من الرئيس الأمريكي جون كيندي، إلى الرئيسين اللبنانيين أمين الجميل ورفيق الحريري مروراً بالرئيس المصري محمد أنور السادات، تعددت عمليات الاغتيال السياسي على المستويين الدولي والإقليمي، حيث لقى العديد من الرؤساء والسياسيين والزعماء في مختلف بقاع العالم حتفهم في حوادث اغتيال عبر إطلاق الرصاص أو تفجير السيارات المفخخة وأحياناً دس مواد سامة من النوع الغامض على الزعيم الفلسطيني السابق ياسر عرفات. رغم أن البعض أعتبره محاولة من جانب بعض الدوائر لتسويق نظرية المؤامرة الإفريقية الغربية الصهيونية على نظام حكم الإسلاميين في السودان، لفت ذلك الخبر الذي أوردته صحيفة الشرق عن مخطط لإغتيال الرئيس البشير انتباه البعض، خبر ينقل عن مصدر سوداني وصف بأنه (موثوق) ما يفيد بامتلاكه معلومات مؤكدة عن وجود مخطط من جانب يوغندا ودولة الجنوب ومخابرات إحدى الدول الغربية والجبهة الثورية، يهدف لاغتيال ما وصفه الخبر بأنه (المشروع الإسلامي والعروبي في السودان) عبر اغتيال الرئيس البشير بواسطة عميل يوغندي محترف يوجد الآن في إحدى دول الجوار ، ويؤكد الخبر أن القاتل الكيني المحترف سيحصل على مبلغ 20 مليون دولار مقابل اغتيال البشير. دائماً يسعى المخططون لاغتيال شخص ما، بفرض واقع معين يترتب بالضرورة على ذلك الغياب بعد استعصاء محاولات فرض ذلك الواقع في ظل وجود الشخص المراد اغتياله. وفي حالة الرئيس البشير- إن صح أن هنالك مخططاً فعلياً لاغتياله - فإن هنالك أكثر من جهة لها مصلحة في تغييبه عن المشهد السياسي في السودان نظراً لمواقفه القوية في الكثير من القضايا وهو الأمر الذي أكسبه استياء جهات خارجية عديدة. اغتيال البشير، أو السيد الصادق المهدي رئيس حزب الأمة القومي، أو الشيخ حسن الترابي زعيم المؤتمر الشعبي، أو محمد عثمان الميرغني رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل، أو أي سياسي أو زعيم سوداني آخر، ليس بالمهمة الصعبة من الناحية العملية كما يؤكد كثيرون، ذلك أن السودانيين سواء أكانوا شخصيات عادية أو عامة و قيادية ، عرفوا بالبساطة وعيش الحياة في تفاصيلها اليومية على السجية، دون التمسك بالإجراءات الأمنية وطريقة الحركة الحذرة التي يتبعها كثير من الزعماء والسياسيين في الدول الأخرى. على سبيل المثال، فإن السلم الذي يصعد منه البشير إلى مكتبه في القصر الجمهوري يطل مباشرة على بعض العمارات في (السوق الأفرنجي)، دون حاجز أو غطاء كما قال السكرتير الصحفي السابق بالقصر ل (الرأي العام) قبل أكثر من عامين، و السلم المكشوف يعتبر ثغرة كبيرة في تأمين كبار رجال الدولة في الدول الأخرى ، و يعتبر أمراً عادياً في السودان نسبة إلى ثقافة البساطة التي ينتهجها حتى السياسيين وقادة الدولة وتدفعهم إلى العيش وسط الناس ومخاطبتهم دون حذر أو أسوار أو مضادات زجاجية للرصاص. السبب الآخر الذي يجعل من تأمين السياسيين والزعماء السودانيين على ذات طرق التأمين الأجنبية ضرباً من المستحيل بالنسبة لخبراء التأمين هو خصوصية الحياة الاجتماعية السودانية التي تجعل رئيس الدولة أو الزعيم السياسي يستقل سيارته الخاصة وينطلق لهذا العرس أو ذاك البكاء أو تلك (السماية) دون دون اصطحاب الحرس، ودون إخطارهم حتى. لحسن الحظ فإن غياب إجراءات التأمين الصارمة والحذر الشديد الذي يلازم حركة الزعماء السياسيين في الدول الأخرى، يقابلها غياب ثقافة الجريمة السياسية والاغتيالات في المجتمع السوداني وهو ما يؤكده حديث الخبر عن تجنيد شخص كيني لتنفيذ مخطط الاغتيال ، ورغم الحوادث السابقة التي حدثت للرئيس نميري بالنيل الأبيض وللرئيس الأزهري من معتوه وسط أحد الحشود، واعتبرها البعض محاولات اعتداء، لا يزال من المستبعد أن يقوم سوداني باغتيال رئيس الجمهورية أو أي زعيم سياسي آخر مهما بلغت درجة الخصومة السياسية.