مقال علمي ورصين خطة يراع البروفسير محمد الحسن الكاروري ويبدو الرجل عالما بشؤون الزراعة فقد أبدى فيه امكانية زراعة الذرة الشامية في شمال السودان خلال فترة الصيف ،ونرجع لبعض الدراسات التي تمت بمركز الحديبة للابحاث الزراعية في فترة الستينيات والتي اكدت استحالة زراعة الذرة الشامية صيفاً في شمال السودان وذلك لاصابته بما يسمى ب ( ثاقبة الساق) ولشدة الحرارة ،وقد اشارلذلك معلقاً على نية شركة زراعية على زراعة (20) الف فدان بولاية نهرالنيل صيفاً (راجع المقال بتاريخ 11-6-2008). المقال اكد ما كتبناه سابقا بأن الحديث المكررعن ازمة الغذاء سيقودنا للهرولة نحو الزارعة بأي ثمن وبدون عمل دراسات جدوى محكمة وسيكون عاقبة ذلك فشل ذريع لما زرعناه وسنكتشف حينها ان العالم دخل مرحلة ركود اقتصادي وانخفضت اسعار البترول وتبعاً لذلك انخفضت اسعارالمواد الغذائية وانه اسهل استيراد القمح من استراليا بدلا عن زراعته في صحاري شمال السودان. يبدو جلياً غياب العلماء ومراكز البحوث الزراعية عن اي حديث لنهضة زراعية، فبروفسيرالكاروري اثبت في مقاله ان الدراسات موجودة بمركز ابحاث الحديبة جنوبالدامروالمشروع المراد زراعته شمال الدامر،لكن واضح انه لم يتم اي مجهود لزيارة مركزالابحاث من قبل اولئك الساعين للاستثمار الزراعي. والشئ المحير في امرالزراعة في السودان عقلية المساحات ،فيؤكد كل مسؤول انهم زرعوا مئات الآلاف من الافدنة دون النظرالى انتاجية الفدان، ونهدي لهؤلاء تجربة الحكومة الاسرائيلية التي عولت على الانتاج الرأسي دون الافقي، فالنكتة تحكي ان اليهود ي يأكل مما يزرعه في بلكونة شقته وهي وان بدت طرفة، الا انها ليست بعيدة عن الواقع خاصة من خلال النظرلتجربة المستوطنات اليهودية. لسنا ضد التنمية الزراعية ولكن ضد الهوجة والموضة فالنشاط الزراعي ثقافة تتطلب طولة البال والصبروالمعرفة وهذه صفات لا تتأتي بين يوم وليلة، كما ان السودان بلد زراعي عريق وواعد فمن الحكمة ان نبني بهدوء ولا نستعجل الخطر. قبل سنتين تحديدا اصابت الناس هوجة شراء شاحنات واصبح البعض يحدثك عن حاجة السودان للنقل وحجم النمو المتوقع فتدافع المئات وهرولوا للبنوك التي سهلت التمويل والحكومة خفضت الرسوم الجمركية الى درجة الصفر ليكتشف الجميع بعدها انهم في مصيدة، فالافراد ذهبوا الى السجون والبنوك عانت من عجز تمويلي مستمر حتى الآن، والحكومة ضيعت فرص موارد ذهبت لقطاع ليس بحجة اليها،والآن تتم اعادة تصدير الشاحنات للخليج لانها من السودان ارخص، فلا تكرروا التجارب.