ألا يستحق المواطن السوداني بيان من (9) كلمات عبر بيان يُذاع في أخبار العاشرة أو تتبرّع الصحف بنشره مجاناً على صفحتها الأولى يقول: قررت شركة الكهرباء زيادة الأسعار، والتفاصيل في منافذ التوزيع. أياً كانت أسباب ومسوغات شركة الكهرباء لزيادة الأسعار إلا أن الطريقة التي تمت بها لم تكن موفقة وهي تعتمد أسلوباً ملتوياً يخفي الحقيقة ويضع المواطنين أمام الأمر الواقع. هل كانت تظن الشركة أن نسبة الزيادة العالية ستتسرّب (كسور في بواقي) لا يحسها المواطن في زحمة الفواتير التي تثقل كاهله كل يوم؟ أم أن الشركة (خجلانة) من الإعلان عن زيادات في الكهرباء أثناء شهر رمضان؟ أو ربما اعتبر القائمون على أمر الشركة أن القرار (عادي) في موسم الزيادات استلهاماً ل (كان غلبك سدّها وسع قدها) و(تنقد الرهيفة إن شاء الله ما تتلتق). تستر (شركة الكهرباء) على الزيادات أعادني إلى قيمة الشفافية والشجاعة التي تعاملت بها الدولة مع المعالجات الاقتصادية الأخيرة، وهي تواجه الناس بالحقائق، ربما كان هذا المسلك بمصداقيته الصادمة هو الذي جعل المواطنين يتقبّلون الجراحات المؤلمة ثقة في أن شفافية إنفاذها تعبرعن سلوك مستحب عند السودانيين الذين يكرهون (شغل الدسدسة)، و(سياسة الغتغتة)، وينبذون (دفن الليل أب كراعاً برّه). حتى وإن نجحت (شركة الكهرباء) في تمرير زيادتها التي جاءت صدمة للمشتركين فإنها سقطت في امتحان (المصداقية) وفي شهر كريم كان عليها أن تحفز فيه على القيم وشراء السلعة بدلاً من أن تحيله جهنماً للذين أوقفوا (مكيفاً) وفرته لهم الأقساط المريحة والمتعبة، وجعلوه يدور في موسم رمضان خصماً من (حق الملاح)، وجك العصير وحليب الأطفال لمواجهة الطقس الساخن!! أسوأ ما في تبرير الزيادة القول بأنها جاءت لحث المواطنين على الترشيد في شركة يفترض أن أرباحها تزيد كلما أقبل المواطنون على شراء السلعة، يأتي هذا الحديث والأسباب (على قفا من يشيل) وهي أسباب أقنعت الشعب السوداني بوضع زيادات على سلع أخرى، ولكن يظل مثل هذا التبرير مضحكاً، مبكياً ومثيراً للشفقة والخوف على بلادنا من طريقة التفكير في شركة يفترض أنها تدير عجلة الحياة لأن الكهرباء سلعة باتت تتحكّم في تسيير حياة الناس واستقرار مزاجهم كذلك. نتفهم أن زيادات المحروقات رفعت تكلفة التشغيل في المحطات الحرارية التي تُواجه تغطية عجز الاستهلاك والتشغيل من سد مروي بواقع ثلاثة آلاف قيقاواط/ ساعة في العام، فالاستهلاك ارتفع الى حوالي (9) آلاف ينتج السد (6) منها هذا الأمر رتّب أعباءً إضافية على فاتورة الوقود ولكن لم تكن الزيادة بهذا الحجم هي الحل لأنها قاربت من ال (300%) بعد ال (600) كيلو. الباشمهندس أسامة عبد الله وزير الكهرباء والسدود لقد وعدتنا في يناير المنصرم بعدم الزيادة ولكن لا عليك، الحل يكمن في السعي مع المالية لدعم وقود المحطات الحرارية، لأن قاعدة رفع الدعم عن الوقود يجب أن لا تنسحب على سلعة يستهلكها كل الشعب في حركته الضرورية، الكهرباء ليست ترفاً كسيارات البنزين ولا هي سلعة يستهلكها الفقراء دون الأغنياء، على الدولة دعم وقود المحطات الحرارية على الأقل في هذا التوقيت الذي يعاني فيه المواطنون من ارتفاع فواتير عديدة.. فارحمونا يرحمكم الله.