وفد جنوب السودان بقيادة توت قلواك يزور مواني بشاير1و2للبترول    مبابي إلى مدريد.. تفاصيل العقد والمكالمة الحاسمة    صدمة.. فاوتشي اعترف "إجراءات كورونا اختراع"    عقار إلى روسيا مساء اليوم    فينيسيوس الأفضل في دوري أبطال أوروبا    الحكومة المصرية تقدم استقالتها.. والسيسى يكلف مدبولى بتشكيل الجديدة    محمد الطيب كبّور يكتب: العوارة والعمالة والندالة بي قروش !!    بعدما حاول حظره وهو رئيس.. ترامب ينضم إلى "تيك توك" وينشر أول فيديوهاته    لماذا يجب إعادة تشغيل الهاتف بشكل دوري؟    نجوم حي العرب بطلا لدورة تكريم الإدارة الأهلية بالضعين    اكوبام ينصب مهرجان من الأهداف في شباك الأهلي في دوري النخبة بحلفا    الملكي فاز بدعاء الوالدين ودريموند لم يكن يستحق الخسارة،،    تصاعد الخلاف فى حزب الأمة القومي    شاهد بالصورة والفيديو.. طفلة سودانية تبكي بحرقة إذا سمعت كلمة "دعامة" وتفرح وتشعر بالطمأنينة عند سماعها هتاف الجيش (أمن يا جن) وتطالب أهلها بترديده دائماً    شاهد بالصورة والفيديو.. وسط دهشة المتابعين.. الحسناء "جورجينا" صديقة اللاعب كريستيانو رونالدو تطلب التصوير مع شاب سوداني بالسعودية ومتابعون: (والله عبرت يا ولدنا)    شاهد بالصورة والفيديو.. وسط دهشة المتابعين.. الحسناء "جورجينا" صديقة اللاعب كريستيانو رونالدو تطلب التصوير مع شاب سوداني بالسعودية ومتابعون: (والله عبرت يا ولدنا)    بنك السودان المركزي يعمم منشورا لضبط حركة الصادر والوارد    شاهد بالفيديو.. خلال حفل بالسعودية.. الفنانة إنصاف مدني : (البنت الما عندها قروش دي ما تعرس نهائي وبدون قروش دايرين بيها شنو والما عرست شم العود قرب)    رئيس مجلس السيادة يتسلم رسالة من رئيس جمهورية جنوب السودان    والي الخرطوم: سيتم تقنين المقاومة الشعبية ودعمها وفقاً للائحة الجديدة    عودة قطاع شبيه الموصلات في الولايات المتحدة    احتفالا بالذكرى الأولى لزواج الامير الحسين والاميرة رجوة.. نشر أول صور رسمية للأميرة تظهر حملها الاول    بيلينجهام لمورينيو: ماما معجبة جداً بك منذ سنوات وتريد أن تلتقط بعض الصور معك    ريال مدريد الإسباني بطل أوروبا    القبض على بلوغر مصرية بتهمة بث فيديوهات خادشة للحياء    القبض على بلوغر مصرية بتهمة بث فيديوهات خادشة للحياء    داخل غرفتها.. شاهد أول صورة ل بطلة إعلان دقوا الشماسي من شهر العسل    بدء الضخ التجريبي لمحطة مياه المنارة    بعد الإدانة التاريخية لترامب.. نجمة الأفلام الإباحية لم تنبس ببنت شفة    "إلى دبي".. تقرير يكشف "تهريب أطنان من الذهب الأفريقي" وردّ إماراتي    مسؤول سوداني يكشف معلومات بشأن القاعدة الروسية في البحر الأحمر    محمد صبحي: مهموم بالفن واستعد لعمل مسرحي جديد    دفعة مالية سعودية ضخمة لشركة ذكاء اصطناعي صينية.. ومصدر يكشف السبب    فيصل محمد صالح يكتب: مؤتمر «تقدم»… آمال وتحديات    السعودية تتجه لجمع نحو 13 مليار دولار من بيع جديد لأسهم في أرامكو    خطاب مرتقب لبايدن بشأن الشرق الأوسط    سنار.. إبادة كريمات وحبوب زيادة الوزن وشباك صيد الأسماك وكميات من الصمغ العربي    السودان.. القبض على"المتّهم المتخصص"    قوات الدفاع المدني ولاية البحر الأحمر تسيطر على حريق في الخط الناقل بأربعات – صورة    دراسة "مرعبة".. طفل من كل 8 في العالم ضحية "مواد إباحية"    الأجهزة الأمنية تكثف جهودها لكشف ملابسات العثور على جثة سوداني في الطريق الصحراوي ب قنا    ماذا بعد سدادها 8 ملايين جنيه" .. شيرين عبد الوهاب    الغرب والإنسانية المتوحشة    رسالة ..إلى أهل السودان    شركة الكهرباء تهدد مركز أمراض وغسيل الكلى في بورتسودان بقطع التيار الكهربائي بسبب تراكم الديون    من هو الأعمى؟!    اليوم العالمي للشاي.. فوائد صحية وتراث ثقافي    حكم الترحم على من اشتهر بالتشبه بالنساء وجاهر بذلك    متغيرات جديدة تهدد ب"موجة كورونا صيفية"    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



معتمد الواحة، بلندية، وآخرون .. إغتيالات المسؤولين.. الوجه الأقبح للحرب؟!
نشر في الرأي العام يوم 08 - 08 - 2012

رحلة مخضبة بالدماء والوجع والكثير مما يؤسف له وعليه، والقاموس السياسي السوداني يضم مفردات جديدة لم تكن في أسوأ الكوابيس، رحلة كتبت سطورها الأولى أصابع أجنبية، قبل أن تتم سودنتها في
الفترة الأخيرة، لتأخذ الاغتيالات في السياسة السودانية اللون الأحمر القاني ويمتزج به تاريخها، بعد أن ظلت حكراً على الاغتيال المعنوي فقط.
فواجع الخرطوم تزايدت مؤخراً وجعلتها تلوذ بصمت القبور ألماً وربما احتساباً بعد اغتيال عبد الرحمن محمد عيسى معتمد محلية الواحة بولاية شمال دارفور داخل سوق كتم التي تبعد 80 كيلو من مدينة الفاشر عاصمة الولاية، مع سائقه الشخصي، لينجح الجناة فى الاستيلاء على عربة المعتمد ويلجأوا إلى معسكر كساب للنازحين بعد مطاردتهم من قبل الأجهزة الأمنية.. سبق ذلك حادث اغتيال ابراهيم محمد بلندية رئيس المجلس التشريعي لجنوب كردفان الذى هز الخرطوم بسيناريو أقرب للأفلام السينمائية ، لتنجح المحاولة الثانية بعد أن تزامنت الأولى مع الضربة الأولى على الولاية ونجا منها..
مراقبون اعتبروا رحلة الموت الأخيرة وعلو صوت الرصاص تدشينا مباشراً لخط الاغتيالات في السياسة السودانية، ويشير لانطلاق شرارة العنف السياسي في أوساط الناشطين سياسياً عبر الهامش بعد أن كان حصرا على ميادين العمل العسكري. ولا تزال محاولة اغتيال مكي بلايل رئيس حزب العدالة ماثلة للأذهان، بالاضافة لما تناقل وصنف كإشاعة عن محاولات اغتيال استهدفت شخص والي ولاية تشهد أوضاعاً أمنية غير مستقرة..
بينما يذهب آخرون الى أن الاغتيالات السياسية كانت حاضرة بشكل أو بآخر في المشهد السياسي السوداني، وإن تزايدت مؤخراً، فشهدت دارفور عمليات اغتيال تعددت الأطراف لكن الأهداف كانت واحدة ، وما صديق ميدوب إلا واحدا من الكثيرين فى ذاك السياق، لتنطلق الكثير من علامات الاستفهام حول ما اذا أصبحت الاغتيالات مرادفاً للنشاط السياسي بعد أن أضحى الخطاب السياسي غير قابل لإحداث أى تغيير في المشهد! .
د. هشام محمد عثمان الخبير في القانون الدولي يرى أن الاغتيال السياسي ظل ظاهرة لا تعرفها شوارع الخرطوم التي اعتادت على فصل المواضيع بفضل الروح المدنية والوعي المبكر للمكونات الاجتماعية السودانية ، فتجد الاختلافات نهاراً والسمر ليلاً، وقال ل(الرأى العام) (كل ذلك بحكم أن السياسة نشاط يمارسه الكثيرون في ظل الأصل وهو الانتماء للأرض وللشعب وللمجتمع السوداني بمسلماته وقيمه التى لا يدخل فيها الاختلاف حد الدم أو التطرف والاستفزاز فالكل يدافع عن قناعاته في ظل احترام قناعات الآخرين، واعتاد السودانيون على التعايش مع الاختلاف).
ربما ثمة ما يدعم تحليل الرجل للواقع السياسي الاجتماعي السوداني وتجد ما يعضدها واقعياً بعدم وجود رصيد سابق لعمليات الاغتيال في التاريخ السياسي للبلاد، بينما يذهب متشائمون الى أن غياب مثل تلك العمليات في التاريخ الوطني لا يعني أنه لن يحدث مستقبلاً ، ويرجعها البعض للتطرف فى العمل السياسي وغياب عمليات الحوار والجدل واستشراء حالة من اليأس السياسي لدى الأطراف المتسببة فيها.
ويبدو أن عدم القدرة على قراءة خطورة الفعل ورد الطرف الآخر يحيل المشهد السياسي السوداني في سياق بروز حوادث الاغتيالات الى لوحة حالكة السواد محاصرة بالخطر طبقاً للتحليلات، وتترنح على شفا هاوية لا تبقي وتذر بالتالى يصبح المسرح السياسي بركة دماء كبيرة.. بينما لا يستبعد البعض أن يصبح الاغتيال ثقافة سياسية وواحدا من أدوات العمل السياسى نسبة لانفتاح القوى السياسية السودانية على الخارج وتحديداً الحركة الشعبية التى تستلهم مشاريعها من بيئة وواقع يختلف عن الواقع السودانى، مدللاً على محاولة الحركة الشعبية التماهي في نموذج المؤتمر الوطنى الجنوب أفريقى الذى يتزعمه نيلسون
مانديلا، بيد أنه استدرك بقوله: (قيم الشارع السودانى وتصالحه وتساميه ، يجعل مثل تلك الأدوات في تصفية الخصوم ، أمراً سلبياً ولا يشكل إضافة للطرف القائم به، فحياة الإنسان أهم من أي سياسة وأكبر من أى اختلاف(
ناشطون معارضون أعلنوا رفضهم لأسلوب الإغتيال ونوهوا إلى تزايد العنف السياسي في مناطق ضعف العمل المدني بالبلاد، وهو ما أكده د. مهدي دهب بقوله: (ضعف العمل المدني والسياسي في مناطق الهامش ذات الطبيعة القاسية يسهم بشكل أو بآخر في تفشي الظاهرة، لكن ذلك لا يعني انتشارها أو تحولها لأداة سياسية، والدليل أن طيلة ثلاثة وعشرين عاماً من عمر الحكومة الحالية لم تقم المعارضة بمثل ذلك السلوك، ما يعني أنها تزامنت ودخول الحركات المسلحة لساحة الفعل السياسي، وهو ما يضاعف المسئولية الملقاة على مؤسسات نزع السلاح والدمج وإعادة التأهيل، بالإضافة لمؤسسات المجتمع المدني السياسية وغير السياسية التى من شأنها زيادة الوعي بأهمية الحوار والتعامل المدني السلمي.
وغض النظر عن تقطيبة البعض لدى سؤالهم عما اذا كانت الخرطوم شهدت سابقاً حوادث مماثلة، إلا أن الوقائع تقول بأنها كانت مسرحاً لعمليات كان أبرز المستهدفين فيها أجانب، فشهدت حادثة فندق أراك المشهورة التي راح ضحيتها مهدي الحكيم، واتهمت فيها جهات أجنبية، بالاضافة لحادثة فندق الاكربول، لتختفى الظاهرة الا من حوادث قتل وتصفية لا تمت بصلة للسياسة، حتى حادثة الرياض الأشهر التى راح ضحيتها الدبلوماسى الامريكى غرانفيل، لكن التاريخ يخلو من تصفية سوداني لسوداني.. ووقفت دوماً تلك المحاولات عند الاتهامات النظرية .
محللون راهنوا في وقت سابق ل(الرأى العام) على أن يوفر الاستقطاب الحاد بين الحكومة والمعارضة من جهة، وطول عملية التفاوض مع الجنوب بسبب تعنت الأخير من جهة أخرى، بالاضافة للأوضاع في النيل الأزرق وجنوب كردفان ودارفور من جهة ثالثة، بيئة خصبة لدخول الاغتيالات لأدبيات العمل السياسي في البلاد، خاصة مع إرتفاع وتيرة حدة الخطاب السياسي والاستفزاز المتبادل في ظل توافر السلاح الذي تسعى الجهات المعنية لحصره وتجميعه ، وطبقاً لاحصائيات كشف عنها سابقاً سلاف الدين صالح رئيس مفوضية الدمج ونزع السلاح فإن عدد قطع السلاح في الشمال بلغ ثلاثة ملايين قطعة..
ربما ما يجعل المخاوف تشتعل إزاء المشهد في الخرطوم وانتشار حالات اغتيال سياسي كبقية الدول، جملة التغييرات التي حدثت خلال العقود الأخيرة وتمهد الطريق لتحول هذه السمة إلى ضدها، على خلفية اشتداد حدة الاستقطاب السياسي، وانتشار السلاح، والحراك السكاني الواسع عبر النزوح، فضلاً عن الأعداد الضخمة من المحاربين السابقين في بعض مناطق الشمال.
الواقع المختلف للهامش سواء دارفور أو جنوب كردفان والنيل الازرق، وما تشهده من تفاعلات بين الوطني والحركات المسلحة من جهة وبين الحركة الشعبية من جهة أخرى، جعلها في عمق دائرة التركيز الاعلامي والسياسي، ما يجعل كل ما يحدث فيها محل تحليل وبحث وتمحيص وربما تقليد.
بعيداً عن جدية الافتراضات وصلابة منطقها إزاء الواقع الماثل والحوادث المنتشرة، الا أن العديد من الدوائر تنظر للأمر بثقة كبيرة وتعتبر ان ما تم لا يرقى لأن يكون نوعاً من الاغتيال السياسى بقدر ما أنه صراع نفوذ على مناصب او تصفية حسابات محلية وقبلية او ربما انعكاس لتزايد وارتفاع وتيرة الجريمة المعتادة لا أقل ولا أكثر، ويذهبون الى ان محاولة تسييس كل عمليات الاغتيال التي تتم من شأنه ان ينقل الاشتعالات بوتائر أكبر، فالحكمة تقتضي - طبقاً لهم - حصر الظاهرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.