أجرى الاستاذ سنهوري عيسى حواراً مهماً مع المهندس عثمان سمساعة مدير مشروع الجزيرة والمناقل ألقى بظلاله على الأوضاع الحقيقية لمشروع الجزيرة و المناقل الذي كنا نتوقعه من ذلك الحوار ، الذي مقصده إلقاء الأضواء الكاشفة على مسيرة مشروع الجزيرة بعد الخصخصة التي قيل عنها بالمشروع إنها لإصلاح حال المشروع وأوضاعه وتحسين أدائه و مردوده الاقتصادي والاجتماعي للمزارعين ولاقتصاد البلاد. لم تكن اجابات الأستاذ المهندس عثمان سمساعة مدير مشروع الجزيرة والمناقل عن أسئلة الحوار بالوضوح المطلوب إلا في الاطار العام الذي ذكر فيه المهندس عثمان أن خصخصة المشروع كانت بصورة مستعجلة ، بينما كان الأمر في رأي مدير مشروع الجزيرة ان التحول للنظام الجديد للإصلاح كان يقتضي وجود فترة انتقالية معقولة للتكيف مع النظام الجديد ، وفي رأيي أن مشروع الجزيرة والمناقل كان يعاني من مشاكل عدة ، وأن الاصلاح كان أمراً ضرورياً ولكن ليس بالضرورة بالخصخصة أو ما سار على دربها ، ولكن بإحداث تغييرات حقيقية في ادارة ذلك المشروع القومي في كل عناصره ، بدءاً بإعادة هيكلته و تفعيله لأداء مهامه المنوط بها وتوفير معينات العمل الزراعي والتصدي للمشاكل الكبيرة التي تواجهه وتذليلها خاصة الانشطة الخاصة بتحسين الري والعمل الزراعي الفني والإداري ، وفي هذا الاطار أنا اتفق مع الرأي الصائب الذي اتخذ اخيرا تبعية الري لإدارة المشروع بمهندسيها في اطار توحيد ادارة المشروع فنياً وإدارياً ليس بمشروع الجزيرة والمناقل وحده بل في كل المشاريع الزراعية القومية المروية بالسودان دون مساس بأهمية وجود الري بالمشروع تحت الاشراف الهندسي المباشر من مهندسي ري مؤهلين تأهيلاً كاملاً لإدارة شئون الري بالمشروعات الزراعية المروية لان المصلحة العامة تقتضي ذلك. الوضع القديم للري بالمشاريع المروية القومية كان خاطئاً من أساسه ، بينما الصحيح هو الذي تم أخيراً رغم تحفظ بعض مهندسي الري الذين تعودوا على النظام القديم. نحن نقول إن الاشراف الهندسي على شئون الري بالمشاريع الزراعية المروية يكون كاملاً ولكن تحت إشراف ومسئولية ادارة تلك المشاريع ، أما قانون مشروع الجزيرة والمناقل للعام 2005 م ففيه الكثير من أوجه النقد في بعض بنوده حتى من المزارعين أنفسهم مما يستدعي اخضاعه للمراجعة بإشراك فعلي للمزارعين والمختصين. المزارعون بالمشروع لديهم بعض المآخذ السالبة على أوضاع المشروع وفيما يختص بأوضاع المزارعين وحقوقهم ، ولنا رأي في الحرية المنصوص عليها بالنسبة لاختيار المحاصيل الزراعية المراد زراعتها بمشروع الجزيرة ، فليست هنالك حرية مطلقة في الزراعة وإنما تحكمها بعض الضوابط الفنية و الاستراتيجية للدورات الزراعية ، فليكن ذلك واضحاً للجميع من غير لبس ولا مجاملة ، كما لنا رأي في موضوع روابط المزارعين لإدارة شئون الري بالمشاريع الزراعية ، فإننا لا نمانع من اشراك المزارعين اشراكاً فعلياً في ادارة شئون الزراعة والري بالمشاريع الزراعية المروية من القاعدة إلى القيادة بواسطة مجالس الانتاج الزراعي المعروفة والقريبة لثقافة المزارعين والعاملين بتلك المشاريع الزراعية . ربما الأمر يحتاج لبعض التحسينات في أداء مجالس الإنتاج ، نحن سمعنا و قرأنا في صحفية الرأي العام بأن للسيد الدكتور المتعافي وزير الزراعة والري ورئيس مجلس ادارة مشروع الجزيرة بنوداً عشرة لإحداث تغييرات جذرية في أداء المشروع ، نحن في انتظارها للحكم عليها ، ولكن نقول إن كافة مشروعاتنا الزراعية المروية وعلى رأسها مشروع الجزيرة مثقلة بمشاكل كبيرة تحتاج لرؤية كلية شاملة لإيجاد الحلول العملية لها وخطط مرحلية متدرجة للتنفيذ. نحن نأمل ان تضع خطة السيد الدكتور المتعافي رئيس مجلس ادارة مشروع الجزيرة النقاط فوق الحروف في مسيرة الاصلاح الحقيقي لأوضاع مشروع الجزيرة والمشاريع الزراعية القومية المروية الأخرى ،و معالجة السلبيات الناتجة عن الخصخصة المستعجلة وغيرها لمشروع الجزيرة تأتي على رأس التدابير العاجلة المطلوبة لتحسين الأداء الكلي لمشروع الجزيرة والمناقل القومي صاحب الإرث التاريخي المجيد ودوره فيما مضى من الزمان الجميل في اعتماد اقتصاد السودان عليه.