كشف الحزب الإتحادي الديمقراطي الذي يترأسه مولانا محمد عثمان الميرغني عن تفاصيل (مبادرة الميرغني لتحقيق الوفاق الوطني الشامل) وهي عبارة عن مقترحات لقضايا يتم طرحها على الفرقاء كافة في الساحة السياسية بغرض دعوة قيادات البلاد للتوصل الى الحد الأدنى حول القضايا الراهنة. وبحسب الأجندة المقترحة في المبادرة فهي تطالب بإستكمال تنفيذ إتفاقيات السلام (إتفاق جدة الإطاري، القاهرة، نيفاشا، أبوجا وأسمرا) لضمان تعزيز الوحدة الوطنية وإستكمال تنفيذ إتفاق الشرق بجانب الإسراع بحل عاجل وعادل لمشكلة دارفور لوقف الإقتتال والإنفلات الأمني وتحقيق الإستقرار والأمن والسلام. فضلاً عن مراجعة القوانين القائمة وأبرزها قوانين الأحزاب والإنتخابات والخدمة المدنية والقوانين المرتبطة بالتحول الديمقراطي بحيث يرتضي الجميع آليات ونظم الإحتكام الى الشعب عبر إنتخابات رئاسية وتشريعية ومحلية حرة ونزيهة ومراقبة. وتدعو المبادرة كذلك في أجندتها المقترحة الى إرساء الأسس اللازمة للتنمية الإقتصادية المتوازنة لتحقيق رفاهية الشعب السوداني بالإضافة الى الإلتفاف على سياسة خارجية متوازنة تحقق المصالح العليا للبلاد. ودعت المبادرة التي تلقت (الرأي العام) نصها أمس الى ضرورة (الإتفاق على آلية سياسية لتنفيذ ما أتفق عليه). ودون أي إرهاق للذهن فإن الذي ينظر الى تفاصيل مقترح المبادرة بالمقارنة مع إتفاق القاهرة الموقّع بين المؤتمر الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي بزعامة الميرغني ووثيقة التراضي الوطني الموقّعة بين المؤتمر الوطني وحزب الأمة القومي في الشهر الماضي، يلاحظ بسهولة تطابق القضايا المطروحة في كل هذه الإتفاقيات ويجد أن المبادرة وفقاً لتأكيدات مراقبين لم تخرج عن إطار إتفاقي القاهرة والتراضي. وأكدوا أن المبادرة تأسست على إتفاقية القاهرة والإتفاقيات التي سبقتها إلا أنهم أضافوا: إن الجديد فى المبادرة الثقل الروحي والسياسي لصاحبها (الميرغني) بجانب أنها تختلف عن كل الإتفاقيات الثنائية السابقة لكونها موجهة لكل الساحة السياسية لتبتدر أجندتها بنفسها وتتفق عليها وتخرج برؤية موحدة. كذلك أشار المراقبون الى أن مبادرة الميرغني دعت للجلوس ولم تضع أو تحدد حلولاً بعينها، وأشاروا الى أنها هي ذات الفكرة القائمة على المؤتمر الجامع الذي ظل يدعو له الإمام الصادق المهدي رئيس حزب الامة ووافقه فيه أخيراً المؤتمر الوطني. وأوضحوا أن المبادرة قائمة على أسلوب شيوخ الطرق الصوفية المعروفة بأصالتها في حل المشكلات السودانية وتمت صياغتها بحيث لا يجد فيه أحد ما يرفضه الأمر الذي قد يجعلها تحصد ترحيب الفرقاء كافة في الساحة السياسية وتجذب أطرافاً تأمل في الحوار وتوقيع إتفاقات وتشعر أن (الأمة) نال قصب السبق وستؤسس حينها موافقتها على أي إتفاق كون الميرغني رئيساً للتجمع الذي يضم منتقدي (التراضي). وتضمنت المبادرة دعوة (للإتفاق على آلية سياسية لتنفيذ ما أتفق عليه). وقالت قيادات إتحادية تحدثت ل (الرأي العام): إن هذه الآلية المقترحة هي هيئة تجمع رئيس الجمهورية وبجانبه أهل الحل والعقد في البلاد لمتابعة التنفيذ والدفع بحلول في حال حدوث عقبات قد تعيق سير الوفاق الوطني. غير أن مراقبين آخرين أوضحوا أن مبادرة الميرغني لم تأت بجديد لا في الطرح ولا في الثقل الروحي أو السياسي فإن إتفاق التراضي الوطني الذي ظل يبشر به حزب الامة قبل التوقيع عليه طرح أولاً على القوى السياسية كافة وإستمر الحوار حول أهم بنوده لفترة طويلة داخل أروقة أحزاب المعارضة وفي أعقاب إنسحاب وزراء الحركة الشعبية من حكومة الوحدة الوطنية نهاية العام الماضي وجده المؤتمر الوطني سانحة ليعبر عليها الى الأمة ثم بقية القوى السياسية، كما أن الإمام الصادق المهدي بحسب المراقبين لا يقل في ثقله الروحي والسياسي عن مولانا محمد عثمان الميرغني. ويذهب المراقبون الى أن مبادرة الميرغني تم تفعيلها اخيراً بعد أن ظلت أطراف إتحادية تنكر وجود حوار مع الوطني ليكون الحزب في قلب الأحداث لا في هامشها، وفي ذات السياق فإن الحزب إستناداً على تاريخه لا يرغب في أن يكون ملحقاً في إتفاق مهره منافسه الأساسي طوال التاريخ (الأمة) مع حكومة الإنقاذ التي هي في غالب مكوناتها من قواعد إتحادية أو ختمية. واكد المراقبون إن المؤتمر الوطني لن يرفض التوقيع على المبادرة وتفاصيلها لأنها لن تخرج بكل المقاييس عما وقعه في الحادي والعشرين من مايو الماضي مع حزب الأمة القومي، فالقضايا هي القضايا وربما يكون الإتفاق مع الإتحادي أيسر منه في الإتفاق مع الامة بإعتبار أن هنالك إتفاقاً ساري المفعول موقع بين المؤتمر الوطني والتجمع الوطني الذي يعتبر الإتحادي فيه (العمود الفقري). ولكن بالرغم من أن القيادات الإتحادية تنشط هذه الأيام في طرح هذه المبادرة على الأصعدة السياسية كافة وب (نفس واحد) إلا أن كثيراً من الآراء وآخرها رأي السيد عمرو موسى الأمين العام لجامعة الدول العربية لدى لقائه بالميرغني في الأيام الفائتة، حيث دعا الميرغني للإسراع بالعودة الى السودان لطرح مبادرته من الداخل، فموسى وكثيرون غيره يرون أن المبادرة لن تسمن ولن تغني من جوع ما لم يشرف على طرحها صاحبها من داخل السودان في ظل خلافات الإتحاديين.