عماد الدين الحسن لقد وقعنا في الفخ… المحنة التي يعيشها الشعب السوداني هذه الايام لا تتمثل فقط في الحرب الدائرة منذ تسعة اشهر وشردته وهددت مستقبل ابناءه – بل هي اعمق من ذلك بكثير ، فالسوداني الان يعلم يقينا ان كل خيارات انتهاء هذه الحرب ليست في صالحه ، فاذا انتصر طرف علي الاخر انفرد بالسلطة والقرار وواصل استبداده و سرقته لثروات البلاد ، واذا انتهت الحرب عبر التفاوض اتفق الخصمان عليه واقتسما البلاد بينهما كما حدث من قبل عندما (حدث ماحدث ) ، فنحن امام خصمان اذا اتفقوا سرقونا واذا اختلفوا قتلونا ولايوجد بينهم من يراعي مصالح المواطن المسكين . وعلي ذلك يكون الحياد هو افضل موقف يمكن ان يتخذه الشعب السوداني في هذه الحرب التي لاناقة له فيها ولا جمل ، وهي لم تقم من الاساس للدفاع عنه ولا لحمايته . طرفا الصراع يشبه بعضهم البعض ، كلاهما يقاتل من اجل مصالحه الخاصة ، وكلاهما يتاجر بالمسميات ، الاول يحاول ان يقنعنا انها لله وليست للسلطة ، بينما يحاول الاخر ان يقنعنا انها من اجل الديمقراطية واعادة الحكم المدني وكلاهما كذاب اشر ، وعلي ذلك لا يستطيع المواطن ان يمنح ثقته لاي منهما وقد وجد كل طرف منهما الفرصة لاثبات ولاءه وانتمائه لهذا الشعب لكنه فشل في ذلك بكل جدارة . اذن ، فالمعادلة تحتاج الي طرف ثالث يرجح كفة الشعب تكون مصلحة الوطن والمواطن هي اولي اولوياته ، وهو الدور الذي فشلت فيه بامتياز قوي الحرية والتغيير التي اضاعت بضعفها وتهاونها اقوي ثورة في تاريخ السودان الحديث . نحن الان في حوجة ماسة الي طرف ثالث يعيد الامور الي نصابها ويحدث التوازن المطلوب ، وانسب من يمكنه القيام بهذا الدور هو الجيش كمؤسسة قومية – شريطة ان يتخلص من الفاسدين فيه والمفسدين ، وان يتطهر من اي انتماء سياسي . في الختام نقول ان غاية ما نتمناه الان من هذه الحرب ان يضرب الله الظالمين بالظالمين ويخرجنا من بينهم سالمين ..