تأتي الرياح بما لا تشتهي السُفن... والتوقّعات الجويّة تفيد بأنّ سُفننا ربّما تستقبل قريباً ما لا تشتهيه وما لم تتوقّعه من الرياح ولو كانت ريحاً صرصراً عاتية، سَخّرها عليهم الفصل السابع! ألِفنا طريقة المؤتمر الوطني في المناورة، فعندما تحاصره السيناريوهات يطلق علينا بالونات ليختبرَ مشاعرنا السياسيّة... ولذلك كلما أطلق رجل من المؤتمر بالونة، نعرف فوراً لون البالونة وحجمها والمدى الذي أُريد للبالونة التحليق فيه! آخر بالونات الاختبار التي أُطلقتْ في الفضاء كانت تلك التي (تُبشّرنا) بأنّ قطاع الشمال المشؤوم الذي بادرنا بحربين عدوانيتين في جنوب كردفان هجمة بعد اندحار النجمة، وفي النيل الأزرق يوم عيد، ربما تجلس معه حكومتنا في طاولة تفاوض نعرف نحن قبل غيرنا أين ستذهب وأين ستقف! قبل أنْ يَردَ قطاع الشمال لأول مرّة في نص قرار دولي كانت كاميرات المراقبة تنقل لنا بين حين وآخر ظهور عقار وعرمان في أديس أبابا، وبعد أن تلقينا نفياً مُغلظاً بأنّهما ليسا طرفا، ظهر عرمان وعقار في بحر دار موازيين للمفاوضات المباشرة فقيل إنّهما ربّما أتيا لمتابعة استثماراتهما الخاصة... ثمّ أتى اليوم الذي أطلق فيه المؤتمر الوطني البالونة باحتمال الجلوس مع متمردين أوقدوا نار الحرب وأضاعوا الأرواح وبدّدوا الموارد وأهدروا الإمكانيّة! ومهما حلّقت البالونة في فضائنا فإننا لن نرضى عن هذا الجلوس ولو أصدر فينا مجلس الأمن قراراً عقابياً لرفضنا الجلوس مع فوضويين سودانيين تمرّدوا علينا وأفسدوا الأرض وأهلكوا الحرث والنسل! ولو اختار المؤتمر الوطني الجلوس فإنّنا لن نرضاه وسنقاومه ومعنا آخرون سيقاومون هذا الجلوس الباحث عن الوهم... والله لا خير فينا ولا خير في المؤتمر الوطني ولا خير في السياسة السودانيّة لو كان هذا الجلوس بوصلة تقود إلى حلٍ سياسي! لن نقبل بدور سياسي لقطاع الشمال في الشمال، ولن نرضى بوصفة عسكريّة يُعاد فيها دمج الفرقتين التاسعة والعاشرة المتمرّدتين إلى هيكلنا العسكري... ستحل علينا تسع لعنات يوم أن تكون الفرقة التاسعة جُزءاً منّا، ولعنة عاشرة يوم أنْ تصير الفرقة العاشرة بعضاً من شَرفنا العسكري!!