الزائر لمستشفى الجلدية بالخرطوم ، يلاحظ وجود أعداد كبيرة من المرضى (صغارا وكبارا ) ، يشكون آلام مرض (الحزام الناري ) الذي انتشر مؤخرا بصورة لافتة ، (الرأي العام ) بحثت أسباب وأعراض وعلاج المرض وجلست مع بعض المرضى والمختصين وخرجت بالتالي .. مرارة الألم المريض ( نصر الدين الجيلاني ) انتابته حمى أفقدته الوعي تزامن معها فقدان الشهية ، لم يعاود الطبيب لتشخيص حالته التي استمرت قرابة العشرة أيام ، واكتفى بتناول مضادات حيوية فقط ، بعد مرور ايام حدث له احمرار شديد بالجلد تحول الى طفح على هيئة حويصلات محاطة بجلد شديد الاحمرار والألم ، في بداية حديثه ل( الرأي العام ) استغفر الله .. ثم اردف قائلا : (لا أتمنى ان يصيب هذا الداء عدوا او حبيبا ) من شدة آلامه ، ونقل لنا شعوره من شدة المرض وكأنه صبت على جسده نار تظل تحرق الجلد لأسابيع ، لدرجة فقد معها الاحساس بالنوم ، فهو لم يذق طعما للنوم منذ ظهور الطفح الجلدي ، ما يزعجه ان فترة العلاج طويلة والطفح الناري المتفشي في شكل دائري حول البطن والظهر لا يجف بسهولة لكنه يقاوم الالم الى ان (تبرأ) الجروح اوضح : ان ما زاد عليه الألم انه ذهب الى أحد أطباء الجلدية وقبل ان يتعرف الطبيب على المرض صرف له علاجا ( مرهم ) على ان يمسح به سطح الجلد المصاب لكنه لم يكن يشعر بتحسن حالته ويشتد عليه الالم كلما قام بوضع العلاج على المكان المصاب الى ان تم عرضه على طبيب آخر والآن على وشك الشفاء بعد رحلة من المعاناة استمرت لأكثر من شهرين . انتقال عن طريق العدوى اذا ألمت بطفلك الصغير أوجاع بسيطة فانك تشفق عليه ، فكيف اذا رأيت طفلا وكأنه سكبت على جسده حمية نار فأحرقته ، في البداية ظننت انه تعرض لحادث حريق ولكني عندما جلست مع والدة الطفل ( ايمن ) تسع سنوات ، اتضح انه مصاب بداء الحزام الناري الذي انتقل له عن طريق العدوى من شقيقه الأكبر ، عند بداية الأعراض قامت بعرضه على الطبيب الذي أعطاه بعض الأدوية ولم يستجب جسده لها ، إلى ان تطورت حالته مما اضطره المجئ الى مستشفى الخرطوم لمواصلة العلاج . ماهو مرض الحزام الناري؟ بعد الاستماع الى المرضى وأسرهم ، التقيت دكتورة ( أماني حمد النيل ) اختصاصي الجلدية بمستشفى الخرطوم للحديث حول (مرض الحزام الناري ) فقالت : هو عبارة عن إلتهاب فيروسي حاد في الجلد يظهر على هيئة حويصلات في مسار عصب حسي معين ويتميز بحدوث ألم شديد وحارق لذا يسمى ب(الحزام الناري ) ، حيث انه يأخذ جزءا محددا من الجلد تبعا للعصب المصاب ، وكأنه حزام يفصل هذا الجزء الشديد الألم ذا اللون الأحمر في شكل نار عن باقي الجسم ، واشارت الى ان الفيروس المسبب له هو نفس الذي يسبب الاصابة بمرض (الجديري المائي ) .. فعند الاصابة للمرة الأولى بالجديري يظل الفيروس كامنا في العقد العصبية لعدة سنوات وعندما يعاد تنشيطه يسير الفيروس مع الاعصاب ليصل الى الجلد في صورة الهربس العصبي ، وعادة يكون سبب تنشيط الفيروس غير معروف ، لكنه يرتبط بالتعرض للانفعال الشديد وضعف المناعة كما انه ينتقل من شخص لآخر عن طريق العدوى ويتميز هذا الطفح الجلدي بانه في جهة واحدة من الجسم وان اكثر المناطق التي تصاب به هي منطقة الصدر والجزع ، واحيانا تصاب منطقة الوجه والرقبة والتي قد تؤدي لحدوث مضاعفات في الفم او العين ، واحيانا يحدث شلل في الوجه ، وفقدان السمع وفقدان التذوق في جهة واحدة من اللسان وكشفت عن تزايد أعداد حالات المرضى المصابين بالحزام الناري . أعراض المرض وحول الأعراض الأساسية للمرض تحدث ل(الرأي العام ) ، دكتور (صافي الدين النور ) رئيس قسم الجلدية بمستشفى السلاح الطبي ، موضحا : ان المريض ينتابه ألم شديد او وخز ناري يكون مصاحبا للطفح الجلدي او يسبقه تضخم في الغدد الليمفاوية التابعة للجزء المصاب كما توجد اعراض اخرى تصاحب المرض كارتفاع درجة الحرارة والاحساس بالضعف العام ، بجانب صداع وألم بالمفاصل والبطن ، ويعتمد تشخيص المرض على ظهور الطفح الجلدي المميز له في شخص قد أصيب سابقا بالجديري المائي وتصاحب المرض بعض المضاعفات تتمثل في إلتهابات بكتيرية للجلد المصاب وفقدان حاسة التذوق وفقدان النظر والسمع اضافة الى شلل في الوجه ونادرا ما يتكرر المرض إذ ان (99%) من الحالات لا يتكرر حدوث المرض عندها بعد الشفاء واضاف : د(صافي الدين ) يعتبر هذا المرض من الامراض المعدية وينتقل من المنطقة الموبوءة من الجلد والانف والحنجرة ، علما بان اي شخص أصيب بالجديري المائي يكون معرضا للاصابة بالحزام الناري اكثر من غيره وتزداد خطورة المرض عند المرضى ضعيفي المناعة حيث يظهر الطفح على شكل حويصلات في اكثر من مكان وقد يؤثر الفيروس على الاعضاء الداخلية بما فيها الجهاز التنفسي والرئتان والدماغ وهو يبدأ في شكل حبيبات عنقودية الشكل تنتقل بشكل مباشر عن طريق اللمس وفيما يتعلق بالعلاج قال : غالبا يتم الشفاء من الحزام الناري تلقائيا دون علاج محدد للمرض نفسه، فقط يكون العلاج لأعراض المرض مضادات للفيروسات يساعد في تقليل مدة المرض والالم والمضاعفات المحتمل حدوثها كما يعتبر حماية للمريض إذا كان يعاني من نقص المناعة ، ويفضل إستخدامه خلال (24) ساعة من ظهور الالم ويكون في صورة أقراص تؤخذ (4-5) مرات يوميا لمدة عشرة ايام عند البعض واحيانا يعطى حقنا بالوريد اذا كان المريض يعاني من نقص شديد في المناعة ومسكنات لتهدئة الألم كما يساعد ايضا على تهدئة الالم عمل كمادات باردة على الجلد المصاب في شكل مطهرات موضعية حيث يجب تطهير الجلد المصاب مع تنبيه المريض عدم إعادة إستخدام الأدوات الشخصية له إلا بعد تطهيرها عن طريق الغسيل في ماء مغلي ودعا الى ضرورة عدم ملامسة جلد الشخص المصاب خاصة فترة تواجد الحويصلات لمنع انتقال العدوى الألم العصبي ما بعد الإصابة فيما اشارت دكتورة ( سهام الطاهر ) اختصاصي امراض الجلدية واستاذ متعاون في عدد من الجامعات الى وجود الم يصاحب المريض لفترة ما بعد المرض وهويعرف بالم تبعات المرض غالبا ما يستمر لمدة شهرين ، من بداية الاصابة بالحزام الناري وتصبح الحالة اكثر تأثيرا لدى المرضى في سن ما فوق الاربعين ، وقد يستمر الشعور بالالم مع تزايد حساسية المناطق المتأثرة بالاصابة وقد تكون مصحوبة بحكة ونصحت : في حالة الاصابة بالحزام الناري ضرورة مراجعة الطبيب في اقرب وقت لان البدء بالعلاج المبكر يخفف الالم ويقلل من الاعراض وكلما تأخر العلاج كلما قلت فعاليته ، علما بان للراحة والمسكنات تأثير في العلاج ، ويمكن استخدام كريم (الكبسيسين) للتخفيف من الالم لفترة ما بعد الإصابة بالمرض