كما ذكرنا في المرة الفائتة فإن عبد الجبار القروي البسيط حضر للعاصمة لزيارة عمه والتعرف عليه والعمل معه إلا أن حظه العاثر شاء أن يصادف يوم زيارته عدم وجود عمه في تلك الساعة المتأخرة من الليل وقد اختار عبد الجبار المبيت أمام منزل عمه وأثناء نومه استيقظ على أصوات (حرامي حرامي) وقبض عليه وأُقتيد للحراسة، بات عبد الجبار ليلته تلك بالحراسة المظلمة في معية شخصين يبدو أنهما من عتاة المجرمين الأمر الذي جعل قلبه يخفق بشدة طوال الليل الذي أنجلى بشرطي يفتح باب الحراسة ويدخلها مع ضوء الشمس المتسرب من خلف القضبان وهو ينادي بصوت جهوري أجش أين عبد الجبار؟ ورد عبد الجبار نعم أنا عبد الجبار فاقتاده الشرطي الى مكتب الضابط المناوب الذي شرح له عبد الجبار بأنه حضر من البلد للإقامة مع عمه رجل الأعمال الشهير وشرح له كل ما حدث ولكن ورغماً عن تعاطف الضابط مع عبد الجبار إلا أنه ذكر له قائلاً (أنت يا زول مفتوح في مواجهتك بلاغ تحت المادتين (19/174) بتهمة الشروع في السرقة (الشروع يعني البدء في ارتكاب الجريمة وعدم ارتكابها كاملة وكمان عندك المادة «184» وهي تتحدث عن من يضبط ليلاً متربصاً حاملاً عدة أو أداة ملائمة للسرقة أو التعدي الجنائي أواستعمال القوة الجنائية بحيث يترجح أن لديه قصداً إجرامياً، وعقوبتها السجن مدة لا تتجاوز سنة كما تجوز معاقبته بالغرامة وأحسن ليك تشوف ليك زول يتصل بي عمك عشان يجي ويطلعك من الورطة دي). وهنا شعر عبد الجبار باليأس إذ أنه لايعلم رقم تلفون عمه ورجع الى حراسته وهو يجرجر أذيال الخيبة والفشل وعندما أدخله الشرطي للحراسة أخبره أن الإثنين اللذين معه في الحراسة هما اللصان المتهمان معه في نفس القضية، عندما عاد عبد الجبار للحراسة أخبر زملاءه بما حدث مع الضابط المسؤول وترجاهما أن يقولا للضابط حقيقة أنه لا صلة له بهما ولا بالجريمة التي حاولا ارتكابها إلا أنهما لاذا بالصمت، وبعد برهة قصيرة قال له أحدهما (يا زول نحنا ما عندنا مانع بنقول إنك ما معانا لكن تدفع لينا كم؟) فرد عبد الجبار قائلاً (أنا والله ما عندي غير اثنين جنيه وأنا لسة ما قابلت عمي لكن لو قابلته بديكم الدايرنو) فنظر كل منهما للآخر وقال أحدهما (خلاص يا صاحبي انت ونحنا ننتظر عمك لمن ييجي والاستعجال ما في داعي ليه لأنو نحنا في الحراسة يعني ما في أية مشكلة عمك لمن يجي ويدفع لينا حتى بعد داك نقول الحقيقة وإذا مادفع من هسة أعرف أنو نحنا حنقول للمتحري عبدالجبار ده يا جنابو هو زعيم العصابة، وانفجرا في ضحك متواصل بينما عبد الجبار فاغر فاهه ويتمتم حسبنا الله ونعم الوكيل). (يتبع)