يبدو ان الحراك الاستثماري بالبلاد ماض بثبات ودون اي تأثير بعوامل خارجية وداخلية منذ بداية العام الجاري وحتى الآن الأمر الذي يكسب مناخ الاستثمار بالبلاد قابلية لأن يكون من أكثر الاستثمارات فاعلية خاصة في ظل قانون الاستثمار الذي يصفه عدد كبير من المستثمرين بأنه من أكثر القوانين جاذبية في المنطقة العربية. .......................................................................................................................................... فالطلب الذي تقدم به المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لويس أوكامبو الذي زعزع اركان المنطقة ككل وليس السودان وحده لم يكن له أثر كبير على القطاع الاقتصادي بحسب مختصين، حيث يرون أن المستهدف في المقام الاول هو النمو الاقتصادي الذي حققه خلال الفترات الماضية، وحركة نحو القطاعات الاستثمارية المختلفة وعلى رأسها الاستثمار في القطاع الزراعي، خاصة وانه شهد ارتفاعاً في حجم الطلب عليه بنسبة (30%) عن العام الماضي وهو الأمر الذي يرشحه لأن يكون ثاني قطاع من حيث حجم الاستثمار فيه منافساً القطاعين الخدمي والصناعي وليكون على عكس العام الماضي الذي جاء في ذيل القائمة. إلا ان (العيار الذي لا يصيب يدوش) كما يقول المثل الشهير حيث من المتوقع ان يكون هناك افراز سلبي لطلب أوكامبو للاقبال على الاستثمار بالبلاد خاصة من جانب الشركات الاوربية المختلفة، حيث يتعرض عدد كبير منها الى ضغوط كبيرة من أجل إنهاء وجودها بالسودان وتعد شركة سيمينز الالمانية أحدى تلك الشركات التي أنهت وجودها على الرغم من دخولها في تعاقدات مع جهات عديدة على رأسها الهيئة القومية للكهرباء، غير ان الشركات الاوربية لا يتعدى وجودها في خارطة الاستثمار بالبلاد نسبة كبيرة في ظل الانفتاح الكبير من الشركات الآسيوية المختلفة خاصة الصينية والماليزية بجانب الاستثمارات العربية التي تشمل الخليجية واستثمارات مصرية وتركية الى جانب عدد آخر من الدول. ويرى وكيل وزارة الاستثمار عوض الكريم بله الطيب ان الطلب الذي تقدم به أوكامبو للقبض على الرئيس لا يقصد به الرئيس في شخصه، بل يستهدف به وقف الحركة الاقتصادية والاستثمارية الكبيرة التي أصبح يتمتع بها السودان خلال الفترات الماضية، ويذهب أبعد من ذلك ويقول ان الغرب لا يريد ان يكون السودان قوة اقتصادية مؤثرة خاصة في ظل امتلاكه لامكانات ضخمة ومتعددة في المجالات كافة وزاد ( لك ان تتصور السودان اذا ارتفع انتاج البترول الى مليون برميل وزاد انتاجه من الحبوب الغذائية الى كميات كبيرة تكفي حاجة البلاد وعدد كبير من الدول واذا تم استغلال الطاقات المختلفة التي لم تستغل بعد ليكون بذلك قوة لا يستهان بها). وسيسهم خروج عدد من المشاريع الاستثمارية من الاعفاءات الجمركية التي منحت اليها عند دخولها الى البلاد والتي تبلغ حوالى (5) سنوات لتسهم في ضخ مزيد من الاموال سواء عبر الضرائب او الرسوم الجمركية، ومن المتوقع ان تكون النسبة التي تخرج من الاعفاء للعام القادم اكبر من هذا العام. ويظل القطاع الزراعي هو السيد للفترة منذ بداية العام الجاري وحتى الآن دون اي منازع، فالزيادة التي شهدها في حجم الطلب عليه عكست بوضوح حالة الرغبة الاكيدة لعدد من الدول دخول هذا القطاع اما عبر شراكات او عبر استثمار اراض زراعية بمساحات كبيرة لسد حاجة تلك الدول من الغذاء، ويرى الامين دفع الله رئيس اللجنة الزراعية بالمجلس الوطني ان الاستثمار الزراعي اثبت انه مجدٍ وان له اثراً كبيراً على القطاع الزراعي بالبلاد واشار ان احد الايجابيات هي دخول تقانات حديثة للزراعة بالبلاد، ونبه الى ان تلك التقانات مهمة في جانب زيادة الانتاجية وتقليل التكلفة المادية ومحاربة الآفات الزراعية. وألمح دفع الله الى تجربة ناجحة في هذا الجانب الى شراكة رجل اعمال تركي بولاية القضارف في منطقة سمسم بمساحة تبلغ (15) الف فدان لزراعة القطن وزهرة الشمس وتم اشراك المزارعين في الزراعة باستخدام آليات حديثة وتقانة متقدمة في جانب الزراعة. ويبدي امله ان يتم تعميم هذه التجربة في عدد من الولايات المختلفة. إلا ان عدداً من المهتمين يرون ضرورة وضع تحوطات لهذا الجانب عبر الاستفادة من تجربة تعامل البلاد باليورو في التعاملات الخارجية بدلا عن الدولار لتلافي الحظر الاقتصادي الامريكي للبلاد، وينبه بعض الاقتصاديين الى اهمية معالجة المشاكل التي تعترض سير انفاذ الاستثمارات في كافة القطاعات خاصة في جانب التنسيق بين المستويات المختلفة وتعد ابرز المشاكل مشكلة الارض للقطاع الزراعي، ويشدد وكيل الاستثمار عوض الكريم على ان هناك مجلساً رئاسياً تم تكوينه في هذا الجانب لمعالجة كافة الاشكالات التي تواجه الاسثمارات المختلفة، واوضح أن هناك معالجات تم اجراؤها في هذا الاطار شملت التعويض المجزي للمتضررين بجانب منحه نسبة من الارض الزراعية او عبر ادخاله كشريك في الارض، وذهب الى ان السودان من الدول المتفردة في الجدوى الاقتصادية حيث تصل النسبة الى (40%) عن الدول المختلفة يدعمه معدل النموالذي يسجله الاقتصاد السوداني الذي يبلغ نحو (10%) كمعدل يفوق التوقعات لدولة خارجة من حرب وتعاني من حظر جائر من امريكا عليها. الا ان سحابة الصيف التي تمر على البلاد واقتصادها ستكون اكثر قتامة في حال استفحال قضية طلب المدعي العام التي قد تتطور الى الاسوأ ليكون تأثيرها مباشراً على الاقتصاد السوداني والاستثمار عبر حظر شامل للبلاد، وهو الامر الذي يستبعده عدد كبير من المراقبين عبر التلويح الصيني باستخدام الفيتو ضد اي قرار يلزم السودان بتسليم الرئيس الى محكمة الجنايات الدولية.