كثيرون عاتبوني لأنني وفي مقالاتي في الزميلة «الرأي العام»، لم اتناول موضوع المحكمة الجنائية الدولية وأوكامبو.. وحقيقة الأمر هي ان الجماعة لم يعطوني فرصة.. أقول: خلي الزملاء يسكتوا شوية عن الموضوع لأخوض فيه واكتشف ان جميع الأعمدة في جميع الصحف لا حديث لها إلا عن أوكامبو يوما بعد يوم.. وحقيقة الأمر الأخرى هي أنني أتعمد عدم الخوض في شؤون أوكامبو ورامبو لأنني اعتقد ان القارئ مش ناقص نكد.. حقيقة ثالثة لا تعكسها مقالاتي وهي ان السياسة هي أكل عيشي، فأنا أتقاضى راتبا وبدل سكن ومواصلات كصحفي وملزم بالتالي بمتابعة الشؤون الدولية بانتظام، وحالي مثل حال الذي يعمل في مخبز شامي يصنع الباسطا والكنافة والبسبوسة وفور انتهاء العمل لا يطيق شكل او طعم تلك الأشياء ويشتاق الى القراصة والفول .. أو حال ربة البيت التي تشتهي طبخة معينة لنفسها وعيالها وتمضي «4» ساعات في إعدادها وعندما يحين موعد الأكل تكتفي بسندويتش جبنة! بعبارة أخرى أتعمد عدم الكتابة في الأمور السياسية لأبتعد عن جو العمل .. يعني مش معقول او مقبول ان اقضي نحو عشر ساعات أكتب واقرأ عن أوباما والعراق وغزة ودارفور ثم أجلس لأكتب عنها وأنا أعرف ان عشرات المقالات تكتب حولها يوميا. ولكن وبحكم انني سوداني ابن بلد، وفي نفس الوقت «عبقري»، فإنني سأجد لكم مخرجا من أوكامبو السجم والرماد هذا.. هناك مثل انجليزي يقول: If you cannot beat them, join them ومعناه بالترجمة المطاطة: إذا لم تفلح في هزيمتهم انضم اليهم.. لا أعني بذلك أنني سأنضم الى أوكامبو، بل أعني أن أعمل معه بمنطق المدحة الختمية التي تقول: واشغل أعداي بأنفسهم/ وأبليهم ربي بالمرج.. والله لا أعرف ما هو «المرج»، ولكن واضح من السياق أنه أمر غير حميد أو مرغوب فيه.. خطتي تقضي بأن نشغل أوكامبو بقضية تملأ وقته ونساعده على كسبها ونكون نحن الرابحين أيضاً!! كيف؟ إذا كان أوكامبو فعلا معنيَّاً ومهموماً بقضايا دارفور فعليه ب «المِرِس» بكسر الميم والراء.. وهي أكلة منتشرة في غرب السودان عموما وانتقل فيروسها الى بعض مناطق الجزيرة.. وإذا لم تكن قد سمعت بالمرس «عنك ما سمعت».. لن استطيع الخوض في تفاصيل هذه الطبخة، حتى أسلم الملف كاملا لأوكامبو ليقدم صانعيه إلى محكمة هيئة الصحة العالمية .. يعني إذا لم تكن تعرف شيئا عن المرس ف «خير وبركة»، وأحمد الله الذي أذهب عنك الأذى وعافاك، لأن متلقي الحجج أوكامبو سيرفع قضية ضد عموم من يتعاطون المرس عمدا ومع سبق الإصرار والترصد، و«على بال» ما يستجوب الشهود والمتهمين نكون نحن اهل الشمال قد تخلصنا من الستوك (المخزون) بتاعنا من التركين، ويكون أهل الجزيرة قد اخفوا معالم الويكاب (سمعت والله أعلم أنه يصنع من مخ/نخاع العظم بعد خلطه بالرماد).. وكي ينشغل أوكامبو ولأطول مدة ممكنة بقضايا فيها نفع للناس عندي له فكرة تجنن: ايران فيها بلاوي غير المفاعل النووية، فالإيرانيون لديهم أكلة انتقلت إشعاعاتها الضارة الى بعض دول الخليج واسمها المهياوة.. هو عبارة عن عصير سمك.. يعني مقارنة به يعتبر الفسيخ والتركين في مستوى الكريم كراميل.. تحفظ المهياوة في زجاجات ضخمة ولو اختلت قواك العقلية وفتحت واحدة منها فعلى جيوبك الأنفية السلام.. وطالما أن إيران رايحة فيها في كل الأحوال، علينا تسريب معلومات حول المهياوة لأوكامبو.. منها نشغله حتى «يحل عن سمانا» ومنها نرغمه على تذوق المرس والويكاب والمهياوة، ليثبت أنها من أسلحة الدمار الشامل، فيصاب بإسهال حاد لا يمكن وقفه إلا بأكل الجوافة السودانية.. ونعطيه جوافة مستوردة من «مايرنو» وشوفوا لو تاني جاب سيرة السودان.