اخذت رائحة الحلو مر والزريعة تنتشر فى ثنايا العاصمة والولايات معلنة عن اقتراب شهر الصيام الذى تختلف اجواؤه فى السودان عن غيره من الدول ،بما يعد له من مطايب الطعام والشراب .ويقف الحلو مر او الآبرى على رأس متطلبات الشهر الكريم بلونيه الابيض والاحمر الاكثر تعاطيا وصناعة فى السودان. يعود اصل الحلومر الى اكثر من قرن من الزمان اذ يصف باحث مختص فى التاريخ القديم ان الممالك السودانية القديمة تميزت بصناعات خاصة اختلفت عن غيرها ،ويدخل الحلومر من المشروبات القديمة التى لا يمكن ان نحدد تاريخا معينا لبدايته، ولكنه متوارث منذ اكثر من قرن ، وينتشر فى كل الاقاليم السودانية متشاركا مع العصيدة وان اختلفت مسمياتها. لا تكتمل المائدة الرمضانية الا به .فالحلومرالذى تبدأ النسوة فى صناعته فى شكل نفير يبدأ اعداده قبل شهرين من دخول رمضان .وتقول الحاجة محاسن عثمان من مدينة شندى تقطن بالخرطوم ان صناعته لاتختلف، فطريقة عمله واحدة تبدأ بنشر عيش الذرة الزريعة لفترة من الزمان ومن ثم خلطه بالتوابل. تقول نشرع فى صناعته مبكرا حتى لا يضايقنا الزمن مع اقتراب الشهر الفضيل، كما ان مستلزمات صناعته تدخل الى قائمة الاسعار المرتفعة فيزيد من كلفته ..وتصل حديثها بعد طحن الزريعة حتى تصير فى شكل دقيق دراش تضاف اليه التوابل ثم يعجن فى جرادل كبيرة ويغطى لفترة حتى يخمر ..المرحلة التالية هى تتجمع النساء ويقمن بعواسته باستخدام القرقريبة وهى أداة مصنوعة من لحاء الدوم او سعفه تقوم ببسط العجينة على الصاج. تقول نفيسة من حى الازهرى ان الحلو مر تبدأ صناعته باكرا لسبب آخر هو ان النساء يقمن بارساله الى بناتهن وابنائهن فى الخارج حيث لا تكتمل لوحة رمضان الا به وبطعمه المحبب ..ويمتاز بجانب طعمه المحبب الى فائدته الغذائية حيث ان كثيرا من الاسر تحرص على صناعته فى غير مواقيت رمضان وتقديمه للضيوف وافراد الاسرة. الطرفة التى تحكى عن ان احدهم طلب من صاحب تركيب عطور ان يركب له عطرا ينشم من طرف الشارع ..فاشار اليه إلا ان يركب له ريحة حلومر لم يكذب عليه فرائحة الحلو مر النفاذة لا تخطئها انف من على البعد وصارت تلك الرائحة المحببة تنويها مبكرا بقدوم رمضان. .