خلال اليومين الماضيين بدأت الدول الغربية خاصة الولاياتالمتحدة ودول الاتحاد الأوروبي في اتخاذ إجراءات ضغط حقيقية على السلطة في الخرطوم، ففي الوقت الذي أوقفت فيه الولاياتالمتحدةالأمريكية خطوات تطبيع العلاقات مع الخرطوم، اتخذ الاتحاد الأوروبي قراراً بحظر وبيع وتحديث وصيانة أي من أشكال المعدات الأمنية للسودان. وكانت المبررات جميعها تصب في مصلحة التحول الديمقراطي وترفض الإجراءات الانقلابية التي اتخذها القائد العام للقوات المسلحة، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان في 25 أكتوبر الماضي وقوض بها الحكومة الانتقالية، وألغى بموجبها الوثيقة الدستورية قبل العودة إليها وتعديلها بما يتوافق مع الإجراءات التي اتخذها. جهود أمريكية الأسبوع الماضي أعلنت مساعدة وزير الخارجية الأمريكي للشؤون الأفريقية مولي في، أنها أجرت اتصالاتٍ هاتفية مع نائب رئيس مجلس السيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي"، وعضو مجلس السيادة الفريق شمس الدين الكباشي ومع عدد من قيادات مجلس السيادة، وأوضحت أنها أعلنت لهم صراحة أن الولاياتالمتحدة ستوقف علاقتها مع السودان إلى أن يتم تعديل المسار الديمقراطي. ولم يقف الأمر عند إعلان مولي في فقد اتبعت الولاياتالمتحدة قولها بفعل مباشر سحبت بموجبه السفير براين شوكان وعينت لوسي تاملين، للعمل قائماً بالأعمال في سفارتنا بالخرطوم، بعد أن تراجعت عن ترفيع التمثيل الدبلوماسي إلى درجة سفير. وفد أمريكي كل الإجراءات التي اتخذتها الولاياتالمتحدة كانت قد سبقت وصول وفد دبلوماسي عالي المستوى شمل مساعدة وزير الخارجية الأمريكي للشؤون الأفريقية مولي في والمبعوث الأمريكي لمنطقة القرن الأفريقي، ديفيد ساترفيلد، في زيارة استغرقت يومين انتهت أمس الأول أعقبها بيان صدر عن السفارة الأمريكيةبالخرطوم، أكد أن الولاياتالمتحدة أخطرت الحكومة أنها ستوقف جميع مساعداتها التي كان مقرراً توصيلها إلى الشعب السوداني لحين استعادة مسار التحول الديمقراطي. وقال البيان الذي نشرته السفارة الخميس إن واشنطن لن تستأنف مساعداتها الاقتصادية للسودان، التي توقفت بعد انقلاب 25 أكتوبر، ما لم يتم وقف العنف وعودة حكومة يقودها المدنيون وأن الولاياتالمتحدة ستدرس اتخاذ إجراءات لمحاسبة المسؤولين عن تعطيل العملية السياسية في البلاد، وعن الإخفاق في "استدامة بيئة سلمية للسماح للعملية السياسية بالمضي قدماً". ضغط أوروبي أمس الجمعة أقر البرلمان الأوروبي مشروع قرار يفرض على دول الاتحاد الأوروبي حظر تصدير وبيع وتحديث وصيانة، أي شكل من أشكال المعدات الأمنية إلى السودان؛ بما في ذلك تكنولوجيا مراقبة الإنترنت. وبرر البرلمان الأوروبي قراره بالإجراءات التي اتخذها قائد الجيش الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان في 25 أكتوبر، وما أعقب ذلك من عنف تجاه المحتجين الرافضين لتلك الإجراءات. ووفقاً لصفحة البرلمان، فقد اعتمد النص بأغلبية 629 صوتاً مقابل 30 صوتاً وامتناع 31 عضواً عن التصويت، وقال مؤيدو القرار إن السلطات الأمنية ومجموعات مسلحة أخرى استخدمت "العنف المفرط" ضد المتظاهرين السودانيين. وأدان القرار إجراءات 25 أكتوبر، مؤكداً على أهمية إعادة إرساء حق الشعب السوداني في التجمع وممارسة حقوقه الأساسية. وطالب القرار أيضاً القوات المسلحة بإعادة الالتزام بشكل عاجل بالانتقال الديمقراطي في البلاد، والوفاء بمطالب الشعب السوداني من أجل الحرية والسلام والعدالة. دعم مبادرة يونيتامس اللافت أن الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي أكدا دعمهما للجهود التي تبذلها بعثة الأممالمتحدة المتكاملة في السودان "يونيتامس"، لتسهيل المحادثات لحل الأزمة السياسية الحالية، ودعوا جميع الأطراف السياسية السودانية للانخراط في الحوار لاستئناف عملية الانتقال إلى الحكم المدني. جزرة وعصا اعتبر المحلل السياسي محمد أحمد علي أن القرار الأوروبي والبيان الأمريكي يمثلان العصا التي يلوح بها المجتمع الدولي أمام السلطة الحالية في السودان والقوى السياسية جميعها، لتناول جزرة المبادرة الأممية التي تجد رفضاً كبيراً من الشارع السوداني، مبيناً أن الضغط الأكبر هنا يقع على عاتق الحكومة باعتبار أن الجميع يشجب العنف المتزايد تجاه المتظاهرين، ويدعو للسماح بحق التظاهر السلمي ما يعني أن جوهر الضغوط يساند الشارع العام في تظاهراته ضد الوضع السياسي الحالي، بيد أنه أكد خلال حديثه ل(الحراك) أن الحكومة ملزمة بالتعامل مع المبادرة، لجهة أن المساعدات التي كان من المقرر أن تأتي لدعم الانتقال توقفت ما أدى لأزمة اقتصادية كبيرة مصاحبة للأزمة السياسية، مستدلاً على استفحال الأزمة الاقتصادية بالزيادة الكبيرة التي طرأت على سعر الدولار في السوق الموازي ووصوله إلى 500 جنيه، مشيراً إلى أن الولاياتالمتحدة كانت توصل للسودان 40 ألف طن قمح شهرياً، وبعد توقفها اضطرت الحكومة لرفع الدعم نهائياً عن الخبز. تخبط ولكن الخبير القانوني ياسر عثمان يرى في حديث ل(الحراك) أن الضغوط الداخلية والخارجية على الحكومة الانقلابية، يجعلها تقع في أخطاء كبيرة، مشيراً إلى أن البرهان كلف حكومتي تصريف أعمال في 24 ساعة فقط، بعد أن كلف وكلاء الوزارات بالقيام بأعباء الوزراء للخروج من مأزق عدم إجازة الميزانية. وقال "هؤلاء لم يصدقوا وقاموا بالواجب وأجازوا ميزانية دون مناقشتها حتى"، مبيناً أنهم اجتمعوا لاحقاً مع مجلس السيادة كمجلس تشريعي وأجازوا الميزانية نفسسها في ذات اليوم دون أن تتم مناقشتها أو الحديث حولها، ومن ثم اكتملت مهمتهم ليقوم البرهان بتعيين حكومة تصريف أعمال أخرى بتكليف بعض منهم وغيرهم كوزراء، دون أن يكون لديهم رئيس وزراء، مبيناً أن ذلك وضع غير قانوني مستدلاً باستقالة أيمن سيد سليم الذي تم تكليفه بوزارة الشباب والرياضة. تقرير- محجوب عثمان