هو أبو نصر بشر بن الحارث بن عبد الرحمن بن عطاء بن هلال بن ماهان بن عبد الله المعروف ب «بشر الحافي»، كان من كبار الصالحين وأعيان الأتقياء المتورعين وأصله من «مرو» وسكن بغداد ولقب بالحافي لأنه جاء إلى إسكافي يطلب منه شسعاً لأحد نعليه وكان قد إنقطع فقال له الإسكافي (ما اكثر كلفتكم على الناس) فألقى النعل من يده والأخرى من رجله وحلف بأن لا يلبس نعلاً بعدها، ويحكي أنه أتى باب المعافي بن عمران فدق عليه الحلقة، فقيل: من؟ .. فقال: بشر الحافي، فقالت بنت من داخل الدار «لو اشتريت نعلاً ، بدانقين لذهب عنك إسم الحافي».. وسبب توبته أنه أصاب في الطريق قرطاساً فيه إسم الله تعالى مكتوب، وقد وطأته الأقدام، فأخذه ونزل إلى النهر وغسله وكان لا يملك من الدنيا إلا درهما فيه خمسة دوانق فاشترى بأربعة دوانق مسكاً وبدانق ماء ورد فطيب القرطاس وجعله في حائط فرأي في النوم كأن قائلاً يقول له: «يا بشر! طيبت إسمي لأطيبين إسمك في الدنيا والآخرة» فلما تنبه من نومه تاب.. ويقول إبن الجوزي: رحل بشر الحافي في طلب العلم إلى مكة والكوفة والبصرة وسمع من وكيع وعيسى بن يونس، وشريك بن عبد الله وأبى معاوية، وأبى بكر بن عياش، وحفص بن غياث وإسماعيل بن علية وحماد بن زيد، ومالك بن أنس، وأبى يوسف القاضي، وإبن المبارك، وهشيم والمعافي بن عمران والفضل بن عياض وأبي نعيم، غير أنه لم يتصد للرواية فلم يضبط عنه من الحديث إلا اليسير.. يقول إبن خلكان: كان لبشر ثلاث أخوات وهن: مضغة، ومخة وزبدة، وكن زاهدات عابدات ورعات وأكبرهن مضغة ماتت قبل موت أخيها بشر، فحزن عليها بشر حزناً شديداً وبكى بكاءً كثيراً فقيل له في ذلك، فقال: قرأت في بعض الكتب إن العبد إذا قصر في خدمة ربه سلبه أنيسه وهذه أختى (مضغة) كانت أنيستي في الدنيا. قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: دخلت إمرأة على أبي فقالت له: يا أبا عبد الله إني إمرأة أغزل في الليل على ضوء السراج وربما طفيء السراج فأغزل على ضوء القمر، هل على أن أبين غزل السراج من غزل القمر؟.. فقال لها أبي: إن كان عندك بينهما فرق فعليك أن تبيَّني ذلك فقالت له: يا عبد الله أنين المريض هل هو شكوى؟ فقال: إني أرجو أن لا يكون شكوى ولكن هو إشتكاء إلى الله تعالى ثم إنصرفت.. قال عبد الله: فقال لى أبي: يا بني ما سمعت إنساناً قط يسأل عن مثل ما سألت هذه المرأة أتبعها.. قال عبد الله: فتبعتها إلى أن دخلت دار بشر.. فأتيت أبي فقلت له: إن المرأة أخت بشر الحافي فقال أبي: هذا والله هو الصحيح، محال أن تكون هذه المرأة إلا أخت بشر الحافي.. قال ابراهيم الحربي: ما أخرجت بغداد أتم عقلاً من بشر ولا أحفظ للسانه، كان في كل شعرة منه عقل وطيء الناس عقبه خمسين سنة.. ما عرف له عيبة لمسلم.. ما رأيت أفضل منه.. قيل لأحمد بن حنبل مات بشر قال: مات والله وما له نظير.. توفى في محرم سنة «722ه». ? ومن أقواله: ? غنيمة المسلم غفلة الناس عنه وإخفاء مكانه عنهم. ? إن الجوع يصفي الفؤاد ويورث العلم الدقيق، طوبي لمن ترك شهوة حاضره لموعد غيب لم يره. ? حادثوا الآمال بقرب الآجال.. ? عقوبة العالم في الدنيا أن يعمي بصر قلبه. ? عز المؤمن استغناؤه عن الناس وشرفه قيامه بالليل. ? العلم هو العمل فاذا أطعت الله علمك وإذا عصيته لم يعلمك.. ? اكتم حسناتك كما تكتم سيئاتك. ? لا ينبغي أن يأمر بالمعروف وينهي عن المنكر الا من يصبر على الأذى. ? لو تفكر الناس في عظمة الله لما عصوا الله. ? إذا أعجبك الكلام فاصمت وإذا أعجبك الصمت فتكلم.