غياب مليس زيناوي رئيس الوزراء الإثيوبي المفاجئ عن الملعب السياسي في أفريقيا، سيفرز بلا شك العديد من المتغيرات الداخلية في إثيوبيا، وأيضاً على الصعيد الخارجي، خاصة بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية التي تطلق عليه لقب (الحليف في محاربة التطرف الإسلامي).. الرجل جعل بلاده تدريجياً حليفة رئيسية للأمريكان في مكافحة التطرف الإسلامي في القارة، وقيل عنه أيضاً إنه تعلم جميع حيل المانحين، وتحدث مثلهم مما منحه مصداقية عالية، ووصف بأنه واثق من نفسه ومرهف ومتعال أحيانا، لكنه على عكس كثير من نظرائه الأفارقة لم يكن شغوفاً بالرفاهية والبذخ في حياته ومعيشته. زيناوي عرف أيضاً بالصرامة الزائدة في قسمات وجهه وتعامله السياسي حتى مع شعبه، وقيل إنه من المستحيل رؤيته مبتسماً، لكنه استطاع أن يقفز ببلاده خلال العشر سنوات الماضية إلى نمو اقتصادي تجاوز ال (10%) إلا أن بلاده مازالت تعاني الفقر. الرجل الذي حكم الشعب الإثيوبي لأكثر من عقدين رحل أمس ، وخلف وراءه كثيرا من الأسئلة والإستفهامات بشأن مستقبل أديس أبابا أولا ، ثم مستقبل علاقاتها بدول الجوار ، ومن ثم القرن الأفريقي والعالم الذي سيتأثر به أيضا ، باعتبار أن زيناوي كان يمثل سياسة دولة محورية في القارة الأفريقية. البشير يعزي وفي الخرطوم عبر الرئيس عمر البشير، عن أحر تعازيه ومواساته لحكومة وشعب إثيوبيا الشقيقة في وفاة زيناوي ، بوصفه قائداً أفريقياً شجاعاً ومناضلاً وحكيماً سياسياً متميزاً، قاد شعبه بحنكة ودراية لنمائه وتطويره، ومثل أفريقيا في المحافل الدولية بكل شجاعة ورجاحة عقل، وتميز بمواقفه المشهودة والإيجابية تجاه السودان، وظل مهموماً بشأنه وحريصاً على الدوام بالمشاركة في حل ما يواجهه من تحديات، وظل على صلة مستديمة وحميمة بالقيادة السودانية ، ومبادراً في تأكيد قدرة الإتحاد الأفريقي والقوات الأفريقية في تعزيز السلام بالسودان ، وكان أول زعيم أفريقي يسهم بقواته في ال (يونميد) بدارفور ومؤخراً في أبيي. وأكدت رئاسة الجمهورية في بيان لها أمس، أنها إذ تفتقده تفتقد فيه شخصاً صديقاً وحكيماً وهميماً بسلام السودان واستقراره وتنميته ، لما تتميز به البلدان من علاقات تاريخية وأزلية، وتذكر بأن الفقيد كان المبادر في استضافة المفاوضات الجارية بين السودان ودولة الجنوب حاليا، وتمنت الرئاسة أن يتحلى الشعب الإثيوبي وقيادته بالصبر ومواصلة المسيرة التي سلكها رئيس الوزراء الراحل زيناوي. الخارجية تنعى وأجرى أيضاً من الخرطوم علي كرتي وزير الخارجية، اتصالاً هاتفياً مع نظيره الإثيوبي هيلا مريام ديسالغن، ونقل له تعازي السودان حكومة وشعباً في وفاة زيناوي. وقالت الخارجية، إنها تلقت بحزن كبير نبأ وفاة رئيس وزراء الجارة إثيوبيا، وعبرت عن مواساتها ومشاركتها للشعب الإثيوبي وللحكومة الإثيوبية الأحزان في فقدهما الكبير. وأضاف بيان أصدره مكتب الناطق باسم الخارجية: لقد ارتبط الراحل بعلاقات صداقة حميمة مع السودان، وتوسعت مجالات التعاون المشترك في عهده لتشمل جميع المجالات، ولعبت بلاده أدواراً مؤثرة في دعم جهود السلام والاستقرار، وصلت فيه درجة المشاركة بجنودها ضمن مجموعات حفظ السلام الدولية، واستضافت بلاده جولات التفاوض مع دولة جنوب السودان التي استمرت لأكثر من عام، وقال إن السودان فقد برحيل زيناوي صديقاً عزيزاً، وفقد الإقليم والقارة الأفريقية برحيله زعيماً مميزاً وقائداً حكيماً، أثبت حنكة في التعاطي مع قضايا أفريقيا، وأسهم في أن يكون للقارة دورها المميز في قضاياها وفي القضايا الدولية. زيناوي بعيون الإمام ونعى الإمام الصادق المهدي زعيم حزب الأمة القومي، للحكومة والشعب الإثيوبي الشقيق وفاة رئيس الوزراء مليس زيناوي. وقال في بيان أمس: قاد مليس حركة تحرير بلاده من قبضة الطاغية منغستو هايلي ماريام، ومنذ بداية تسعينيات القرن الماضي قاد حزبه وبلاده للاستقرار والوحدة والتنمية حتى صار لإثيوبيا دور قيادي في القرن الأفريقي خاصة، وفي القارة الأفريقية عامة، وحقق درجة من الإعتراف بالتنوع والحريات لم تبلغ المستوى المطلوب عالمياً بعد، وتجنبت التعديات الصارخة على حقوق الإنسان، وأضاف: كان الفقيد معجباً بالشعب السوداني لم التقه إلا اندفع في عد حسنات ومكارم أهل السودان واعتبارهم خير شعب عرفه، وكان جاداً في قيادة بلاده بحسن الاستماع وبحسن التصرف، وفي عهده حُظي المسلمون بدرجة أعلى من الإحترام على سُنة النجاشي العظيم. لاعب أساسي المهندس صديق يوسف القيادي بالحزب الشيوعي قال ل (الرأي العام)، بوفاة زيناوي فقد السودان لاعباً أساسياً في تقريب وجهات النظر بين الخرطوموجوبا، وأكد تأثيره المباشر على عملية التفاوض التي تجري الآن بين البلدين، لكون الرجل يسهم بشكل كبير جداً في العملية، وله دور إيجابي سيؤثر بغيابه على المفاوضات. زيناوي وسيطاً لكن المحامي علي السيد القيادي بالحزب الاتحادي الديمقراطي (الأصل)، يختلف في وجهة نظره بشأن تأثير غياب زيناوي على المفاوضات بين الخرطوموجوبا، واستدل على ذلك بتقدم المفاوضات بين الدولتين خلال الشهرين الماضيين في ظل غياب زيناوي الذي كان مريضاً ، وإمساك نائبه الذي ينحدر من ذات الحزب الحاكم ، ويحمل نفس الرؤى في العلاقة مع السودان، بالملف. وأرجع الأمر إلى أنها سياسة دولة وليست شخصاً، لكنه عاد وابدى تخوفه من تأثر العلاقات السودانية الإثيوبية بغياب الرجل، خاصة في حال انتخاب رئيس جديد بديلاً لنائبه الحالي ، وقال : نخشى من تغيير أديس أبابا لسياساتها الخارجية. واثنى السيد في حديثه ل (الرأي العام) أمس، على الراحل، وقال إنه بذل مجهوداً كبيراً في السلام، وكان وسيطاً معتبراً بين حكومة السودان والحركة الشعبية، بجانب محاولاته لحل مشكلة منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، ووصف السيد، زيناوي بالقمة في أفريقيا والملاذ للأمم الأفريقية رغم نظامه الشمولي. رغم الغياب فيما ذهب أبوبكر عبد الرازق القيادي بالمؤتمر الشعبي، إلى أن الطاقم الذي يقود الحكومة الإثيوبية، كلهم يحفظون الجميل للسودان فيما يتعلق بتحرير إثيوبيا من الطاغية منقستو، وهم على وعي كبير بأهمية حسن العلاقة بينهم والسودان ، وبأهمية الاستقرار في السودان وأثره على إثيوبيا ، بجانب أنهم يرغبون في حدود مستقرة واستمرار التواصل التجاري ، ولا يرغبون في توترات يمكن أن تُخلَّ بمصالحهم، وأكد عبد الرازق ل (الرأي العام)، عدم تأثر السودان وملف المفاوضات مع جوبا بغياب زيناوي، وقال إن طاقم الحكومة الإثيوبية سيعمل وفقاً لمصلحة إثيوبيا مع السودان والسياسة التي كانت متبعة في أديس أبابا ، وأبان أن غياب زيناوي لن يؤثر على تلك المصالح والعلاقات السودانية الإثيوبية ، لكنه ربما يؤثر على إثيوبيا نفسها.