يبدو أن الصحف في جنوب السودان تعاني هي الأخرى من مشاكل مثل رصيفاتها الشمالية . فمع أن إصدار صحيفة في أي مكان في هذا الزمن ? كما يقول مراسل (نيويورك تايمز)- ليس أمراً هيناً ? إلا أن صناعة صحيفة يومية في جنوب السودان» يمكن أن يكون مستحيلاً» . المراسل بينو موشير كتب من جوبا الأسبوع الماضي عن منبر عقد في عاصمة الجنوب كان يناقش علاقة الصحافة وأجهزة الأمن الوطنية . ويعدد مشاكل الصحافة في الدولة الوليدة : *(80 % ) من سكان الدولة الوليدة البالغ عددهم نحو( 10) ملايين نسمة أميون . * إفتقار جوبا للطرق المعبدة . * إنقطاع التيار الكهربائي . * صعوبة الوصول إلى الإنترنت . *العنف القبلي الذي يتصاعد هذه الأيام . هذه المشاكل وغيرها تجعل صناعة الصحف في الجنوب أكثر صعوبة. ومع كل تلك المعوقات فإن الصحيفة الأولى في الجنوب ( سيتزن) لم تخب آمال قرائها منذ إنشائها العام 2005 رغم اضطرارها في الآونة الأخيرة لتقليل عدد النسخ اليومية من (5) آلاف إلى ألفين فقط ? بسبب غلاء ورق الطباعة. ولكن (سيتزن) تواجه تحدياً آخر من قبل القيادة العسكرية الجديدة في البلاد والتي كما هو معروف لا ترحب بصحافة حرة . مثل غالبية أقرانهم في الخرطوم فإن صحافيي جوبا عامة يعانون هم كذلك من الفاقة وضيق ذات اليد. ويضرب المراسل مثلاً بمحرر (سيتزن) يدعى آرثر قرنق الذي شارك في النقاش الذي دار حول علاقة الجرائد مع الأجهزة الأمنية .فقد أضطر قرنق للمشي (كداري) لنحو ميل حيث اقيم المنبر فلم يكن هناك موقف قريب للمواصلات، وبالطبع لم يتمكن من دفع أجرة تاكسي ?فمرتبه الشهري الضئيل (900)جنيه سوداني جنوبي (300) دولار بالكاد يعيش عليه مع أسرته. في أكتوبر الماضي توقفت صحيفة (ديستني) التي كانت تصدر في جوبا باللغة العربية ?بعد عددين فقط لان احد كتابها وصف اقتران كريمة الرئيس سلفاكير بأنه سلوك غير مرض لأنها تزوجت أثيوبياً. كاتب العمود ورئيس التحرير كلاهما أعتقلا لفترة أسبوعين. وكانت (ديستني) تحاول لتصبح ثاني صحيفة يومية عربية في الجنوب. وفي ديسمبر بدأ الفريد تعبان وهو مراسل سابق لل(بي بي سي) في إصدار (جوبا مونيتور) وهي الصحيفة الإنجليزية الثانية في الجنوب. أما (مونيتور) الخرطوم فقد أوقفتها السلطات مع خمس صحف جنوبية أخرى عندما نال الجنوب إستقلاله في يوليو الماضي .(جوبا مونيتور ) تطبع في مطابع (سيتزن) الصحيفة الوحيدة التي تملك مطابع خاصة. كثير من المتحدثين في المنبر ادلوا بإفاداتهم حول علاقتهم بأجهزة الأمن وتجاربهم مع القيادة العسكرية التي تحكم الجنوب.فقد قال قرنق انه عندما كتب عن صفقات تجارية يقوم بها مسؤول حكومي تلقى مكالمة من شخص مجهول يحذره من نشر التقرير ويهدده أن الكاتب سيواجه مشاكل إذا مضى قدماً في التحقيق. رغم هذا التهديد فإن ارياث فعلا تجرأ بنشر التقرير ولكن السلطات لم تعتقله ?وبدلا عنه فقد فضلت اعتقال نيال بول رئيس التحرير. نيال بول قال في المنبر إن السلطات الأمنية اعتقلته ثلاث مرات منذ العام 2007 م .