الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله الأمين .. أما بعد: فهذا تعليق على مقال نشرته صحيفتكم الغراء »الرأي العام« يوم الجمعة الموافق 2 ربيع الثاني من عام 1433م بعنوان »مولد المصطفى« في صفحتها السابعة ، حاول فيه الكاتب الربط بين السلفية والتكفيريين.. ü النقطة الأولى وهي قوله : يا أيها التكفيريون: أقول وبالله التوفيق الدعوة السلفية هي دعوة الوسطية وهي دعوة الكتاب والسنة على فهم سلف الأمة وهم الصحابة والأئمة الأعلام ، فليس فيها طريق للأهواء والآراء وان التكفير حكم شرعي وحق محض للرب سبحانه وتعالى لا تملكه هيئة من الهيئات أو جماعة من الجماعات ، ولا دخل فيه لحماسة طاغية أو عداوة ظاهرة ، ولا يحمل عليه ظلم ظالم تمادى في ظلمه وغيه ، أو بطش جبار عنيد تناهى في بطشه وغدره ، فلا يكفر إلا من كفره الله ورسوله .. يقول شيخ الاسلام ابن تيمية في تهذيب الفروق »4/158«: »فلهذا كان أهل العلم والسنة لا يكفرون من خالفهم وإن كان ذلك المخالف يكفرهم ، إذ الكفر حكم شرعي، فليس للإنسان ان يعاقب بمثله، كمن كذب عليك أو زنى بأهلك ، ليس لك ان تكذب عليه ولا ان تزني بأهله ، لأن الكذب والزنى حرام لحق الله تعالى. وكذلك التكفير حق الله، فلا يكفر إلا من كفره الله ورسوله«.. ويقول ابن القيم الجوزية في قصيدته النونية: الكفر حق الله ثم حق رسوله üüü بالنص يثبت، لا بقول فلان من كان رب العالمين وعبده üüü قد كفراه فذاك ذو الكفران ويقول شيخنا محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله: الحكم بالتكفير والتفسيق ليس إلينا، بل هو إلى الله تعالى ورسوله »صلى الله عليه وسلم« وهو من الأحكام الشرعية التي مردها إلى الكتاب والسنة، فيجب التثبت غاية التثبيت، فلا يكفر ولا يفسق إلا من دل الكتاب والسنة على كفره وفسقه«.. وأختتم هذه المسألة بقول النبي »صلى الله عليه وسلم«: عن أبي ذر »رضى الله عنه : أنه سمع النبي »صلى الله عليه وسلم« يقول : »لا يرمي رجل رجلاً بالفسوق و لا يرميه بالكفر إلا ارتدت عليه ، إن لم يكن صاحبه كذلك« رواه البخاري برقم »6045«. ü النقطة الثانية : هي قوله إننا لا نحب النبى »صلى الله عليه وسلم« ولذلك لم نحتفل بمولده .. فأقول : إن من أصول دين الإسلام: تعظيم النبي »صلى الله عليه وسلم« ومحبته، ولا يكمل إيمان المرء حتى يحبه أكثر من كل أحد.. لقوله »صلى الله عليه وسلم«: »لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين« البخاري ومسلم وجعل الله حبه في إتباع نبيه »صلى الله عليه وسلم«، قال تعالى: »قل ان كنتم تحبون الله فإتبعوني يحببكم الله« »سورة آل عمران.. قال الإمام الحسن البصري: سميت هذه الآية بآية الفتنة لأنها تميز المؤمن من المنافق.. لكن هنا سؤال يطرح نفسه: هل من محبته ان نحتفل بمولده »صلى الله عليه وسلم«؟ قبل الإجابة لا بد ان نعلم ما يلي: 1- ان الله تعالى قال: »اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلامي دينا«.. 2- ان النبي »صلى الله عليه وسلم« لم يفعله ولا خلفاؤه الراشدون ولا غيرهم من الصحابة رضوان الله على الجميع ولا التابعون لهم بإحسان في القرون المفضلة، وهم أعلم الناس بالسنة، وأكمل حباً لرسوله »صلى الله عليه وسلم« ومتابعة لشرعه ممن بعدهم، وقد ثبت ان النبي »صلى الله عليه وسلم« أنه قال: »من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد« أي مردود عليه، وقال في حديث آخر: »عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة« سنن أبي داؤود.. 3- وأمرنا الله عز وجل بإتباع أمر النبي »صلى الله عليه وسلم« والانتهاء عما نها عنه.. قال تعالى : »وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهلوا الحشر .. وقال تعالى: »فليحذر الذين يخالفون عن أمره، ان تصيبهم فتنة او يصيبهم عذاب أليم«.. سورة »النور«.. واعلم ان الفاطميين هم أول من أحدث هذا الاحتفال ، وهم شيعة أحفاد القرامطة الذين سرقوا الحجر الأسود ومكث معهم عشر سنوات، كما نقل ذلك الإمام ابن كثير وغيره من أهل العلم .. وهنا سؤال: هل نجعل هؤلاء الضالون سلفاً لنا وهم قد تلطخت أيديهم بقتل أهل العلم وتشدقوا بسب أصحاب الرسول ونترك النبي »صلى الله عليه وسلم« وأصحابه الكرام؟ ü فلا يجيب أحد بنعم إلا إذا كان على غير ملة الإسلام .. ولا يستدل احد على مشروعية الاحتفال بقول الله تعالى : »قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون« يونس.. فإنه لم يستدل بها أحد من اصحاب القرون المفضلة على هذا الزعم.. وقد نقل الإمام القرطبي عن سلف الأمة في معنى هذه الآية:» فضل الله الإسلام ورحمته القرآن« »الجامع 8/353«.. وأما القول بان الله يخفف العذاب عن أبي لهب لفرحه بمولد النبي »صلى الله عليه وسلم«، فهذا لا يثبت من ناحية الإسناد.. وأما صيام النبي »صلى الله عليه وسلم« يوم الاثنين لأنه يوم ولد وبعث فيه فلا يدل على جواز الاحتفال، فالحديث دليل على اننا نصوم هذا اليوم من كل اسبوع »شكراً لهذه النعمة«، وليس فيه أننا نحتفل بيوم واحد كل عام، والعبادات لا قياس فيها .. وأخيراً إليك أخي بعض أقوال علماء المالكية في هذا المولد: 1- قال الامام الشاطبي المالكي في كتابه الاعتصام: بعد ان عرّف البدعة ذاكراً أمثلتها »ومنها التزام الكيفيات والهيئات المعينة ، كالذكر بهيئة الاجتماع على صوت واحد واتخاذ يوم ولادة النبي »صلى الله عليه وسلم« عيداً، وما أشبه ذلك.. 2- وذكر الإمام القرطبي المالكي رحمه الله طرفاً من خلاف العلماء في يوم مولده »صلى الله عليه وسلم« في تفسيره »20/194 ط دار الشعب« وعلى فرض انه »صلى الله عليه وسلم« ولد في الثاني عشر من شهر ربيع الأول فهذا يوم وفاته كذلك وليس الفرح في هذا اليوم بأولى من الحزن فيه.. 3- وقال ابن الحاج المالكي في كتابه »المدخل« فصل في المولد: ومن جملة ما أحدثوه من البدع مع اعتقادهم ان ذلك من أكبر العبادات ، وأظهر الشعائر ما يفعلونه في شهر ربيع الأول من المولد ، وقد احتوى على بدع ومحرمات جملة.. وأخيراً قال الله تعالى : فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول ، إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ، ذلك خيراً وأحسن تأويلا« «النساء».