أمطرت السماء ماء غزيراً... فاكرمت به أهل السودان الذين يعملون في الزراعة والرعي ... وهي ذات خير كبير يبشر بإنتاج زراعي وحيواني يفوق كل التصور . وهذه نعمة كبرى من عند الله سبحانه وتعالى ، يجب ان نشكره ونحمده عليها ليل نهار ......أهل المدن الكبرى مثل الخرطوم وأم درمان وبحري ومدني قد لا يفرحون كثيراً بالأمطار بعد توقفها ، فقط يستمتعون بها وهي هاطلة من السماء ... ويستمتعون بالهواء العليل ... ولكن في اليوم الثاني عندما يجدون الشوارع ممتلئة بالمياه وكذلك الخيران وتتحول مداخل الشوارع وأبواب المنازل الى برك من المياه والطين ... يبدأون في مهاجمة المسؤولين عن المحليات والولايات .بالنسبة للخرطوم لا يوجد أي سبب للناس بأن يهاجموا الولاية ... لسبب بسيط وهو أن الوالي عبد الرحمن الخضر ليس مسؤولاً عن التقصير الذي تسبب في وجود البرك والبعوض وغيره ... وإنما كل المسؤولية تقع على الذين من قبله وأمسكوا بالولاية ومشاريعها بيد من حديد ... ولم يفعلوا شيئاً سوى شوارع هشة ومسفلتة خارجة عن المواصفات بمجرد هطول (مطرة) واحدة تظهر عيوبها . وكل المسؤولين يعلمون ذلك .وأصبح معروفاً أن الذي يريد أن يصبح ثرياً أن يجتهد ويحصل على أي عطاء لسفلتة الطرق في الولاية ... ملايين الجنيهات تضيع هدراً .كان الدكتور المتعافي صاحب مقولة يندهش لها الإنسان ... حيث وجهت له أسئلة مرة لماذا لا ينفذ مشروعاً للصرف الصحي لكل الولاية ... قال متهكماً علشان مطرة واحدة أو اثنتين أصرف مليارات الجنيهات ؟! ... لكن أثبت بالدليل القاطع أن قلة الأمطار التي يقصدها أمر غير صحيح ... إذ تهطل مطرة واحدة وتجعل العاصمة الحضارية كسفينة تائهة وسط المياه .مثل هذا الخريف الذي أنعم الله به علينا ... لو جاء في عهد المتعافي مرة واحدة لما قال هذا التبرير غير الموضوعي ، ولنفذ مشروع (المجاري) لكن هي حكمة الله سبحانه وتعالى .الآن تحولت معظم أحياء الولاية إلى برك ... تحتاج لمئات سيارات الشفط ... وآلاف من العمال المهرة لتصريف المياه ... ونأمل من الجهات المسؤولة في نهاية الخريف والذي لا يبدو أن نهايته قريبة ، المطلوب منهم أن يقدموا لنا كشف المنصرفات عن تصريف المياه الراكدة ... وقتل البعوض ... وردم البرك والشوارع ومكافحة الملاريا وغيرها .بالتأكيد سيكون رقماً فلكياً ... ونأمل أن يكون عظة للمسؤولين للبدء فوراً في مشروع المجاري مهما كلف ، لأن تكلفة كل خريف لعدة سنوات ستكون باهظة للغاية .أذكر أبان الصراع حول قانون الشرطة والذي أطاح بالعم محجوب حسن سعد ... ثم حولنا النقاش حول مشروع المجاري وتجميل العاصمة لتصبح حضارية سألنا العم محجوب : بكم تدعمون الولاية شهرياً ؟... ابتسم و قال لي ندعمها يومياً ب(500 ) مليون ، وهي من عائدات تجديد رخص القيادة وتجديد رخص السيارات وهذا غير الغرامات العادية التي تأتي بسبب الأخطاء أو الغرامات في الحوادث الكثيرة .إندهشت من هذا الرقم الخرافي بعد أن جمعناه لمدة عام كامل ... والدكتور المتعافي بكل شطارته حكم الخرطوم أكثر من ثماني سنوات كان يمكن أن يوجه الدخل القادم من المرور في تشييد بناء المجاري ... ولا كيف يا سيادة الدكتور ؟ أقول قولي هذا ... وليست لي أية قضية أو معركة أو خلاف مع الدكتور المتعافي ... ونؤمن تماماً بشطارته ... لكن في تقديري أنه لم يحسب حساباً دقيقاً لمقدراته لوضعه في المكان المناسب لهذه القدرات .الرجل شاطر جداً وذكي جداً و به شئ من العبقرية ... لكن لا أدري ما هي أسباب إخفاقه في المواقع التي تقلدها ...إنشغاله بالمعارك ... وثقته العالية بنفسه وبقدراته هي إحدى أسباب إخفاقه ... في تقديري الشخصي .والآن بعد أن ذهب المتعافي ... من سيكون المتعافي الجديد ؟!!