لوقت ليس بالقليل ظللنا نتعرض لطوفان كبير في إذاعاتنا على الموجات القصيرة عبر بث كثيف للمواد العربية والغربية في هذه المحطات الإذاعية، حتى لازمنا شعور قوي بأن حالة من الاستلاب التام ستأخذ بتلابيبنا فتُباعد بيننا وموروثنا الثقافي، بل وحتى الاجتماعي. فالفئات المستهدفة ببث هذه الإذاعات هي الشباب، وهي فئة معرضة تماماً للانجذاب نحو ما تجده مهيأً أمامها، إذ لا تجتهد ولا تمضي وقتاً في البحث عما ينفع الناس، فتأخذ من كل شيء زبده وأسهله. إذن التوجيه السليم لعقول هؤلاء الشباب لا يتأتى إلا عبر مخاطبة واعية ومدركة لاهتماماتهم، ومن ثم توجيههم عبر إسداء النصح الجميل، والبدء بتعريفهم بالقدوة الحسنة -بعيداً عن متابعة آخر صيحات الموضة، وآخر ما وصل إليه فن التعري والتفسخ والمجون- وهل هناك أزكى وأطيب من رسول الله صلى الله وسلامه عليه من قدوة؟ ولنا في رسول الله( صلي الله عليه وسلم) أسوة حسنة.. إذن لم يكن مستغرباً أن نجد الاقبال الكبير من جميع شرائح المجتمع على إذاعة الكوثر التي تتبع لمنظمة المبرة، وهي منظمة تتبنى التعريف بسيد المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وتهدف من وراء بث سيرته إلى الوصول لما يليق به من توقير وتعظيم ومحبة.. لا مناص من أن المديح بشكله التقليدي «رق و طار» لا يستهوي الشباب بصورة كبيرة، لذا فالموسيقى والآلات والتقنيات الحديثة، لربما كانت جاذبة بقدر أكبر لهذه الفئة، وهذا أمر تنبه له أبونا الراحل الشيخ البرعي، ومن قبله أبونا الشيخ محمد شاطوط بمدني الذي كانت خيمته في ليالي المولد من كل عام هي قبلة الشباب ومزارهم المحبب، لكن مع ذلك نجد أن الكوثر اهتمت أيضاً بتقديم المديح بشكله التقليدي لأن له جمهوره أيضاً الذي يتابعه بهذه الكيفية. رالمدائح النبوية التي تقدم بصوت الفنانين كباراً وشباباً، هي الآن من أكثر المواد الجاذبة التي تقدمها الإذاعة، وتجذب لها كل يوم أعداداً مقدرة من المستمعين بصورة عامة، وخاصة الشباب منهم.. هذا اضافة إلى عدد من البرامج التي تروي السيرة النبوية العطرة التي تجد من المتابعين ما يفوق الوصف، ويقف دليلاً على ذلك الكثير من الاتصالات التي تتم عبر فقرات برامج الاذاعة، اضافة إلى الوجود الكثيف للاذاعة في مختلف المحلات في الأسواق وكذلك المركبات العامة. لا ريب أن إذاعة الكوثر المتخصصة في بث مدح المصطفى صلوات الله وسلامه عليه، وبهذه التقنيات المطورة، وهذا الدعم اللا محدود الذي سينعكس ايجاباً على ما تقدمه من مواد، تشكل قبلة مباركة نتابعها ولسان حالنا يلهج شكراً وتقديراً لها وللدور الذي تلعبه في بث سيرة القدوة الحسنة، مما يشكل جداراً عازلاً يقي شبابنا شر تلك القيم الوافدة التي تنأى به عن جادة الطريق.