في أيام شهر رمضان المبارك؛ يتمُّ إعداد أصناف وأطباق مختلفة من الحلويات العربيَّة، من أشهرها الكنافة، ولُقمة القاضي، والبسبوسة، والقطائف وغيرها؛ وهي حلوى عربيَّة قديمة معروفة، خاصَّةً في بلاد الشام، ومصر، والمغرب، وتونس. وقد اختلفت المصادر والمراجع التاريخيَّة عن أصل حلوى القطائف، فيُقال إنَّها ظهرت في العصر العباسيِّ، وفي أواخر العصر الأمويِّ، وأنَّ أوَّل مَن أكل القطائف في رمضان، كان الخليفة الأموي سليمان بن عبدالملك سنة 98ه. وفي روايات أُخْرى تعود حلوى القطائف لعصر الدولة الفاطميَّة، فقد كان هناك تنافس بين صنَّاع الحلويات لتقديم ما هو طيِّب ولذيذ، ويُذكر أنَّ أحد الطُّهاة ابتكر فطيرةً محشوَّةً بالحلو والمكسَّرات، وقدَّمها في شكلٍ جميلٍ ومزيَّنة في طبق كبير؛ ليقوم بقطفها الضيوف، ومن هنا سُمِّيَت باسم القطائف. ويذكر المؤرخون، أن هناك الكثير من المعارك التي دارت رحاها بين أنصار الكنافة، وأنصار القطائف من الشعراء والأمراء، والكتاب والأدباء، والتي استمرت مستعرة خاصة في العصرين الأيوبي، والمملوكي.ويُقال إنَّ من أشهر أنصار القطائف الشاعر العباسي المعروف بجحظة البرمكي، حفيد الوزير يحيى بن خالد البرمكي، كان من ظرفاء عصره، ومن نوادره أنْ دعاه صديق له لأكل القطائف فقال: دَعَانِي صَدَيقٌ لِي لِأَكْلِ القَطَائِفِ فَأَمْعَنْتُ فِيهَا آمِنًا غيرَ خَائِف فَقَالَ وَقَدْ أوْجَعتْ بِالأَكْلِ قَلبهُ رُويدَكَ مَهْلًا فَهِي إِحْدَى المَتَالِف فَقُلتُ لَهُ مَا إِنْ سَمِعْنَا بِهَالِكٍ يُنَادَى عَلَيهِ يَا قَتَيِلَ القَطَائِفومن القصص المتعلِّقة بالقطائف، خبرٌ رواه محمد بن يحيى الصولي الشطرنجي، قال: كنَّا يومًا نأكلُ بين يدي المكتفي، فوُضِعَت بين أيدينا قطائف، رفعت من بين يديه في نهاية النضارة، ورقة الخبز، وإحكام العمل، فقال المكتفي هذا؟ فقيل له: فقال أحمد بن يحيى فيها: قطائفُ قَدْ حُشِيتْ بِاللَّوزِ وَالسُّكَّرِ المَاذيِّ حَشْو المَوْزِ سُررْتُ لمَّا وَقَعَتْ فِي حَوزِي سُرورَ عبَّاسٍ بِقُربِ فَوزِ ويصف ابن الرومي القطائف التي تُقدَّم عقب مائدة عامرة بقوله: وَأَتَتْ قَطَائفُ بَعدَ تِلكَ لَطَائِفتَرْضَى اللُّهَاةُ بهَا ويَرضَى الحنْجر ضحكَ الوجُوهُ مِن الطَّبرزَدِ فَوقَهَا دمعُ العُيونِ مِن الدِّهانِ يقطر وقد ذكر الحسين بن محمد بن المفضل، الملقب بالراغب الأصفهاني، أبياتًا عن أحد الشعراء يذكر القطائف، وأنَّها ألذُّ ما يأكله الصَّائم فقال: ألذُّ شيءٍ عَلَى الصِّيامِ مِن الحَلاواتِ فِي الطَّعَام قطائفُ نُضدتْ فَحاكَتفرائدَ الدُّرِّ فِي النِّظام منوِّمات عَلَى جَنوبِ فِي الجامِ كالصِبيةِ النِّيَام ولكنَّ البعض لم يكن يفرِّق بين الكنافة والقطائف، ويفضِّل الجمع بين الحُسنيين؛ في ذلك قال أحدهم: وقطائفُ مقرونةٌ بكُنافةٍ مِن فوقهِنَّ السُّكَّرُ المَذْرورُ هَاتِيكَ تُطْربُنِي بِنَظْمٍ رَائِقٍ وَيَروقُنِي مِن هَذهِ المَنْثُورُوأختمُ بقول محمود بن الحسن كشاجم في وصفه للقطائف: عِندِي لِأصحابِي إذَا اشتدَّ السَّغبُ قَطائفُ مثلُ أضابيرِ الكُتب كأنَّه إذَا ابتدَئ مِن الكَثَبِ كَوافرُ النَّحلِ بياضًا قدْ ثقب.