صوب خبراء قانونيون وبرلمانيون انتقادات لاذعة لرفض البرلمان رفع الحصانة عن عضو المجلس الوطني ومدير بنك الخرطوم فضل محمد خير، التي وجه بها النائب العام لرئاسة المجلس ورأوا ان الخطوة من شأنها التأثير في العدالة، وقدموا خلال تقرير إخباري موسع أعدته صحيفة الوطن حول القضية إفادات متباينة مضى أغلبها إلى ضرورة رفع الحصانة عنه، فيما اعتبر البعض أن رفع الحصانة حق كفله الدستور لضمان سير العدالة من غير إعاقة، كشف رئيس لجنة التشريع والعدل وحقوق الإنسان بالمجلس الوطني عثمان آدم نمر عن مخاطبة المجلس الوطني رئاسة مجلس الوزراء، بحسب مشروع قانون التعديلات المتعلقة بالحصانات لوجود اختلافات بين مشروع القانون الذي أودع المجلس الوطني، والمشروع الذي نوقش مع إدارة التشريع. * سحب مشروع القانون وأوضح رئيس لجنة التشريع والعدل وحقوق الإنسان أن مجلس الوزراء أجاز مشروع التعديلات المتنوعة وأودعها المجلس الوطني وبدوره أرجاها لوجود اختلافات فيه، وقال : إن اللجنة أجرت مقارنة بين القانون الذي أودع المجلس الوطني، والمشروع الذي تمت مناقشته مع إدارة التشريع، فوجدت اختلافات، وأكد أن اللجنة خاطبت رئاسة مجلس الوزراء لسحب مشروع قانون التعديلات المتعلقة فيه مسألة الحصانات المتنوعة الدورة القادمة، وفي الأثناء قطع نمر بأحقية رئيس البرلمان في رفع الحصانة عن النواب أو رفضها، وأكد في تصريح إن صلاحية رفع الحصانة مخولة لرئيس المجلس وليس البرلمان وقال بنص اللائحة والدستور يحق لرئيس المجلس رفع الحصانة عن عضو من أعضاء المجلس، وأشار إلى أن مسألة رفع الحصانة تخضع لقانون، ولفت إلى أن النائب العام يخاطب المجلس، وأوضح أن العادة درجت متى ماخاطبه النائب العام يرفع الحصانة عن أي عضو، وكشف عن رفع المجلس الحصانة عن عدد من الأعضاء خلال الدورات السابقة.
* سلطة رئيس البرلمان وتساءل نمر عن مدى صحة معلومات طلب رفع الحصانة عن النائب فضل محمد خير، وقال إن رفع الحصانة سلطة رئيس المجلس، وليس البرلمان بنص اللائحة، وأكد أنه متى ما خاطبه النائب العام برفع حصانة أي عضو من أعضاء المجلس الوطني يتحرى عن المسألة من العضو نفسه، ومن ثم يتخذ قراره برفع الحصانة أم لا ، وقال نمر إن المجلس أجاز قانوناً لإنشاء مفوضية لمحاربة الفساد والاستقامة، وأكد اعتماده من رئاسة الجمهورية، وأصبح ساري المفعول، وأضاف إن المجلس ظل يطالب وزير مجلس الوزراء بإنشاء المفوضية التي أجيز القانون خصيصاً لإنشائها وأشار إلى أن قوانين الثراء الحرام و " من أين لك هذا" هي قوانين سارية ومفعلة، وكشف عن إنشاء محكمة خاصة لمكافحة الفساد، وقال إنها تستخدم القانون الجنائي والنصوص الموجودة في قانوني الثراء الحرام ومن أين لك هذا؟.
* سلطة تقديرية من جهته كشف رئيس اللجنة الفرعية لحقوق الإنسان بلجنة التشريع والعدل بالمجلس الوطني، والقيادي بحزب المؤتمر الوطني محمد الحسن الأمين، تسلم قيادة البرلمان خطاب من النائب العام لرفع الحصانة عن عضو المجلس الوطني، ومدير بنك الخرطوم فضل محمد خير، في وقت أكد فيه أنه ليس الطلب الوحيد الذي قدم للبرلمان برفع حصانة عن نواب وتم رفضه لجهة إن الأسباب والبينة المبدئية ضدهم غير كافية ومقنعة، وقال الأمين إن أي إجراء ضد النائب بدون فتح بلاغ مخالف للقانون، وشدد على ضرورة أن يأخذ القانون مجراه، وقطع بأحقية رئيس البرلمان في رفض طلب رفع الحصانة أو الموافقة بالتشاور مع مستشاره القانوني والأجهزة الأخرى وأوضح أن رفع الحصانة سلطة تقديرية ترجع للبرلمان، وقد يتعثر في ممارسته، وقد يتساهل ويوافق على أي طلبات برفع الحصانة فيما اعتبر تأخره في رفع الحصانة عن النائب إشارة لعدم اقتناع رئيس البرلمان بالأسباب.
* آراء قانونية تطابقت رؤى قانونية حول كيفية رفع الحصانة عن النائب البرلماني واتفقوا على أن هناك مسارات محددة يمر بها طلب رفع الحصانة قبل تنفيذ القبض على العضو البرلماني اذا كانت أسباب الاتهام واضحة.
وأوضح المحامي بارود صندل في حديث خاص إنه في حال وجود شكوى ضد النائب الذي يتمتع بحصانة عالية، يتم اتباع إجراءات معينة تبدأ بتحري الجهة المسئولة "النيابة العامة" وتثبت أن هناك سبباً لرفع الحصانة، وبدورها تخاطب رئيس المجلس، والذي يمكن أن يحول الطلب إلى لجنة التشريع وحقوق الانسان بالبرلمان لتدرس الطلب فإذا وجدت أن السبب موضوعي يمكنها رفع الحصانة، قبل أن تخاطب النيابة والتي تقوم بدورها بالقبض عليه، وإتخاذ الإجراءات العادية في الموضوع، وأكد صندل لا يحق للنائب الرفض والتدخل، وهذه الإجراءات لا تتم بموافقته.
* حماية محدودة وقال ساطع الحاج المحامي : يمكن أن يرفع القانون الحصانة عن النائب البرلماني، بعد أن يتم تقديم طلب لرئيس المجلس، وتشكل لجنة إذا رأت أن هنالك أسباب واضحة تقوم بالرفع، وأوضح ساطع المطلوب من الحصانة هو حماية النائب البرلماني أثناء واجبه وليس عندما يتهم.
* مصداقية الإتهام بدوره أكد على السيد المحامي أن الحصانة للنائب البرلماني منصوص عليها دستورياً وقانونياً ولكن يمكن أن ترفع عنه، إذا طلب النائب العام رفعها، في خطاب يرسل إلى رئيس البرلمان، والذي يناقش لجنة التشريع والعدل والمستشار القانوني، وقال " فإذا وجد أن الإتهام جاد وأن هناك تهمة حقيقية لا سبيل له سوى رفع الحصانة أما إذا رأى الإتهام لا يقوم على أركان أو أنه إتهام باطل أو كيدي، فإنه يقوم برفض رفع الحصانة" وزاد علي " ولكن في الغالب العام ، يقوم رئيس البرلمان بالموافقة على رفع الحصانة، حتى لا يكون هنالك إعتقاد بأن البرلمان يحمي اعضاءه من المساءلة القانونية.
* أسباب قانونية في السياق قال عثمان الشريف نقيب المحامين إنه إذا قبلت النيابة العامة بلاغ أو دعوة ضد نائب برلماني، فلا يتم القبض عليه إلا إذا رفع المجلس الوطني عنه الحصانة، وذلك في حالات التلبس، ويوضح الشريف أن لدى أعضاء السلطة التشريعية حصانة في رئيس المجلس الوطني، وأشار عثمان إلى إنه بعد أن تعد الدعوة الجنائية على النائب، تقوم لجنة بالمجلس الوطني بدراسة الحالة وتعرف مدى جدية الدعوة، وبعدها تأخذ قراراً، هل ترفع الحصانة أم لا؟ ، ولكن لأسباب يتيحها القانون.
* رؤى مهتمين فتح رفض رفع الحصانة عن العضو البرلماني فضل محمد خير الباب على مصرعيه لكثير من التساؤلات والاستفهامات حول أداء البرلمان بشأن رفع الحصانات، لا سيما إن خير متهماً وليس مداناً.
ورأى الاكاديمي والمحلل السياسي دكتور راشد التجاني في حديثه إن المجلس كان عليه أن يدعم رفع الحصانة مهما كانت الشخصية وأن يبادر بالخطوة، ولا يقف ضدها حتى لا تحسب خطوته معارضة للعدالة.
ويشير المراقب السياسي وأستاذ القانون الدستوري الدكتور بركات موسى الحواتي إلى أن هناك مواقف شكل فيها المجلس رقابة فعلية على أداء الجهاز التنفيذي بالأخص المسائل التي خوطب فيها، ورأى الحواتي في حديثه أن المجلس يمثل أغلب إرادة المواطنين وبالتالي عليه أن يعبر عن هذه الإرادة بقوة وشفافية، خصوصاً في المسائل التي تتعلق بحق المواطن الذي يتطلع لمعرفة مايصدر من قرارات أو مبررات وينبه الحواتي المجلس الوطني كان عليه رفع الحصانة للتحقيق لجهة إنه يمكن ألا تثبت التهم على العضو فضل " فالمتهم برئ حتى تثبت إدانته" ويلفت الحواتي إلى أن الخطوة في النهاية تحقيق وليست إدانة حتى يرفضها البرلمان الذي كان عليه أن يستجيب لطلب النائب العام لرفع الحصانة عن النائب حتى يتم التأكد من الاتهام في القضية التي رفعت ضده ويرى الحواتي أن عدم رفع الحصانة عن المتهم يقود إلى استفهامات وتساؤلات كبيرة جداً حول موقف المجلس الوطني كله فيما يتعلق بهذه القضية التي طلبها النائب العام.
* هيبة البرلمان كشف النائب البرلماني المستقل محمد طاهر عسيل نائب الدائرة "7" عد الفرسان ولاية جنوب دارفور بالمجلس الوطني عن فرض السلطات الأمنية رقابة مشددة بقوة السلاح على النائب البرلماني، فضل محمد خير، واعتراض على ملاحقته داخل البرلمان، وقال إذا كان لديها مايثبت فساده يجب أن تتخذ الإجراءات القانونية الصحيحة، وتلقي عليه القبض مثله مثل الآخرين، ووصف طريقة ملاحقته وتشديد الحراسة المدججة بالسلاح، حتى داخل البرلمان والتشهير به بغير المقبولة لجهة إنه لم تثبت ضده تهمة حتى الآن، وأكد أن عضويتة في البرلمان تمنحه حصانة، ولكن لا تمنع أن يحاكم ويسجن في حالة ارتكب أي جريمة، وبرر رفض البرلمان رفع الحصانة لفشل الجهات العدلية في إثبات أي تهمه ضده، واعتبر عسيل الخطوة انتقاصاً من هيبة البرلمان، وقال: " اذا السلطات عندها ما يشكل جريمة ضده يجب أن تتخذ الإجراءات ثم يحاكم كأي شخص آخر"، ووصف دعوة الرئيس لمحاربة الفساد بالاتجاه الصحيح لتنظيف الدولة من سرقات المال العام، في وقت شدد فيه على ضرورة عدم استهداف أشخاص بعينهم بدون بينة واضحة، وأضاف لا نستهدف أشخاص بعينهم إذا لم تثبت عليهم أدلة ضدهم، وزميلنا فضل راجل تاجر معروف في البلد كلها وما يحدث الآن من مطاردة وإدخاله في البرلمان بحرس "داخل حرس مارق" مرفوض تماماً، وقال إن عضويته في البرلمان تحميه وتعطيه الحصانة لكن لا تمنع محاكمته إذا ارتكب جريمة وأضاف: " حيطير وين لو اتقفل المطار وحددت إقامته بالخرطوم لحين العثور على أدلة ضده"، وأكد إن بعض المقبوض عليهم وجهت إليهم تهم وأشار إلى أن أغلب الفساد في مؤسسات حكومية فاسدة يجب إصلاحها.
* ملفات مشبوهة حمل رئيس لجنة الصناعة والاستثمار والأراضي بالمجلس الوطني عبدالله علي مسار بنك السودان مسؤولية التجاوزات في بنك الثروة الحيوانية لجهة أنه مشرف على البنوك، وتساءل كيف يسمح بالبيع بالقيمة الدفترية ولم يضمن الأصول؟ وأكد أن الشركةكسبت أصول بدون مقابل مادي مما يشير إلى وجود فساد، في وقت كشف فيه عن اتجاه لفتح ملفات بنوك ومؤسسات أخرى متورطة في قضايا فساد، تمس المال العام، وأكد أن البنك تعثر بسبب أشخاص تحصلوا على مبالغ ضخمة من البنك،ولم يلتزموا بالسداد، وكشف عن امتلاك مستندات تثبت تورط شخصيات نافذة في الأمر قال إن أسماءهم موجودة ومعروفة وهناك أدلة على أنهم حصلوا على مبالغ دون ضمانات قوية، في غضون ذلك وصف مسار قرار تعيين عبد الحليم اسماعيل المتعافي رئيساً لمجلس إدارة بنك الثروة الحيوانية ممثلاً لشركة داجن التي اشترت أسهم بنك السودان بالباطل، لجهة أن الترشيح تم أثناء التحقيق في القضية، وقال مسار في تصريح خاص إن أي إجراء تم في القضية غير صحيح، وتعيينه باطلاً، وشدد على ضرورة إيقاف أي إجراءات حتى تنتهي لجنة التحقيق ولفت إلى أن البيع تم بالقيمة الدفترية وأن أصول البنك تقدر بمبالغ ضخمة لم يتم تقييمها، وشدد على ضرورة أن يصدر البرلمان قراراً فيما يخص بنك الثروة الحيوانية وأشار إلى أن قرار إلغاء القبض على أشخاص بالبنك عمل يخدم ويعزز موقف البرلمان.
* مطالب برفع الحصانة وطالب عضو البرلمان حاتم شناب برفع الحصانة فوراً عن أي شخص تحوم حوله شبهة فساد من عضوية المجلس الوطني أو غيره من المؤسسات، وأشار إلى أن المتهم برئ حتى تثبت إدانته، وقال شناب لا أجد عذراً لرئيس المجلس الوطني في عدم رفعه الحصانة من العضو محمد خير فضل خصوصاً أن هذه المؤسسة التي يرأسها البروف إبراهيم أحمد عمر هي التي يقع على عاتقها محاربة الفساد والرقابة على الجهاز التنفيذي وتشريع القوانين التي تجتث المفسدين لا حمايتهم، وأضاف لذلك نطالب نحن في كتلة قوى التغيير برفع الحصانة من العضو المذكور واتخاذ الإجراءات والتحريات مجراها الطبيعي وصولاً للمحاكمة العادلة في حالة ثبوت التهم.