بنك السودان يدشن نظام الصادر والوارد الإلكتروني عبر منصة بلدنا في خطوة نحو التحول الرقمي    الجزيرة .. ضبط 2460 رأس بنقو بقيمة 120 مليون جنيهاً    مصر.. بيان رسمي وتحرك فوري بعد واقعة الهروب الجماعي من مصحة للإدمان    زيادة جديدة في الدولار الجمركي بالسودان    شاهد بالفيديو.. مطرب سوداني يرد على سخرية الجمهور بعد أن شبهه بقائد الدعم السريع: (بالنسبة للناس البتقول بشبه حميدتي.. ركزوا مع الفلجة قبل أعمل تقويم)    والي الشمالية يستقبل وفد لجنة تقصي الحقائق حول انتهاكات القانون الدولي لحقوق الإنسان    مفاجأة.. أرض الصومال    معتصم جعفر يعقد جلسة مع المدرب وقادة المنتخب ويشدد على ضرورة تحقيق الانتصار    رونالدو بنشوة الانتصار: المشوار لا يزال طويلًا.. ولا أحد يحسم الدوري في منتصف الموسم    البرهان يطلق تصريحات جديدة مدويّة بشأن الحرب    الأهلي مروي يستعين بجبل البركل وعقد الفرقة يكتمل اليوم    عبدالصمد : الفريق جاهز ونراهن على جماهيرنا    المريخ بورتسودان يكسب النيل سنجة ويرتقي للوصافة.. والقوز أبوحمد والمريخ أم روابة "حبايب"    انطلاقًا من الأراضي الإثيوبية..الجيش السوداني يتحسّب لهجوم    الصادق الرزيقي يكتب: البرهان وحديث انقرة    الوطن بين احداثيات عركي (بخاف) و(اضحكي)    شاهد بالفيديو.. (ما تمشي.. يشيلوا المدرسين كلهم ويخلوك انت بس) طلاب بمدرسة إبتدائية بالسودان يرفضون مغادرة معلمهم بعد أن قامت الوزارة بنقله ويتمسكون به في مشهد مؤثر    السودان يعرب عن قلقه البالغ إزاء التطورات والإجراءات الاحادية التي قام بها المجلس الإنتقالي الجنوبي في محافظتي المهرة وحضرموت في اليمن    مدرب المنتخب السوداني : مباراة غينيا ستكون صعبة    لميس الحديدي في منشورها الأول بعد الطلاق من عمرو أديب    شاهد بالفيديو.. مشجعة المنتخب السوداني الحسناء التي اشتهرت بالبكاء في المدرجات تعود لأرض الوطن وتوثق لجمال الطبيعة بسنكات    تحولا لحالة يرثى لها.. شاهد أحدث صور لملاعب القمة السودانية الهلال والمريخ "الجوهرة" و "القلعة الحمراء"    رقم تاريخي وآخر سلبي لياسين بونو في مباراة المغرب ومالي    الإعيسر يؤكد الدور الفاعل والاصيل للاعلام الوطني في تشكيل الوعي الجمعي وحماية الوطن    شرطة ولاية القضارف تضع حدًا للنشاط الإجرامي لعصابة نهب بالمشروعات الزراعية    استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وراء تزايد تشتت انتباه المراهقين    مشروبات تخفف الإمساك وتسهل حركة الأمعاء    منى أبو زيد يكتب: جرائم الظل في السودان والسلاح الحاسم في المعركة    «صقر» يقود رجلين إلى المحكمة    شرطة محلية بحري تنجح في فك طلاسم إختطاف طالب جامعي وتوقف (4) متهمين متورطين في البلاغ خلال 72ساعة    بالفيديو.. بعد هروب ومطاردة ليلاً.. شاهد لحظة قبض الشرطة السودانية على أكبر مروج لمخدر "الآيس" بأم درمان بعد كمين ناجح    ناشط سوداني يحكي تفاصيل الحوار الذي دار بينه وبين شيخ الأمين بعد أن وصلت الخلافات بينهما إلى "بلاغات جنائية": (والله لم اجد ما اقوله له بعد كلامه سوى العفو والعافية)    كيف واجه القطاع المصرفي في السودان تحديات الحرب خلال 2025    إبراهيم شقلاوي يكتب: وحدة السدود تعيد الدولة إلى سؤال التنمية المؤجَّل    وحدة السدود تعيد الدولة إلى سؤال التنمية المؤجَّل    تراجع أسعار الذهب عقب موجة ارتفاع قياسية    وزير الداخلية التركي يكشف تفاصيل اختفاء طائرة رئيس أركان الجيش الليبي    "سر صحي" في حبات التمر لا يظهر سريعا.. تعرف عليه    فيديو يثير الجدل في السودان    شرطة ولاية نهر النيل تضبط كمية من المخدرات في عمليتين نوعيتين    الكابلي ووردي.. نفس الزول!!    استقالة مدير بنك شهير في السودان بعد أيام من تعيينه    كيف تكيف مستهلكو القهوة بالعالم مع موجة الغلاء؟    اكتشاف هجوم احتيالي يخترق حسابك على "واتسآب" دون أن تشعر    قبور مرعبة وخطيرة!    عزمي عبد الرازق يكتب: عودة لنظام (ACD).. محاولة اختراق السودان مستمرة!    البرهان يصل الرياض    مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السودان يقوض أركان الإخوان.. ولكن
نشر في كوش نيوز يوم 28 - 11 - 2019

قطعت السلطة الانتقالية في السودان شوطاً مهماً لتقويض النفوذ الذي تمتعت به جماعة الإخوان في عهد الرئيس المعزول عمر البشير. ونجحت بعض الخطوات في غلق أبواب تحكمت فيها الجماعة والجيوب المختلفة التي تنتمي للحركة الإسلامية الأم. ولا يزال الجدل مستمراً حول مدى القدرة على اتخاذ المزيد من التحركات لمنع أي اختراق لعناصر الإخوان ومن يدورون في فلكهم داخل مؤسسات الدولة.
تمكنت الحكومة من سد بعض النوافذ التابعة للجماعة، وألقت القبض على شخصيات كبيرة تنتمي لها أو محسوبة عليها، ويجري محاكمة بعضها حالياً، لكنها لم تتخذ قراراً بشأن مصير آخرين فاعلين. وتجاهلت مطالبات قوى سياسية متعددة بوقف نشاط حزب المؤتمر الوطني الحاكم سابقاً، والأحزاب الإسلامية المنسجمة معه في الأفكار والمواقف والتصرفات. وهي مشكلة تثير انقساماً داخلياً، وأوجدت شكوكاً حيال نوايا بعض القيادات في السلطة الانتقالية.
كما زادت المخاوف من احتمال حدوث ارتدادات على الأهداف النبيلة التي حملها الحراك الثوري حتى تمكن من سقوط نظام البشير، بعد تصريحات مثيرة أدلت بها قيادات تحتل صدارة بعض الأحزاب الإسلامية. وكان إبراهيم غندور الرئيس الجديد لحزب المؤتمر الوطني جريئا وواثقا بما يكفي عندما وجه انتقادات لتوجهات قوى الحرية والتغيير والوزراء الذين أتت بهم، وطالب بحكومة تكنوقراط يرأسها أيضا عبدالله حمدوك رئيس الحكومة حالياً.
يتعامل غندور وبعض رفاقه مع ما يجري في السودان، وكأن حزب المؤتمر الوطني لا علاقة له بالحركة الإسلامية، وغير مسؤول عن الكوارث التي حلت بالبلاد. ويريد أن يصبح ضمن النخبة السياسية الراهنة التي لها حق إبداء الآراء والتعليق والمشاركة في صياغة المشهد العام، ويكون له مقعد في المستقبل، متجاهلا الغليان الذي يحيط بحزبه في الشارع السوداني، ومتجاوزا الخطايا التي أدت إلى انفجار بركان الغضب في وجه البشير وجماعته.
تدرك القوى الوطنية في السودان الحيل التي يتبناها غندور. وبدلا من أن تتقبل اللغة الناعمة التي يتحدث بها ضاعفت من تحركاتها حيال استهداف فلول النظام السابق الذين يتصرفون كأنهم جزء من المعادلة الجديدة، ويتنصلون من الروابط العميقة مع جماعة الإخوان، ويحاولون تمهيد البيئة لتتقبلهم مثل كل الأحزاب، اعتمادا على السماحة السياسية في السودان.
وهنا مربط الفرس، كما يقولون. فلدى فئة كبيرة من المواطنين سماحة واضحة، وإيمان بالتنوع السياسي، وميل لطي صفحة الماضي القاتمة كي لا تنفجر براكين من الانقسامات تزيد الأمور تعقيدا. كما أن للنظام السابق ذيولا وروافد وخيوطا يصعب تحديد أولها من آخرها. واستحقاقات عاجلة بشأن تجاوز الكثير من الأزمات الاقتصادية، ورغبة عارمة لتحقيق السلام.
في ظل هذه الأجواء، تتسلل جماعة الإخوان والمتحالفين معها، سرا وعلانية، إلى حرف الثورة عن أهدافها الرئيسية، وأبرزها إنهاء دور من تسببوا في انهيار البلاد ومحاسبة الفاسدين وتخليص الجهات الرسمية من الدور الذي تلعبه الدولة العميقة.
من علامات قطع الطريق على هذه الأهداف توسيع نطاق الشوشرة السياسية، والدخول في تراشقات حزبية لا طائل منها سوى غض النظر عن عملية تقليص نفوذ الإخوان، بما يسمح بتنظيم الصفوف، واستغلال الخبرات التي راكموها على مدار ثلاثين عاما، للقفز على السلطة.
يمكن تحقيق ذلك، في حال استمرار الارتباك الحاصل في دولاب الدولة، وعجز الحكومة والجبهة الثورية، كممثلة للحركات المسلحة، عن التوصل إلى اتفاق نهائي لتثبيت السلام الشامل الذي أصبح مهددا عقب تأجيل التفاوض بين الطرفين، وظهور عقبات تؤجل التوقيتات الزمنية التي وضعت له منذ بداية المرحلة الانتقالية، فقد مضى نحو ثلاثة أشهر ولم تتحرك سفينة السلام من محطتها، وقد أكدت الوثيقة الدستورية إنجازه خلال الستة أشهر الأولى.
يؤدي العجز عن تحقيق تقدم ملموس في المسارات الرئيسية إلى زيادة حدة المشكلات التي تتغذى عليها جماعة الإخوان، وتجعل خطة تهذيبها تتراجع في سلم أولويات الجماعة الوطنية. حيث تنشغل قوى الحرية والتغيير، وهي تمثل الظهير الشعبي للحكومة، بجملة من الخلافات بين مكوناتها. وتهتم القوات المسلحة بإخماد الحرائق التي تشتعل من حين لآخر في الشرق وجنوب كردفان، وبات قرار وقف العدائيات في الأقاليم المختلفة على المحك.
أصبح رفع اسم السودان من على اللائحة الأميركية للدول الراعية للإرهاب يراوح مكانه، وبحاجة لجهود سياسية تتغلب على تعقيداته الأميركية، لأنه يمثل أحد الحلول التي تسهم في التخلص تماما من العقوبات الاقتصادية، وضخ المساعدات والاستثمارات الغربية إلى البلاد، وتبييض وجه السودان في ملف مكافحة الإرهاب. الأمر الذي يتطلب جهداً كبيراً من الحكومة، يؤكد أن البلاد تخلصت من نفوذ الجماعات المتطرفة التي تدفقت على الأراضي السودانية طيلة السنوات الماضية، ووضعت الخرطوم في حرج سياسي بالغ.
لدى الحكومة فرصة للتخلص من هذا الكابوس. ونقطة البداية تتمثل في الشروع بجدية في معاقبة الأحزاب والقوى الإسلامية المسؤولة عن تراكم هذه الظاهرة في السودان، وأقلها الحرمان من الممارسة السياسية تحت أي مسمى.
هناك محاولة للالتفاف تقوم بها شخصيات قيادية لجهة تكوين أحزاب بأسماء جديدة وهويات قديمة. مستغلة السيولة التي تخيم على الساحة السياسية، وتزايد الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي تعجز الحكومة عن إيجاد حلول عاجلة لها.
تخدم البيئة العامة الخطوات الرامية للتخلص من الدوائر التي جعلت السودان ملاذاً آمناً لقوى متشددة. لكن البطء الذي تتعامل به الحكومة معها قد تكون تكلفته باهظة. فمع مرور الوقت تكون هناك صعوبة في عملية اقتلاعها من جذورها، كأحزاب وقيادات متطرفة. فكل يوم يمر دون التخلص من هذا العبء السياسي والأمني تتحمل الخرطوم ما لا تستطيع تحمله من ضغوط داخلية وخارجية، وتدفع ثمنا باهظا لعدم وقف النزيف المترتب على تصاعد المشكلات الناجمة عن هذا الملف.
إن تقويض الإخوان في السودان، ليس ملفاً عادياً، فهو متعدد الأوجه ومنفتح على كثير من القضايا الحيوية. وكل تأخير في غلقه بحسم سوف يقود إلى عقبات تتخطى حدوده السياسية الظاهرة. والتشابك الذي يكتنفه يمنحه أولوية بإمتياز، لأن النجاح فيه يعزز الثقة الإقليمية والدولية التي حصلت عليها الحكومة السودانية.
تقرير :محمد أبو الفضل


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.