مع بزوغ فجر السودان الجديد بالدولة المدنية بدأت مساعي حكومة الثورة لاسترداد اموال السودان المنهوبة والمودعة بعدة دول اتت في مقدمتها ماليزيا معقل استثمارات النظام البائد والتي قُدرت بمبلغ (64) مليار دولار بحسب ما قال الخبير المصرفي محمد عصمت.. وجدد رئيس الوزراء د. عبدالله حمدوك تمسك حكومته باسترداد و إرجاع الأموال المنهوبة داخل و خارج البلاد دون التخلي عن (سنت) واحد وادخالها في مشاريع التنمية.. ولعل الحكومة نجحت بحسب البعض داخلياً في استرداد أموال طائلة بواسطة لجنة إزالة التمكين، بيد أن الغموض ما يزال يكتنف عودة أموال الخارج..
ماذا قال حمدوك؟ أكد رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، التزام الحكومة بمتابعة ومراجعة التدفقات المالية غير المشروعة، بجانب إرجاع كل الأموال المنهوبة والمهربة خارجياً، وتوجيهها لتنمية واستقرار البلاد. ودعا حمدوك خلال مخاطبته قُبيل يومين ورشة الآلية رفيعة المستوى لمحاربة التدفقات المالية غير المشروعة، دعا إلى ضرورة تضافر الجهود الداخلية والخارجية والعمل بتنسيق متكامل، وإحداث مناخ استثمار معافى.
وشارك في الورشة، عدد من الوزراء والوكلاء والجهات الحكومية المختصة، بمشاركة سفراء عدد من الدول، ومفوضية الاتحاد الإفريقي، والاتحاد الأوروبي، وبعثة يونيتامس، وبرنامج الأممالمتحدة الإنمائي، والبنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، وعدد من وكالات التنمية والتعاون والمنظمات الدولية. ولفت رئيس الوزراء، إلى أهمية تكامل الأدوار بين الآلية الوطنية مع منظمات المجتمع المدني، والعمل بشفافية عالية لإنجاح هذا المشروع الكبير. وأكد أن قيام مثل هذه الآلية، لم يكن ليحدث، لولا ثورة ديسمبر وتضحيات أبنائها.
اتجاه عالمي للاسترداد وطبقاً لتصريحات رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي الموحد محمد عصمت ل(السوداني)، فإن الأموال المنهوبة بالخارج تتجاوز ال(64) مليار دولار. واوضح عصمت أن الاموال المنهوبة تم ايداعها في عدة دول ابرزهم ماليزيا التي لجأ اليها النظام البائد منذ توليه السلطة مستثمرا ومهربا، منوها الى أن البائد لجأ لخيار تعدد دول الايداع بغرض الحماية من اجراءات تقوم بها الدولة موضع الايداع.. وقال عصمت إن استرداد الاموال كاملة يعود للتعاون بين الدول الخارجية مع السودان ، مشيراً إلى أن ذلك أضحى اتجاها عالميا.
واضاف: الأممالمتحدة لديها توجه بإعادة كل الأموال المنهوبة بواسطة الحكام إلى شعوبها، واصبح هذا واقعاً منذ ما يقارب ال5 سنوات، كما أن هنالك نظاما عالميا يربط جميع دول العالم لمتابعة الأموال المهربة دولياً، كأموال غسل الأموال وتمويل الإرهاب واموال الاتجار بالبشر والمخدرات والدعارة. وشدد عصمت على أن الظروف مواتية ليسترد السودان أمواله المنهوبة باسمه وباسم الشعوب الأخرى.
بالتوقيع أو التعاون الدولي خبير القانون الدولي د. العادل عاجب يذهب في ل(السوداني) بالتأكيد أن استرداد الاموال المنهوبة من الخارج يتطلب توقيع السودان على اتفاقية الاممالمتحدة لمكافحة الفساد، مشيرا الى انها اتفاقية دولية تتيح استرجاع الاموال التي تأتي بطريقة غير شرعية وتم ايداعها بالخارج. وقال العادل: إن الاتفاقية تقف عقبة للاسترداد من الجهات الخارجية التي اودعت فيها إن لم تكن موقعة بدورها على الاتفاقية، وبالضرورة ينبغي أن يكون السودان موقعا او مصادقا عليها ليتيح له التعاون المطلوب لجهة أن الاتفاقية تلزم قانونيا بالاسترداد. واوضح العادل انه في حال عدم توفر المصادقة على الاتفاقية يمكن أن يكون هنالك تعاون بين السودان والدولة المعنية اي تعاون دولي ثنائي، منوها الى أن التعاون يتوقف على ارادة الدولتين للاسترداد والآليات المتبعة له.
وقطع العادل بضرورة أن تكون هنالك احكام قانونية سابقة ضد المتهمين محليا بنهب اموال سواء بشخص او عدة اشخاص بأموال عامة للدولة، مشددا على وجوب الاسراع داخليا بالاجراءات القانونية لقضايا الفساد والاختلاس بالاضافة لضروة صدور قانون الادانة، لافتا الى أن الحكم على المخلوع وادانته بقضايا الفساد هو قضية داخلية مستقلة ولا علاقة لها بإجراءات الخارج.
جدل قديم حولها ومنذ تقلد د.عبد الله حمدوك منصب رئاسة الوزراء شدد على التزامه بمكافحة الفساد وبمبدأ الشفافية والمحاسبة وأن إرجاع الأموال المنهوبة يمثل أولوية للحكومة الانتقالية، وكان وقتها قد نفى رئيس مجلس السيادة الفريق عبد الفتاح البرهان، وجود أموال في الداخل قبض عليها أو في الخارج لرموز النظام السابق، ليأتي رد القيادي بقوى الحرية والتغيير خالد سلك (قُبيل توليه لمنصبه الحالي) تعقيبا على البرهان: "مافي زول عاقل بيقول النظام البائد ما عندو أموال.
اجراءات سابقة للمنهوب وشرعت حكومة حمدوك في اجراءات الاسترداد واتخاذ خطوات ملموسة عبر النائب العام السابق ووزير المالية الاسبق، فقد كشف النائب العام السابق تاج السر الحبر عن إجراءات لاسترداد و إرجاع الأموال المنهوبة داخل و خارج البلاد، وطالب الأطراف الموقعة على اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحه الفساد الوفاء بالتزاماتها وفقاً لمقتضيات الاتفاقية ومساعدة السودان في إعادة الأموال المنهوبة الى موطنها الإصلي.
وأكد الحبر وقتئذٍ بمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحه الفساد المنعقد بالإمارات (قبل عام تقريبا) أن بلاده تعمل على مراجعة عدد من القوانين المتعلقة بإدارة وحماية المال العام أبرزها مراجعة نصوص القانون الجنائي وقانون المفوضية القومية لمكافحة الفساد واسترداد الأموال ومراجعة قانون الثراء الحرام والمشبوه لسنة 1989م.
وأوضح أن المراجعة تشمل كافة القوانين لتتواءم مع اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحه الفساد واتخاذ الإجراءات الاحترازية ومراجعة اللوائح المتعلقة بالمشتروات والإجراءات المالية والمحاسبية وضبط الرقابة على المال العام ووضع الخطط والاستراتيجيات لمكافحة الفساد وتدريب الكوادر ورفع القدرات.
في ذات الشهر، قال وزير المالية والتخطيط الاقتصادي الأسبق د.إبراهيم البدوي، إن وزارته شكلت فريقا مختصا لاستعادة الأموال المنهوبة بالخارج، مشيراً إلى تلقيهم وعوداً من الأممالمتحدة وجهات دولية أخرى للمساعدة في هذا الشأن واتخاذ الخطوات القانونية اللازمة لاسترداد تلك الأموال المنهوبة. وأضاف: سيقوم الفريق بحصر الأموال المنهوبة والتأكد القاطع من كمها وأماكن وجودها في مختلف الدول والبنوك. نقرير: هبة علي