عادت الخلافات داخل حزب المؤتمر الوطني بولاية القضارف الى السطح من جديد بعد أن تم طي ملفها بإعفاء والي القضارف السابق د. عبدالرحمن الخضر وكرم الله عباس الشيخ رئيس المجلس التشريعي بولاية القضارف، وتعيين وال ورئيس مجلس جديدين.. ولكن يبدو أن طبيعة الخلاف ليست في الشخصين اللذين تم إعفاؤهما وتعيين آخرين بدلاً عنهما وإنما الخلاف عاد من جديد ليس بين الوالي الجديد وكرم الله عباس الذي ظهرت خلافاته مع الوالي السابق وكأنها خلافات شخصية بين الرجلين وانتهت بتنحيتهما، بل تبدو الخلافات أو هكذا تم الإعلان عنها على أنها دعوة للإصلاح داخل حزب المؤتمر الوطني لتقويم هياكل الحزب وإضفاء الشرعية على الحكومة الحالية التي تم حلها تلقائيا بعد ان تم إعفاء الوالي السابق ومحاربة الفساد والتقيد بتوجيهات المراجع العام. وهنا سارع الوالي الجديد الضو عثمان الى طي ملف الخلافات ووأد الفتنة بتكوين لجنة سداسية للإلتقاء بالأطراف كافة ودراسة المشكلة ورفع المقترحات لحلها. وأبدى الوالي تفاؤلاً بطي ملف الخلاف داخل الحزب بالولاية خلال يومين -أي يوم الاربعاء الماضي- تحديداً ولكن هذا اليوم لم يشهد حل الخلاف وإنما تسلمت اللجنة السداسية من مجموعة الإصلاح التي يقودها كرم الله عباس الشيخ مذكرة تطالب فيها بعدة مطالب في ثلاثة محاور تشريعية وتنفيذية وسياسية. وقال كرم الله ل«الرأي العام» إن المذكرة طالبت بإنعقاد المؤتمر العام للحزب لانتخاب المكتب القيادي ومجلس الشورى بالحزب، وإلغاء الحكومة غير الشرعية الحالية التي ما زالت تمارس عملها رغم إعفاء الوالي السابق، أو تجديد الثقة فيها بقرار من الوالي الجديد، تكوين المجالس التشريعية بالمحليات، ومعالجة الترهل في الجهاز التنفيذي حيث فاق عدد الدستوريين المسموح به ليبلغ عددهم «49» دستورياً بدلاً عن «19» دستورياً والتقيد في هذا الصدد بتقرير المراجع العام وموجهاته حول الصرف البذخي. وحذر كرم الله من حدوث إنشقاق داخل الحزب إذا لم تتم الاستجابة لمطالب المذكرة بأن يصبح هنالك حزبان باسم المؤتمر الوطني واحد رسمي والآخر للإصلاح تسنده قاعدة جماهيرية وسيكون الفيصل الانتخابات العامة ولكنه بالمقابل أكد ثقته في اللجنة السداسية التي كونها الوالي لحل الأزمة وتسلمت مذكرة لجنة الإصلاح ووعدت بدراسة المذكرة والرد عليها ورفع تقرير بشأنها الى رئيس المؤتمر الوطني بالقضارف. ويبدو أن لجنة الإصلاح التي يتزعمها كرم الله لجأت الى رمي الكرة في ملعب الطرف الآخر، وهي الآن في انتظار الرد لطي ملف الأزمة.. وتفيد متابعات «الرأي العام» بأن اللجنة السداسية برئاسة محمد الهادي نائب رئيس المؤتمر الوطني بالقضارف ورئيس المجلس التشريعي بالولاية شرعت في دراسة مذكرة الإصلاح وتعكف الآن على صياغة تقريرها لرفعه لرئيس المؤتمر الوطني يوم غد الإثنين. وقال محمد الهادي إن اللجنة السداسية اجتمعت أكثر من «4» مرات لدراسة مذكرة لجنة الإصلاح التي سلمها كرم الله عباس بعناية ورفع تقرير متكامل للرد بشأن المطالب والمقترحات التي طرحتها لجنة الإصلاح الى رئيس المؤتمر الوطني يوم غد الاثنين. وتوقع الهادي في حديثه ل «الرأي العام» أن يتم طي ملف الخلافات داخل الحزب بالولاية خلال يومين. وأكد الهادي ان تقرير اللجنة في الرد على مذكرة الإصلاح في مؤشراته الأولية يؤكد أنه ليس هنالك خلاف كبير وأن المسألة أصبحت واضحة جداً الآن وفرص طي الخلاف كبيرة، حيث رد تقرير اللجنة على طلب عقد المؤتمر العام للحزب لإنتخاب المكتب القيادي ومجلس الشورى بأن الانتخابات في السابق جاءت نتيجة لانعقاد المؤتمر العام الذي منح الثقة للمكتب التنفيذي وهيئة الشوري وبالتالي يتم شغلها بالتمثيل لكل محلية. وحول عدم شرعية الحكومة الحالية بعد إعفاء الوالي السابق قال الهادي إن اللجنة عكفت على دراسة دستور الولاية ولكن الدستور سكت عن مثل هذه القضايا، وبالتالي ليس هنالك ما يلزم الوالي الجديد بتغيير الحكومة.. أما حول جمع الدستوريين لمناصب في المكتب القيادي والجهاز التنفيذي فإن هذا الأمر غير صحيح حيث يوجد فقط «7» دستوريين يتمتعون بهذه الصفة من بين «45» دستورياً وهؤلاء جاءوا نتيجة انتخابات في الأحياء والمحليات. وحول إجراء الإصلاح بغرض إحكام الرقابة على أداء الحكومة قال الهادي إن هنالك آلية داخل الحزب لمحاسبة الجهاز التنفيذي وبالتالي كل الدستوريين والتنفيذيين خاضعين للمحاسبة. في رده على سؤالنا عن مانصت عليه مذكرة الإصلاح من مطالب هل هي بغرض الإصلاح أم تحمل أجندة شخصية للذين وراءها. قال الهادي المذكرة جيدة وجاءت بلغة جيدة وبنفس هادىء وتشعر بأنه ليست وراءها أغراض شخصية وتابع «حتى الآن إذا لم يحدث ما ينفي ما هو موجود على الورق نقدر نقول إن الأزمة في طريقها للحل النهائي». و«الموضوع أقل من كل هذا العناء.» وأعرب الهادي عن تفاؤله بأن تقبل لجنة الإصلاح مقترحات تقرير اللجنة السداسية التي سترفع تقريرها غداً لرئيس المؤتمر الوطني بالولاية لطي الخلافات وفي رده على سؤالنا حول تدخل الأمانة المركزية للمؤتمر الوطني عبر دائرة الشرق بالمؤتمر الوطني الاتحادي في خلافات ولاية القضارف لاحتوائها وفرض حل على الولاية. قال الهادي إن حل الأزمة أوكل للولاية ولم يتدخل الحزب على مستوى المركز فيها وإنما يطلع يومياً على خطوات الحل والمستجدات في الأزمة عبر دائرة القضارف في أمانة الشرق بالمؤتمر الوطني. يبدو من خلال طرح لجنة الإصلاح وتقرير اللجنة السداسية ان هنالك ضوءاً في آخر النفق لطي ملف الخلافات داخل المؤتمر الوطني بولاية القضارف ولكن في كل الأحوال لن تكون يوم غد الاثنين الذي سيشهد رفع مقترحات اللجنة السداسية خاصة وأن هنالك تفنيداً لمطالب لجنة الإصلاح يبدو واضحاً من خلال ما حوته محاور الرد على مذكرتها.