في قلب مدينة الخرطوم هناك أماكن ومعالم لا تخفى على أحد يرتادها الناس صباح مساء حتى أصبحت جزءاً من حياتهم اليومية ومن هذه المعالم قهوة «تورا بورا».. وقبل ان نغوص في دهاليزها علينا أولاً ان نقف مع هذه التسمية.. التي تعرف على أسرارها الزميل محمد بشير. «فتورا بورا» هي تلك الجبال الوعرة في هضاب أفغانستان ذات الطبيعة القاسية والكهوف المشهورة التي كان يحتمي بها مقاتلو طالبان وتنظيم القاعدة من وابل قذائف طائرات الأباتشي والمقاتلات الامريكية أبان الحرب على افغانستان، ولكن «تورا بورا» السودانية هذه عبارة عن قهوة في قلب السوق العربي بالخرطوم توجد تحت الأرض واشبه ما تكون بالكهوف وكأنها صممت على طراز تلك الكهوف في هضاب أفغانستان وهي مشهورة بقهوتها الشرقية المميزة ونجد ان القهوة تعني لانسان الشرق الكثير حيث تمثل جانباً اجتماعياً مهماً بادواتها المميزة من «بن وجنزبيل» وقد برع إنسان الشرق في صنع القهوة. فهذه القهوة بيئتها المتواضعة التي تتكون من مقاعد صغيرة مجلدة بالحبال «بنابر» وكذلك كراسي البلاستيك وعلى أنغام الطرب البيجاوي وأصوات أولاد البرعي والفن السوداني الجميل يمكنك ان تشرب أعداداً هائلة من «فناجين» القهوة دون ان تحس بذلك حتى ان الزمن يسرقك وأنت جالس مكانك. والشئ اللافت للنظر ان معظم رواد هذه القهوة من الشباب من طلاب الجامعات المختلفة والخريجين خاصة أبناء الشرق. إن «لفنجان» القهوة في هذا المكان ميزة خاصة ونكهة مميزة وأنت تتناوله واذنك تسترق السمع لبعض اللغات الشرقية المميزة «بيجاوي» «هدندوي» «حلنقي» «بني عامر».. تعزف في أذنيك ألحاناً هادئة تعيد اليك ذكريات «توتيل» و«التاكا» و«القاش» و«السواقي» ودبايوا، وايتانينا. كل ذلك التفرد جعل المكان قبلة للتلاقي والترابط بين أبناء السودان بكل ألوان طيفهم القبلي وبحكم تقارب المستوى العمري والتعليمي بينهم إضافة إلى تشابه قضاياهم الخاصة بالدراسة والعمل ومشاكل مناطقهم حيث تتوافر المعلومة من مصادر عدة.. إنها حقاً ملتقى شبابي خالص ويظل هذا الاسم تورا بورا هو اللافت للانتباه.