شاعر غريب في نسبه.. غريب في حياته.. غريب في اسمه.. لقد دعى كشاجم وهو اسم مأخود من تعدد ميزاته وكثرة ملكاته التي فاق بها اقرانه.. الكاف للكتابة والشين للشعر والالف للانشاء والجيم للجدل أو الجمال والميم للمنطق أو التنجيم. اما اسمه الحقيقي فهو ابو الفتح محمود بن الحسين ولد في الرملة من فلسطين وهو فارسي الاصل.. وكان اجداده في العراق وتنقل بين القدس ودمشق وحلب وبغداد. كان كشاجم من شعراء سيف الدولة اي انه كان نداً للمتنبيء وابي فراس وامثالهما من النابغين في مجلس الامير الاديب.. وكان قبل سيف الدولة نديماً لوالده عبدالله بن حمدان.. وقد كان كالمتنبيء معجباً بآل حمدان فنظم كثيراً من الشعر الخالص الذي يشير الى حبه لهذا البيت حبا مجرداً عن النفع والغاية. بدأ حياته في الرملة ثم ذهب الى مصر يطلب فيها العلم والثقافة فتشبع بالعلم العربي والاسلامي وألم بعلوم اخرى وقد عرف انه من اسرة فارسية كان منها عدد كبير من الذين تولوا الأعمال الادارية المرموقة ولعل هذا من الاسباب التي سهلت للشاعر الاتصال بأسرة عريقة هي آل حمدان حتى قبل ان يتصل بسيف الدولة .. ومن الغريب حقاً ان يكون لهذا الشاعر الفنان مشاركات في أمور كثيرة لا تعلق لها بالشعر أو الفن فقد عرف عنه انه كان طباخاً ماهراً وقيل انه عمل طباخاً عند سيف الدولة ولكن هذا الخبر غير مؤكد الصحة فلربما كان ذواقاً في الطعام يحس لذة الاكل كما كان ابن الرومي وعدد من الشعراء الآخرين وانه تبعاً لهذا الذوق المرهف تعلم صناعة الطبخ وابن الرومي الذي لم يعرف عنه انه طبخ في حياته له شعر كثير جداً في وصف حاسة الاكل. هكذا كان كشاجم يتذوق الطعام فيقول في وصف القطائف: عندي لاضيافي اذا اشتد التعب قطائف مثل قراطيس الكتب ويصف دجاجة مطبوخة فيقول: عظيمة الزور كصدر نهد اجريت منها في مجال العقد ويصف البطيخ قائلاً: ياجاني البطيخ في غرسه جنيت منه ثمر الخلد لم يأتنا حتى اتتنا له روائح اغنت عن الند وشعر كشاجم كثير الالوان مختلف الابواب ولقد برع في وصف الصيد والطرد حتى قيل انه شاعر الصيد الاعظم وكان جميلاً كما قيل فكان له رأي في الحب يخالف رأي الشعراء عامة اذ كان يرى لنفسه الحق بأن تعرفه النساء وأن تعترف له بجماله فتتقدم اليه وتتقرب منه كما في قوله: لم لا اصر على البطالة والهوى وعلى برد شبيبتي وازارها واذا تراءات للقيان محاسني طمحت إلى بلحظها ابصارها ولو ان عيداناً بغير ضوارب قابلتني لتحركت اوتارها تناول كشاجم الشاعر كل الموضوعات التي تناولها الشعراء في عصره وزاد عليها الصفات التي ابتكرها هو واحس بها فوصف ادوات وآلات يحار القاريء كيف استطاع هذا الفنان وصفها على ما فيها من بساطة في الموضوع فقد وصف المرآة والسكين ووصف العود فقال موفقاً احسن التوفيق: ومخفف الاجزاء ليس لجرمه وزن يميل كفة الميزان وكأن مقبضه جبيرة ساعد قد فصلت بالدر والمرجان