنها من الرحلات الخالدة في الذاكرة، برغم من قصرها حيث قضيت 72 ساعة فقط في العاصمة دار السلام التي ارى إنها تنمو بسرعة فائقة وستنهض في الوقت القريب الى المدن العالمية الكبيرة. فقد عبر التنزانيون في كل المجالات بالعمل الجاد والتعاون والاجتهاد ووضع الوطن في حدقات العيون هدفاً ليس له نظير وليس فيها مكان للقبيلة أو الدين. كل شئ يسير فيها بنظام وانتظام يجعلك تحس بالحسرة والألم على السودان الذي يصعد إلى الهواية ونحن لا زلنا نتحدث عن زمان وايام زمان وجدل لا ينتهي إلا بقيام القيامة. المهم في الموضوع إن الهلال كان واحداً من الأحداث المهمة التي شهدتها دار السلام، حيث وجد اهتماماً اعلامياً غير مسبوق في الصحافة الورقية والمواقع الالكترونية والفضائيات والإذاعات المحلية. شعرت أن الهلال والشباب يلعبان في نهائي دوري أبطال أفريقيا حيث توقفت الحياة تماماً يوم السبت والجميع يسير في اتجاه ملعب نجامين مكابا الذي احتضن اللقاء. فرض الهلال اسمه وشخصيته وتاريخه وتقاليده على فريق الشباب الذي أتوقع أن يكون في السنوات القليلة القادمة واحداً من الأقوى الأندية الأفريقية. لم يتخل الهلال عن عاداته في تنزانيا وكان هو سيد الساحة وقدم مباراة تكتيكية من الطراز الرفيع جعلت الصحافيين التنزانيين يرفعون القبعات احتراماً لمدربه الكونغولي فلوران ابينيجي الذي ادار المباراة على طريقة الكبار. للمرة الثانية اعود وأقول بأني لم أكن خائفاً على الإطلاق من المباراة ولا من الشباب لأني أعرف الهلال جيداً ورافقته كثيراً في مثل هذه المباريات ولم يخيب ظني وخرج بتعادل غير عادل لأن النتيجة العادلة هي انتصاره بأكثر من ثلاثة أهداف. ما يحسب للاعبين أنهم أحسنوا الدفاع عن شعار الهلال ولم يرهبهم هدير 57 ألف مشجع كانوا يهتفون ويغنون للشباب ويرقصون على أن ايقاعه ونسوا أن الهلال ليس زعلان. فالفرق مقامات وأكد الهلال أنه كبير لا يتنازل عن عرشه عندما يكون الوقت تحدي والمناسبة لاظهار القيمة الفنية، حيث فرض الصمت على التنزانيين في ملعبهم الذي يعتبر من أجمل الملاعب الأفريقية. كانت 72 ساعة، للتاريخ والذكريات الجميلة والمواقف التي لا تنسي وعانينا كثيرين كوفد صحافي من اللغة السواحلية التي يتحدث بها جموع التنزانيين ولكن بعد فوات الأوان اكتشفنا إنها معظم كلاماتها مرادفة للعربية. ولكن الجمهور التنزاني حاجة ثانية خالص.. قمة الرقي والمثالية والذوق والسلوك الرياضي، هذا الجمهور رياضي بحت لا يفكر في شئ غير التشجيع لا يسئ ولا يشتم ولا يهدد الضيوف ولا يعرف الخروج من النص. اذا كان لا بد من حفظ الحقوق فمن باب أولى أن نشكر رئيس البعثة السفير عبدالعزيز حسن صالح الذي اظهر شخصية القائد وبعدها يأتي الجنرال حسن محمد صالح الذي خدمة الجميع بإخلاص وكان الجند المجهول في البعثة. القطاع الرياضي بقيادة العليقي واركان حربه في دائرة الكرة.. عبدالمهيمن الأمين والفاضل حسين، كان لهم دور لا يمكن تجاوزهم حيث أجادوا لعب الأدوار ومهدوا لهذا التعادل الغالي. بالطبع إن من خطط لهذه النتيجة الايجابية هو الجهاز الفني ممثلاً في فلوران ومساعده خالد بخيت ومدرب الاحمال ومدرب الحراس ومحلل الأداء هذا الفريق هو وراء نجاح رحلة دار السلام ومعه الوحدة الطبية بقيادة الدكتور عوض الجعلي ويكفي أن الفريق دخل المباراة بكشف خال من الإصابات. خلاصة القول: الكتابة عن رحلة تنزانيا تحتاج إلى الايام ولكن الذي لا بد أن نذكر به جماهير الهلال إن لقاء الإياب الذي يقام الأحد القادم يقع على عاتق مسؤوليتهم ولن ازيد. وفي الختام: إنه الهلال ولون السماء وزرقة الماء وشرف الانتماء.. والسلام.