كشف ممثل الأمين العام للأمم المتحدة إلى السودان، ورئيس بعثة الأممالمتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان (يونيتامس)، فولكر بيرتس، خلال جلسة لمجلس الأمن عن مقابلته أصحاب المصلحة، مشيرا إلى أن الكثيرين منهم "يشعرون بالخيانة من قبل الانقلاب، ويرفضون الآن أي مفاوضات أو شراكة مع الجيش" ومضى قائلا:"لا يمكن التغاضي عن التزام الرجال والنساء السودانيين الذي لا يتزعزع بتحقيق حكم ديمقراطي بقيادة مدنية. لقد ضحوا كثيرا من أجل تحقيق تطلعاتهم في الحرية والسلام والعدالة المكرسة في دولة ديمقراطية بقيادة مدنية. لقد ظلوا وما زالوا ثابتين في تصميمهم". بعد أيام دامية وقّعت أطراف الصراع في ولاية غرب دارفور على اتفاق مؤقت لوقف العدائيات والصراع بين الإدارات الأهلية للمسيرية جبل والقبائل العربية حول (أحداث جبل مون) بمقر قيادة الجيش بمدينة الجنية مساء الخميس، وجاء التوقيع على التعهد بوقف الإعتداءات بعد أيام دامية شهدتها ولاية غرب دارفور راح ضحيتها العشرات من الطرفين وجرح آخرون وأدى إلى حرق وتدمير عدد من القرى ونزوح مواطنين من أماكن سكنهم.
وأعلنت لجنة أطباء ولاية غرب دارفور عن ارتفاع عدد قتلى أحداث غرب دارفور إلى (138) قتيلاً و(106) جريحاً في محليات كرينك، جبل مون وسربا. وأشار بيان اللجنة إلى أن هناك الكثير من الجرحى يموتون بسبب صعوبة ايصالهم إلى المرافق الطبية في الوقت المناسب، وكذلك افتقار المستشفيات الريفية إلى الإمكانيات اللازمة لانقاذهم. وأضاف البيان أن "اللجنة أحصت حتى صباح الخميس 25 قتيلا و4 جرحى نتيجة هذه الأحداث، فضلا عن مقتل 8 أشخاص وإصابة 6 آخرين قرب قرية تنجكي بمحلية سربا المجاورة لمحلية جبل مون"، ليرتفع بذلك عدد الضحايا الذين وثقتهم لجنة أطباء ولاية غرب دارفور في محليات كرينك، جبل مون وسربا منذ 17 نوفمبر الماضي إلى 138 قتيلا و106 من الجرحى. وقال محمد صالح كبرو، القيادي في التنسيقية العليا للرحل والرعاة، بأن هذه الخطوة هي وقف للعدائيات بين الادارات الاهلية تلزم المجتمعات بأن لا تعتدي، حتى يتم توقيع صلح أهلي يوم 13ديسمبر الجاري، وأضاف كبرو في تصريح ل"الجريدة": "لكن بما أن الصراع به أجندة أخرى غير الصراع الأهلي ربما تمثل هذه الخطوة هدنة للصراع، وليس حلا ناجعا".
وأوضح كبرو بأن التوقيع تم بواسطة لجنة مصالحات في الفرقة 15 مشاة، وزاد بأنه يحقن الدماء مؤقتا، لكن المجتمعات والقبائل قابلة للتعبئة عبر صراع آخر ربما ينشب لأسباب عديدة منها السرقات. واشترط كبرو حتى تنجح الخطة، بأنه لابد من خطوات تعقبها، من ضمنها العامل الأساسي والذي يعتبره كبرو هو السلاح المنظم أو سلاح المليشيات الثقيل، وسيارات الدفع الرباعي للحركات المسلحة والأطراف التي تنحاز إلى أطراف الصراع، وأكد بأن ذلك هو ما يعمق المشكلة بشكل أكبر، وقال كبرو: "كخطوة مرافقة لهذه الخطوة لابد من أن تلزم القوات المسلحة الحركات بإخراج جيوشها خارج المناطق المأهولة بالسكان في حال تأخر الترتيبات الأمنية، أو دمجهم في معسكرات مباشرة، وبدأ عمليات الدمج والتسريح، ويضيف بأن النقطة الأخرى التي تساعد على تنفيذ الاتفاق الاهلي، هي محاولة تفعيل برتكول القوات المشتركة السودانية التشادية، ليحمي الحدود من السرقات التي تتم من عصابات منظمة عبر الحدود، وتدخل المسروقات إلى الدول المجاورة، وكذلك إبعاد إي قوة يشتبه أنها شاركت أو يحتمل مشاركتها في الصراع والاتيان بقوة محايدة تماماً تجاه السكان المحليين". ووصف مواطنون ونشطاء وقيادات مدنية بغرب دارفور اتفاق وقف العدائيات الذي تم توقيعه بين المسيرية جبل والقبائل العربية حول (أحداث جبل مون) بمقر قيادة الجيش بمدينة الجنية مساء الخميس بأنه غير واقعي، ومحاولة للتسويف والتغطية على ما ذكروا بأنها جرائم الدعم السريع التي شاركت في الأحداث الدموية والتي خلفت عشرات القتلى والقرى المحروقة والالاف من النازحين . وقال قيادي في منظمات المجتمع المدني ل(راديو دبنقا) إن اشراف الدعم السريع على الاتفاق غير سليم لكون الدعم السريع طرف أساسي فيما حدث، فلا يمكن أن يكون هو الخصم والحكم في محاولة مكشوفة لتبرأة ساحته، فيما يرى قيادي آخر أن ماحدث من توقيع هو هدنة مؤقته لأخذ الانفاس، والانتقال لحرب جديدة لمناطق أخرى بالولاية، وجعلها تبدو كأنها صراعا قبليا، وهي في حقيقتها ليست كذلك. وكان مقر قيادة الفرقة ال 15 مشاة بالجنينة شهد مساء الخميس توقيع اتفاق وقف العدائيات بين المسيرية جبل والقبائل العربية، ونص الاتفاق على ضرورة التزام الأطراف المتصارعة بعدم الاعتداء على الآخر بغية الوصول إلى اتفاق الصلح النهائي يوم الاثنين، ودعا والي غرب دارفور خميس عبد الله أبكر الأطراف المتصارعة للالتزام ببنود الاتفاق والعمل على إنزال مقررات الصلح على أرض الواقع بين مكونات المجتمع.
كواليس قوى التغيير تحسم موقفها.. وفولكر يؤكد: "العملية الانتقالية تمر بأكبر أزمة" حسمت قوى الحرية والتغيير موقفها من الإعلان السياسي المزمع إعلانه في الأيام المقبلة، وبحسب ما يتم تداوله، فإن إعلانا سياسيا سيوقع عليه بين الجيش والمدنيين، قائم على أساس الاتفاق السياسي بين قائد الجيش الفريق عبدالفتاح البرهان ورئيس الوزراء عبدالله حمدوك، والذي هو أيضا يستند إلى قرارات قائد الجيش في الخامس والعشرين من أكتوبر، والتي تصفها أحزاب المجلس المركزي لقوى إعلان الحرية والتغيير بأنها إجراءات انقلابية.
جدد المكتب التنفيذي لقوى الحرية والتغيير رفضه لاتفاق 21 نوفمبر، واعتبره عطاء من لا يملك لمن لا يستحق، واصفا الاتفاق بأنه محاولة لشرعنة قرارات الانقلاب وهندسة التغول على الوثيقة الدستورية واسقاطها، وقال البيان بأن الدعوة لميثاق سياسي يعكف عليه رئيس الوزراء مع أفراد، في تجاوز تام للشارع ولقوى الحرية والتغيير وأن كافة قوى الثورة والتغيير جارجها، ووصفته بأنه ما هو إلا امتداد لبناء الحاضنة السياسية للانقلاب، مؤكدا أن رئيس الوزراء الذي أتت به قوى الحرية والتغيير لا يملك أية صلاحيات دستورية للتوقيع على اتفاق أو طرح ميثاق سياسي يهدف في الأساس ويفتح الطريق لابدال قوى الحرية والتغيير الرئيسية بكيانات هلامية ذات صلة بالانقلاب منذ بدايته، ولا تؤمن بالديموقراطية، وأن رئيس الوزراء يصفها بأنها معقولة المواقف ويعتمد عليها في تكوين حكومته القادمة من تكنوقراط مساندين للانقلاب، ودعا البيان القوى الحية إلى رفض ما سماه الميثاق المطبوخ بليل، ودعا إلى تكوين أوسع جبهة لمقاومة الانقلاب وبناء نظام ديموقراطي جديد يحظى بدعم وتأييد الشعب. وفي سياق آخر، قال ممثل الأمين العام للأمم المتحدة إلى السودان، ورئيس بعثة الأممالمتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان (يونيتامس)، فولكر بيرتس، خلال جلسة لمجلس الأمن عن الوضع في السودان، قال إن العملية الانتقالية السياسية في السودان ظلت تمر، خلال الأسابيع الستة الماضية، بأكبر أزمة تشهدها منذ بدايتها، مشيرا إلى أن تلك الأزمة لم تنته بعد، لكن المناقشات حول المضي قدما قد بدأت. وأضاف فولكر إن استيلاء الجيش على السلطة، في 25 أكتوبر واعتقال رئيس الوزراء حمدوك وكبار المسؤولين والنشطاء السياسيين أثار احتجاجات وإدانات واسعة النطاق، مشيرا إلى مقتل ما لا يقل عن 44 شخصا وجرح المئات نتيجة الاستخدام المفرط للقوة من قبل قوات الأمن، واصفا الإعلان السياسي الموقع في 21 نوفمبر بين رئيس الوزراء عبد الله حمدوك والفريق عبد الفتاح البرهان _ والذي تم التوصل إليه بعد أسابيع من الجهود المحلية والدولية لإيجاد مخرج من الأزمة_ وصفه بأنه "أبعد ما يكون عن الكمال، لكنه يمكن أن يساعد في تجنب المزيد من إراقة الدماء، ويوفر خطوة نحو حوار شامل وعودة إلى النظام الدستوري". وأشار فولكر إلى أن الاتفاق يواجه معارضة كبيرة من شريحة كبيرة من أصحاب المصلحة السودانيين، بما في ذلك الأحزاب والتجمعات داخل قوى الحرية والتغيير ولجان المقاومة ومنظمات المجتمع المدني والجماعات النسائية. وكشف فولكر عن مقابلته لهؤلاء وغيرهم من أصحاب المصلحة، مشيرا إلى أن الكثيرين منهم "يشعرون بالخيانة من قبل الانقلاب، ويرفضون الآن أي مفاوضات أو شراكة مع الجيش" ومضى قائلا:"لا يمكن التغاضي عن التزام الرجال والنساء السودانيين الذي لا يتزعزع بتحقيق حكم ديمقراطي بقيادة مدنية. لقد ضحوا كثيرا من أجل تحقيق تطلعاتهم في الحرية والسلام والعدالة المكرسة في دولة ديمقراطية بقيادة مدنية. لقد ظلوا وما زالوا ثابتين في تصميمهم". وبشأن قرار المانحين وقف المساعدة الإنمائية الدولية المقدمة للسودان، في أعقاب الانقلاب، قال السيد بيرتس إن للقرار تأثيرا كبيرا على سبل عيش الشعب السوداني ويخاطر بتقويض الإنجازات التي تحققت بشق الأنفس في العامين الماضيين. وأوضح أن الأنشطة الإنسانية مستمرة على الرغم من تعطل بعض الخدمات الإنسانية التي يتم تقديمها من خلال الآليات الحكومية، مثل الخدمات المتعلقة بالصحة. وأضاف أن أنشطة الأممالمتحدة الإنمائية لا تزال متأثرة بشدة، مما يؤدي إلى تعميق الضعف والاحتياجات الإنسانية. "ومن البرامج الرئيسية التي تأثرت برنامج دعم الأسر، والذي كان من المتوقع أن يقدم تحويلات نقدية لأكثر من 11 مليون سوداني من الفئات الأشد ضعفا". ودعا المسؤول الأممي السلطات السودانية إلى أن تُظهر التزامها بالعودة إلى نظام دستوري ذي مصداقية من أجل استعادة ثقة المجتمع الدولي لاستئناف المساعدة المالية الدولية. وحث المجتمع الدولي على اتباع نهج متوازن وعدم إيقاف المساعدات لفترة طويلة والنظر في الاستئناف السريع للتمويل في بعض المجالات، لا سيما دعم الخدمات الصحية وسبل العيش، لضمان ألا يستمر الشعب السوداني في تحمل وطأة الأزمة السياسية.
همهمة الشارع تتأهب لجان المقاومة وتستعد لأكبر فعالية ثورية، حيث أعلنت أكثر من مدينة مشاركتها بصور مختلفة في الموكب الكبير في يوم 19 ديسمبر، ونشرت عدد من لجان المقامة بيانات أكدت خلالها تحركها نحو الخرطوم سيرا على الأقدام للمشاركة في المليونية التي تصادف ذكرى بداية أول تظاهرة كبرى في عطبرة، في العام 2018، وفي آخر إعلان لها، قالت لجان مقاومة شمال كردفان إن الجيوش التي حاصرت غردون في الخرطوم كانت قد انطلقت من شيكان، وأكدت تسييرها لأكبر موكب من شمال كردفان سيرا على الاقدام وحتى الخرطوم في ذكرى الثورة الثالثة".
سؤال؟؟ أطبقت المواقف السياسية، الدولية والمحلية، حصارها على المسار الانقلابي، فكيف ستتعامل السلطة الحالية ورموزها مع العقوبات المتوقعة؟ وهل سيردع سلاح العقوبات معرقلي التحول الديموقراطي ويمهد الطريق إلى تحول مدني ديموقراطي؟
همس الكاميرا: الثورة في أحد أوجه تعريفاتها الحديثة، هي التغيير الكامل لجميع المؤسسات والسلطات الحكومية في النظام السابق، لتحقيق نظام سياسي نزيه وعادل، يوفر الحقوق الكاملة والحرية والنهضة للمجتمع. وما تقوم به لجان المقاومة من تعدد أشكال وأدوات المقاومة، يؤكد أن هذه الثورة، ترتكز على القراءة كأهم ركيزة في التغيير، وقد بدأ مشوار القراءة منذ وقت في حلقات شبابية أشبه بتكوينات لجان المقاومة حالياً، قراءة من أجل التغيير.