برغم أن نبأ طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولي لويس مورينو اوكامبو من قضاة المحكمة توجيه الاتهام للرئيس عمر البشير بتهم جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وإبادة أرتكبت في دارفور، ليس جديداً وكانت وسائل الاعلام العالمية تتوقعه، ولكن بعد ان صار خبراً نهار أمس وأفصح عنه اوكامبو فى مؤتمر صحافى بمقر المحكمة بلاهاي، تصدر نشرات الاخبار فى الاذاعات والتلفزيونات العالمية وصفحات الانترنت، فبعد ساعة فقط على إعلان اوكامبو وعند البحث على محرك (قوقل نيوز) كانت النتيجة العثور على (2,908) قصص خبرية، واضافت كل وسيلة على متن الخبر هامشاً للتعليق والتنبؤات بمآلات الاحداث فى مقبل الايام بعد ان فجر اوكامبو قنبلته السياسية والقانونية الداوية. وبقراءة عاجلة لاتجاهات هذه التغطية الاخبارية، نجد انها تمحورت حول ابراز الحدث واهتمت كذلك بتداعيات الحدث فأبرزت نصائح سفارات الدول الغربية فى الخرطوم الى مواطنيها الحد من الزيارات غير الضرورية الى السودان، واهتمت اخرى برفع الاممالمتحدة من مستوى اجراءاتها الامنية تحسباً لاعمال انتقامية، كما وجدت هواجس الغرب من امكانية اقدام الحكومة على طرد (اليونميد) أو موظفي منظمات الاغاثة الدولية حيزاً معتبراً فى ثنايا التغطيات الاخبارية للحدث. وركزت (ذا ايكونومك تايمز) البريطانية على رد الفعل وليس الفعل عندما استهلت خبرها، بدعم وتأييد رئيس وزراء بريطانيا غوردون براون لقرار المحكمة الذى جاء على لسان براون فى مؤتمره الصحافى الشهري فى (تين داون استريت) الذى عقده بعد دقائق من اعلان اوكامبو، قبل ان يستدرك رئيس الوزراء البريطانى ويقول ان الوقت لا يزال مبكراً لتعليق محدد على القرار ولكننا مبدئياً ندعو حكومة السودان الى التعاون مع المحكمة. وذيل موقع (بلومبيرغ دوت كوم) الأخباري من جنوب افريقيا، الخبر بتوقع آثار سالبة على عمل القوات الدولية لحفظ السلام فى السودان وعلى مسار التسويات السلمية لازمات السودان الجارية الآن. موقع (ايه. بى. سى نيوز) الاسترالي، نقل تصريحات وزير الخارجية استيفن سيمث التى اعلن فيها كأول تداعيات القرار السالبة تعليق إرسال القوات الاسترالية المتوقع ارسالها للمشاركة ضمن القوات الدولية فى دارفور، وبرر ذلك بالخشية من ردود الفعل العنيفة من الشارع السودانى تجاه هذه القوات. وراجت فى الكثير من التعليقات الصحافية نغمة المخاوف من تعرض قوات الاممالمتحدة وموظفيها لحملات غاضبة من الشعب السوداني مما حدا ببعض المسؤولين الإعلان عن خفض مستوى عملياتها وتقليل تحركاتها. ولكن صحيفة (هيرلد تربيون انترناشيونال) نقلت عن الناطقة باسم القوات الدولية فى الفاشر شيرين زوربا عدم تعليق العمليات التى تقوم بها القوات ولكنها اقرت بخفض مستوى العمليات وحصرها فى نطاق الضرورة القصوى لحماية البعثة. ومعلوم العواقب الوخيمة للمضى فى هكذا اجراءات ضد الرئيس البشير على مسار التسوية السلمية لأزمة دارفور، لأن هذا القرار يعطى رسائل خاطئة للطرف الثانى فى الحركات المسلحة والرافضة للحوار مع الحكومة، ولكن جون برنادرغاست مؤسس مشارك فى منظمة (انف) او كفاية الناشطة فى الادعاء بوجود إبادة جماعية فى دارفور قال لصحيفة (نيويورك تايمز الامريكية) ان العملية السلمية اصلاً ميتة. المحرر الدبلوماسى لصحيفة (الديلي تلغراف) البريطانية رسم بورتريه بالقلم للرئيس البشير واصفاً اياه العسكرى صاحب القبضة القوية على الاوضاع فى السودان على مدى العقدين الماضيين. وكالة الأنباء الصينية نقلت تصريحات الناطق بلسان البيت الابيض غوردون جوندرو التى قال فيها "سنتابع الوضع في لاهاي وندرس ما طلبه المدعي. وبثت وكالة (آكي) الايطالية للانباء، بيانا للاتحاد الاوروبي اشار الى ضرورة التوصل إلى صيغة تفاوضية لحل النزاع في دارفور وتنفيذ إتفاق السلام بين الشمال والجنوب، داعياً الأطراف السياسية كافة في البلاد إلى وضع أمن وسلامة السكان المدنيين في صلب أولوياتها. من جانبها اهتمت وسائل الاعلام العربية بإبراز تصريحات هشام يوسف مدير مكتب الأمين العام للجامعة العربية حول الاتفاق على عقد الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب بناءً على طلب السودان، وهو الطلب الذي أيدته عدة دول عربية هي سوريا ومصر والسعودية وليبيا وفلسطين، وبيانات التأييد من المنظمات العربية وعلى رأسها حركة المقاومة الاسلامية (حماس) فى فلسطين.