إبراهيم شقلاوي يكتب: مبادرة الإسلاميين وهندسة المشهد السوداني    والي الخرطوم: عودة المؤسسات الاتحادية خطوة مهمة تعكس تحسن الأوضاع الأمنية والخدمية بالعاصمة    شاهد بالصور.. الفنانة هدى عربي تخطف الأَواء في أحدث إطلالة لها وتعليق: "شوية حركات"    إسحق أحمد فضل الله يكتب: كسلا 2    فيديو يثير الجدل في السودان    والي النيل الأبيض يتفقد شركة النيل للنقل النهري بكوستي    ولاية الجزيرة تبحث تمليك الجمعيات التعاونية الزراعية طلمبات ري تعمل بنظام الطاقة الشمسية    شرطة ولاية نهر النيل تضبط كمية من المخدرات في عمليتين نوعيتين    الكابلي ووردي.. نفس الزول!!    تعاون إستراتيجي بين الإدارة العامة لتأمين الجامعات والإدارة العامة لمكافحة المخدرات    حزب سوداني يرفض الاعتذار عن خطوة أثارت الجدل    وزير الداخلية يترأس إجتماع اللجنة القومية العليا لمراجعة أمر المواطنين القادمين من المناطق المتأثرة بالحرب فى دارفور وكردفان الى المناطق الأمنه    السودان.. قيادي بحزب شهير يكشف عن"الاختراق الكبير"    الإشكالية فوق الهضبة الإثيوبية    عضوية الهلال... العدالة أولًا    مانشستر يسقط على ملعب فيلا بارك    القوز يقبل الخسارة ويبتعد عن الصدارة ويفتح شباكه ثلاث مرات للرابطة السليم    خطة أميريكية لوقف القتال في السودان    حسين خوجلي يكتب: الكاميرا الجارحة    شاهد بالفيديو.. عامل فيها مفتح وأنا خاتة القروش في "الخُرج".. سودانية تحكي قصتها مع أحد أفراد عصابة "9 طويلة".. أعطيته "شنطة" فارغة وأخذت منه هاتفه الفخم    شاهد بالصورة والفيديو.. الناشط واليوتيوبر الشهير محمد تروس يخلع ملابسه أعلى المسرح خلال إحتفالية أقامها "القحاتة" بكمبالا ويؤكد: (أنا أمثل الشعب السوداني)    احذر من الاستحمام بالماء البارد.. فقد يرفع ضغط الدم لديك فجأة    في افتتاح منافسات كأس الأمم الإفريقية.. المغرب يدشّن مشواره بهدفي جزر القمر    استقالة مدير بنك شهير في السودان بعد أيام من تعيينه    تعرف على القيمة السوقية للاعبي المنتخب السوداني المشاركين في أمم أفريقيا.. نجم الدوري التايلندي الأغلى.. صلاح عادل يتفوق على الغربال وروفا في مركز متأخر ب 100 ألف فقط    مكافحة التهريب بكسلا تضبط 13 ألف حبة مخدرات وذخيرة وسلاح كلاشنكوف    كيف تكيف مستهلكو القهوة بالعالم مع موجة الغلاء؟    4 فواكه مجففة تقوي المناعة في الشتاء    اكتشاف هجوم احتيالي يخترق حسابك على "واتسآب" دون أن تشعر    ريال مدريد يزيد الضغط على برشلونة.. ومبابي يعادل رقم رونالدو    وفاة مسؤول بارز بناد بالدوري السوداني الممتاز    رحيل الفنانة المصرية سمية الألفي عن 72 عاما    شاهد بالصورة.. عروس سودانية تحكي قصة عن طيبة السودانيين: (كنت مضطرة أسافر يوم زواجي وكنت مكتئبة وبطني طامة..قابلت سيدة في الطائرة أخرجت "كيس" الحنة ورسمت لي حنة العرس ونحنا في الجو)    لتحسين الهضم والتحكم في الشهية.. ما أفضل وقت لتناول التمر؟    قبور مرعبة وخطيرة!    شاهد بالصورة.. "كنت بضاريهم من الناس خائفة عليهم من العين".. وزيرة القراية السودانية وحسناء الإعلام "تغريد الخواض" تفاجئ متابعيها ببناتها والجمهور: (أول مرة نعرف إنك كنتي متزوجة)    حملة مشتركة ببحري الكبرى تسفر عن توقيف (216) أجنبي وتسليمهم لإدارة مراقبة الأجانب    عزمي عبد الرازق يكتب: عودة لنظام (ACD).. محاولة اختراق السودان مستمرة!    انخفاض أسعار السلع الغذائية بسوق أبو حمامة للبيع المخفض    تونس.. سعيد يصدر عفوا رئاسيا عن 2014 سجينا    ضبط أخطر تجار الحشيش وبحوزته كمية كبيرة من البنقو    البرهان يصل الرياض    ترامب يعلن: الجيش الأمريكي سيبدأ بشن غارات على الأراضي الفنزويلية    ترامب يلغي وضع الحماية المؤقتة للإثيوبيين    قوات الجمارك بكسلا تحبط تهريب (10) آلاف حبة كبتاجون    مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    حريق سوق شهير يسفر عن خسائر كبيرة للتجار السودانيين    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    محافظ بنك السودان المركزي تزور ولاية الجزيرة وتؤكد دعم البنك لجهود التعافي الاقتصادي    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشراكة الروسية – الأفريقية ودبلوماسية الكفاءات
نشر في كوش نيوز يوم 23 - 12 - 2025

شهدت العاصمة المصرية القاهرة انعقاد المؤتمر الوزاري الثاني للشراكة الروسية – الأفريقية، بمشاركة السودان بوفد رفيع بقيادة وزيرة شؤون مجلس الوزراء د. لمياء عبد الغفار. وجاءت هذه المشاركة محطة مهمة لتحول في طريقة إدارة السودان لحضوره الدولي، بعد ما يقارب ثلاثة أعوام من حرب أعادت تعريف موقع الدولة وحدود تحركها الخارجي.
استمدّت المشاركة وزنها من طبيعة المنصّة الدولية ومن مستوى التمثيل، إذ حضرت الوزيرة بخبرة دولية ناضجة، انعكست خلال المؤتمر فاعليةً سياسية ودبلوماسية، مقرونة بوعيٍ دقيق بتعقيدات النظام الدولي. واستند هذا الحضور إلى تجربة عملية متراكمة في المنظمات الإقليمية والدولية، ما منح حضور الوفد السوداني مضمونًا يتجاوز حدود الحضور والمشاركة إلى ممارسة دبلوماسية فاعلة وقادرة على التأثير.
في كلمة الوزيرة أمام المؤتمر، أعادت السودان إلى موقعه الطبيعي كدولة معنية بإصلاح النظام الدولي لا مجرد متأثرة باختلالاته. الربط الذكي بين ازدواجية المعايير الدولية، وتمدد النزاعات، وتدوير الارتزاق المسلح، شكّل إطارًا سياسيًا واعيًا يضع الحرب السودانية في سياق دولي أوسع، ويفكك محاولات اختزالها في سرديات مضللة. لذلك طالب السودان باتساق أخلاقي وقانوني في المواقف الإقليمية والدولية.
اللافت أن توصيف تمرد مليشيا الدعم السريع جاء واضحًا وحاسمًا، بعيدًا عن اللغة الرمادية، مع مطالبة صريحة بتصنيفها جماعة إرهابية ومساءلة داعميها إقليميًا ودوليًا. هذه الجرأة في الطرح جاءت ، تعبيرًا عن فهم دقيق لحدود الممكن داخل المنابر متعددة الأطراف، حيث يُقاس التأثير بدقة الصياغة وحسن التوقيت، لا بارتفاع النبرة الهاتفية.
نجح الوفد السوداني، خلال أعمال المؤتمر، في إيصال سردية الدولة إلى أكثر من خمسين دولة مشاركة، عبر نقل الحرب من خطاب الشكوى إلى خطاب المساءلة السياسية و القانونية الملزمة، ومن موقع الدفاع إلى موقع الفعل القانوني والأخلاقي. هذا التحول يعكس نضجًا في إدارة المعركة الدبلوماسية، ويعيد تقديم السودان بوصفه طرفًا مسؤولًا و شريكاً موثوقا يسعى إلى إعادة ضبط موقعه داخل نظام دولي متعدد الأقطاب والتوازنات.
أفريقيًا استطاعت الوزيرة فتح مسارات حوار مباشر مع وزراء خارجية الجزائر وأنغولا وغينيا الاستوائية، بجانب أعضاء مجلس السلم والأمن الأفريقي، في خطوة محسوبة تم التأكيد خلالها على أهمية إعادة إدراج ملف رفع تجميد عضوية السودان ضمن مساره الطبيعي، بعيدًا عن المقاربات الاستثنائية أو الضغوط السياسية والمواقف الرمادية للمنظمة.
أما اللقاء مع وزير الخارجية المصري د. بدر عبد العاطي ، فقد عكس بعدًا إقليميًا بالغ الأهمية، حيث قُدم الدعم المصري لوحدة السودان ضمن لغة المصالح المشتركة والمصير الإقليمي الواحد، مع الحفاظ على توازن دقيق بين التنسيق الاستراتيجي واحترام السيادة الوطنية.
في السياق يعكس الإعلان عن بعثة أفريقية مرتقبة إلى بورتسودان خلال الفترة المقبلة لتقييم أداء الحكومة المدنية والوقوف علي أعمالها اتجاه إيجابي، لأن نجاح هذا النهج القائم على استيفاء الشروط ، يؤكد ثقة السودان في خطواته الإدارية والسياسية كما يؤكد أيضا عودة السودان إلى البيت الأفريقي بوصفه دولة كاملة السيادة .
اللافت أن تصريحات الوزيرة لموقع المحقق حيث كشفت عن حراك سياسي ودبلوماسي أوسع قيد التشكل، من بينه احتمالات تفاوض مع دولة الإمارات، ما يبدو أن ذلك يدار بتحفظ بعيدًا عن أعين الإعلام، إضافة إلى حديثها عن نية رئيس الوزراء إطلاق مبادرة سلام من داخل مجلس الأمن الدولي، تلك التصريحات تكشف أن الوزيرة بجانب العمل التنفيذي تحيط بملفات إدارة الأزمة وتساهم في محاولات هندسة المشهد السياسي.
كما أشارت عبد الغفار إلى مبادرة دولية مرتقبة بتنسيق بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وكل من السعودية ومصر، ضمن إطار يبني على الرباعية الدولية، بما يعكس عودة السودان إلى دائرة اهتمام دولي متوازن، قائم على تعددية المسارات وبحث فرص السلام لا الوصاية الأحادية.
في المقابل جاء توصيفها لاجتماع نيروبي لبعض القوى السياسية بأنه "محاولة بائسة" رسالة سياسية واضحة مفادها أن الشرعية لم تعد تُصنع في العواصم الخارجية، بل داخل المؤسسات الدولية المعترف بها.
إن أول مشاركة خارجية لوزيرة شؤون مجلس الوزراء كشفت عن تحول نوعي في نمط الدبلوماسية السودانية: من دبلوماسية رد الفعل إلى دبلوماسية الفعل المؤثر القائم على الكفاءات الوطنية. حضور جمع بين الصرامة المهنية والوضوح السياسي، وبين مخاطبة الداخل وطمأنة الخارج، بما يؤكد أن الكاريزما حين تُسند بالخبرة والكفاءة تتحول إلى نفوذ فعلي قادر علي التأثير وانتزاع الفرص التي تمكن من صناعة المستقبل .
ختامًا وبحسب #وجه_الحقيقة، فإن مشاركة السودان في المؤتمر الوزاري الثاني للشراكة الروسية – الأفريقية لم تكن نجاحًا فحسب، بل محطة لإعادة تقديم الدولة السودانية كفاعل منتبه، قادر على صياغة خطابه، وبناء تحالفاته، والدفاع عن سيادته في عالم يعاد تشكيله بهدوء. لقد بدأ السودان في هذه المحطة كمن يستعيد صوته، بلغة تعرف متى تتكلم، ومتى تصمت، ومتى تضع النقاط فوق الحروف.
وجه الحقيقة | إبراهيم شقلاوي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.