سارعت الحكومة بعد انفصال جنوب السودان لإيجاد بدائل سريعة العائد لتوفير إيرادات تغطى بها عجز النفط ، وكان من ضمن هذه البدائل السريعة استقطاب الاستثمار خاصة وان البلاد تزخر بكل مقومات الاستثمار من الموارد الكبيرة التى تمتلكها. وتفيد متابعات (الرأي العام) ان الحكومة شرعت فى الفترة الأخيرة لتهيئة مناخ الاستثمار عبر ادخال تعديلات فى قانونه وانتهاج نظام النافذة الواحدة لتسهيل إجراءات الاستثمار إلا أن بعض المصادر أكدت أن الاستثمار حتى الآن يواجه الكثير من العثرات حيث لم تتم إجازة القانون المعدل حتى يتفادى المستثمرون التضارب و التشاكس ما بين الولايات والمركز ، كما أن إلغاء وزارة الاستثمار أثر سلباً على تدفقات الاستثمار بعد ترتيب المستثمرين أوضاع إجراءاتهم عبرها بالإضافة الى أنه بالرغم من ترفيع المجلس الأعلى للاستثمار ليصبح برئاسة رئيس الجمهورية ، إلا أن الهيكل العملي للاستثمار لا يعرف له طريق. وفي السياق أكد الاستاذ علي مختار مفوض مفوضية الاستثمار بولاية القضارف توافر الإرادة السياسية على المستوى القومي ليكون الاستثمار المخرج من كل التحديات التي تواجه الاقتصاد لكن كل ما يتم الترتيب له فى المركز يخالف تماماً لما في الولايات ، فالولايات تعاني من عدد من المعوقات ، وأشار الى أن هنالك بعض الولايات بها ترتيبات جدية وجيدة لتشجيع الاستثمار بها ، وتابع : ( ولكن بولاية القضارف الاستثمار يعتبر أحد إدارات الأرشيف وهو الآن (ما معروف) مفوضية ولا إدارة)، لافتاً الى أن عدم إجازة القانون كذلك يشكل معوقا آخر ومعاناة تواجهها المشروعات الاستثمارية خاصة في ظل التضارب والتقاطع فى السلطات بين الجهات المختصة بشأن الاستثمار. ودعا مختار فى حديثه ل(الرأي العام) الى أن تكون سلطة الاستثمار اتحادية إذا أردنا المصلحة العامة ، فبعض الولايات غير مؤهلة خاصة بعد توجه الموازنة المعدلة. وفي ذات السياق وصف البروفيسور عصام بوب الخبير الاقتصادي الاستثمار في السودان بالشائك بسبب صعوبة الوضع الاقتصادي في السودان وعدم استقرار السياسات الحكومية وزيادة العبء الضريبي على جميع أنواع الاستثمارات وكل المتغيرات الاقتصادية ، مشيراً الى أن من الطبيعي أن يخضع الى الرؤية الواقعية وهي أن كل رأس مال لابد من أن يجلب عائد رأس مالي ، مؤكداً أن هنالك عقبات كثيرة خاصة عدم استقرار السياسات الكلية والخارجية والمالية والتي تؤثر في درجة إقبال المستثمر في السودان وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة خاصة في ظل تأرجح وتذبذب المستويات الضريبية على الأنشطة الاستثمارية وتدهور قيمة العملة الوطنية الذي يسهم في تدني حجم العوائد المتوقعة فى الاستثمار الأجنبي المباشر خاصة في مجال الإنتاج ببلد يتسم بعدم استقرار اقتصادي وتدهور في الأنشطة الاقتصادية وضعف قدرة الاستهلاك الداخلية لضعف مستويات الدخول مما يؤدي بصورة تراكمية الى جانب ضعف عائد الاستثمار المباشر ، مشيراً الى أن الاستثمار الوطني كذلك يتأثر بعدم الثبات في القيمة الحقيقية للعملة الوطنية ، وعزا ذلك الى السياسات الحكومية بتعويم قيمة العملة الوطنية بدون اعتبار لأثر ذلك على أداء الاقتصاد الوطني ، كما أن الاستثمار الوطني يعتمد على ثبات قيمة المدخلات ، ويتوقع أن يحقق ربحا لكن تغول السلطات الحكومية على القيمة الحقيقية للعملة وقيمة مدخلات الإنتاج جعلت الاستثمار الوطني يتحول من استثمار إنتاجي الى استثمار فى الأصول الثابتة والعملات الحرة والذهب وأية صورة من صور الاكتناز وبالتالي يتعطل رأس المال الوطني عن الاستثمار في الأنشطة الإنتاجية بالإضافة الى أن سياسات تعويم العملة الوطنية أدت الى تآكل رؤوس الأموال الوطنية بمقدار (65%) وبالتالي تخفيض قدرتها على الاستثمار الواسع وبصورة إنتاجية . و أشار بوب الى أن الاستثمار غير المباشر المتمثل في الإعانات التي تأتي للقطاعات الإنتاجية ودعم الميزانية والقروض التي تدخل في مشروعات البنية التحتية في الوقت الحالي شبه منعدم لأن السودان يعتبر (دولة غير مؤهلة) لنيل مثل هذه الدعومات ويظهر ذلك في توقف دعومات المؤسسات المالية وأنشطة عدد من المنظمات الطوعية غيرها.