صورة نمطية عالقة فى أذهان الكثير من المواطنين ، يتذكرونها مع أول قطرة تنزل من سماء الخرطوم ، حيث مشهد تساقط المنازل وغرق الشوارع وانسداد المجارى بأكوام مقدرة من النفايات ، سيناريو يكاد لا يفارق ذاكرة سكان العاصمة ، فالمواطنون في غرب ام درمان يوقظهم خرير المياه الهادرة ، من خور شمبات وهو يجر معه غضب الطبية على الانسان ، حين يأخذ كل ما يلاقيه في طريقة ، وكأنه يوجه رسالة فحواها (إننا لم تخطئ .. وإنما الانسان هو من أخطأ عندما اختار السكن بجوارنا) .. ساعات عصيبة يعيشها سكان تلك المناطق كلما تجمعت السحب ، لان منازلهم الواهنة لن تصمد أمام سيل المياه المنجرف ، من (خور شمبات) أو أى مجرى آخر ينتظر المعالجات الهندسية التى تقي المواطن شر كوارثه . منازل تنهار على رؤوس ساكنيها كل عام ، وضحايا يسجلون حضورهم فى دفاتر الوفيات ، ويسقطون من ذاكرة المسئولين قبل جفاف الأرض من غيث السماء ، المنهمر برحمة على أرض أغفل حكامها معنى (تخطيط و بنى تحتية) .. غياب التخطيط وحده كان كفيلا بأن يسقط المدن فى أول امتحان لها فى الخريف ، ويمحو من خارطة المكان قرى بأكملها ، لم يترك من معالمها سوى لافتة تشير إلى وجود حياة كانت هنا، يحدث هذا كل عام دون أن يحرك ساكناً أو يلفت الانتباه إلى خطأ الانسان ، الذي يعيش على مجارى السيول والأنهار أو بجوار الطرق القومية ، مثلما حدث لقرية (الرقيق) في النيل الابيض هذا العام ، حين غمرتها مياه الأمطار .. الأمر الذى يلقى بسؤال ملح وهو : انهيار المنازل مسئولية من.. الدولة ام المواطن ؟ .. تفيد تقارير علمية بأن 40% من مساكن العاصمة تحتاج لعملية إحلال كامل ، بسبب البنية التحتية المنهارة ، ويرجع ذلك لارتفاع تكلفة مواد البناء فى السودان والتى تعتبر الأغلى فى العالم ، رغم توفر المواد الخام حسب وصف المهندس (المادح) الخبير فى هندسة المعمار وتخطيط المدن مؤكدا أن معظم دول العالم تتعامل مع مواد البناء باعتبارها سلعة ضرورية وليست كمالية كما يحدث فى السودان من حديث المادح يتضح سبب انهيار المنازل التى تفتقر لأبسط مقومات البناء التى تجعلها لا تصمد امام الامطار فما الذى يحدث لو تراجعت اسعار الأسمنت والحديد لتصبح في متناول يد كل مواطن (غلبان) يستطع أن ينام قرير العين حين تمطر السماء ؟ .