بعد أزمة كلوب.. صلاح يصدم الأندية السعودية    ياسر عبدالرحمن العطا: يجب مواجهة طموحات دول الشر والمرتزقة العرب في الشتات – شاهد الفيديو    الإمارات وأوكرانيا تنجزان مفاوضات اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة    وزارة الخارجية القطرية: نعرب عن قلقنا البالغ من زيادة التصعيد في محيط مدينة الفاشر    حقائق كاشفة عن السلوك الإيراني!    المؤسس.. وقرار اكتشاف واستخراج الثروة المعدنية    البيان الختامي لملتقى البركل لتحالف حماية دارفور    الداخلية السودانية: سيذهب فريق مكون من المرور للنيجر لاستعادة هذه المسروقات    مدير شرطة ولاية النيل الأبيض يتفقد شرطة محلية كوستي والقسم الأوسط    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    تدرب على فترتين..المريخ يرفع من نسق تحضيراته بمعسكر الإسماعيلية    الزمالك يسحق دريمز في عقر داره ويصعد لنهائي الكونفيدرالية    سان جرمان بطلا للدوري الفرنسي.. وعينه على الثلاثية    إيران تحظر بث مسلسل "الحشاشين" المصري    شاهد بالفيديو.. سائق "حافلة" مواصلات سوداني في مصر يطرب مواطنيه الركاب بأحد شوارع القاهرة على أنغام أغنيات (الزنق والهجيج) السودانية ومتابعون: (كدة أوفر شديد والله)    السودان..توجيه للبرهان بشأن دول الجوار    شاهد بالصورة والفيديو.. طلاب كلية الطب بجامعة مأمون حميدة في تنزانيا يتخرجون على أنغام الإنشاد الترند (براؤون يا رسول الله)    شاهد بالفيديو.. الفنانة ندى القلعة تواصل دعمها للجيش وتحمس الجنود بأغنية جديدة (أمن يا جن) وجمهورها يشيد ويتغزل: (سيدة الغناء ومطربة الوطن الأولى بدون منازع)    شاهد بالصور.. بالفستان الأحمر.. الحسناء السودانية تسابيح دياب تخطف الأضواء على مواقع التواصل بإطلالة مثيرة ومتابعون: (هندية في شكل سودانية وصبجة السرور)    جبريل إبراهيم يقود وفد السودان إلى السعودية    تجارة المعاداة للسامية    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    يس علي يس يكتب: روابط الهلال.. بيضو وإنتو ساكتين..!!    رئيس حزب الأمة السوداني يعلق على خطوة موسى هلال    سرقة أمتعة عضو في «الكونجرس»    بايدن منتقداً ترامب في خطاب عشاء مراسلي البيت الأبيض: «غير ناضج»    تدمير دبابة "ميركافا" الإسرائيلية بتدريب لجيش مصر.. رسالة أم تهديد؟    دبابيس ودالشريف    حسين خوجلي يكتب: البرهان والعودة إلى الخرطوم    بمشاركة طبنحة و التوزة...المريخ يستأنف تحضيراته    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    قوة المرور السريع بقطاع دورديب بالتعاون مع أهالي المنطقة ترقع الحفرة بالطريق الرئيسي والتي تعتبر مهدداً للسلامة المرورية    السينما السودانية تسعى إلى لفت الأنظار للحرب المنسية    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    سوق العبيد الرقمية!    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بحوث: مهددات الأسرة المعاصرة

بقلم د. فاطمة عبد الرحمن عبد الله - أستاذ مشارك، بجامعة القرآن الكريم والعلوم الإسلامية
تمثل الأسرة في الإسلام النواة الأولى والمكون الأساسي للمجتمع الإنساني وهي الوعاء الحافظ للنسب وعبرها يتم انتقال الثروة من جيل إلى جيل ويتم داخلها تنشئة الفرد اجتماعياً. لكنَ الوثائق الدولية تدعو لما يهدد كيان الأسرة ويؤدي إلى انحلال المجتمع بالقضاء على الترابط الأسري، وذلك بالمطالبة بالمساواة التامة بين الرجل والمرأة في الأسرة دون مراعاة لتفاوت واجباتهما واستعدادتهما الفطرية وكفاياتهما كما ورد في وثيقة اتفاقية التمييز ضد المرأة المطالبة بالمساواة في الحقوق الأسرية "الطلاق، التعدد، القوامة...إلخ". إنَّ الأسرة في مجتمع المسلمين مستهدفة لأنها الحصن الواقي للمجتمع المسلم فإذا سقطت ضاعت القيم وساد الفساد والانحلال كما ساد في الغرب.
مقدمة:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وصحبه ومن والاهم بإحسان إلى يوم الدين. وبعد،،،
فالحمد لله القائل: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }(الروم:21).
أهمية الموضوع:
تأتي أهمية الموضوع في ظل الظروف والمتغيرات التي تمر بها الأسرة والاستهداف الذي تتعرَّض له في كيانها ونظامها العام، وهو استهداف يهدِّد النظام الاجتماعي الذي يستند إلى الأسرة ككل.
أهداف البحث:
يهدف البحث إلى:
أولاً: بيان وسائل الاستهداف العالمي للأسرة، والتي تتمثل في:
[1] الدعوة لتغيير مفهوم الأسرة الشرعي، والتعبير عن الأسرة ب (الأفراد والأزواج).
[2] الدعوة لتغيير دور المرأة في الأسرة والمجتمع وإلغاء دور الأمومة.
[3] إلغاء دور الأسرة في تربية الأولاد.
[4] الدعوة للمساواة المطلقة بين الرجل والمرأة دون مراعاة لخصوصية وطبيعة المرأة التي خصها الله تعالى بها.
[5] الدعوة لخروج المرأة للعمل دون قيد أو شرط.
[6] الدعوة لتحديد النَّسل.
كل ذلك من خلال وثائق المؤتمرات الدولية الخاصة بالمرأة.
ثانياً: التأكيد على دور الأسرة في تربية النشء وتعظيم ذلك الدور، وأنَّه لا يمكن أنْ تقوم به أي مؤسسة أخرى.
ثالثاً: السعي لمعرفة الوسائل التي يمكن بوساطتها الحفاظ على الأسرة.
هيكل البحث:
يتكون البحث من ثلاثة مباحث وعدد من المطالب، على النَّحو الآتي:
المبحث الأول: الإطار النظري للمفاهيم العامة الواردة في البحث
المطلب الأول: مفهوم الأسرة ومقاصدها.
المطلب الثاني: مفهوم التربية وأهدافها.
المبحث الثاني: مهددات الأسرة المعاصرة تكوينياً
المطلب الأول: مهددات العلاقة الزوجية.
المطلب الثاني: مهددات الأمومة والنَّسل.
المطلب الثالث: مهددات المرأة كنوع.
المبحث الثالث: مهددات دور الأسرة التربوي
المطلب الأول: مسئولية تربية الطفل جسمياً وخُلُقياً وعقلياً.
المطلب الثاني: مسئولية التربية النفسية والاجتماعية.
المطلب الثالث: مسئولية التربية الجنسية.
الخاتمة:
وتشتمل على النتائج والتوصيات.
المبحث الأول
الإطار النظري في المفاهيم العامة
المطلب الأول: مفهوم الأسرة ومقاصدها
مفهوم الأسرة في الإسلام:
لغة: الأسرة في اللُّغة: "الدرع الحصين، وأهل الرجل وعشيرته، ويطلق على الجماعة يربطها أمر مشترك وجمعها أسر"(1).
اصطلاحاً: الأسرة هي تلك الوحدة الناتجة من عقد يفيد ملك المتعة مقدراً، أي يراد به استمتاع كل من الزوجين بالآخر على الوجه المشروع، ويجعل لكل منهما حقوقاً وواجبات على الآخر(2).
وهي: "الوحدة الأولى للمجتمع وأولى مؤسساته التي تكون العلاقات فيها في الغالب مباشرة ويتم داخلها تنشئة الفرد اجتماعياً ويكتسب فيها الكثير من معارفه ومهاراته وميوله وعواطفه واتجاهاته في الحياة ويجد فيها أمنه وسكنه"(3).
كما يمكن تعريف الأسرة بأنَّها: "الوعاء الحافظ للنسب والقربى والرحم وعبره يتم انتقال الثروة من جيل إلى جيل"(4).
وهي: "رابطة اجتماعية تتكون من زوج وزوجة وأطفالهما وتشمل الجدود والحفدة وبعض الأقارب على أنْ يكونوا مشتركين في معيشة واحدة"(5).
كما تُعرَّف بأنَّها: "النظام الاجتماعي الذي ينشأ عنه أول خلية اجتماعية تبدأ بالزوجين، وتمتد حتى تشمل الأبناء والآباء والأمهات والإخوة والأخوات والأقارب جميعاً"(6).
كما عرّفتها د. سناء الخولي بأنَّها: "جماعة اجتماعية أساسية ودائمة ونظام اجتماعي ورئيسي، وهي ليست أساس وجود المجتمع فحسب، بل الأخلاق والدعامة الأولى لضبط السلوك والإطار الذي يتلقى منه الإنسان أول دروس الحياة الاجتماعية"(7).
والأسرة هي: "الوحدة الاجتماعية الأولى والبنية الأساسية التي ترعى نمو الطفل، وهي لهذا اشتملت على أقوى المؤثرات التي توجه نحو السلم"(8).
كما تعرّف الأسرة في العرف الاجتماعي السائد بأنَّها: "المجموعة الصغيرة والمكوّنة من الزوجين والأبناء، أساس هذه الأسرة الزوجان المكونان من رجل وامرأة، وهما اللذان يقومان بالدور الأساس والفعّال في التكوين والتنظيم والرقابة من البداية إلى النهاية"(9).
ويعرّف نظام الأسرة بأنَّه: "تلك الأحكام والمبادئ والقوانين التي تتناول الأسرة بالتنظيم بَدْءً من تكوينها مروراً بقيامها واستقرارها وانتهاءً بتفرقها، وما يترتب على ذلك من آثار تؤدِّي إلى إرسائها على أسس متينة تكفل ديمومتها وإعطاءَها الثمرات الخيّرة المرجوّة منها"(10).
عليه؛ يمكن القول بأنَّ مفهوم الأسرة يشمل: الزواج، والتناسل، وتربية الأولاد. وأنْ يكون الزواج بين رجل وامرأة برباط شرعي لا أنْ يتم بين أيّ شخصين كما سيرد في مضامين الوثائق الدولية وينظر الإسلام للأسرة على أنها نواة المجتمع والمكوّن الأساسي له، والبيئة الاجتماعية الأولى التي ينشأ فيها الإنسان فتؤثر عليه سلباً أو إيجاباً، يقول الرسولصلى الله عليه وسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه : (كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه)(11).
مقاصد تكوين الأسرة في المجتمع:
تتمثل مقاصد تكوين الأسرة في المجتمع في الآتي:
[1] تنظيم الطاقة الجنسية وتهذيب الميول والغرائز:
يقول محمد قطب: "الطاقة الجنسية من حيث المبدأ مسألة بيولوجية لا يمكن استمرار الحياة على وجه الأرض بدونها، والإسلام حريص على تحقيق أهداف الحياة العليا. فهو لذلك يحترم كل ما يؤدِّي إلى تحقيق هذه الأغراض، ولكن الذي يضع له الإسلام الضوابط والقيود هو طريقة التنفيذ العملي لتلك الأهداف والاعتراف بها من حيث أحقيتها بالوجود، والاعتراف للناس بحق الإحساس والشعور"(12).
[2] التناسل ونعمة الذرية:
إذا كان لقاء الزوجية "الذكر والأنثى" غاية ومقصداً في حد ذاته من جانب، فهو من جانب آخر وسيلة لغاية أخرى ومقصدٌ آخر، هذا المقصد هو التناسل لقوله تعالى: {وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً}(النساء:1).
"فقد كانت الذرية والذرية الصالحة على وجه الخصوص مطلب أولي العزم من الرسل، وكانت الذرية الصالحة إحدى النعم التي مَنَّ الله بها على من اصطفى من عباده"(13). وقال تعالى {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّةً}(الرعد:38).
والذرية الصالحة بشرى في القرآن الكريم قال تعالى: {فَنَادَتْهُ الْمَلآئِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَسَيِّداً وَحَصُوراً وَنَبِيّاً مِّنَ الصَّالِحِينَ }(آل عمران:39).
ومن لوازم هذه البشرى، أنْ تنمو وتترعرع الذرية في جو إيماني، ومن ثَمَّ فإنَّ عقيدة التوحيد ركن أساس في بناء الأسرة المسلمة، لذلك لا تحل مصاهرة المشركين والمشركات لقوله تعالى: {وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ }(البقرة:221).
وإذا اعتبر التوحيد الخالص في الأبوين شرطاً لإتمام وصحة الزواج في الإسلام؛ فإنَّ من مناط ذلك استنبات الولد في محاضن خالية من الشرك، عندما يكون نطفة أو علقة يربض في صلب أمه.. وامتداد لهذا المعنى، كانت سنّة الآذان في سمعه عندما يرى الدنيا للمرة الأولى في حياته(14).
"على أنْ يكون أول ما يقرع سمع الإنسان كلمات النداء العلوي المتضمنة لكبرياء الرب وعظمته، والشهادة التي يدخل بها في الإسلام"(15).
"ومن مقتضيات بشرى الذرية في الإسلام الإحسان إليها في الصغر.. وحسن التربية خلقياً وعقلياً دون شدة أو قسوة"(16).
[3] حفظ الأنساب:
وهو الأساس في التسلسل الأسري من جد معروف إلى أب معروف إلى أبناء يعرف كل منهم الآخر إلى من ينتمي بالقربى والمصاهرة لقوله تعالى : {وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً}(النحل:72)(17). وقول الرسول صلى الله عليه وسلم : (تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم، فإنَّ صلة الرحم محبّة في الأهل، مثراة في المال، منسأة في الأثر)(18).
"وهذه المعرفة هي أساس تقرير الحقوق والواجبات من: تربية، وحضانة، ونفقة، وإرث، وغير ذلك من الحقوق والواجبات المترتبة على الزواج والتي بدون التحقُّق والقيام بها تضيع الحقوق، ويعم الفساد، وينتشر الصراع"(19).
[4] سلامة المجتمع من الانحلال الخلقي:
من المقاصد التي اتجه إليها الإسلام من حثّه على تكوين الأسرة، سلامة المجتمع الإسلامي صحيحاً من العلل والآفات، وعلى الأخص الانحلال الخلقي، فبناء الأسرة انطلاقاً من قاعدة الزواج يحصن المجتمع ويحميه من الأمراض التي تهدم أركانه وتهوي به إلى درجات الانحطاط وتبني سياجاً من العفة حول أفراده، فلا يسلكون سبيل الانحراف الذي يؤدِّي بهم إلى الأمراض الجنسية السارية كالزهري والسيلان والأيدز(20).
[5] سيادة مكارم الأخلاق:
من أهداف تكوين الأسرة أيضاً غرس الفضائل الأخلاقية والخلال الحميدة في الفرد والمجتمع، فلا تحلل ولا انحراف ولا انزلاق إلى ما حرّم الله تعالى إنما هو الخُلُق الفاضل والقدوة الحسنة بتقديم أبناء صالحين وأمهات صالحات في جميع ساحات الحياة يفاخرون بشرف الانتساب لآبائهم وفي ذلك دعم كيانهم وشرفهم العائلي.
[6] التدريب على تحمُّل المسئولية:
يهدف الإسلام من وراء بناء الأسرة إلى تدريب الفرد على تحمُّل المسئولية، فلقد أراد الإسلام لأبنائه الذين عهد إليهم رسالة عمارة الكون والخلافة أن يكونوا جادين يؤدون عملهم بكل تفانٍ في أي موقع كانوا، والأسرة هي أفضل موطن يكسب الفرد المعاني، فالرجل حين يصبح بزواجه مسئولاً عن زوجه وأولاده، يكد ويتعب في سبيل تأمين العيش الأفضل لهم، وكذلك المرأة فإنها تفني حياتها في خدمة زوجها وأولادها، فالأسرة تدرب الرجل والمرأة أعظم تدريب على حمل المسئولية، وهذا ما أشار إليه الرسولصلى الله عليه وسلم بقوله: (كلكم راع ومسئول عن رعيته، والإمام راع ومسئول عن رعيته، والرجل راع في أهله ومسئول عن رعيته، والمرأة في بيت زوجها راعية ومسئولة عن رعيتها، والخادم في مال سيده راع ومسئول عن رعيته)(21).
[7] تجسيد معاني التكافل الاجتماعي وروح التعاون:
انطلاقاً من مبدأ تحمُّل المسئولية الذي أشرنا إليه سابقاً يتولد هدف آخر يُعَدُّ دعامة من دعائم بقاء الأسرة وهو روح التعاون والإحساس المشترك الذي يجب أنْ يلتزم به كل فرد من أفراد الأسرة، وتتجلى هذه المعاني في العواطف والمشاعر بين الزوجين في السراء والضراء كما يظهر في مفهوم النفقة في الإسلام من إلزام الموسر بالنفقة على قريبه الفقير. فالزوجان يشتركان بروح المحبة في تهيئة الجو الصالح والعيش الهادئ لهما ولأفراد الأسرة جميعاً.
إذا استقامت هذه المقاصد فلا شكَّ إنَّها ستكون الطريق لتآلف الأسرة وتعاونها على بناء المجتمع الكبير، وبذلك ترتقي الشعوب وتعمل معاً لعمارة الكون، وتبادل المنافع والمصالح إذ أنَّ هناك أكثر من سبب لتآلفها.
"إنَّ الأسرة هي المدرسة الأولى لتعليم الخير والصبر وتحمُّل المسئولية بما تلقيه على عاتق أفرادها من مهام لا يستطيعون التهرب منها، ومن كتب الله له النجاح في تحمُّل التبعات الجسام للأسرة والقيام بمسئولياتها سيكون راعياً في القيام بتبعات المجتمع الذي سيستظل بظله"(22).
[8] تربية الأجيال الجديدة:
تقول د. سناء إبراهيم: "التربية والتربية الصالحة هي قرين الإنجاب، وليس المقصود هو إنجاب الأبناء ثم تركهم للضياع، بل المقصود تزويد الحياة بعناصر الإعمار، وتزويد المجتمعات بعناصر البناء، كما ذكرنا، وهذا لا يتحقق إلاَّ من مجموع أسر قوية محكمة التكوين قوية البناء. والأسرة القوية لا تكون إلاَّ بأب وأم وأبناء صالحين، ومن أوجب حقوق الأبناء على الآباء التربية الصالحة"(23).
والذرية الصالحة من مطالب الأنبياء، وهي منّة من الله تعالى، قول إبراهيم عليه السلام: {رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي}(إبراهيم:40)، وقول زكريا عليه السلام : {قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً}(آل عمران:38).
وقول الرسول صلى الله عليه وسلم عن أبي هريرةرضي الله عنه : (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلاَّ
من ثلاث: صدقة جاريه أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له)(24).
وعلى الأسرة قسط كبير من واجبات التربية الخُلُقية والوجدانية والدينية في جميع مراحل الحياة. والأسرة هي التي تجعل من الطفل كائناً مدنياً وتزوده بالعواطف والاتجاهات اللازمة للحياة في المجتمع والبيت)(25).
المطلب الثاني: مفهوم التربية وأهدافها
مفهوم التربية لغة:
من ربا ربواً، وربا: زاد ونما(26).
التربية اصطلاحاً:
هي تلك العملية التعليمية المنهجية من الكبار إلى الصغار بقصد تنشئتهم تنشئة حسنة تحقق لهم إنسانيتهم التي كرمهم الله تعالى بها حسب مراحل نموهم(27).
كما تعني التربية: عملية حفظ التراث واستغلال الذكاء الإنساني لمصلحة الإنسان وإعداده للتكيف مع الجماعة وإكسابه الخبرة المفيدة(28).
من الأهداف التي تحققها التربية:
[1] بلوغ الكمال الإنساني، مع إنَّ الكمال لله وحده، فإنَّ الإنسان لا بُدَّ من أنْ يتصف بالكمال باعتباره خليفة الله على الأرض، قال تعالى : {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً}(البقرة:30).
[2] تحقيق السعادة للإنسان في الدنيا والآخرة.
[3] تنشئة الإنسان الذي يعبد الله ويخشاه، فالله سبحانه وتعالى يقول: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ }(الذاريات:56). وطريقة عبادة الله وخشيته إنما تكون بالعلم {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء}(فاطر:28)، العلم هو سبيل التقوى الصحيح إلى معرفة الله عزّ وجلّ.
[4] تقوية الروابط بين المسلمين ودعم تضامنهم وخدمة قضاياهم، ويتم ذلك عن طريق ما تقوم به التربية الإسلامية من توحيد للأفكار والمشارب والاتجاهات والقيم بين المسلمين.
[5] تربية فطرة الطفل على الإيمان الصحيح وخشية الله تعالى، والتعليم والقدوة أساس الفضيلة والأخلاق وقوله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً }(الأحزاب:21).
[6] تأكيد التعلم عن طريق العمل، ليس مجرد حفظ النظريات والمعلومات التي لا تقود صاحبها إلى العمل النافع في دروب الحياة، وقوله تعالى: {وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى}(النجم:39).
بتحقيق تلك الأهداف يتحقق إيجاد الفرد الصالح في ذاته، والمواطن الصالح في أسرته، والإنسان الصالح لمجتمعه، الذي يحب الإنسانية ويسهم في تطويرها.
المبحث الثاني
مهددات الأسرة المعاصرة تكوينياً
المطلب الأول: مهددات العلاقة الزوجية
تُعَدُّ الأسرة في الإسلام اللبنة الأساسية في البناء الاجتماعي، ولذلك نجد الإسلام قد وضع النظم والضوابط الشرعية لتكوينها، وشرع الأحكام والمبادئ والقوانين لاستمرارها واستقرارها، ووضع المعالجات لما يعتريها من مشاكل وانحرافات، ثم وضع العلاج الأخير والمنضبط عند فشل كل محاولات الإصلاح "الطلاق" الذي وجّه الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه: (أبغض الحلال عند الله الطلاق)(30).
ولاهتمام الإسلام بالأسرة جعل أساسها الزواج الذي يقوم على العلاقة الشرعية بين الزوجين "الرجل والمرأة". تلك العلاقة التي تنسجم وتتسق مع الفطرة الإنسانية وتحقق المصلحة الاجتماعية ببقاء النسل الإنساني وحفظ نوعه لقوله تعالى: {وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ}(النحل:72).
وبالزواج تنمو روح المودة والرحمة والإلفة بين الزوجين، وتتأجج عاطفة الأبوة والأمومة التي تعين الزوجين على التعاون في تربية الأولاد وتحمُّل المسئولية.
ولأهمية الأسرة حث الإسلام على تكوينها ودعا إلى أن يعيش الناس في ظلالها، فهي الصورة الطبيعية للحياة المستقيمة التي تلبي رغبات الإنسان وتفي بحاجاته، وهي الوضع الفطري الذي ارتضاه الله لحياة الناس منذ فجر الخليقة واختاره لهم، وقد أشار القرآن الكريم إلى ذلك في حياة الأنبياء والرسل فقال سبحانه وتعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّةً}(الرعد:38).
وقوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً}(الروم:21). فهذه آية من آيات الفطرة الإلهية، هي أقوى ما تعتمد عليه المرأة في ترك أبويها وإخوانها وسائر أهلها والارتباط برجل غريب عنها تقاسمه السراء والضراء، تسكن إليه ويسكن إليها وتكون بينهما المودة والرحمة، قال تعالى: {فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ}(الروم:30).
ومن خلال نظام الأسرة تتحقق المودة والرحمة والعدل والمساواة، قال تعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ}(البقرة:228)، أو التكافل الاجتماعي {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى}(الإسراء:26)، ويظهر ذلك جلياً في نظام النفقة والميراث.
ولكي تتحقق هذه المعاني من خلال نظام الأسرة، نجد أنَّ الإسلام قد وضع الأحكام والضوابط والآداب التي تحكم الأسرة بصورة مفصلة تكفل نجاحها وأداء وظيفتها وتحقيق أغراضها، ومن ذلك: الإعلاء من شأن الرابطة الزوجية بما نجده من حث الزوجين على الوفاق وحسن المعاشرة والتأكيد على الحقوق والواجبات، كما أكدت الشريعة الإسلامية على احترام الرابطة الزوجية وعدم التلاعب فيها حتى أسماها الله "ميثاقاً غليظاً"، وكذلك اختصاص عقد الزواج دون سائر العقود الأخرى بأحكام خاصة، وحرصاً على دوامه واستقراره كوضع مقدمات له في اشتراط الإشهاد عليه ومنع التلاعب فيه(31).
فالمرأة تعمل على إدارة البيت ورعاية الأبناء، والرجل يسعى في طلب الرزق والقيام بالنفقة الزوجية على زوجته وأبنائه وحماية أفراد أسرته.
وبهذا التعاون ينعم أفراد الأسرة وتسود المحبة والسلام والاستقرار في الأسرة. ولكي تحقق الأسرة الأهداف السابقة فقد حث الإسلام على حسن اختيار الزوجين لضمان بناء المجتمع الإسلامي القوي السعيد، وتكوين الأسرة القوية التي هي مصنع الأبطال والقادة والعلماء والأتقياء والصالحين الذين يحققون غاية إعمار الكون واستخلاف الله لهم فيه، وعبادته على الوجه الذي يرضي.
وهذا عكس ما آلت إليه الأسرة في الغرب، حيث هربت المرأة مضطرة من الارتباط بالأسرة، هروباً من مسئولية الأولاد والزوج، وطمعاً في الرقي إلى أعلى الوظائف لتثبت للرجل أنها ليست أقل كفاية، واستجابة لنداء الماديين والطامعين في تحصيل أعلى ربح مادي لشركاتهم، وانخدعت بالدعاية المزيفة التي اتخذت شعارات براقة تحت اسم تحرير المرأة والحرية الاقتصادية والمساواة التامة بالرجل، وتلك الشعارات التي ترجمت في بعض بنود الوثائق الدولية، والتي تدعو للمطالبة بتعطيل وظيفة المرأة في الحياة كزوجة مخلصة وأم فاضلة، واعتبار الأمومة وظيفة اجتماعية "يمكن أن يقوم بها أي شخص".
وقد عبَّرت عن ذلك إحدى نساء الغرب، وهي الكاتبة الفرنسية دي بوفوار قائلة: "ستظل المراة مستعبدة حتى يتم القضاء على خرافة الأسرة وخرافة الأمومة والغريزة"(32). وذلك مما ترجم في بنود وثيقة اتفاقية مكافحة التمييز ضد المرأة، وجعل تلك الوثيقة قانوناً ملزماً للدول المصدقة عليها، وتحاسب على أساسها في حالة مخالفتها له.
كما حققت الوثائق بذلك هدف الشيوعيين وهو تدمير الأسرة، وتحطيم الروابط الاجتماعية، وانحلال المجتمع. كما يقول عزت بيجوفيتش: "تسعى الأيدلوجية الشيوعية إلى تحطيم الأسرة، وتمنع المرأة من ارتباطها بالأسرة، وفي الاتحاد السوفيتي نسبة تشغيل المرأة اكثر نسبة في العالم"(33).
هذا مما جعل نظام الأسرة في الإسلام أحد مواضع الهجوم من قِبَل الماديين بصورة عامة الشيوعيين والرأسماليين والمنظمة الدولية "الأمم المتحدة" من خلال وثائقها الرافضة لتشريع الطلاق وجعله في يد الرجل، والرافضة لإباحة تعدُّد الزوجات وغض الطرف عما تشقى به المجتمعات الغربية من مفاسد ناتجة عن التعسف في العلاقات الأسرية.
وخلاصة القول إنَّ نظام الأسرة في الإسلام ليس مجرد تنظيم لعلاقة الرجل بالمرأة وما يرتبط بهذه العلاقة من حقوق وواجبات لأحدهما أو لهما معاً أو لمن يأتي من أبنائهما وحَفَدتهما، بل نظام الأسرة في الإسلام هو جزء من نظرة الإسلام للخلق وللكون ولمركز الإنسان في هذا الكون والهدف من وجود الإنسان فيه، لذلك كان هذا النظام متكاملاً وكان جامعاً مانعاً، جامعاً لكل أسباب الخير للإنسان والمجتمع، ومانعاً لكل أسباب الشر للإنسان والمجتمع.
ويحتل موضوع الأسرة الصدارة في الطرح الغربي عبر المؤتمرات الدولية وما ينتج عنها من وثائق أهمها وثيقة مكافحة كافة أشكال التمييز ضد المرأة ووثيقتيْ السكان والمرأة، مما يجعل البحث مهماً في ظل المتغيرات العالمية في مجال قضايا الأسرة.
المطلب الثاني: مهددات الأمومة والنَّسل
إنَّ الأسرة هي النواة الصلبة للمجتمع الإنساني كله، وإن خيرها يتعداها لا إلى المسلمين فحسب بل إلى الإنسانية كلها.
ويرجع اضطراب نظام الأسرة في واقعنا المعاصر إلى الانقلاب الكبير الذي ساد المعايير، والاختلال الذي أصاب المفاهيم. فبينما كان يسود في الأسرة الحقة أنَّ الدين والأخلاق والتقاليد العريقة هي التي توجه سلوك الأسرة الملتزمة تصبح أشكال الموضة وقوانين النظام الدولي الجديد وألوان التقليعات وأنماط التفكير المنحرف الوافد من الغرب ومن سوء التربية الأسرية هي المتحكمة في الأسرة اليوم.
لا يعرف التاريخ ديناً ولا نظاماً كرَّم المرأة بحسبانها أماً وأعلى من مكانتها كالإسلام. لقد أكَّد الوصية بها وجعلها تالية للوصية بتوحيد الله تعالى وعبادته، وجعل برها من أصول الفضائل. وهذا ما يقرره القرآن ويكرره في أكثر من سورة ليثبته في أذهان الأبناء ونفوسهم كما في قوله تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ}(لقمان:14)، وقوله تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْراً}(الأحقاف:15).
ومن رعاية الإسلام للأمومة وحقها وعواطفها في أنه جعل الأم المطلقة أحق بحضانة أولادها، وأوْلَى بهم من الأب.
والأم التي عني بها الإسلام كل هذه العناية، وقرَّر لها كل هذه الحقوق عليها واجبات أنْ تحسن تربية أبنائها فتغرس فيهم الفضائل، تبغضهم في الرذائل، وتعوِّدهم طاعة الله تعالى، وتشجعهم على نصرة الحق(34).
ولكن نجد عكس ذلك في ظل الطرح الغربي لمفهوم الأسرة الذي يطالب بإلغاء دور الأم بحسبان الأمومة وظيفة اجتماعية كما ورد في وثيقة اتفاقية مكافحة جميع أشكال التمييز ضد المرأة.
يدل على ذلك المطالب غير العادلة التي ترفع باسم التنظيم والتقنين لرفع الظلم عن المرأة، كما ورد في بنود اتفاقية مكافحة جميع أشكال التمييز ضد المرأة والتي تتمثل في:
[1] مفهوم الأسرة والذي يشار إليه بالأفراد والأزواج، أي يمكن أنْ تتكون الأسرة من رجلين أو امرأتين أو رجل وامرأة خارج الإطار الشرعي(35). كما ورد في وثيقة مؤتمر السكان تحت عنوان: "الأسرة وأدوارها، وحقوقها، وتكوينها، وهيكلها، وأهدافها" ما يلي: "وضع سياسات وقوانين تقدم دعماً للأسرة وتسهم في استقرارها وتأخذ في الاعتبار تعددية أشكالها"(36).
[2] مفهوم أنَّ الأمومة وظيفة اجتماعية، أي إلغاء دور الأمومة بناءً على اعتماد خيار وقف النمو السكاني عن طريق سياسات تحديد النسل، فقد قامت الدول المتقدمة بالعمل على استئصال الأسباب وراء كثرة التناسل، وذلك عن طريق عدة وسائل منها تغيير دور المرأة في الأسرة والمجتمع.
ويتمثل ذلك في إلغاء وظيفة المرأة كربة بيت "منزل" وحاضنة ومربية أطفال ومقومة أسرة، وذلك عن طريق جرها للعمل في كافة المجالات وتحت كل الظروف أسوة بالرجل تحت شعار تحريرها ومساواتها به في كافة الحقوق والواجبات.
وقد ترجمت الوثائق الدولية هذا المفهوم ليصبح قيد التنفيذ، فبالرجوع إلى المادة (5/أ) من وثيقة اتفاقية التمييز ضد المرأة، حيث نادت هذه المادة بتغيير الأنماط الاجتماعية والثقافية لسلوك الرجل والمرأة بهدف القضاء على التمييز والأعراف التي تقوم على اعتبار أنَّ أحد الجنسين أدنى أو أعلى من الآخر، والقضاء على أي أدوار نمطية للرجل والمرأة.
كما نادت المادة نفسها الفقرة (ب) بضرورة أنْ تتضمن التربية الأسرية تفهماً سليماً للأمومة بوصفها وظيفة اجتماعية، والاعتراف بالمسئولية المشتركة لكل الرجال والنساء في تنشئة أطفالهم(37).
إنَّ تعريف الأمومة بأنَّها وظيفة اجتماعية ينفي اختصاص الأم بها، ويساوي عطفها وحنانها بغيرها، أي أنه يمكن أنْ يقوم بهذا الدور أي شخص وبنفس الدرجة من النجاح. وهذا ما ينفي حقيقة أنَّ حنان الأم فطري ولا يمكن أنْ يعوضه أي حنان آخر.
ولتنفيذ إبعاد الأم عن هذا الدور نادى تفسير الأمم المتحدة للاتفاقية بضرورة وضع نظام "إجازة" لرعاية الأطفال، وبضرورة توفير شبكات من دور رعاية الأطفال، وهي بذلك تطالب بمنح الآباء إجازات لرعاية الأطفال، بالإضافة لدور الحضانة حتى تتفرغ الأم لمهمتها الأساسية كما يرونها وهي العمل بأجر خارج البيت، لأنهم يسمون رعاية الطفولة ودور الأم بالمنزل بالعمل غير المأجور(38).
[3] اعتبار العلاقات الجنسية للمراهقين من الحرية الشخصية التي يجب ألا يتدخل فيها الآباء(39).
كما جاء في الفقرة السابعة ما نصه: "يجب أنْ تزيل البلدان العوائق القانونية والتنظيمية والاجتماعية التي تعترض سبيل توفير المعلومات والرعاية الصحية والجنسية والتناسلية للمراهقين، كما يجب أنْ تضمن ألا تحد مواقف مقدمي الرعاية الصحية من حصول المراهقين على الخدمات والمعلومات التي يحتاجونها، وفي إنجاز ذلك من الخدمات المقدمة إلى المراهقين أنْ تضمن حقوقهم في الخصوصية والسرية والموافقة الواعية والاحترام"(40).
وكذلك ما ورد في المادة (44) من الوثيقة ما نصه: "يتعين على البلدان بدعم من المجتمع الدولي تحمس وتعزز حقوق المراهقين في التربية والمعلومات والرعاية المتصلة بالصحة الجنسية والتناسلية"(41).
وهذا يعني أنَّ إحدى وسائل الحد من النمو السكاني، يتم من خلال تقديم الثقافة والمعلومات الجنسية للمراهقين والمراهقات، ومن ثم إباحة الممارسات الجنسية لهذه الشريحة الاجتماعية من البشر في هذه السن الخطرة من خلال حقهم في سرية هذه الأمور وعدم انتهاكها من قِبَل المجتمع، بل والأسرة التي ينتمي إليها أولئك المراهقون.
[4] الدعوة لتحديد النَّسل بالترويج لتناول حبوب منع الحمل وتنظيم عدد الأبناء المراد نَسْلُهُم.
"إنَّ أولى الخطوات الضرورية لضبط الزيادة السكانية في العالم تكمن في التقليل الطوعي لعدد الولادات بتوفير موانع الحمل لمائة وعشرين مليون امرأة حددتهم الأمم المتحدة"(42). وهو ما يسمى باستراتيجية المدى القريب.
أما استراتيجية المدى البعيد فتتمثل في ما جاء في دراسة أعدها صندوق الأمم المتحدة للسكان (UNFPA) لمناقشتها في اجتماع خبراء تنظيم الأسرة الذي عقد في بانقلور بالهند في عام 1992م ونشر موجزها في مجلة المرأة عام 2000م الصادرة عن قسم النهوض بالمرأة بالأمم المتحدة، تناول فيها الصندوق قضية المرأة وتوظيفها في أعمال مأجورة خارج بيتها، وتحقيق استقلالها الاقتصادي عن الرجل ومساواتها به من أجل تقليل الزيادة السكانية، وذكر أنَّ السبب في ذلك يكمن في أنَّ عدم حصول المرأة على الموارد المالية دائماً يجعلها في حاجة مادية للزوج لتأمين المعيشة في الحاضر وإنجاب الأولاد الذكور لتأمين المستقبل لهم، ثم يحوجها ضغط الأعباء المنزلية لولادة البنات لمعاونتها في المنزل(43).
[5] الدعوة لخروج المرأة للعمل دون قيد أو شرط كما نصت المادة (11) من الاتفاقية على (أنْ تتخذ الدول الأطراف جميع ما يقتضي الحال اتخاذه من تدابير للقضاء على التمييز ضد المرأة في ميدان العمل لكي تكفل لها على أساس تساوي الرجل والمرأة نفس الحقوق، ولا سيما:
[1] الحق في العمل بوصفه حقاً غير قابل للتصرف لكل البشر.
[2] الحق في التمتع فرص التوظيف نفسها(44).
نستنتج من هذه النصوص محاولة تسخير المرأة للعمل دون قيد أو شرط ودون مراعاة لوضعها في الأسرة. ويؤكد هذا القول ما جاء في ديباجة الاتفاقية بأنَّ التنمية لا تتحقق إلاَّ بمشاركة المرأة في العمل على قدم وساق مع الرجل(45).
وهنا يظهر التباين بين رأي الشرع في وجوب العمل بالنسبة للرجل لسد نفقات الأسرة وإباحته للمرأة إذا اضطرتها الظروف الأسرية والاجتماعية وبين مفهوم العمل في الوثائق الدولية مما يمهد لتحقيق الوسيلة الثانية، وهي تغيير مفهوم الأسرة وإلغاء دورها.
[5] الدعوة للمساواة المطلقة بين الرجل والمرأة(46). فمن القضايا التي طرحتها وثيقة مؤتمر السكان قضية المساواة بين الرجل والمرأة حيث طالبت في أكثر من بند من بنودها بالتغيير الجذري في العلاقة بين الرجل والمرأة وتقسيم الوظائف بينهما بالسوية الرياضية، بما في ذلك حق الرجال في إجازة (والدية) أسوة بالنساء.
فقد ورد في الفقرة الخامسة عشرة من إعلان الوثيقة جملة: "وتقاسم الرجل والمرأة المسئوليات عن الأسرة بالتساوي".
[6] الدعوة لخروج المرأة للعمل دون قيد أو شرط(47). فقد تكرر في الوثيقة الإشارة إلى قيام المرأة بأي عمل تجاه الزوج والأولاد والأسرة على أنه عمل غير مدفوع الأجر.
وفي ذلك اختزال لدور المرأة في الأسرة كما لو كانت في عمل بدون أجر، وهذا يشعر الإنسان بانتفاء البعد الإنساني من حياة المرأة، فقد ورد في البند
(21) من الإطار العالمي القول: "والمرأة شريك رئيسي سواء بعملها المأجور أو غير المأجور الذي تضطلع به في البيت.."(48).
وكذلك الفقرة (68/ب) التي تبيِّن أنَّ سبب الفقر عند المرأة هو عملها غير المأجور في منزلها، وأنَّ هناك علاقة بين نسبة الفقر وبين النساء وعملهن غير المأجور(49).
إنَّ النظرة المادية الضيقة لقيام المرأة بمهامها الأساسية الفطرية التي تجد نفسها فيها، واعتبار الوثيقة لها بأنها عمل غير مأجور جعل المرأة آلة فاقدة لمعاني الإنسانية.
إنَّ المرأة هي سيدة المنزل، فمن أين تأخذ الأجر؟ من نفسها وهي السيدة؟ أم من زوجها لتكون عاملة عنده لا شريكة له في الحياة؟ وأين هذا من حديث الرسولصلى الله عليه وسلم : (كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته... والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها)(50).
المطلب الثالث: الاستهداف العالمي للأسرة عبر المؤتمرات الدولية
مهددات المرأة كنوع:
تشير معظم الدراسات الحديثة إلى أنَّ هنالك علاقة وثيقة بين دعاة العولمة "توحيد العالم في نظام عالمي موحد الثقافة والاقتصاد والسلوك"، وبين جذور الصهيونية ومخططاتها.
"ولعل من أبرز اتجاهات هؤلاء وأولئك السعي الحثيث لإلغاء الأسرة بحسبانها الوحدة المنتجة للفرد، الحافظة لقيم الدين والتقاليد الموروثة، ولعل اليهودي ماركس هو أول من وضع النظرية لهذا الاتجاه"(51).
كما تشير بروتوكولات حكماء صهيون إلى أنَّ ما قام به ماركس لم يكن خارجاً عن دائرة مخططهم، كما جاء في البروتوكول الثاني القول: "لاحظوا هنا إنَّ نجاح دارون وماركس ونتيشة، قد رتبناه من قبل والأثر غير الأخلاقي لهذه العلوم في الفكر الأممي سيكون واضحاً لنا"(52).
ويظهر للباحثة العلاقة بين ما خطط له حكماء صهيون وما نفذه علماء الشيوعية أصحاب الأصول اليهودية، دارون صاحب نظرية النشوء والارتقاء "أصل الأنواع"، وماركس ونيتشة عدوان للأديان والذين يؤمنون ويدَّعيان ألا إله والحياة مادة، ويدعوان إلى شيوعية النساء وإنكار الملكية الفردية التي تدعو إلى تكوين الأسرة وانتماء الأبناء إلى آبائهم.
ويمكن تحديد بداية استهداف الأسرة عبر المرأة إلى أواسط القرن الخامس عشر "حيث صدر في فرنسا قانون يمنع النساء من العمل حيث يصنعن الملابس ومنتجات الألبان، كما صدر قانون يحرم المرأة من أرث زوجها، وصحب ذلك رفع شعار المساواة والعمل للمرأة"(53).
كما استعمل اليهود الحروب التي تعرضت لها أوروبا في القرن السابع عشر للاستعاضة على عمالة الرجال بالنساء، وذلك لاشتغال الرجال بالحروب وحاجة الأسر لكسب عيشها، كما نشط اليهود في إشراك المرأة في الثورات الأوروبية في إنجلترا وفرنسا من خلال شعارات تحرير المرأة، ومساواتها بالرجل خاصة في المجال السياسي. وتعتبر الثورة الفرنسية نموذجاً لهذا النشاط علماً أنَّ البروتوكول العاشر من بروتوكولات حكماء صهيون يؤكد إنَّ اليهود كانوا وراء إشعال الثورة الفرنسية وإحداث نمط ثقافي اجتماعي يستند إلى التحرير والإباحية في أقطار أوروبا وأمريكا.
وقد تمت مراجعة وتجديد المخطط الصهيوني تجاه المرأة والأسرة في مؤتمر بال بسويسرا برئاسة ثيودور هرتزل عام 1895م، وقد ركّز المؤتمر على موضوع المرأة، ومنذ ذلك التاريخ بدأت تصدر تشريعات خاصة بالمرأة.
ففي عام 1902م صدرت اتفاقية لاهاي الخاصة بمراجعة القوانين الخاصة بالزواج والطلاق والوصايا على القاصرين، كما صدرت عام 1904م اتفاقية منع الاتجار بالنساء تم تضمنيها في ميثاق عصبة الأمم(54).
ثم صدر "إعلان الحقوق السياسية للمرأة عام 1952م"، ثم "الاتفاقية الخاصة بالجنسية للمتزوجات عام 1957م".
"ثم أعدت مفوضية المرأة بالأمم المتحدة إعلاناً خاصاً بإزالة التمييز ضد المرأة، وقد أجيز في عام 1967م"(55).
وبعد إجازة ذلك الإعلان الذي دعا إلى تغيير المفاهيم "دور الأمومة" وإلغاء القوانين والعادات السائدة التي تفرق بين الرجل والمرأة مع الاعتراف بأنَّ المنظمات النسائية غير الحكومية هي القادرة على إحداث التغيير"(56).
ثم بدأت مفوضية المرأة بالأمم المتحدة بعد إجازة الإعلان في إعداد معاهدة التمييز ضد المرأة في عام 1973م. وأكملت إعدادها في عام 1979م واعتمدتها الأمم المتحدة في 18/12/1992م. وأصبحت سارية المفعول بعد توقيع خمسين دولة عليها في عام 1981م.
ثم تعاقبت المؤتمرات الدولية ومنها: "المؤتمر الدولي للسكان والتنمية الذي انعقد في القاهرة في الفترة من 5-13 سبتمبر بألفاظ مضمونها الدعوة إلى الإباحية وإقصاء الدين والأخلاق والدعوة لتحديد النسل، بزعم أنَّ العالم يتعرض لأزمة سكانية حادة تهدد بوجود مجاعات وكوارث دولية، ويحمل لواء هذا الزعم عدد من الذين يعملون في المجالات الاجتماعية والسكانية، وهم يقومون بحملة إعلامية مفادها إقناع الدول النامية بخطورة الموقف نتيجة النمو المطرد في عدد سكانها، ومما ينجم عن ذلك من مخاطر تعترض سبيل التنمية الاقتصادية والاجتماعية في تلك الدول"(57).
اهتمام المؤتمرات الدولية بالأسرة:
يرجع اهتمام المؤتمرات الدولية بالأسرة إلى منطلقات اجتماعية واقتصادية وسياسية تهدف إلى تغيير بناء الأسرة والموروث في المجتمعات الإنسانية، والقيم الأخلاقية الدينية التي تحافظ على بناء الأسرة كوحدة واحدة مرتبطة في تكوين تلك المجتمعات، ويمكن تفصيل ذلك في الآتي:
أولاً: المنطلق الاجتماعي:
ترفع المؤتمرات الدولية "سالكان والمرأة" شعار المساواة الكاملة بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات، ووظائف الأسرة، ومفهوم مجتمع الرفاهية الذي يوفر للفرد كل الاحتياجات بأقل قدر من التكاليف، وممارسة الحرية المطلقة، ويدلل على ذلك ما طرحته وقائع هذه المؤتمرات من قضايا منها:
[1] المطالبة بالمساواة التامة بين الجنسين وتقسيم الوظائف بينهما في السر بغض النظر عن الفوارق الطبيعية التي تميز كل منهما عن الآخر.
[2] اعتبار عمل المرأة في بيتها اختزال لدورها في المجتمع، لأنه عمل غير مأجور.
[3] مطالبة الوالدين بالتغاضي عن النشاط الجنسي للمراهقين.
[4] تقديم المعلومات والثقافة الجنسية للمراهقين وحقهم في سرية هذه الأمور وعدم انتهاكها من الأسرة.
[5] المطالبة بالحد الأدنى من القوانين التي تحد من ممارسة الأفراد لنشاطهم الجنسي واعتبار ممارسة الجنس والتناسل حرية شخصية وليست مسئولية جماعية، واعتبار المفهوم الديني للأسرة مفهوم عقيم.
[6] إباحة الإجهاض وجعله معتمداً قانوناً، واستخدام مصطلحات مختلفة لإباحته، مثل: الحمل غير المرغوب فيه، وإنهاء الحمل، وتخفيف عواقب الإجهاض، والإجهاض غير المأمون كما ورد في وثيقة مؤتمر السكان والتنمية(58).
ثانياً: المنطلق الاقتصادي:
ينشأ الاهتمام بالأسرة في الغرب من مفهوم أنَّ الموارد الطبيعية "المياه والأرض الزراعية" تكفي لأعداد محدودة من البشر مما يفرض تحديد النَّسل في المجتمعات الإنسانية لتحقيق مجتمع الرفاهية المزعوم(59).
إنَّ الخطاب الغربي لا يخفي قلقه المستمر من تزايد سكان العالم الثالث عامة، والمسلمين خاصة، وقد وصل حد القلق إلى اعتبار ذلك التزايد بمثابة تهديد لمصالحه الحيوية، ويدلل على ذلك الوثيقة التي أعدها هنري كيسنجر عندما كان مستشاراً للرئيس نكسون لشؤون الأمن القومي عام 1974م "وثيقة رقم 200"، بعنوان: "تأثير التزايد السكاني في العالم على أمن الولايات المتحدة ومصالحها الحيوية في ما وراء البحار".
وقد طلب كاتبها بفرض سياسة تحديد النسل في ثلاث عشرة دولة من دول العالم الثالث 90% منها إسلامية(60).
ثالثاً: المنطلق السياسي:
يأتي الاهتمام السياسي بقضايا الأسرة من الدول الكبرى التي تفرض سيطرتها على دول العالم الثالث وهي تمثل أقلية سكانية في مواجهة سكان الدول النامية، وأنَّ نسبة نمو السكان في تلك الدول "النامية" أعلى بكثير من نسبة نمو السكان في الدول الكبرى، لذلك كان لا بُدَّ من وضع سياسات من قِبَل الدول الكبرى لتحفظ لها إحكام سيطرتها على دول العالم النامية، وذلك لمواجهة أزمة الانفجار السكاني بتلك الدول على أساس تعسفي، ومن تلك السياسات:
[أ] تحديد النَّسل وإنْ خالف الأصول الدينية للأمم.
[ب] الدعوة إلى إباحة العلاقات الجنسية خارج نطاق الأسرة وإباحة الإجهاض.
وقد استهدفت المؤتمرات الدولية وخاصة "مؤتمر السكان والتنمية" مراكز المجتمعات البشرية الدينية خاصة الإسلامية والكنفوشية بهدف التأثير على الالتزام الديني الذي لا يبيح مثل تلك العلاقات والنظم)(61).
والدليل على ذلك ما أوردته نشرة الأمم المتحدة عام 1989م تحت عنوان: "سكان العالم في بداية القرن" تقريراً عن موقع أوروبا المنحصر في الخريطة السكانية للعالم جاء فيه: "إنَّ أوروبا تذوب الآن كالجليد تحت الشمس"، حيث أورد التقرير أنَّ سكان القارة كانوا يمثلون 15.6% من سكان العالم عام 1950م، وتراجعت هذه النسبة إلى 10.2% عام 1985م، وانَّ النقص السكاني يقابله زيادة سكانية في إفريقيا، ولا سيما البلاد الإسلامية منها، مثل: الجزائر، المغرب، السُّودان، مصر(62).
[ج] دعم أهداف وسياسات تلك المؤتمرات القوى الصهيونية العالمية.
ويتم ذلك بتفكيك بناء الأسرة في المجتمعات وتسخير المرأة لتحقيق تلك الأهداف بإضعاف القيم الأخلاقية والذي عبرت عنه المفاهيم الواردة في وثائق المؤتمرات الدولية كمصطلحات "زواج الجنس الواحد"، ومصطلح "الأزواج والأفراد" في التعبير عن الأسرة. واعتبار الأدوار التي يقوم بها الآباء والأمهات أدواراً تقليدية نمطية اعتادها النَّاس "وأنَّه يجب إرجاء الالتزام بها حتى يتمكن من إقامة مجتمع متحرر من القيود والروابط"(63).
وتُعَدُّ البنود الخاصة بالأسرة في تلك الوثائق ترجمة لما تضمنته بنود الأسرة في بروتوكولات حكماء صهيون والذي ينص على: "إنَّ الذهب الذي يحتكره اليهود هو أقوى الأسلحة لفساد الشباب والقضاء على الضمائر والأخلاق والأديان ونظام الأسرة وإغراء الناس بالشهوات وإشاعة الرذيلة والانحلال"(64).
عليه يمكن القول: إنَّ المؤتمرات الدولية الخاصة بالمرأة والأسرة قد وضع نواة مادتها اليهود، وهي استراتيجية ذات مدى طويل خُطط لها، وجاءت خطوات التنفيذ تدريجية لكيلا يلازمها الرفض من المجتمعات. وهذا ما اتبعته المؤتمرات المذكورة ومضامين وثائقها كما أشرنا إليها.
رابعاً: منطلق إضعاف الدور الحضاري الإسلامي العالمي:
تدرك القوى العالمية المعادية للإسلام في المجتمعات الإنسانية أهمية الأسرة في الإسلام اللبنة الأساسية وتعاليمه الراقية في بناء المجتمع المسلم الأخلاقي، ونمو الكثافة السكانية في تلك المجتمعات.
وتدفع القوى المعادية للإسلام سياسات أجهزة قضايا المرأة في منظمة الأمم المتحدة لإحداث التغيير في المجتمع الإسلامي وتفكيك الأسرة بهدف إضعاف الدور الإسلامي الحضاري الإنساني العالمي.
وقد هدفت المؤتمرات الدولية والوثائق الصادرة منها إلى استهداف الأسرة المسلمة لأنها تعتبر من أواخر الحصون الإسلامية التي لم تسقط بعد وسعت لإسقاطها وإغراقها في الممارسات التي سقطت فيها الأسرة في المجتمع الغربي والثقافة الغربية، ويتضح ذلك من خلال السياسات والخطط التي وضعتها هذه المؤتمرات كما سنفصل ذلك في قضية استراتيجية تحديد النَّسل. وبالرجوع لتفاصيل مضامين وثائق المؤتمرات الدولية "مؤتمر المكسيك عام 1975م، ومؤتمر السكان والتنمية 1994م، ومؤتمر المرأة "بكين" 1995م.
المبحث الثالث
مهددات دور الأسرة التربوي
المطلب الأول: تربية الطفل جسميّاً وخُلًُقيّاً وعقليّاً
ينظر الإسلام للأسرة على أنها نواة المجتمع والمكوّن الأساس له "وأنَّ حق حياة الطفل في الأسرة يعتبر أساس الحقوق كلها، وبدونها لا يتحقق له النمو الوجداني السليم"(65).
"وأنَّ سنوات المهد التي يمضيها الطفل في الأسرة تمثل سنوات الأساس في حياة الطفل، حيث توضع فيها أسس كثيرة من أنماط السلوك، وكثير من الاتجاهات نحو الآخرين ونحو الذات"(66).
ويعتقد علماء النفس والتربية "أنَّ تأثير الأسرة في تربية الطفل يفوق بآثاره بقية المؤسسات المجتمعة الأخرى، بل أنَّ نجاح المؤسسات الأخرى إنما يتوقف على الأسرة"(67).
ويقول الشهيد سيد قطب: "إنَّ الوالدين والأجداد والأقرباء عامة لا يورثون أبناءهم وأحفادهم وأقاربهم المال وحده، إنَّما يورثونهم كذلك الاستعدادات الخيرة والشريرة، والاستعداد الوراثي للمرض والصحة والانحراف والاستقامة، والحسن والقبح، والذكاء والغباء، وهذه الصفات تلاحق الوارثين، وتؤثر في حياتهم"(68).
كما تشير بعض الدراسات النفسية إلى "أنَّ 50% من المكتسبات الذهنية المتوفرة للفرد في سن السابعة عشرة تظهر في السنوات الأربع الأولى من حياته، وأنَّ 30% منها تظهر فيما بين الرابعة والثامنة، وأنَّ ال 20% الباقية تكتمل فيما بين الثامنة والسابعة عشرة"(69).
وتذكر دراسة أخرى "أنَّ ثلثي المحصلة التربوية للطالب في سن الثامنة عشرة تتحقق في السنوات الستة الأولى من حياته، وأنَّ 42% من تلك الحصيلة تتحقق في سن الثامنة عشرة"(70).
ويقول د. طلعت زكريا: "وتقع الأسرة في المقام الأول من بين العوامل التي تتحكم في تشكيل شخصية الطفل ونموه النفسي والعقلي، فالأبوان هما العنصران المؤثران تأثيراً أكيداً في نمو الطفل اجتماعياً.. إنهما اللذان تكون صلتهما بالطفل في مرحلة عمره الأولى الأكثر دواماً والأثقل وزناً، كما أنَّ التفاعل بين الطفل وأسرته تكون أشدَّ كثافة، وأطول زمناً... فعن طريق التنشئة الأسرية، يكتسب الطفل السلوك والقناعات والعقائد والمعايير والدوافع الاجتماعية التي تقيمها الأسرة"(71).
لذلك تُعَدُّ مسئولية الآباء تجاه أبنائهم مسئولية كبيرة وشاقة ومهمة، لكونها تبدأ منذ سني الولادة إلى أن يصبح الولد في مرحلة التمييز والمراهقة، إلى أنْ يصبح مكلفاً سوياً. فقيام المربي بمسئولياته كاملة يكون قد أوجد الأسرة الصالحة(72).
إنَّ رعاية الأسرة للأبناء تنبع من دواعي الفطرة البشرية السوية المستقيمة على ما فطرها الله عليه وأنَّ الميزان الدقيق لهذه الرعاية الأسرية للأبناء هو قوله الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ}(التحريم:6).
وفيما يلي بيان موجز لأثر الأسرة في تربية الطفل في شتى جوانب شخصيته:
أولاً: الناحية الجسمية:
إنَّ مرحلة الطفولة المبكرة تتميز بالعجز، ولذلك فإنَّ سلامة الطفل وصحته تعتمد على الأسرة ولا سيما الأم. فقد دلت الإحصاءات على أنَّ نسبة الأطفال الذين يمرضون في مرحلة الطفولة المبكرة أكبر في الأسر الجاهلة والفقيرة منها في الأسر المتعلمة والغنية، وأنَّ كثيراً من العاهات والأمراض تنتج عن إهمال الوالدين للأطفال في سنواتهم الأولى، وبصفة خاصة العمى والصمم والأمراض الصدرية(73).
وقد يكون أحد أسباب الإهمال خروج الأم للعمل وترك مسئولية الطفل للعاملات بالمنزل أو مشرفات الحضانة. وتؤكد بعض الدراسات (أنَّ الأسلوب المتبع في إشباع حاجات الطفل من الغذاء له أثره على شخصيته فينشأ الطفل متلهفاً ملحاحاً في حال حصوله على الغذاء بعد إلحاح وجهد ومتواكلاً خمولاً في حالة تزويده بالغذاء في منتهى السهولة واليسر ودون طلب... وأنَّ إجراء الفطام متأخراً جداً بما يفوق السنتين بكثير يؤدي إلى تواكل في الشخصية أما إجراء الفطام مبكراً فيؤدِّي إلى شخصية شديدة الحرص والاحتراز(74).
ومن هذا المنطلق يأتي حرص الإسلام على إرضاع الطفل حولين كاملين، وعلى أنْ تكون حضانته لأمه لأنها أجدر الناس بتفهم حاجاته وتلبيتها، وعلى توجيه الآباء لإكساب الأبناء اللياقة الجسمية من خلال تدريبهم على الرياضة النافعة من رماية وفروسية وسباحة.
ثانياً: الناحيّة الإيمانيّة والأخلاقيّة:
من أهم مسئوليات الأسرة تعليم الطفل ما يتفق وسنّه من أمور بما فيها من عادات وعبادات ومعاملات وتنشئة على حب الإسلام والتخلق بأخلاقه، على أن يكون ذلك بالأسلوب الذي يتفق ومرحلة نموه، وبالطريقة الحسية العملية المبسطة نظراً لمحدودية إدراكه وخبراته، فتقدم له أمثلة عن وجود الله سبحانه وتعالى وقدرته ورحمته، ونعمه على خلقه كي يفتح الطفل عينيه على الإيمان بالله تعالى ومحبته(75).
ومن هنا كان الإسلام حريصاً على اختيار الزوجة ذات الدين، وعلى تزويج من يرضى دينه وخُلُقه من الرجال، الحديث قول الرسولصلى الله عليه وسلم : (تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها. فاظفر بذات الدين تربت يداك)(76).
وقول الرسول صلى الله عليه وسلم : (إذا خطبَ إليكُمْ من ترضونَ دينهُ وخلقهُ، فزوِّجوهُ. إلاَّ تفعلوا تكنْ فتنةٌ في الأرضِ وفسادٌ عريضٌ)(77).
وإحسان اسم الطفل والتأذين في أذنه عند ولادته، فعن أبي رافع عن أبيه رضي الله عنهما قال: "رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم أذّن في أذن الحسين حين ولدته فاطمة بالصلاة رضي الله عنه وعن أمه"(78).
والفتح عليه ب (لا إله إلاَّ الله) إذا بدأ بالكلام، وتدريبه على العبادة في سن مبكرة كي يعتادها، والتعامل معه بالأمانة والصدق كي يألف الخُلُق الحسن ويشب عليه.
ويستمر دور الأب والأم في إحسان التربية والعدل في المعاملة التي تتمثل وسائلها في قول الرسول صلى الله عليه وسلم عن علي رضي الله عنه : (أدبوا أولادكم على ثلاث خصال: حب نبيكم، وحب آل بيته، وقراءة القرآن، فإنَّ حملة القرآن في ظل الله يوم لا ظل إلاَّ ظله مع أنبياء الله وأصفيائه)(79).
أمَّا العدل فقول الرسول صلى الله عليه وسلم عن عائشة رضي الله عنها : (اعدلوا بين أولادكم كما تحبون أن يعدلوا بينكم في البر واللطف)(80).
وقوله عليه الصلاة والسلام: (ساووا بين أولادكم في العطية، فلو كنت مفضلاً لفضلت النساء)(81).
ثالثاً: الناحية العقليّة:
خلاف النظرة الشائعة خطأ أنَّ الأطفال لا يدركون شيئاً بعقولهم، أثبتت نتائج الأبحاث أنَّ شبكة واسعة من القدرات المعرفية واللسانية والإدراكية بل والاجتماعية تظهر في وقت مبكر جداً من حياة الطفل، ولذلك يمكن القول أنَّ الرضيع مهيأ للمشاركة في العلاقات الاجتماعية، وفي استخدام مؤهلاته لتوسيعها وتحكمه فيما يحيط به(82).
ومن هنا فللأسرة دور كبير في تنمية حب المعرفة والاطلاع لدى الطفل، وفي إثراء خياله الذهني وتنمية قدراته إلى الكلام، وعلى تقبل المشاعر، ومن ثم فإنَّ عليها أنْ تتقبل أسئلة الطفل الكثيرة من الثانية حتى الخامسة بصبر مما يعين على تنمية قدراته العقلية ثم تقييمه عقلياً وفكرياً وثقافياً، وذلك بتزويده بكل ما هو نافع من العلوم الشرعية والثقافية والعصرية.
المطلب الثاني: مسئوليّة التربيّة النفسيّة والاجتماعيّة
أولاً: التربيّة النفسيّة:
يحتاج الطفل إلى إشباع عدد من الحاجات النفسية التي يؤدي اختلال أي منها إلى شعوره بالتوتر وعدم التوازن، من أبرز هذه الحاجات، الحاجة إلى الحب، والأمن، والانتماء، والرضا عن النفس، والثقة بها، وتحقيق الاستقلال النفسي والمادي، وإلى النجاح، وتقدير الآخرين، واللعب، وإلى وجود المثل الأعلى، والسلطة الموجهة التي تعينه على تكوين الإرادة، وبناء الضمير الحي(83).
وعند الحديث عن الإشباع ينبغي التذكير بأنَّ العلاقة بين الوالدين التي تنشأ في ظلها طفولة سوية النفسية، لا بُدَّ أنْ تتصف بالدفء، والقرب، والثبات، والاستمرارية. لا سيما في السنوات الأولى، ويرى عالم النفس "بولبي" "أنَّ السنتين والنصف الأولى من عمر الطفل تشكل فترة حركة تتبلور فيها العلاقة بين الطفل والأم، وإذا لم يحدث ذلك لأي سبب من الأسباب في هذه الفترة، فإنَّ أيّ درجة من الأمومة بعد ذلك لا يمكنها معالجة الموقف"(84).
بالتأكيد هذه الحقيقة العلمية تتعارض مع دعوة الوثائق الدولية لخروج المرأة للعمل في كل الظروف ولكل الأعمال، مما يجعل هذه العلاقة المهمة (بين الطفل وأمه في سن معين من العمر) يصعب تعويضها ويصعب أيضاً معالجة ما يترتب عليها من سلبيات في حياة الطفل. وهذا ينفي مفهوم أنَّ "الأمومة" وظيفة اجتماعية، كما سيرد في مضامين الوثائق الدولية.
إنَّ أهم وأخطر أزمة تؤثر في حياة الإنسان هي أزمة الثقة فإن لم توضع بذور هذه الثقة في علاقة الطفل بالأم، فإنَّ البداية تكون ضعيفة وغير موفقة، ويتعذر بعد ذلك أنْ يثق الطفل بالآخرين، وهذه الثقة لا تنبع من اطمئنان الطفل إلى أنَّ ما يحتاجه يحصل عليه فحسب، بل من وجود الأم الثابت المتكرر، مما يعطيه الإحساس بالثقة والأمان، فإنَّ إهمال الطفل وحرمانه العطف والمحبة غالباً ما يهدد كيانه بالخطر، لكن الحرمان العاطفي كالجوع لا يمكن للطفل أنْ يتغلب عليه أو يحتمله دون أنْ يصيبه الضرر، وخاصة في السنوات الأولى"(85).
ثانياً: التربيّة الاجتماعيّة:
"إنَّ من مسئولية الوالدين مساعدة الطفل على اكتساب عدد من صفات النضج الاجتماعي، مثل الثقة بالنفس وبالآخرين، والقدرة على اتخاذ القرار، واللجوء إلى النصيحة عند الشعور إليها، والقدرة على المحافظة على النفس والاعتناء بها، والقدرة على التخطيط للمستقبل، والميل إلى الحياة الخارجية والاهتمام بالآخرين، وتحمُّل المسئولية والقيام بأعبائها، والرغبة في المشاركة في النشاطات الاجتماعية، والاعتدال في قضاء الوقت بين الجد واللعب، والقدرة على العيش بسلام وهدوء مع الآخرين، وتقبل نقد الآخرين، والقدرة على توجيه النقد البناء، والتمتع بالروح المرحة، والإيمان بالتعاون الإيجابي أكثر من المنافسة الحادة، وإدراك نواحي القوة والضعف في شخصه واحترام كل
النَّاس"(86).
إذا كان هذا هو دور الأسرة في بناء شخصية الطفل المتكاملة، فإنّه يدل على عظمة التبعة، وجليل المهمة التي وكل الله تعالى بها الأسرة تجاه أبنائها وبناتها، ومن ثم الاستجابة لهذا النداء الإلهي: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ}(التحريم:6).
وكانت جديرة بوصية المصطفى صلى الله عليه وسلم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما : (كلكم راعٍ، وكلكم مسئول عن رعيته..)(87).
المطلب الثالث: مسئولية التربية الجنسية ومرحلة المراهقة
"ويقصد بها تعلم الولد وتوعيته ومصارحته منذ أنْ يعقل القضايا التي تتعلق بالجنس وترتبط بالغريزة وتتصل بالزواج حتى إذا شب الولد وترعرع وتفهم أمور الحياة وعرف ما يحل وعرف ما يحرم فلا يجري وراء شهوة ولا يتخبط في طريق تحلل"(88).
وتتم التربية الجنسية ويراعى فيها التدرج وفق المراحل الآتية:
[أ] في سن 710 سنة:
وهي ما تعرف بمرحلة التمييز يلقن فيها الولد آداب الاستئذان وأدب النظر لقوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ}(النور:58)، وقوله تعالى {وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ}(النور:59)، في سن المراهقة (10-14)، وقول الله تعالى:{قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ}(النور:30).
[ب] سن 10-14 سنة (سن المراهقة):
هي المدة التي تبدأ من السنة التي يميِّز بها الإنسان بين الأشياء ويصبح قادراً على تلبية مطالبه الشخصية دون الاعتماد على أحد، ويدرك بأنه وضع قدميه على أول درجات الشباب، وتبدأ قدراته الجسمية والنفسية بالتغيير، وكذلك ملامحه الشخصية تمهيداً للاستقرار(89).
ولذلك تحتاج هذه المرحلة من العمر من الوالدين تفهماً يساعد على حسن التعامل والتوجيه لأبنائهم واعتدال في المعاملة يجعلهم يقبلون التوجيه والنصح وإلا رفضوه كلياً مما يترتب عليه من عواقب ضارة.
كما يمكن تعريف فترة المراهقة في المفهوم التربوي بأنها مرحلة العمر تتوسط الطفولة وإكمال الرجولة أو الأنوثة بمعنى النمو الجنسي، الذي يتفاوت الأفراد فيه تفاوتاً يصل في الأحوال العادية إلى نحو خمس سنوات. بين أول المبكرين وآخر المتأخرين وبوجه عام فإنَّ فترة المراهقة تقابل مرحلة التعليم الإعدادية والثانوية(90).
كما عرِّفت المراهقة بأنها الفترة من العمر التي تتميَّز فيها التصرُّفات السلوكية للفرد بالعواطف والانفعالات الحادة والتوترات العنيفة(91).
مما سبق يمكن القول أنَّ فترة المراهقة من الفترات المهمة جداً في حياة الأبناء، ولذلك يجب أنْ يجد فيها الولد كل الاستشارات الجنسية داخل الأسرة لكيلا يتلقى معلومات مغلوطة ومضللة من خارجها مما ينتج عنه اضطرابات نفسية وخلقية.
ولذلك جعل الإسلام مسئولية التربية الجنسية من واجبات الأسرة ووضع لذلك منهجاً للوصول بالشباب إلى قمة العفة والتسامي وذلك بالآتي:
[1] تقوية الوازع الديني.
[2] استشعار خوف الله تبارك وتعالى ومراقبته.
[3] الحث على الزواج المبكر.
[4] الإكثار من النفل في الصيام والصلاة.. لحديث: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء)(92).
[5] الابتعاد عن المثيرات الجنسية لقول الرسول صلى الله عليه وسلم عن علقمة بن عامر رضي الله عنه : (إيّاكم والدخول على النساء! قيل: يا رسول الله: أرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت)(93).
[6] غض البصر.
[7] اختيار الزوجة الصالحة وملء الفراغ.
[8] الأخذ بالتعاليم الطبية.
حيث ينظر الإسلام إلى الجنس بحسبانه تصريفاً للشهوة بالحلال وإشباع الغريزة بالزواج، ويُعَدُّ ذلك من الأعمال الصالحة التي يستحق صاحبها رضوان الله تعالى، ويستحق الأجر والثواب لقول الرسول صلى الله عليه وسلم عن سعيد بن هلالرضي الله عنه : (تناكحوا تناسلوا تكاثروا فإني مباهٍ بكم الأمم يوم القيامة)(94).
مما سبق وبالمقارنة مع ما ورد في نصوص الوثائق الدولية في مفهوم الجنس ودور الأسرة في توجيه الأبناء في هذه المرحلة الخطيرة من العمر نجد الفرق الشاسع، حيث تجاهلت الوثائق حاجة الأولاد في سن المراهقة إلى مراقبة الوالدين وأهمية دورهم في إشباع الحاجات النفسية والتعليمية والتربوية لأبنائهم في هذه المرحلة بل أكثر من ذلك اعتبرت الوثيقة(95) مراقبة الوالدين وشعورهما بالمسئولية نوعاً من التدخل في حرياتهم الشخصية بينما اعتبرت الشريعة مراقبة الأولاد في مراحل حياتهم المختلفة وخاصة هذه الفترة نوعاً من المسئولية العظمى الملقاة على عاتق الأبوين.
الخاتمة
النتائج والتوصيات
أولاً: النتائج:
[1] تمثل الأسرة في الإسلام النواة الأولى والمكون الأساسي للمجتمع الإنساني وهي الوعاء الحافظ للنسب وعبرها يتم انتقال الثروة من جيل إلى جيل ويتم داخلها تنشئة الفرد اجتماعياً.
[2] إنَّ وجود الأسرة المترابطة القائمة على أساس الدين "الإسلام" تضمن وجود جيل قوي معتز بدينه مستعد لتحمُّل المسئولية قادر على دحض الشبهات التي تثار حول الإسلام والأسرة خاصة.
[3] لتحقيق وجود الأسرة المترابطة القائمة على أساس حرص الدين وحث على اختيار الزوجة ذات الدين وعلى تزويج من يرضى دينه وخُلُقه من الرجال مما يضمن تحقيق مقاصد الأسرة.
[4] مما لا شك فيه إنَّ الزواج والبيت هما أهم شيء في حياة المرأة مهما بلغت من درجات العلم والعمل، وعلى المرأة يتوقف نجاح المجتمع، فبقدر ما تقدم للمجتمع من تربية للطفل بقدر ما تساعد في بناء المجتمع وتطوره.
[5] من مقاصد تكوين الأسرة في الإسلام تربية الأبناء مما جعل حق الطفل في الأسرة هو أساس الحقوق لأنه بدون الأسرة الشرعية "ذكر وأنثى بعقد شرعي" لا يضمن للطفل صحة جسمية ولا عقلية ولا نفسية ولا خُلُقية وبدونها لا يتحقق له النمو الجسماني والعقلي والروحي المتوازن، ولتحقيق ذلك الهدف حث الإسلام الوالدين على حسن اختيار اسم المولود وتدريبه على العبادة في سن مبكرة كي يعتادها والتعامل معه بالأمانة والصدق كي يألف الخُلُق الحسن ويشب عليه.
[6] إنَّ الوثائق الدولية تدعو لما يهدد كيان الأسرة ويؤدي إلى انحلال المجتمع بالقضاء على الترابط الأسري، وذلك بالمطالبة بالمساواة التامة بين الرجل والمرأة في الأسرة دون مراعاة لتفاوت واجباتهما واستعدادتهما الفطرية وكفاياتهما كما ورد في وثيقة اتفاقية التمييز ضد المرأة المطالبة بالمساواة في الحقوق الأسرية "الطلاق، التعدد، القوامة...إلخ".
[7] إنَّ الأسرة في مجتمع المسلمين مستهدفة لأنها الحصن الواقي للمجتمع المسلم فإذا سقطت ضاعت القيم وساد الفساد والانحلال كما ساد في الغرب.
[8] لقد بدأت مظاهر تحقيق استهداف الأسرة في بنود الوثائق الدولية في الآتي:
[أ] إشاعة مفهوم حق الحرية الجنسية للمراهقين واعتبار توجيه الوالدين لهم تدخلاً في حقوقهم الشخصية.
[ب] تنفيذ مشاريع الصحة الإنجابية لتحقيق هدف الحد من النَّسل في المجتمعات المسلمة خاصة، وجعل برامج تنظيم الأسرة ملزمة تعاقب الدول الأطراف بعدم التزامها بها.
[ج] الدعوة إلى أنَّ عامل النمو السكاني هو المسئول عن المشكلات الاقتصادية والاجتماعية التي تعاني منها البشرية خاصة في الدول النامية.
[9] إذا أردنا مجتمعاً نظيفاً وحياة آمنة؛ علينا بالحفاظ على الأسرة وفق الضوابط والأحكام والآداب التي أقرها الإسلام.
ثانياً: التوصيات:
[1] التعاون بين حكومات الدول الإسلامية ومنظمات العمل الطوعي بها لإخراج وثيقة الأسرة المسلمة، والتي تتضمن أحكام الأسرة المسلمة وضوابطها ودورها.
[2] إنشاء مراكز لبحوث الأسرة لنشر الوعي بدور الأسرة ومهامها.
[3] إنشاء مراكز صحية لنشر الوعي الصحي الخاص بالأمومة والطفولة وتنظيم النَّسل وفق الضوابط الشرعية لمواجهة ما تقوم به مراكز تنظيم النَّسل العامة والتي تنفذ السياسات العالمية لتحديد النَّسل.
[4] إنشاء مراكز لرعاية الشباب بإشراف العلماء والتربويين لمواجهة ما تبثه القنوات الفضائية من معلومات مضللة ومنحرفة.
[5] تشجيع المؤسسات والمنظمات الاجتماعية للزواج الفردي والجماعي بما يحقق تحصين الشباب.
هوامش الصفحات
1.إبراهيم أنيس وآخرون: المعجم لوسيط، دار إحياء التراث العربي، بيروت، بدون تاريخ طبع، 1/17.
2.تنوير الأعلام على هامش حاشية ابن عابدين، طبعة الحلبي، 2/265.
3.محمد عقلة: نظام الأسرة في الإسلام، مكتبة الرسالة الحديثة، الأردن، عمان، ط/2، 1989م، ص 17.
4.نوال سرار: وثيقة مؤتمر المرأة العالمي الرابع (دراسة شرعية)، مرجع سابق، ص 19.
5.محمد عقلة: نظام الأسرة في الإسلام، مرجع سابق، ص 18.
6.حسن الكريم: الإسلام وتنظيم الأسرة، مؤتمر الرباط، 1997م، ورقة غير منشورة.
7.سناء الخولي: الزواج والعلاقات الأسرية، الدار المتحدة للنشر، بيروت، لبنان، 1972م، ص 1.
8.سعاد إبراهيم صالح: الأسس النفسية للنمو من الطفولة إلى الشيخوخة، دار الفكر العربي، ط/2، 1984م، ص 62.
9.حسن أيوب: السلوك الاجتماعي في الإسلام، ص 198.
10.نوال سرار: وثيقة مؤتمر المرأة الرابع ببكين 1999م (دراسة شرعية)، بدون تاريخ طبع ونشر، مرجع سابق، ص 90.
11.صحيح مسلم، كتاب القدر، باب الإيمان، برقم 22، وصحيح البخاري، برقم 9319، 1/965.
12.محمد قطب: الإنسان بين الماديّة والإسلام، ص 248-249.
13.سعاد إبراهيم صالح: علاقة الآباء بالأبناء، بدون تاريخ طبع، ص 15.
14.الحسيني سليمان جاد: وثيقة مؤتمر السكان (رؤية شرعية، سلسلة كتاب الأمة، قطر، العدد 53، جمادى الأولى،
1418ه.
15.ابن القيم الجوزية: تحفة المودود بأحكام المولود، طبعة دار الإفتاء السعودية، 1403ه.
16.الإمام أبو محمد حامد الغزالي: إحياء علوم الدين، طبعة الشعب، مصر، 8/1428.
17.سورة النحل، الآية (72).
18.صحيح البخاري، كتاب الأدب، باب من بسط له في الرزق، 10/348، وسنن الترمذي، كتاب البر في الصلة،
برقم 1902.
19.سعاد إبراهيم صالح: أضواء على نظام الأسرة في الإسلام، مرجع سابق، ص 22.
20.نظام الأسرة في الإسلام، مرجع سابق، ص 37.
21.صحيح مسلم، كتاب الإمارة، برقم 30.
22.الزواج وبناء الأسرة، فرج محمود أبو ليلي، دار الجنوب للطباعة، لبنان، طبعة 1997م، ص 25.
23.علاقة الآباء بالأبناء، سعاد إبراهيم صالح، مرجع سابق، ص 45-46.
24.سنن الترمذي، برقم 1276، بيروت، دار إحياء التراث العربي، 3/600.
25.عبد الواحد وافي: الأسرة والمجتمع، مطبعة العالم العربي، القاهرة، 1971م، ص 20 "بتصرف".
26.الفيروزآبادي: القاموس المحيط، مؤسسة الرسالة، بيروت، د. ت، ص 1659.
27.علي عبد الحليم محمود: التربية الروحية، دار التوزيع والنشر الإسلامية، ط/1، 1995م، ص 18-20.
28.صالح زياب هنري: أسس التربية، عمان، ط/2، ص 5.
29.سنن أبي داود، برقم 2144، 2/244.
30.انظر: عقد الزواج وآثاره، أبو زهرة، ص 17.
31.الإسلام بين الشرق والغرب، علي عزت بيجوفيتش، ترجمة محمد يوسف، مطبعة العلم الحديث، بيروت، ط/1، 1994م، ص 258.
32.المرجع السابق نفسه، ص 258.
33.انظر: د. يوسف القرضاوي: ملامح المجتمع المسلم الذي ننشده.
34.انظر: وثيقة مؤتمر السكان، 1994م، الفقرة 18/م.
35.انظر: وثيقة مؤتمر السكان والتنمية "رؤية شرعية"، مرجع سابق، ص 30.
36.انظر: اتفاقية مكافحة كافة أشكال التمييز ضد المرأة، مرجع سابق، ص 4.
37.لجنة حقوق الإنسان: الأمم المتحدة، كتاب الاتفاقية واللجنة، صحيفة وقائع رقم 22، 1995م.
38.انظر: وثيقة مؤتمر المراة الرابع، 1994م، المادة (107) الفقرة ز.
39.وثيقة مؤتمر السكان والتنمية، المادة (43)، الفقرة (7) من الوثيقة.
40.انظر: وثيقة مؤتمر السكان والتنمية "رؤية شرعية"، مرجع سابق، ص 57.
41.الأستاذة/ عواطف عبد الماجد: رؤية تأصيلية لاتفاقية التمييز ضد المرأة، مركز دراسات المرأة، مرجع سابق، ص 99.
42.المرجع السابق نفسه، الصفحة نفسها
43.اتفاقية التمييز ضد المرأة، مرجع سابق، ص 11.
44.اتفاقية التمييز ضد المرأة، المرجع السابق نفسه، ديباجة ص 1.
45.انظر: اتفاقية التميز ضد المرأة، المادة 16، البند ح.
46.انظر: اتفاقية التميز ضد المرأة، المادة 1.
47.انظر: وثيقة مؤتمر المرأة العالمي الرابع، مرجع سابق، ص 16.
48.المرجع السابق نفسه، ص 34.
49.أخرجه الشيخان: البخاري في كتاب الأحكام برقم 6605، ومسلم في كتاب الإمارة برقم 3408.
50.انظر: خديجة كرار: أضواء على اتفاقية التمييز ضد المرأة، ورقة غير منشورة، ندوة حول اتفاقية (التمييز ضد المرأة)، هيئة علماء السُّودان بالتعاون مع الاتحاد النسائي الإسلامي العالمي، الخرطوم، 2000م، قاعة الشهيد الزبير للمؤتمرات.
51.محمد خليفة التونسي: بروتوكولات حكماء صهيون، ص 44.
52.انظر: أضواء على اتفاقية التمييز ضد المرأة، مرجع سابق، ص 3.
53.انظر: ورقة أضواء على اتفاقية التمييز ضد المرأة، مرجع سابق، ص 3.
54.عواطف عبد الماجد: رؤية تأصيلية لاتفاقية التمييز ضد المرأة، مركز دراسات المرأة، الخرطوم، 1999م، ص 16.
55.المرجع نفسه، ص 16.
56.الحسيني سليمان حاد: وثيقة مؤتمر السكان والتنمية (رؤية شرعية)، كتاب الأمة، العدد 53، جمادى الأولى، 1417ه، ص 18.
57.انظر: وثيقة مؤتمر السكان والتنمية (رؤية شرعية)، مرجع سابق، ص 56. وانظر: اتفاقية التمييز ضد المرأة (رؤية شرعية)، مرجع سابقن ص 43.
58.انظر: وثيقة مؤتمر السكان والتنمية (رؤية شرعية)، مرجع سابق، ص 68.
59.انظر: جعفر حسن الشايقي، زيف الاعتقاد في مضار تكاثر العباد.
60.انظر: ورقة: عولمة الثقافة العربية الخطر والمجابهة، المؤتمر الوطني، مؤتمر القطاع الثقافي، أكتوبر، 1999م، عوض الكريم موسى.
61.انظر: تقرير رابطة العالم الإسلامي حول وثيقة مؤتمر السكان، 1994م، ص 16.
62.بروتوكولات حكماء صهيون، محمد خليفة التونسي، مرجع سابق، ص 44.
63.بروتوكولات حكماء صهيون، محمد خليفة، المرجع السابق نفسه، ص 44.
64.محمد علامة الغباري: الخدمة الاتماعية ورعاية الأسرة والطفولة والشباب، المكتب الجامعي الحديث، الإسكندرية، ط/2، 1989م، ص 132.
65.محمد جميل محمد: النمو من الطفولة إلى المراهقة، تهامة، جدة، ط/3، 1983م، ص 132.
66.نجوى طارق: المؤسسات التربوية في التربية المعاصرة، دار القلم، الكويت، طبعة 1989م، ص 78.
67.سيد قطب: في ظلال القرآن، دار الشروق، المجلد الثاني، ص 584.
68.محمود عبد الرازق: التربية والتغيير الاجتماعي، بدون تاريخ طبع، دار القلم، الكويت، ص 63.
69.ملاك جرجس: مشاكل الصحة النفسية.
70.التنشئة الأسرية وأثرها في حياة الطفل، مكتبة المحبة، القاهرة، 1989م، ص 18.
71.عبد الله ناصح علوان: تربية الأبناء في الإسلام، دار السلام للطباعة والنشر، 1/151.
72.إبراهيم أبو فروة: الأسرة العربية الليبية وتربية الطفل، مجلة علمية الدعوة الإسلامية، العدد السابع، ص 326.
73.ضعف دور الأسرة في تربية الناشئة، منشورات كلية الدعوة، طرابلس، 1988م، ص 275.
74.ضعف الأسرة في تربية الناشئة، منشورات كلية الدعوة، طرابلس، 1988م، ص 275.
75.أخرجه الإمام البخاري في صحيحه، كتاب النكاح، باب الانتقاء في الدين.
76.أخرجه الإمام الترمذي في سننه، عن أبي هريرة.
77.أخرجه الإمام الترمذي، كتاب الأضاحي، باب الأذان في أذن المولود، وقال: "حديث حسن صحيح".
78.كشف الخفا، حديث برقم 174، 1/74.
79.صحيح البخاري، باب نصر المظلوم، برقم 2445، 2/913.
80.أخرجه البخاري في كتاب الهبة بلفظ: (اعدلوا بين أولادكم في العطية).
81.انظر: إبراهيم أبو فروة، مرجع سابق، ص 328.
82.فاخر عاقل: علم النفس التربوي، دار العلم للملايين، بيروت، 1998م، ص 391.
83.أنس محمد قاسم: أطفال بلا أسر، مركز الإسكندرية للكتاب، طبعة 1998م، ص 117.
84.أطفال بلا أسر، مرجع سابق، ص 20.
85.مشاكل الصحة النفسية، مرجع سابق، ص 29.
86.صحيح البخاري، برقم 4853، بيروت، دار ابن كثير، ط/3، 1987م.
87.تربية الأولاد في الإسلام، مرجع سابق، ص 46.
88.منصور حسين ومحمد مصطفى زيدان: الطفل والمراهقين، مكتبة النهضة المصرية، ص 134.
89.الطفل والمراهقين، مرجع سابق.
90.سعد محمد علي نهار: سايكولوجية المراهقة، دار البحوث العلمية، الكويت، 1980م، ص 25.
91.أخرجه مسلم في صحيحه، برقم 995.
92.صحيح البخاري، برقم 4934، ص 2005.
93.كشف الخفا، برقم 1021، 1/318.
94.وثيقة مؤتمر السكان، 1994م.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.