الحقيبة الأنيقة) التي قدم فيها وزير المعادن كمال عبد اللطيف تقرير وزارته لنواب البرلمان الأسبوع الماضي، أغرت بعض المهمومين بالقشور على ممارسة انصرافية معهودة أضاعت علينا كثيراً من البشريات المطمئنة التي استقرت بين ثنايا التقرير وفتحت كوة أمل جديدة لاقتصادنا الجريح. للأسف اهتم الجميع ب (جدل الحقيبة)، وأهملوا محتواها النادر، وبالنظر إلى تجربة كمال عبد اللطيف في المواقع التي شغلها وكان آخرها وزارة التنمية البشرية، نجد أنّ الرجل مسكونٌ بالتجويد والحرص على إحراز النمرة الكاملة في المهام التي تُوكل إليه، كما أنه من قلائل يملكون القدرة على التخطيط المفضي إلى نتائج ملموسة وفقاً لمعايير تنتجها الأفكار وتغذيها المتابعة ويقودها التدقيق المزعج لمن يعملون معه أو يرافقونه كثيراً. كلنا في السودان نشاطر د. محمد خير الزبير محافظ بنك السودان المركزي إحساس المفاجأة بضخ موارد لم تكن متوقعة من تعدين الذهب على المستويين الشعبي والمنظم، ما فعله التقرير هو ترجمة هذه الدهشة إلى أرقام من ذهب، ومن المهم أن نقول للوزير لقد أحسنت طالما أن جهده المُضني في المتابعة الميدانية لتعدين الذهب في مناطق السودان المختلفة أفضى إلى كل هذه الحقائق المُبشِّرة. البيان الذي هزمته (الشنطة) كان يؤكد على حقيقة تقول إن الإنتاج التقليدي للذهب أدخل لخزينة الدولة حتى تاريخ عرضه مبلغ مليار ومائة مليون دولار بعد بيع ما قيمته (24) طناً. من الحقائق المبهرة التي مررنا عليها مرور الكرام في تقرير وزارة المعادن أن عدد الشركات العاملة في مجال التعدين (589)، (88) منها شركة كبيرة، كما أن حجم الكميات المصدرة من الذهب حتى أبريل الماضي بلغت (13.163.00) بعائد (603.6) آلاف دولار. أهم ما ميز هذا التقرير إلى جانب الأرقام هو اشتماله على الجوانب المتعلقة بحقوق المواطنين وتركيزه على محاصرة الأضرار التي ربما تنجم عن التعدين الأهلي واستخدام مواد ضارة كالزئبق، فقد استأثرت هذه القضية باهتمام كثيرين، كما أنّ خلاصة التقرير تعاملت بوعي كبير مع التعدين التقليدي خاصة في ما يتعلق بالتدابير ذات الصلة بتحقيق السلامة العامة والتنسيق مع الجهات المختصة لوضع معايير ومتطلبات السلامة البيئية، بالمناسبة الوزارة أعلنت عقب تقرير الوزير تنظيم برنامج لتطعيم المعدنين من وباء السحائي. هجو قسم السيد نائب رئيس البرلمان، رئيس الجلسة كان محقاً في وصفها ب (الجلسة الذهبية).. وفي تقديري فإن الاهتمام بالتقديم الجيد للتقرير أمر يشير إلى أن مقدمه (مالي يدو) من أرقام ومعلومات مثلت إضافة ممتازة لمعادلات الاقتصاد السوداني التي تعول الآن على الذهب في حسم معاركها الاقتصادية الراهنة والمؤجلة. تقرير وزارة المعادن هو ثاني تقرير يجيزه البرلمان بالإجماع دون أن يحيله إلى لجانه، فالأرقام التي حملها خاطبت أشواق الجميع في غدٍ أفضل.. ويكفي أن وزارة المعادن ظلت تمارس التنقيب عن الأمل، وتوصلت إلى حقائق تجعل ألسنة أهل السودان تلهج بالشكر لله على نعمة لم تكن في الحسبان.. شكراً كمال عبد اللطيف وأركان حربه.