قال حسان : "ليس أصعب على الانسان من معرفة أنه طلق زوجته التي يحبها طلقة أبدية نتيجة عدم مسئولية". الحب مسئولية ولا ينفع أبدا أن يتعامل معه الإنسان تعاملاً خالياً من المسئولية. التقيت بزوجتي (السابقة) في مكان عام. لم أرد أن أصافحها، ولم ترد هي أن تصافحني ليس لإنقطاع حبل المودة بيننا ولكن لأننا لم نعد لبعضنا كما كنا قبل بضعة أيام. قلت لها : "لقد ارتكبنا أخطاء كبيرة وعلينا أن نصلحها". قالت : "كيف .. وقد وقع الفاس على الرأس". قلت : "تعرفين أنه ليس بإمكاننا أن نعود لبعض إلا إذا دخل بيننا محلل". ركز صديقي حسان نظره في عيني وقال بألم : "لو قلت لزوجتي هذه الجملة الأخيرة قبل أيام لما فهمت معناها، لكنها الآن تفهمها بأدق تفاصيلها". اتفق حسان وزوجته على برنامج محدد يكون محور حياتهما القادمة، وأفهمها أن هذا البرنامج قد يطول بحيث يستغرق ما تبقى من حياتيهما، لكنه قد ينتهي في أسابيع معدودات. ودارت الأيام، وأصبحا يلتقيا مع طفليهما بانتظام في بيت أهلها أو بيت أهله أمام الجميع، لكنهما لم يفصحا عما سيفعلان في المرحلة القادمة. بعد ستة أشهر فاجأت حسنية الجميع بقبولها الزواج من رجل مسن. كان في الواحدة والستين من عمره، أي كان أكبر منها بست وثلاثين سنة. وقابل حسان الخبر بهدوء بعكس معظم أهله الذين استنكروا فكرة زواجها من الأساس، وأهلها الذين استنكروا فكرة زواجها برجل في مثل سن أبيها. واستمرت الحكاية. بعد أكثر من عامين على الطلاق تزوج حسان. تزوج أيضا من امرأة تكبره سنا، فبينما كان عمره في التاسعة والعشرين كانت هي في الثامنة والاربعين، وكانت مطلقة مثله. كانت خطة حسان وحسنية أن يروضا نفسيهما في تعاملهما مع زوجيهما، أن تكون هي الزوجة المتفاهمة المطيعة لزوجها وأن يكون هو الزوج المتفهم لهواجس زوجته من زوج يصغرها بعقدين من السنين. كانت زوجة حسان تتوغل في الشيخوخة وكان هو يتوغل في وهج الشباب، وكان هذا أكثر ما يثير مخاوفها، ولكنه حرص على أن يبقى معها معظم الأمسيات، وأن ينام معها على سرير واحد. وحتى يزيل مخاوفها بشكل نهائي اقترح عليها أن يستقبلا طفلتيه مع أمهما وزوجها مرة أو مرتين في الأسبوع، وأن يذهبا إلى الطفلين في منزلهما بنفس القدر، وأن تخرج الأسرتان إلى المتنزهات العامة. وكان هذا شيئا مرغوبا وجديدا على زوجته وعلى الحاج متوكل (زوج حسنية)، إذ لم يحدث أن خرجا مع أسرتيهما السابقتين لأي متنزه رغم أن الحاج متوكل بدأ يميل لأخذ أكبر قدر من الراحة. كان الحاج متوكل رجلا صعب المراس، ولذلك لم تستطع أي من زوجاته الثلاث احتماله.. فذهبن، وحتى الحاجة شكرية التي أنجبت منه خمسة أولاد وبنتاً استقرت في منزل خاص بها وبأبنائها. (نواصل)